إبلاغ عن خطأ
ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك
انتظر إرسال البلاغ...
|
أنا يا بُنيَّ غدا سيطويني الغسق |
لم يبق من ظل الحياة سوى رمق |
وحطام قلب عاش مشبوبَ القلق |
قد أشرق المصباح يوما واحترق |
جفَّت به آماله حتى اختنق |
فإذا نفضت غبار قبري عن يدك |
ومضيت تلتمس الطريق إلى غدك |
فاذكر وصية والد تحت التراب |
سلبوه آمال الكهولة والشباب |
*** |
مأساتنا مأساة شعب أبرياء |
وحكاية يغلي بأسطرها الشقاء |
حملت إلى الآفاق رائحة الدماء |
أنا ما اعتديت ولا ادخرتك لاعتداء |
لكن لثأر نبعه دام هنا |
بين الضلوع جعلته كل المنى |
وصبغت أحلامي به فوق الهضاب |
وظمئت عمري ثم مت بلا شراب |
*** |
كانت لنا دار وكان لنا وطن |
ألقت به أيدي الخيانة للمحن |
وبذلت في إنقاذه أغلى ثمن |
بيدي دفنت فيه أخاك بلا كفن |
إلا الدماء وما ألم بي الوهن |
إن كنت يوما قد سكبت الأدمعا |
فلأنني حمِّلت فقدهما معا |
جرحان في جنبي ثكل واغتراب |
ولد أُضِيع وبلدة رهن العذاب |
*** |
تلك الربوع هناك قد عرفتك طفلا |
يجني السنا والزهر حين يجوب حقلا |
فاضت عليك رياضها ماء وظلا |
واليوم قد دهمت لك الأحداث أهلا |
ومروجك الخضراء تحني الهام ذلا |
هم أخرجوك فعد إلى من أخرجوك |
فهناك أرض كان يزرعها أبوك |
قد ذقت من أثمارها الشهدَ المذاب |
فإلامَ تتركها لألسنة الحراب |
*** |
حيفا تئن أما سمعت أنين حيفا |
وشممت عن بعد شذى الليمون صيفا |
تبكي إذا لمحت وراء الأفْق طيفا |
سألته عن يوم الخلاص متى وكيفا |
هي لا تريدك أن تعيش العمر ضيفا |
فوراءك الأرض التي غذت صباك |
وتود يوما في شبابك أن تراك |
لم تنسها إياك اهوال المصاب |
ترنو ولكن ملء نظرتها عتاب |
*** |
إن جئتها يوما وفي يدك السلاح |
وطلعت بين ربوعها مثل الصباح |
فاهتف سلي سمع الروابي والبطاح |
أنِّي أنا الأمس الذي ضمََدَ الجراح |
لبيك يا وطني العزيز المستباح |
أولستَ تذكرني أنا ذاك الغلام |
من أحرقوا مأواه في جنح الظلام |
بلهيب نار حولها رقص الذئاب |
لفَّت صباه بالدخان وبالضباب |
*** |
سيحدثونك يا بُنيَّ عن السلام |
إياك أن تصغي إلى هذا الكلام |
كالطفل يخدع بالمنى حتى ينام |
لا سِلمَ أو يجلو عن الوجه الرغام |
صدقتهم يوما فآوتني الخيام |
وغدا طعامي من نوال المحسنين |
يلقى إلي .. إلى الجياع اللاجئين |
فسلامهم مكر وأمنهمُ سراب |
نشر الدمار على بلادك والخراب |
*** |
لا تبكينَّ فما بكت عين الجناة |
هي قصة الطغيان من فجر الحياة |
فارجع إلى بلد كنوز أبي حصاه |
قد كنت أرجو أن أموت على ثراه |
أمل ذوى ما كان لي أمل سواه |
فإذا نفضت غبار قبري عن يدك |
ومضيت تلتمس الطريق إلى غدك |
فاذكر وصية والد تحت التراب |
سلبوه آمال الكهولة والشباب |