مني علي فديت اليوم، لا تذري |
قلبي يتيه بذي الظلماء يا قمري |
جودي علي، ملكت اليوم ناصيتي |
فاقضي بحكمك ما أملاه لي قدري |
إن جدت كنت لدى الإفضال ذات يد |
أو قلت: لا، انطفأت أنوار منتظري |
والأمر أمرك، فاحيي اليوم أو فدعي |
هذا الفؤاد، فقد أربى على الخطر |
قد لامني الناس في حبي وفي كلفي |
جهلا وغلا، فما نال الردى وطري |
يقول قائلهم: ما الحب في زمن |
يردي المروءة فيه كل مُحتقَر |
لاه بحبك، والأحرار يقتلهم |
نجل الضباع بحمص، دونما حذر |
فليرث قلبك للمحروم من وطن |
ولتبك عينك هذا الظلم في البشر |
يا لائما عجِلا في الحكم مجترئا |
أقصر، فلست بذي خُبر ولا خَبَر |
إنا نثور ليبقى الحب منتصبا |
فوق الثرى، ويجل العشق عن كدر |
يا أيها العربي لا تنُح جزعا |
إن الجَزوع على المقتول ذو وزرِ |
امسح دموعك، ليس الدمع ذا أثر |
وليس يُدفع جيش الموت بالعَبَرِ |
امسح دموعك، ليست تتقي حُمما |
تردي وتحرق بيت العز، فاستترِ |
ليست دموعك تحيي أمة شَرعَت |
فيها المنونَ أيادي الظلم لا القدر |
إن كان دمعك يجدي فامتطهْ فرسا |
وادْعُ النحيبَ سلاحا، واسعَ، وانتصرِ |
يا أيها العربي المستكين متى |
يُمحى بقلبك شؤمُ الهون والخوَرِ |
متى تقول فيكسو القولَ فعلكمُ |
صدقا، ويُلفَى جريءُ القول في الأثر |
حَتَّام تبدع حزنا كل نازلة |
تخفي به الهونَ خلف الحرص والضجر |
أقصر عن الوهم، لا يغترَّ ذو شرف |
فإن ذا الحزنَ مالُ الثائر الأشِر |
لا توهمُن رجالا أنكم أسد |
فالأسد تخشى ولا تضغى لدى الحذر |
أهلي بسوريةٍ أزرى الدعي بهم |
ودمعكم كفنٌ، والجبن كالحُفرِ |
بئس الحماةº أناس لا سلاح لهم |
يوم الكريهة غير النَّوح والزفر |
يا أيها العربي: استحيِ حين ترى |
سيل المنايا على الأحرار كالمطر |
طفل أحاط به الموتى، وأدمعه |
تجري دما يلعن الجلاد في خفر |
شيخ أمات به خوف الردى زمن |
للثكل فيه يد شدت على الوتر |
أُمٌّ، تقطعها أيدي الردى مزقا |
في كل يوم تفي للموت بالنذر |
يستصرخون، ولو كان الألى سمعوا |
أهلَ المروءة هبوا هب مقتدر |
هبوا بُكِيا، يرون الدمع منتصرا |
يا سوء منقلب في شر مدَّخَر |
ليس البكاء إذا نار الردى استعرت |
تطفي سواجمه مستصغرَ الشرر |
فانكف دموعك، وامسح عنك مستترا |
نقع المذلة والإدقاع وانكسر |
إن الألى قد بكيت اليوم ما وهنوا |
للموت يوما ولا انهاروا من الضرر |
الموت يلبسهم من هوله بردا |
توهي وتُبلِس لبَّ الفاجر القذر |
الموت عندهم كالضيف يقصدهم |
لا يشتكي ضجرا في قلب محتضر |
لا شيء يدفعهم عن دركهم وطرا |
قد وطنوا النفس أن تلقاه لم تزر |
فالموت جَلَّدهم والظلم أوردهم |
من شدة البأس وردا غير ذي كَدر |
والبطش قدّمهم والحق شاد لهم |
في الخالدين بناء غير مندثر |
شادوا مناقبهم صَبرا، وغيرهم |
بالدمع آبَ بوجه سِيءَ منعفرِ |
والله ينصر لا بالدمع طائفة، |
آبت إليه، بجيش غير مندحر |