طَغَتِ الدِماءُ وَفاضَتِ الأَرواحُ | |
|
| وَطَمَت سُهولٌ بِالرَدى وَبِطاحُ |
|
أَينَ الشَرائِعُ مِن شَريعَةِ ظالِمٍ | |
|
| يُفني النُفوسَ وَما عَلَيهِ جُناحُ |
|
مَشَتِ الجُنودُ إِلى الجُنودِ وَإِنَّما | |
|
| مَشَتِ المَنونُ حَواصِداً تَجتاحُ |
|
مُهَجٌ تَطيرُ بِها الحُتوفُ فَتَرتَمي | |
|
| عَن أَنفُسٍ يودى بِها وَيُطاحُ |
|
رَثَتِ المَذابِحُ لِلدِماءَ مُراقَةً | |
|
| مِلءَ البِطاحِ وَما رَثى الذَبّاحُ |
|
يَنهَلُّ صَيِّبُها فَيثني عَطفَهُ | |
|
| مَرَحاً وَيَزخرُ سَيلُها فَيُراحُ |
|
فاضَت حَوالَيهِ فَضُرِّجَ عَرشُهُ | |
|
| مِنها وَخُضِّبَ تاجُهُ الوَضّاحُ |
|
مَلِكٌ وَلا غَيرَ الجَماجِمِ حَولَهُ | |
|
| سُورٌ وَلا غَيرَ الرِقابِ سِلاحُ |
|
عَصفَ الجِلادُ بِها فَظَلَّ يُطيرُها | |
|
| بيدٍ تَطيرُ بِها ظُبىً وَرِماحُ |
|
بَغَتِ المُلوكُ عَلى الشُعوبِ وَغَرَّها | |
|
| مِمَّن تَسوسُ تَجاوُزٌ وَسَماحُ |
|
جَنَبوا الخَلائِقَ طَيِّعينَ وَرُبَّما | |
|
| جَمَحَ الجَنيبُ فَطالَ مِنهُ جِماحُ |
|
الظُلمُ مَفسَدَةُ النُفوسِ وَما لَها | |
|
| غَيرُ التَرَفُّقِ في الأُمورِ صَلاحُ |
|
تَشتَدُّ ما اِشتَدَّ العِصابُ فَإِن يَلِن | |
|
| لانَ الأَبِيُّ وَأَقصَرُ الطَمّاحُ |
|
إِن يسجنِ الظُلمُ النُفوسَ فَعِندَهُ | |
|
| بابُ الفِكاكِ وَعِندَها المِفتاحُ |
|
فيمَ التَناحُرُ وَالخَلائِقُ أُخوَةٌ | |
|
| وَالعَيشُ حَقٌّ لِلجَميعِ مُباحُ |
|
وَالدَهرُ سَمحٌ وَالحَياةُ خَصيبَةٌ | |
|
| وَالرِزقُ جَمٌّ وَالبِلادُ فِساحُ |
|
إِنّا وَإِن قَدُمَ المَدى لَبَنو أَبٍ | |
|
| يُغدى بنا في شَأنِهِ وَيُراحُ |
|
أَنَظَلُّ في الدُنيا يُفَرِّقُ بَينَنا | |
|
| بغضٌ وَيَجمَعُنا وَغىً وَكِفاحُ |
|
ما بالُنا نَشقى لِتَنعَمَ عُصبَةً | |
|
| مَلَكتَ فَلا رِفقٌ وَلا إِسجاحُ |
|
تَقسو وَتَزعُمُ أَنَّما هِيَ رَحمَةٌ | |
|
| تُحيي النُفوسَ وَنِعمَةٌ تُمتاحُ |
|
طَلَبَت مَوَدّاتِ القُلوبِ وَمِلؤُها | |
|
| حُرَقٌ تَهيجُ حُقودُها وَجِراحُ |
|
عِندَ الشُعوبِ مَآتِمٌ ما تَنقَضي | |
|
| طولَ الحَياةِ وَعِندَها أَفراحُ |
|
أَينَ المُلوكُ المَرتَجونَ لِغَمرَةٍ | |
|
| تُجلى وَخَطبٍ يُعتَلى فَيُزاحُ |
|
ذَهَبَ الرُعاةُ الصالِحونَ وَغالَهُم | |
|
| قَدَرٌ لِإِفناءِ الشُعوبِ مُتاحُ |
|
كانوا مَصابيحَ الرَشادِ إِذا دَجَت | |
|
| ظُلَمُ الحَياةِ وَأَعوَزَ المِصباحُ |
|
كانوا الغِياثَ إِذا تَنوبُ عَظيمَةٌ | |
|
| وَتَهولُ بارِزَةُ النُيوبِ وَقاحُ |
|
كانوا الأُساةَ إِذا تَحَطَّمَ مَنكِبٌ | |
|
| وَاِنهاضَ مِن وَقعِ الخُطوبِ جَناحُ |
|
يَجِدونَ ما يَجِدُ اللَهيفُ مِنَ الأَسى | |
|
| وَلِرَبِّنا ناحَ الحَزينُ فَناحوا |
|
ذهَبَوا فَما حَيّا المَمالِكَ بَعدَهُم | |
|
| عَدلٌ وَلا أَحيا الشُعوبَ فَلاحُ |
|
خَلَتِ القُرونُ وَنورُهُم مُتَبَلِّجٌ | |
|
| وَمَضى الزَمانُ وَفِكرُهُم فَيّاحُ |
|
الحَربُ هادِمَةُ الشُعوبِ وَإِنَّها | |
|
| لِلشَرِّ بَينَ العالَمينَ لِقاحُ |
|
تَخبو وَتَقتَدحُ الحُقودُ رَمادَها | |
|
| كَالنارِ هاجَ كَمينَها المِقداحُ |
|
صَدعٌ وَإِن طالَ المَدى مُتَفاقِمٌ | |
|
| وَدَمٌ وَإن جَفَّ الثَرى نَضّاحُ |
|
أَرَأَيتَ مَن ذَهَبَ الرَدى بِعَتادِها | |
|
| فَإِذا العَتادُ تَفَجُّعٌ وَنُواحُ |
|
وَإِذا الحَياةُ سَفينَةٌ لَعِبَت بِها | |
|
| هوجُ الرِياحِ وَخانَها المَلّاحُ |
|
في جَوفِ مُصطَخِبٍ كَأَنَّ عُبابَهُ | |
|
| صُوَرٌ لِعادي المَوتِ أَو أَشباحُ |
|
وَكَأَنَّما دُعِيَت نَزالِ فَأَجفَلَت | |
|
| لِلحَربِ رابِيَةُ العَديدِ رِداحُ |
|
أَشقى النَعيمُ حَياتها وَأَباحَها | |
|
| خِدرٌ أَعَزُّ وَذائِدٌ جَحجاحُ |
|
عَرَبِيَّةٌ أَوفى بِعِزَّةِ قَومِها | |
|
| نَسَبٌ لَهُم في الكابِرينَ صُراحُ |
|
البَأسُ مُلتَهِبٌ إِذا ما حورِبوا | |
|
| وَإِذا اِستُنيلوا فَالنَدى دَلّاحُ |
|
وَإِذا يُهابُ بِهِم إِلى أُكرومَةٍ | |
|
| نَفَروا وَإِن سيموا الهَوانَ أَشاحوا |
|
مَفجوعَةٌ وَلِعَت بِها أَحزانُها | |
|
| وَمَحَت غَضارَةَ عَيشِها الأَتراحُ |
|
كانَت إِذا دَرَجَ النَسيمُ بِسوحِها | |
|
| دَرَجَت إِلَيه أَسِنَّةٌ وَصِفاحُ |
|
وَتَصاهَلَت جُردٌ تَطيرُ إِلى الوَغى | |
|
| وَكَأَنَّما طارَت بِهِنَّ رِياحُ |
|
باتَت يُؤَرِّقُها تَضَوُّرُ صِبيَةٍ | |
|
| أَخَذ الطَوى مِنهُم فَهُم أَطلاحُ |
|
وَلَهَت أَتَطلُبُ أَم تَموتُ كَريمَةً | |
|
| ما عابَها طَلَبٌ وَلا اِستِمناحُ |
|
ضَنّت بِصِبيَتِها وَرَونَقِ وَجهِها | |
|
| فَتَحَدَّرَت عَبَراتُها تَنساحُ |
|
حَتّى إِذا أَخفى النُجومَ مَغارُها | |
|
| وَمَحا الظَلامَ صَديعُهُ المُنصاحُ |
|
بَكَرَت تَمُرُّ عَلى الخِيامِ حَيّيةً | |
|
| عَجلى فَلا رَيثٌ وَلا إِلحاحُ |
|
زالَ النَهارُ وَلَم تَنَل يَدَها يَدٌ | |
|
| فَأَمَضَّ مُنقَلَبٌ وَساءَ رَواحُ |
|
عادَت إِلى أَفراخِها فَإِذا بِهِم | |
|
| صَرعى فَصاحَت تَستَجيرُ وَصاحوا |
|
وَإِذا فَتاةٌ كَالرَبيعِ خَصيبَةٌ | |
|
| وَفَتىً كَرَيعانِ الصِبى مِسماحُ |
|
رَأياً هَموداً ما يُحِيرُ جَوابَها | |
|
| إِلّا العُيونُ مُشيرَةً وَالراحُ |
|
بَصَرا بِأَربَعَةٍ وَلَوَّحَ خامِسٌ | |
|
| فَتَأَمَّلا فَبَدا الجَميعُ وَلاحوا |
|
فَزِعا إِلى الحَيَّينِ ثَمَّتَ أَقبَلا | |
|
| فَإِذا جُزورٌ جَمَّةٌ وَلِقاحُ |
|
وَإذا إِماءٌ جِئنَ بَعدَ هُنَيهَةٍ | |
|
| فَإِذا العِلابُ تَفيضُ وَالأَقداحُ |
|
شَرِبوا الحَياةَ تَدُبُّ في أَجسامِهِم | |
|
| فَمَشى دَمٌ فيها وَدَبّ مِراحُ |
|
لَو ذاقَ أَهوالَ الحُروبِ جُناتُها | |
|
| كَفَّ العَسوفُ وَأَمسَكَ السَفّاحُ |
|
عالَجتُ أَدواءَ الشُعوبِ وَسُستُها | |
|
| فإذا الدواء تودُّدٌ وصَفاحُ |
|
وبلوتُ أسباب الحياة وقستُها | |
|
| فَإِذا التَعاوُنُ قُوَّةٌ وَنَجاحُ |
|
مَن لِلممالِكِ وَالشُعوبِ بِمَوئِلٍ | |
|
| تَأوي النُفوسُ إِلَيهِ وَالأَرواحُ |
|
وَمَتى يَرُدُّ الحائِرينَ إِلى الهُدى | |
|
| نَهجٌ أَسَدُّ وَكَوكَبٌ لَمّاحُ |
|
دَجَتِ العُصورُ فَما يَبينُ لِأَهلِها | |
|
| نورُ الحَياةِ وَما يَحينُ صَباحُ |
|
نَستَفدِحُ الأَنفاسَ تَحمِلُنا وَما | |
|
| مِنّا لِعِبءِ شُرورِنا اِستِفداحُ |
|
أَخلاقُنا جَرَبٌ وَنَحنُ صِحاحُ | |
|
| وَقُلوبُنا خُرسٌ وَنَحنُ فِصاحُ |
|
لَو عايَنَت صُوَرَ النُفوسِ عُيونُنا | |
|
| لَم يَعدُها أَنَفٌ وَلا اِستِقباحُ |
|
سَنَّ المُلوكُ لَنا طَرائِقَ ما بِها | |
|
| لِلخَيرِ مُضطَرَبٌ وَلا مُنداحُ |
|
وَإِذا المُلوكُ تَنَكَّبَت سُبُلَ الهُدى | |
|
| غَوَتِ الهُداةُ وَضَلَّتِ النُصّاحُ |
|
وَلَقَد تَبَيَّنتُ الأُمورَ مُجَرِّباً | |
|
| فَإِذا الحَياةُ دُعابَةٌ وَمِزاحُ |
|