عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > فلسطين > سميح القاسم > أشد من الماء حزنا

فلسطين

مشاهدة
7428

إعجاب
3

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

أشد من الماء حزنا

أشدٌ من الماءً حزنا
تغربت في دهشةً الموتً عن هذه اليابسهٍ
أشدٌ من الماءً حزنا
وأعتي من الريحً توقا إلي لحظة ناعسهٍ
وحيدا. ومزدحما بالملايين،
خلف شبابيكها الدامسهٍ..
تغرٌبت منك. لتمكث في الأرضً.
أنت ستمكث
لم ينفع الناس.. لم تنفع الأرض
لكن ستمكث أنت،
ولا شيء في الأرضً، لاشيء فيها سواك،
وما ظلٌ من شظف الوقتً،
بعد انحسارً مواسمها البائسهٍ..
ولدت ومهدك أرض الدياناتً،
مهد الدياناتً أرضك،
مهدك. لحٍدك.
لكنٍ ستمكث في الأرضً. تلفحك الريح طلٍعا
علي شجر اللهً. روحك يسكن طيرا
يهاجر صيفا ليرجع قبل الشتاءً بموت جديد..
وتعطيك قنبلة الغاز إيقاع رقصتك القادمهٍ
لتنهض في اللحظةً الحاسمهٍ
أشدٌ من الماء حزنا
وأقوي من الخاتمهٍ..
لك المنشدون القدامي. لك البيد. لاسمًك
سرٌ الفتوحاتً. لاسمك جمر الهواجسً تحت
الرمادً.. وأنت افتتحٍت العصور الحديثة بالحلمً.
كابدٍت علم النجومً وفنٍ الحدائقٍ
وأتقنٍت فقه الحرائقٍ
وداعبت موتك: حرٌى جهاز التنفٌس،
للدورة الدموية ماتشتهي.
وأيقنٍت أنك بدئى.. ولا ينتهي
ولاينتهي.. ويضيق عليك الخنًاق ولاينتهي
وتتٌسع الثغرات الجديدة في السقفً
جدران بيتًك تحفظ عن ظهرً قلبً
وجوه القذائفٍ
وأنت ببابً المشيئةً واقفٍ
وصوتك نازً. وصمتك نازفٍ
تلمٌ الرصاص من الصٌور العائليٌهٍ
وتتبع مسري الصواريخ في لحم أشيائك المنزليٌهٍ
وتحصي ثقوب شظايا القنابًلً
في جسدً الطفلةً النائمهٍ
وتلثم شمع أصابعهما الناعمهٍ
علي طرفً النعشً،
كيف تصوغ جنون المراثي؟
وكيف تلمٌ مواعيد قتلاك في طرق الوطنً الغائمهٍ؟
وتحضن جثٌة طفلتك النائمهٍ؟
أشدٌ من الماءً حزنا
وأوضح من شمسً تموز. لكنٌ نضج السنابلً
يختار ميعاده بعد عقم الفصولً.
إذن فالتمسٍ في وكالةً غوثك شيئا من الخبزً.
وانس الإدام قليلا.. تحرٌ التقاويم: يوما فيوما.
وشهرا فشهرا. وعاما فعاما. تحرٌ المناخ المفاجيء،
قبل انفجارً ندائك. أنت المنادي وأنت المنادي
وأنت اشتعلت. انطفأت.. ابتدأت.
انكفأت.. وأنت اكتشفت البلاد.. وأنت
فقدت البلادا!
أشدٌ من الماءً حزنا.
يؤجًٌلك الموت . تمسح جسمك بالزيت كاهنة
كرٌستٍها العصور لأجلك أنت. لأجلك تولد
في البحر والبر عاصفة لاتسميٌ
وتزحف في جسد الأرضً حمي
لينهض فيك كسيحى. ويبصر أعمي
وحولك ما خلق الله من كائناتً غرائبٍ
ومن يصنعون العجائبٍ
لهم ٍ قصب السبقً دون سباقي. لهم ما تتيح المقاعد
للمقعدين. لهم جنٌة رحبة في الزحامً الفقيرً وفي وردً
مستنقعاتً الأزقٌةً. تحت صفيحً الأنيميا وبين
خيامً التخلٌفً والجهلً. في ربقةً القمعً. هم نخبة
الرقًٌ. أسياد زوجاتهم في المحافًلً. زوجات أسيادهم
في القرار الصغير الصغيرٍ
لهم ما يتيح الجلوس المدرٌب. ساقا علي الساقً.
كفٌا علي الخدًٌ. تحت حزام المديرٍ
وتحت حذاءً معالي الوزيرٍ
لهم قوتهم دون كد. وميراثهم دون جد وجًد.
لهم أن يكونوا العقارب في القيظً،
أو أن يكونوا الأرانب في الزمهريرٍ.
لهم زغب القاصراتً وريش النعامً الوثيرٍ
وأوقاتهم من حديد. وأعباؤهم من حريرٍ
وأنت علي ملتقي الليلً بالفجرً. والبحرً بالبرًٌ.
والجهر بالسرًٌ. تقتح باب السؤالً الكبيرٍ
وتغلق باب الجوابً الأخيرٍ
أشدٌ من الماءً حزنا
أشدٌ من الماءً والرملً حزنا.
تصلٌي كثيرا
تصلٌي طويلا
تصلي
وفي موعد النجمةً الضائعهٍ
يضيع نداء المؤذٌنً في جلبةً السٍيرً،
يعلق غيم الدخانً بجلبابهً. ويعود إلي البيتً،
مختنقا. حانقا من زحامً الخلائقً. تحتجٌ
زوجته الرابعهٍ
غسلت ثيابك فجرا. وها أنت ترجع
متٌسخا بالسناجً.. ترفٌقٍ قليلا. ترفٌقٍ
بخادمةً المنزلً الطائعهٍ!
تصلٌي
ويسقط رأس الموظفً فوق ملفٌاتًهً ميٌتا.
خانه قلبه. والمرتٌب خان العيال. وخان
المدير الأمانهٍ
وخانتٍ جيوب الرئيسً جيوب الخيانهٍ
ودارتٍ. ودارتٍ.. ودارتٍ علي نفسها الأسطوانهٍ
تنحٌ إذن. أو تفجٌرٍ كما ينبغي. لا صراط هناك
ولا مستقيم هنا.. شاهدى أنت.. لكنٍ لمن سوف
تشهد؟ أية محكمةي لم تطأها الرشاوي؟ وأيى
القضاء البرئ؟
تنحٌ تفجٌرٍ. تنحٌ. تفجٌرٍ. تفجٌرٍ. لعلٌ انفجارا
يضيءٍ
وكلٌ انطفاءً مسيءى مسيءٍ
وكلٌ سكوتي كلامى بذئ!
هنا أنت. حولك هذا الجدار الكثيفٍ
وهذا الهمود الكفيف وهذا الخمود المخيفٍ
وحول جنونك تقعي الملايين حول الملايينً.
فوق الملايين. تحت الملايينً. تمضي إلي الذبحً. قطعان ماعًزٍ
وتولد للذبحً قطعان ماعزٍ
ويعلو بكاء الرجالً الرجالً،
ويوغل صمت النساءً النساءً
وفوق صراخً القبورً وتحت أنينً العجائزٍ
شعوبى مسمنة للولائمً في العيدً
من عاش يخسر سرٌ الحياةً
ومن مات بات علي الموتً حرا وحيا
وما كان بالأمسً عارا محالا
هو اليوم شأنى صغيرى وجائزٍ
فحاذًرٍ. وحاذًرٍ
زمانك وغدى وغادًرٍ
تنحٌ. وغادًرٍ
إلي حيث ألقتٍ..
فلا الأهل أهلى. ولا الدار دارى. ولا أنت أنت..
وما من أواصًرٍ
تدور عليك الدوائًرٍ
عليك تدور الدوائًرٍ
وما من بشيري ولا من بشائًرٍ
تنحٌ. وغادرٍ
إلي حيث ألقتٍ..
أشدٌ من الماءً حزنا.
يطول ارتباك المؤرًٌخً في الدغٍلً. أقنعة
تستبيح أدقٌ التفاصيلً. فوضي تحيل
طقوسا مرتٌبة للصٌدفٍ
وبضع ضباعي تحيط بمائدة الطيباتً
مناديلها البيض تحضن أعناقها المشعراتً.
ضباعى تمدٌ سكاكينها وتشرٌع شوكاتها للطعامً الشهيًٌ.
وقد أتخمتٍها بقايا الجيفٍ
ضباعى. ضيوف الشٌرفٍ
ضباعى. لماذا أواني الخزفٍ؟
وهذا التٌرفٍ؟
لماذا؟
وتعقد محكمة العدلً ظلما. علي بابً محكمةً الأمن غدرا
سواسية أنت والماثلون أمام القضاءً بتهمتك
الأزليٌةً. أنت وجلادك الأزليٌ سواسية.
عند محكمة العدلً والأمنً. يغفي القضاة علي ريشً
رشواتهم. ومحامي الدفاعً شريك محامي النيابةً
في صفقاتً السياحةً والنقلً. فانس الشهود.
شهادتهم لاتجوز. هم الصمٌ والبكم والخرس. أقوالهم
لا تقال. شهادتهم لاتجوزٍ
فكيف تفوز؟ وذنبك باسمً العدالةً واضًح
وجرم العدالةً دونك.. فاضًحٍ
فكيف تفوز؟ وكيف تفوز
ومن سيفكٌ الرموز؟
جباهى مبقٌعة بالسجودً القديم لفرعون واللاتً
لا للإله الذي أنت تعبد! لا تصغً للقولً: إنٌ البلاد العراقٍ
وإن العراقٍ
بلاد النفاقٍ
مياه المحيط نفاقى ورمل الصحاري نفاقى
وماء الخليج نفاقى. ونفط العروقً النفاقٍ
وزرع البلادً وضرع البلادً
لماذا؟ لماذا العراقٍ
وانت ونخل العراقٍ
أشدٌ من الماءً حزنا
أشدٌ من الماءً والرملً حزنا
أشدٌ من الماءً والرملً والنخلً حزنا.
من الماءً كانت هموم السحابً
ومن سمكً القرشً كانت هموم قريش
وكنت من الماءً أنت
ومن سمكً القرشً كنت
تمهٌل قليلا. تمهٌل كثيرا. تمهٌلٍ
همومك أوٌلها ما احتملت
وآخرها ما جهلت
تمهٌل.
ومن أرضً بابل تمضي إلي أرضً بابلٍ
وحيدا تشٌيد أبراج حزنك في برجً بابلٍ
وتخرج منك القبائلٍ
وتعبر فيك القوافلٍ
محمٌلة باليتامي.. ومثقلة بالأراملٍ
وحيدا بعريك تحت السماءً البعيدهٍ
وحيدا. كثير الأبوٌات،
لكنٍ لأم وحيدهٍ
لهاجر ضائعة في الرمالً
مشرٌدة عن حقول السنابلٍ
ونبض الجداولٍ
أشدٌ من الماءً والرملً حزنا.
علي ظهرك الآن ترقد. بين الحياةً القليلةً
والموتً يأسا.
يطلٌ من السقفً فاوسٍت القديم. ويسخر منك.
تبيع كما شئت. أولا تبيع كما شاء شيطانك الذهبيٌ.
وفرصتك الذهبيٌة.. لا.. لن تكون الأخيرة.
سوقى هي الأرض والناس لاتشتري أو تبيع
سوي سقط أرواحها.. ولديها شياطينها المنتقاة
علي كيفها!.. ويقهقه فاوست الخبيث.
يقهقه مزدريا ما تحبٌ ومحتقرا ما تخافٍ
ومستمتعا بانهيار الضعافٍ
ومنتظرا خصب أيامه المقبلات علي عرباتً الجفافٍ
وأنت علي ظهرك الآن.. ما بين بينٍ
من الأين توغل في ألفً أينٍ
وها أنت خلف الزجاج المصفٌحً. مقهاك سيارة
الليموزين الوحيدة. سافًرٍ إذن في عروقك.
واتبعٍ دخان سجائرك الفاخرهٍ
ولا تتبع الطرق الظاهرهٍ
قناعى وراء قناعي
تحاصر أوجه أحوالك الخاسرهٍ
وأسراب نمل تحاصر
أشجارك الخاسرهٍ
وأحلامك الخاسرهٍ
وليلى سميكى يحاصر أقمارك الخاسرهٍ
وأيامك الخاسرهٍ
وحزنى أشدٌ من الليل ليلا
يحاصر قهوتك الفاترهٍ
وأنت.. أشدٌ من النملً حزنا
أشدٌ من الليلً حزنا
أشدٌ من الماءً والحزنً حزنا..
لغيرك أن يتلهي بسخف التفاصيل.. حسبك أنت اكتمال
الفجيعةً. جيمى من الجهل.. جيمى من الجبن. جيمى
من الجوع. تختصر الأبجديٌهٍ
وتهوي النيازك في ساحة البيتً. تحفر في مسكبً الوردً
قبرا. وتهتزٌ جدران بيتك خوفا. وتحضن ما
ظلٌ من صوري عائليهٍ
وما ظلٌ من قسمات الهويهٍ
لغيرك ما يتراءي علي شرفة الأكاديميا ومختبر البحثً
والمقعد الجامعي الوثيرٍ
وتبقي أخيرا. مع اللحظات الأخيرةً. من بعضً عمرً قصيرٍ
أمام التفاصيل. خلف التفاصيل.. تبقي أخيرا وتبقي
بعيدا،
ويبقي..
ملاكى مريضى يلوب علي سطح بيتك.
منٌ وسلو علي نار سيناء.
هذا الشٌواء اللذيذ امتحانك. فامضغ
إذا شئت زهدك. وانس القرابين. كلٌ عرائسك
الفاتناتً طعامى لأسماك قرشً. فلا النيل يطلب
لحم العذاري. ولا الخصب رهن ابتهالاتك الخاويهٍ
هنا حجر الزاويهٍ
وأنت تلوب ملاكا مريضا علي باب شعبك
والريح باردة قاسيهٍ
ولا كلب ينبح
لا باب يفتح
لا إنس. لا جنٌ. لاقلب يمنح راحة رحمته الحانيهٍ
وأنت غريبى هنا. ووحيدى هناك
أشدٌ من الماءً حزنا.
تفقٌدٍ مع البرقً أطراف جسمك. وانهضٍ.. عسيرى نهوض
البراكين بعد الخمود المملًٌ.. عسيرى نهوض الضحايا
ولا تنتظرٍ جسدا في خداعً المرايا
ووهم المرايا
تفقدٌ شرايين قلبكٍ
وأرجاء رعبكٍ
وحطًٌم سراب المرايا
وغادرٍ مع البرقً أطلال حبًٌكٍ
حزينا. حزينا. أشدٌ من الحزنً حزنا.
لك الثائرون علي ساعةي لاتدور. لك الشهداء.
احترًسٍ من هواة الكلامً المنمٌقً. حاذًرٍ
مراثي الصياغات بالضوءً والصوتً واللونً.
حاذًرٍ طقوس البلاغةً رقصا علي الدمٌ. أنت تغرٌبت
عن جوقة السًٌيرك. لم يغوك السٌيٍر فوق الحبالً
ولا قفزة البهلوانٍ
وأنت تغرٌب فيك الزمانٍ
وأنت تغرٌب عنك المكانٍ
وآب الطٌغاةٍ
وغاب الحواةٍ
لتمكث وحدك في ساحة الأفعوانٍ
مليكا بلا صولجانٍ
وطفلا.. ولا والدانٍ
وحيدا.. غريبا.. حزينا
أشدٌ من الماءً حزنا.
لًمنٍ علب الأدويهٍ؟
لمنٍ سترة الصوف والأغطيهٍ؟
لمنٍ هاتف الأمبولانس؟ وعنوان عائلةً
الصيدليٌ المناوب؟
أنت تناور نأي المدي ودنوٌ الأجلٍ!
لماذا؟ وكيف؟ وأين؟ وهلٍ!
دع الأحجيهٍ
وأسئلة القلق المزريهٍ
فما أبدى في أزلٍ
وألف نبيٌ وصلٍ
وقبلك ألف نبيًٌ رحلٍ
أشدٌ من الماءً حزنا
أشدٌ من الحزنً حزنا
أشدٌ من الموتً حزنا.
فراشة روحك تخفق مبهورة بالرحيقي الشهيًٌ
علي فمك الأرجوانيًٌ.. سيارة تسبق الضوء
في الشارع العامًٌ. تضرب عصفورة. يتناثر
في الريحً ريش الأغاني القديمةً. فيلم قديمى
علي شاشةً التلفزيون. فاتن تخفق مثل
الفراشة بين ذراعي فريد وأنت مريضى
بما يحدث الآن.. أنت مريضى. فراشة روحك
تخفق. رفٌ العصافير يخفق. قلبك مازال
يخفق. ما يحدث الآن موتى سريع يمر ببطء.
وقلبك يخفق بين العصافير والريح. ما يحدث الآن
لا يحدث الآن. عرضى جديدى لفيلمي قديمً علي شاشة
القلبً. يعرض قبل حليبً فطورك. فيلمى قديمى. وأنت
مريضى. وأنت حزينى
أشدٌ من الماء حزنا.
تبوح لفرشاةً أسنانك المرهقهٍ
بأسرار عزلتك المطبقهٍ
وتكتب بالمشطً شيئا علي صفحات البخارً.
تراك تدوًٌن فوق المرايا وصيٌتك المقلقهٍ؟
أتغسل جسمك أم أنت تغسل روحك؟
حمامك اليوم طقسى غريب. وروبك
يلقي عليك بنظرته المشفقهٍ
وتزلق بين الأصابعً صابونه اليأسً.. ينهمر
الماء دون انقطاعً علي ظهرك المنحني بالهمومً
وتطبق جدران حمٌامك الضيًٌقهٍ
أتغسل جسمك. أم أنت تغسل روحكٍ؟
وتفتح فيها جروحكٍ
وترسم في رغوةً الموتً عمرا يضيق،
وترسم فوق البخارً ضريحكٍ؟
وينهمر الماء دون انقطاعي.
وأنت. أشدٌ من الماءً حزنا.
أتعرف؟ أخطأت حين قرأت الحياة بحبًٌكٍ
وأخطأت حين رأيت الوجود بقلبكٍ
ولا. لا تقل لي البصيرة. للمرءً عينانً
والقلب واحدٍ
فكيف تجيد حساب المواجًدٍ؟
وكيف تحبٌ كما ينبغي أن تحبٌ؟ ومن لا يري يتعثٌر
في تعتعاتً الرؤي وشعابً المقاصًدٍ
فجاهًد. كما ينبغي أن تجاهًدٍ!
تأمٌل بعينين مفتوحتين وقلبي بصيري.
تأمٌلٍ. وكابًدٍ!
كما ينبغي. لا تكرٌرٍ حماقة! سيزيف. قًفٍ
في أعالي العذاب. تأمٌلٍ. وراجًعٍ
وطالًعٍ. وتابًعٍ.
وشاهدٍ!
وصارًعٍ.
حزينا. قويا كصمتً المعابًدٍ
حزينا. أشدٌ من الماءً حزنا.
علي الدرجً اللولبيًٌ غبارى يغطٌي الرخام
المؤدي إلي باحةً البرجً. صمت الغبارً
الكثيفً دليلى: هنا غربة الروحً عن جسمها.
لم تطأ قدمى من زماني بعيدي مداخل هذا المكان
البعيدٍ
ويا أياهذا المليك السعيدٍ
لبؤسك آثار طيري علي قمة البرجً. كيف
تقمٌصٍت هذا الغراب الوحيدٍ؟
وها أنت يا أياهذا الغراب الوحيد الوحيدٍ
سرقت لمنقارك الكهلً تفاحة من غبارٍ
وأنثاك ترقد في قرنة من صدوعً الجدارٍ
تئنٌ معذٌبة والهه
وتشكو لقرنتها التافهه
وما من عطور. ولا من بخور. ولا فاكهه
وهذا الغبار
يقيم الظلام
دليلا: هنا غربة الروحً عن جسمها
ومرساك ليلا علي صخرةً في خليجً الزمانً
ومرسي الطلولً علي وشمها
أشدٌ من الماءً حزنا
ومن وحشةً السنديانً..
ويروي الرواة: نشرت قميصك شمسا علي القطبً
راقبت ذعر الثعالبً والفقماتً. ورعبك
في حضرة الدب. لكن تجاهلت. أنت تجاهلت
صدٍع الجليد وما يفعل الطقس بالطقسً.. أنت تجاهلت
يأس الأوزون وطيش دخان المصانع. هل تستغيث؟
بمن تستغيث. وشمس قميصك تعلو. وتهوي جبال الجليدً
وتعلو مياه البحارٍ
ويعلو علي المدًٌ، مدٌ الهلاكً
وينأي جناح الملاكً
وتدنو رياح الدٌمارٍ
وأنت علي قمةً الأرضً تقبع
لا نوح يشفع
لا فلك ينفع
لا غصن زيتونة في المدارٍ
وأنت علي قمةً الموتً تذوي
وتطوي القميص علي محنةً القطبً. تطوي
وتهوي
غريبا.. حزينا.
أشدٌمن الماءً حزنا.
يشاؤك صمتك: وعدا
يشاؤك صوتك: رعدا
يشاؤك وجهك: نورا
يشاؤك روحك: ليلا
يشاؤك ورد الحديقة: طلٍعا
يشاؤك كهف الجبالً: صديقا
يشاؤك سخط البراكين: صنوا
يشاؤك قلبك: سهلا
تشاؤك زيتونة الدهر: حلما
يشاؤك صخر التلالً: رفيقا
تشاؤك سنبلة الحبًٌ: حقلا
يشاؤك قلب التراب: شهيدا
يشاؤك أهلك: عيدا
وماذا تشاء سوي ضجعةً الموتً حرا طليقا
حزينا. أشدٌ من الموتً حزنا
أشدٌ من الماءً والموتً حزنا؟
هناك. علي سطحً ليلاك قنٌاصة معجبون بليلاك
لكنٌهم يرقبون قدومك في موعد الحبًٌ والقنص
وهم معجبون بجبهتك العاليهٍ
مناظيرهم تترصٌد. حمي بنادقهم تتوعٌد.
توق أصابعهم يتنهٌد.
في لهفةً الصليةً التاليهٍ
وأنت تلوب عليها
وترفع عينيك كفٌيٍ صلاةً إليها
من الحاجز العسكري القريبً
وينقذك الحاجز العسكريى وألفاظ حراسه النابيهٍ
وأغلاله القاسيهٍ
من اللحظةً الداميهٍ
يؤجلك الموت. لكنٍ لموت جديد علي موعد الحب
والقنصً.. في فرصة ثانيهٍ
وتبقي علي الحاجز العسكر. سجينا حزينا
أشدٌ من السجن حزنا
أشدٌ من السجن والماءً حزنا.
دعً الرقم حرا طليقا. يفيض وينمو علي خانة الصفرً.
لاتمتحًنٍ دورة الأرضً من بادئ البدءً. من خانةً
الصًٌفرً. للكون أرقامه، والمدارٍ
يفضًٌل حسن الجوارٍ
إذن. فاقتربٍ من فضاء تجوب مغاليقه السٌفن الآهلهٍ
بروٌاد لغز الوجودً وأسرارًهً الهائلهٍ
وبارًكٍ ملائكة الإنسً والجنٌ.. بارك
مدينة أشواقك الفاضلهٍ
وصادًقٍ تضاريس أرقامك القاحلهٍ
لعلٌ شفيعا من الوردً ينمو عليها
وحلما قديما يعود إليها
ضعً الرقم والحلم بين يديها
وغادًرٍ هواجسك الآفلهٍ؟
وأنت تموت وتذكر
كانتٍ بلادى. وكانتٍ قباب. وكانتٍ قناطًرٍ
وكانتٍ خيولى. وكانتٍ صبايا.. وكانتٍ بيادًرٍ
تموت وتذكر
مٌرتٍ جيوشى. ومرٌتٍ نعوشى. وذابت نقوشى
وغابتى أواصًره
وتذكر. تذكر. فصلا عجيبا
وتذكر. ليس شتاء
وليس ربيعا
ولا هو صيفى
وليس خريفا
وما من شروقي. وما من غروبي
وما من وجوهي. وما من كلامٍ
وما من ضياء، وما من ظلام
وتسأل: هل كان ذاك سلام الحروبً؟
وهل تلك كانت حروب السلامٍ؟
وتسأل كيف تموت وتذكر
طفلا عجوزا
وشيخا طفولته لم تغادًرٍ
عذاب القبابً وصمت المقابرٍ
وأنت علي الصبر صابرٍ
وحيدا حزينا.
أشدٌ من الماءً حزنا.
مفاتيح بيتك أرهقها اللغز..
مفتاح قلبك: هل يعرف الحبٌ حقا؟
ألم يقتل الحزن حبك؟
ماذا تكون كراهية المتعبين الذين أحبٌهم الظلم؟
ماذا يكون إذن مطٍهر النار؟ ماذا تقول مفاتيح بيتك
هذا المهدد بالهدمً، تحت كراهيةً الظالمين
الذين أحبٌهم الحبٌ؟ كيف نحبٌ إذن مبغضينا؟
تقول مفاتيح بيتك
يصمت مفتاح قلبك: هل أعرف الحبٌ؟!
تبكي عذابا وخوفا: أحبٌ المحبًٌين حقا ولا أكره المبغضينٍ
أعني إلهي! أعنًٌي علي محنة المؤمنين
أعنًٌي علي لعنة العاشقينٍ
أحبٌ المحبٌين حقا. ولا أكراه المبغضينٍ
أعنًٌي إلهي. أعني علي
وأطلقٍ لساني. وحررٍ يدي
وحرًٌرٍ مفاتيح بيتي
ومفتاح قلبي
أغثني إلهي. أغثني ضعيفا. أغثني قويا
أغثني حزينا.
أشدٌ من الماءً حزنا.
بك استأنستٍ نخلة الشغفً العاليهٍ
وزيتونه في المدي باقيهٍ
ورشتٍ عليك نساء الزمانً
أرزٌالأغاني
وورد الخصوبةً والعافيةٍ
وأمٌ طموحك حشد الإرادات
واخضوضرتٍ باسمك الباديهٍ
فماذا عليك إذا غار رمل السرابً
من الماءً في البركة الصافيهٍ؟
أتحزن؟ والشمس مصباحى روحك
في عتمة العتمةً الطاغيهٍ
وشمس المسوخً شحوب ضئيل
تنوس شرارته الكابيهٍ..
أتحزن؟ ليس لك الحزن. فاحزنٍ
لأنك تحزن.. واعبر إلي الضفٌةً الثانيهٍ!
لك الآن أن تتحرٌر منك وتنجو منك
وتغرب عنك. لك الآن أن تستحم بعيدا
وأن تستجم بعيدا وأن تلفظ الزحمة الخانقهٍ
إلي لحظةي واثقهٍ
علي شاطيء السخط. تجلس منحني الظلًٌ. تشرب
ماء المحيطً بمصٌاصة الكوكا كولا. وتشرب ماء الخليجً.
وتشرب رمل الصحاري. وحيدا غريبا.. علي
شاطيء الخلقً. إلا من الحزن والنفط والكوكاكولا!
تمرٌ بك السحب الماطرهٍ
وترفع أنظارها عنك.. تحبس أمطارها عن بذورً
الشياطين في أرضك الكافرهٍ
وتنهض فيك الزلازل. أنت هو الكهف. أهلك
عادوا نياما إليك. تحاصرك السرنمات. وتغفي
الزلازل. مقياس ريختر يسقط في لحظةي حائرهٍ
علي الحدًٌ. بين خمود البراكين فيك. وبين شرايينك الثائرهٍ
علي الحدًٌ.. مابين حزني وحزني
أشدٌ من الماءً حزنا..
وهذا قميصك رايتك المتربهٍ
وغيمتك الطٌيبهٍ
وتعرف كلٌ المشاجبً ياقة حسرتهً المتعبهٍ
وتعرف أسراره المرعبهٍ.
قميصك؟ أم جلدك الحيٌ؟.. هذا المعلٌق
بين السماوات والأرضً؟ تلك عروقك أم
هي خيطانه المجدبهٍ؟
قميصك أم جلدك الحي؟... سيانً. أدخلك الله
في التجربهٍ!
وأدخلك الله في التجربهٍ!
وطوق النجاةً قريبى بعيدى
وأنت شريدى طريدى
وربطة عنٍقك أنشوطة المشنقهٍ
وكلٌ القضاةً أدانوك. فالجأ إلي حكم
أفكارك المسبقهٍ
ومتراسً خانتك الضيقهٍ!
وحيدا.. حزينا. تسافر في رحلة نادرهٍ
وتسقط طائرة في الهزيعً الأخير من الليلً
ركٌابها يسلمون جميعا وينجو من الموتً طاقمها.. أنت وحدك
موتا تموت. نجوم الملائكة البيض حولك
مشفقة. تستغيث بها. لا ترد وتمضي إلي شأنها.
تتساءل في سرًٌ موتك: لكنٍ لماذا أنا دون غيري
أموت؟ وتهمس أعماقك الخاسرهٍ:
لأنك شخصى غريبى علي هذه الطائرهٍ
ولم تعرف الطائرهٍ
ولم تصنع الطائرهٍ
وما أنت فيها ولست عليها،
سوي ذرٌة في المدي عابرهٍ..
لأنك شيء بلا آصرهٍ
بعيدى.. علي مقربهٍ
وأدخلك الله في التجربهٍ
وحيدا حزينا
يقول صغار الرواة: أصابتٍك بالعين نورية تائهه
وتروي الأساطير أنك أقلقت قيلولة الآلهه
وأغضبت حاكمك العسكري
وأنت صبي
بصرخةً حريةً تافهه
يقول الرواة وتروي الأساطير.. أصغ ولا تصغً.
كلٌ الممراتً تفضي إلي البيتً. والبيت يفضي إلي السجنً .
والسجن يفضي إلي القبرً. لكنٌ نورية البابً
عمياء، كيف تصيبك بالعين؟ والباب ظلٌ كما كان
من قبلً أن تقرع الباب. ظلٌ حجابا يجبٌ السماء عن
الأرضً لا. لا تصدق كلام الرواةً ولا ما تقول
الأساطير. أنت ولدت من الحزنً. في الحزن للحزنً.
أنت ولدت لتمكث في الأرض. لكنٍ لتمكث فيها قتيلا
حزينا أشدٌ من الحزن حزنا
أشدٌ من الماءً حزنا..
أشدٌ من الرملً حزنا
أشدٌ من النخلً حزنا
وأدخلك الله في التجربهٍ
أشدٌ من الموتً حزنا
أشدٌ من الحزنً حزنا
وأدخلك الله في التجربهٍ
أشدٌ من الرملً والنخلً والحزنً والموتً حزنا
بعيدا.. علي مقربهٍ
وأدخلك الله في التجربهٍ
أشدٌ من الماءً حزنا
أشدٌ من الماءً حزنا
أشدٌ من الماءً حزنا
سميح القاسم
بواسطة: محمد أسامة
التعديل بواسطة: محمد أسامة
الإضافة: الجمعة 2007/02/09 04:50:24 مساءً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com