أئِنْ تولّتْ جنودُ الشِّركِ مُدبرةً | |
|
| خفَّ الرُّماةُ وظنّوا الأمرَ قد وجبا |
|
كأنّهم والرِّعانُ الشُّمُ تقذفهم | |
|
| سَيْلٌ تَدفَّقَ في شُؤبوبِه صَبَبا |
|
يَخالهم من يراهم ساعةَ انطلقوا | |
|
| سِهامَهم حين جاش البأسُ فالتهبا |
|
رَدُّوا على ابن جُبيْرٍ رأيه ومضوا | |
|
| إلا فريقاً رأَى ما لم يروا فأبى |
|
أصابها خالدٌ منهم وعكرمةٌ | |
|
| أُمنيّةً لم تُصِبْ من ذي هَوىً سببا |
|
فاستنفرا الخيلَ والأبطالَ وانطلقا | |
|
| في هَبْوَةٍ تزدهي الأرماحَ والقُضُبا |
|
هم خلَّفوا رِممَ القتلى مُطرَّحةً | |
|
| وغادروا الجندَ جُندَ اللّهِ والسَّلبا |
|
طاروا إلى جبلٍ راسٍ على جبلٍ | |
|
| ما اهتزَّ مذ قام من ضعفٍ ولا اضطربا |
|
قال الرسولُ فأعطاهُ مقالَته | |
|
| وما سِوَى نفسِهِ أعطى ولا وهَبا |
|
تَوزّعوه فلو أبصرتَ مَصرعَهُ | |
|
| أبصرتَ في اللّهِ منه مَنظراً عجبا |
|
طَعنٌ وضَربٌ يعافُ البأسُ عندهما | |
|
| سِلاحَ من طَعنَ الأبطالَ أو ضربا |
|
سلُّوا حَشاهُ فظلّت من أسنّتهم | |
|
| تَموجُ في الدم يجري حوله سَرِبا |
|
تَتابعَ القتلُ يجتاحُ الأُلى معه | |
|
| لولا المناقبُ لم يترك لهم عقبا |
|
تلك الدِّماءُ التي سالت على أُحدٍ | |
|
| لو أنبتَ الدمُ شيئاً أنبتت ذهبا |
|
ظلمْتُها ما لشيءٍ مِثلُ رتبتِها | |
|
| وإن تخطَّى المدَى أو جاوزَ الرُّتَبا |
|
لم يبقَ سَهمٌ ولا رامٍ يُسدّده | |
|
| تَغَيَّبَ الوابلُ الهطّالُ واحتجبا |
|
وكرّتِ الخيلُ تردِي في فوارسها | |
|
| بعد الفرار فأمسى الأمرُ قد حَزبا |
|
المسلمون حَيارى كيف يأخذُهم | |
|
| بأسُ العدوِّ أما رَدُّوه فانقلبا |
|
حَلُّوا الصفوفَ وجالوا في مغانِمهم | |
|
| ما ظنَّ عسكرهم شرّاً ولا حَسبا |
|
تنكَّرت صُوَرُ الهيجاءِ واتّخذَتْ | |
|
| من الأعاجيبِ أثواباً لها قُشُبا |
|
خَرساءُ صمّاءُ تُعمِي عن مَعالِمها | |
|
| عَينَ البصيرِ وتُعيي الحاذِقَ الدَّرِبا |
|
مُغبرّةُ الجوِّ ما زال الخفاءُ بها | |
|
| حتى تَقَنّعَ فيها الموتُ وانتقبا |
|
ترى اللُّيوثَ وإن كانوا ذوي رَحِمٍ | |
|
| لا يتَّقِي بعضُهم بعضاً إذا وثبا |
|
يعدو على مُهجةِ الضرغامِ صَاحِبُهُ | |
|
| ولا يُجاوِزُه إن ظُفرهُ نَشبا |
|
هذا البلاءُ لقومٍ مال غَافلِهم | |
|
| عن رأي سيّدِهم إذ يُحكِمُ الأُرَبا |
|
قال اثبتوا فتولّوا ما عَصى أحدٌ | |
|
| مِنهم ولكن قضاءٌ واقعٌ غَلبا |
|
أمرٌ من اللّهِ مَرْجُوٌّ عَوَاقِبُه | |
|
| يقضيه تبصرةً للقومِ أو أدبا |
|
إنّ النبيَّ لَيُمضِي الأمرَ في وَضَحٍ | |
|
| من حكمةِ اللّهِ يجلو نورهُ الرِيَبا |
|
مُسدّدُ الرأي ما تهفو الظنونُ به | |
|
| الخيرُ ما اختارَ والمكروهُ ما اجتنبا |
|
للسلمِ والحربِ منه حازِمٌ يَقِظٌ | |
|
| يُعيي الدُّهاةَ ويُردِي الجحفلَ اللَّجِبا |
|
إنَّ الذي زيّنَ الدنيا بطلعتهِ | |
|
| حَابَى العُروبةَ فيه واصطفى العربا |
|