دعا فأجابوا والقلوبُ صَوادِفُ |
وقالوا اسْتَقمنا والهَوى مُتجانِفُ |
مَضَى العهدُ لا حربٌ تُقامُ ولاأذىً |
يُرامُ ولا بَغْيٌ عنِ الحقِّ صَارِفُ |
لهم دَمهُم والدّينُ والمالُ ما وَفَوْا |
فإن غَدروا فالسّيف وافٍ مُساعِفُ |
سياسةُ من لا يَخدعُ القولُ رأيَهُ |
ولا يَزدهيهِ باطلٌ منه زَائِفُ |
رَسولٌ له من حكمةِ الوَحْيِ عاصمٌ |
ومن نُورهِ في ظُلمةِ الرأيِ كاشِفُ |
يُسالِمُ من أحبارِهم وسَراتِهم |
رِجالاً لهم في السّلمِ رأيٌ مُخالِفُ |
يَغيظهُم الإسلامُ حتَّى كأَنَّما |
هُوَ الموتُ أو عادٍ من الخطبِ جَارفُ |
إذا هَتَفَ الدّاعي بهِ اهْتَاجَ نَاقِمٌ |
وأعْوَلَ مَحزونٌ وأجْفَلَ خائِفُ |
إذا ما تَردَّى في الضّلالةِ جاهِلٌ |
فما عُذرُ مَن يأبَى الهُدى وَهْو عَارِفُ |
يَقولونَ قَوْلَ الزُّور لا عِلَم عندَنا |
كَفَى القومَ عِلماً ما تَضُمُّ المصاحفُ |
لهم من سنَا التَّوراةِ هادٍ وللعَمى |
رُكامٌ على أبصارِهم مُتكاثِفُ |
دَنا الحقُّ من بُهتانِهم ورَمَى بهم |
إلى الأمدِ الأقصَى هَوىً مُتقاذِفُ |
عَنا ابْنَ أُبيٍّ من هَوى التّاج لاعجٌ |
وطافَ به من نَشوةِ المُلكِ طائفُ |
جَرى راكِضاً مِلءَ العنانَيْنِ فانتحى |
له قَدرٌ ألقَى به وَهْوَ راسِفُ |
فما مِثلُه في مَشهدِ الإفكِ فارحٌ |
ولا مِثلهُ في مَشهدِ الحقِّ آسفُ |
ظُنونٌ يُعفّيها اليقينُ ودَولةٌ |
من الوهمِ تذروها الرياحُ العواصفُ |
يُهيبُ بأضغانِ اليهود يَشُبُّها |
عَداوةَ قومٍ شرُّهم متضاعفُ |
وما بَرَحَ الحَبْرُ السَّمينُ يَغرُّهم |
ويأكلُ من أموالِهم ما يُصادِفُ |
أعدُّوا له المرعىَ فَراحَ مُهبَّلاً |
كَظنِّكَ بالخِنزيرِ واتاهُ عَالِفُ |
يَنوءُ بِجَنْبيهِ ويرتجُّ ماشياً |
إذا اضطربتْ منه الشَّوى والرَّوانفُ |
رَماهم بها عَمياءَ لم يَرْمِ مَعشراً |
بأمثالها أحبارُهُم والأساقفُ |
فقالوا غَوى ابنُ الصّلتِ وانفضّ جمعهم |
يُريدون كعباً وَهْوَ خَزيانُ كاسِفُ |
رَمَى الصادقُ الهادِي لَفِيفَة نفسِهِ |
بصداعةٍ تَنشقُّ منها اللّفائفُ |
فأما لَبيدٌ فَاسْتعانَ بسحرِه |
رُويداً أخا هاروتَ تلك الطرائفُ |
أعندك أن السّحرَ للّهِ غالبٌ |
تأمَّلْ لبيدٌ أيَّ مهوىً تُشارِفُ |
وَشاسُ بنُ قيسٍ هاجَها جاهليَّةً |
تَطيرُ لِذكراها الحلومُ الرَّواجفُ |
يُقلِّبُ بين الأوسِ والخزرجِ الثَّرى |
وقد وَشجتْ فيه العُروقُ العواطِفُ |
يُذكّرهُم يومَ البُعاثِ وما جَنْت |
رِقاقُ المواضِي والرماحُ الرواعِفُ |
غَلتْ نَخواتُ القومِ ممّا استفزَّهم |
وراجعَهم من عازِبِ الرأيِ سالِفُ |
وخَفّوا يُريدونَ القِتالَ فَردَّهم |
نبيٌّ يَردُّ الشَّرَّ والشّرُّ زاحِفُ |
دعاهم إلى الحُسنَى فأقبلَ بعضُهم |
يُعانِقُ بعضاً والدُّموعُ ذوارِفُ |
أتى ابنُ سلامٍ يُؤثِرُ الحقَّ مِلّةً |
وينظرُ ما تأتي النُّفُوسُ العوازِفُ |
تسلّلَ يستخفي وأقبلَ قومُه |
وللؤمِ منهم ما تَضمُّ الملاحِفُ |
فقيل اشهدوا قالوا عرفناه سيّداً |
تجلُّ مَساعيه وتعلو المواقفُ |
هو المرءُ لا نأبَى من الدّينِ ما ارْتَضى |
ولا نَدَعُ الأمرَ الذي هو آلِفُ |
فلمّا رأوهُ خارجاً يَنطُق التي |
هي الحقُّ قالوا عاثِرُ الرأيِ عاسِفُ |
ظننّا بهِ خَيراً ولا خيرَ في امرئٍ |
أبوه أبو سُوءٍ على الشرِّ عاكِفُ |
ظلمناهُ لم يُوصَفْ بما هو أهلُه |
فماذا له إن أخطأ الرُّشدَ واصِفُ |
تَرَامَوْا بألقابٍ إذا ما تتابعْت |
تتابعَ شُؤبوبٌ من الذمِّ واكِفُ |
أهاب أبو أيوب ردوا حلومكم |
أعند رسول الله تلقى المآزف |
وقال الرسولُ اسْتَشعِرُوا الحلمَ إنّما |
يَسودُ ويستعلِي الحليمُ المُلاطِفُ |
أتُؤذونَ عبدَ اللّهِ أن يتبعَ الهُدى |
فيا ويحَهُ من مؤمنٍ ما يُقارِفُ |
أهذا هو العهدُ الذي كان بيننا |
أهذا الذي يَجْنِي العقيدُ المحالِفُ |
تَولَّوا غِضاباً ما تَثوبُ نُفوسُهم |
ولا تَرْعَوِي أحقادُهم والكتائِفُ |
يُذيعونَ مكروهَ الحديثِ وما عَسى |
يقولون والفُرقانُ بالحقِّ هاتِفُ |
إذا بَعثوا من باطلِ القولِ فتنةً |
تَلقّفها من صادقِ الوحيِ خاطِفُ |
يُشايِعهُم في القومِ كلُّ مُنافقٍ |
إلى كلِّ ذِي مَشنوءَةٍ هو دالِفُ |
شَديدُ الأذى يُبدِي من القولِ زُخرفاً |
وكالسّمِّ منه ما تُواري الزَّخارفُ |
زَحالفُ سُوءٍ ما يَكفُّ دبيبُها |
وأهونُ شيءٍ أن تَدُبَّ الزّحالِفُ |
أقاموا على ظُلمٍ كأنْ لم يكنْ لهم |
من العدلِ يوماً لا محالةَ آزفُ |
لكلِّ أُناسٍ يعكفون على الأذى |
مَعاطِبُ من أخلاقِهِم ومتالفُ |
رُويدَ يَهودٍ هل لها في حُصونِها |
مِنَ البأسِ إلا ما تَظنُّ السّلاحِفُ |
يَظنُّونَ أنْ لنْ يَنسِفَ اللّهُ ما بنوا |
ولن يثبتَ البنيانُ واللّهُ ناسِفُ |
سَيلقَوْنَ بُؤساً بعد أمنٍ ونعمةٍ |
فلا العيشُ فيّاحٌ ولا الظلُّ وارِفُ |