عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > لبنان > أحمد تقي الدين > لقد آن للمظلوم أَن يتظلّما

لبنان

مشاهدة
889

إعجاب
0

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

لقد آن للمظلوم أَن يتظلّما

لقد آن للمظلوم أَن يتظلّما
كما آن للمكلوم أن يتكلّما
فإنَّ سكوتَ المرء عن بثّ دائه
مضرٍّ به مثلَ السكوتِ على الظما
ومن لكَ بالسهم الذي أَنا كاتمٌ
ولم أرَ من قومي لجرحيَ بَلْسَما
شِفائيَ منهمْ نهضةٌ وتقدّمٌ
ولم أرَ فيهم نهضةً وتقدُّما
نيام على مهد الخمول كأَنهم
ينالون في مهد الخمول تنعُّما
ومن أَلِفَ الشيء استطابَ مَذاقه
وإن يكُ ذاك الشيءُ صاباً وعلقَما
كأَن الكرى مستحكم في جفونهم
ومَن يَرَ تحكيماً بأمرٍ تَحكَّما
كأَن الونى خِلّ يعزُّ فراقُه
وليس فِراقُ الخلّ أمراً مسلّما
يرون بقاء الشيء في مثل حاله
أعزَّ لذاك الشيء حالاً وأَسلَما
فإنَّ سكونَ النفس للبُطل مائلٌ
بها عن هدىً يسمو بها كيفما سَما
وإنَّ سكونَ النفس للحق مالكٌ
عليها هوىً يرمي بها أَينما رمى
وإن مُحيط الشيء فيه مؤثرٌ
ويختلفُ التأثير في الشيء حسبما
ولم أرَ قومي في محيطٍ منظّم
لأنظرَ في قومي رقيّاً منظّما
وإني رأيتُ النشئَ فيهم كأنه
حُباحِبُ في الظلماء تسطُعُ أَنجما
ينيرون ظلماء الجهالة بالهدى
ولم أرَ ليلاً كالجهالة مُظلما
ولكنَّ رأيَ الأكثرية جاهل
يحاول أن يقضي على العلم مُبْرَما
ومن لكَ بالخُفَّاش يرتاح للضحى
وقد بات بالظلماء صبّاً متيَّما
ولكنَّ من يهوى تأَخُّرَ قومِه
صغيرٌ ولو عاش الزمانَ مُعظَّما
على أنَّ في قومي أُناساً كثيرة
يقودُهُم داعي الهوى أَين يمَّما
أُشبِّه بالتنويم رِقَّ نفوسهم
ولكن أرى التنويمَ ضيفاَ مُكرَّما
رأيتُ به أَعراضَ داءٍ موقّتٍ
وفيهم رأيتُ الجهلَ داءً مُحَكَّما
يريد فريقُ العلم إصلاحَ أمرهم
ويهوى فريقُ الجهل ابقاءَهُ كَما
وهل داملُ جرحٌ بدون ضمادِه
ومن لكَ بالجرح الذي ينزف الدَّما
فيا لكَ من قوم تَضيعُ حقوقُهم
وأَلسنُهم لا تستطيعُ تَظلُّما
أصابهُمُ داءُ السياسة قاتلاً
فباتوا حَواليها قُعوداً وقوَّما
تُحدثُهم بالمُصلحاتِ كأنما
تَقصُّ على الأَسماع أمراً مُرَجَّما
لقد جاءهم من عالم النور سائحٌ
فحدّثَ عن أَوقافهم وتكلَّما
وأَعقبه في البحث صوتُ ملثَّمِ
فلم يُبقِ داءً في النفوس ملثَّما
وجاراهُما البازيُّ حلَّق في النُّهى
ورفَّ جناحَيْهِ من الأرض للسَّما
وأَقفاهُمُ في شوطهم متأَملٌ
تأملَ ما شاء المقامُ وترجما
وعن خطرِ الهجرانِ قام مراقبٌ
يحدّثُ فاسترعى المسامعَ في الحمى
وأَسمعنا الشاهينُ في جوِّ بحثِهِ
مقالاً بأسلاك السَّدادِ منظَّما
ومن قبلهِ أَو بعدِه قام صارخٌ
ضيفٌ فلم يَعدَم من الحق مِرقما
وعاد إلينا سائحٌ وملثَّمٌ
بروحي وقلبي سائحاً وملثَّما
أَجال على الأوقاف نِظرةَ سائحٍ
رأَينا بها الأوقافَ نهباً مقسَّما
فقامت له عصفورةٌ وهو ضيغمٌ
وهل فازَ عصفورٌ يطاردُ ضيغما
إلى أن أتى دورُ الفقير فبثَّنا
من الفَقرِ ما أغنى اللبيبَ وأَفهما
أَتى باقتراح ملؤُهُ الرأيُ والهُدى
ومن كان هذا شأنَه ليس مُعدِما
فيا معشر الإصلاح باللّه فتّشوا
عن الداء لا تَخشَوا خُصوماً ولُوَّما
أرى النُّصحَ في ذوق الأَصحاء بلسماً
وأَلقاه في ذوق الأعلَّاء عَلقَما
فكم مُصلحٍ في الناس عاش معذَّباً
وكم مُفسدٍ في الناس عاش مُكرَّما
أرى المرء في الدنيا عدوّاً لنفسه
ولم أرَ من نفسي لنفسيَ أخصما
وذلك شأنُ الناس فيمن يُريدُهم
على الخير والإصلاح فالمرءُ ذُو عَمَى
أَبيتُ الليالي أشتكيها وتشتكي
من الناس أيُّ صاحبُ الذنب منهما
رأيت السّما تشكو من الأرض شرَّها
وما الأرض في الشكوى أقلَّ من السما
أَبيتُ الدّجى لا البدر يؤنس وحشتي
ولا النجمُ يَهديني الصِرّاط المُقوَّما
وأكتُمُ نفسي طيَّ جسمي تواضعاً
وتأبى عليَّ النفس أَن أَتكتَّما
ويأبى عليّ السرَّ جسمٌ كما ترى
وهل أنتَ راءٍ غيرَ جسمٍ تَهدّما
وأظمأُ حتى أستقي منكَ بارقاً
وأَعبُسُ حتى أجتلي منكَ مَبْسِمَا
وما أنتَ إلا العلمُ أعشَقُ نورَه
لأَطرُدَ في قومي ظَلاماً مخيِّما
وما أنتَ إلَّا الحقُّ آوي لظلِّه
ومن عاش في ظِل الكرامةِ كُرِّما
فيا أُمَّتي سيري إلى النور وانهضي
فمن يَرقَ أسبابَ العَلاءِ تَسنَّما
أحمد تقي الدين
بواسطة: حمد الحجري
التعديل بواسطة: حمد الحجري
الإضافة: الاثنين 2013/03/04 02:16:36 صباحاً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com