لَقَد أَوسَعَ اللَهُ الفُتوحَ بِعامِنا | |
|
| وَخَيَّسَ مِنها المُصعَبَ المُتَأَبَّدا |
|
أُمورٌ نَبِت عَنها العُقولُ وَأَذعَنَت | |
|
| بَأَنَّ اِختَصاصَ الحَظِّ لِلَهِ موجِدا |
|
تَحَرَّكَ شَخصاً حَرَّكَ الأَرضَ جائِلاً | |
|
| وَهَزَّ مِنَ الشُهُبِ الذَوائِبَ مُصعِدا |
|
وَلَقَبَّهُ بِالناصِرِ المَلِكِ يوسُفَ | |
|
| وَنَقَّبَهُ نورُ المَهابَةِ سَيِّدا |
|
وَأَلهَمَهُ حُسنى الشَمائِلِ مُجمَلاً | |
|
| وَفَهَّمَهُ أَسنى الفَضائِلِ مُحمَدا |
|
يَزيدُ عَلى عُظمِ المَرامِ تَواضُعاً | |
|
| وَيَدنو عَلى بُعدِ المَقامِ تَوَدَّدوا |
|
أَتَتهُ وُفودُ الخافِقينَ فَعايَنوا | |
|
| حُلى مالِكَ قَد أَطلَعَ البَدرَ فَرقَدا |
|
يُنَوِّعُ أَثناءَ النَهارِ سِياسَةً | |
|
| وَيَقطَعُ آناءَ الدُجى مُتَهَجِّدا |
|
وَيَرمُقُ أَحوالَ المَدائِنِ حافِظا | |
|
| وَيُنفِقُ أَموالَ الخَزائِنَ مُنفِدا |
|
أَحادَ بِمُلكِ الأَرضِ خُبَراً وَقُوَّةً | |
|
| وَحاطَ ضَروبَ الخَلقِ خَيراً وَمَرفَدا |
|
فَوَفّى بِفَضلٍ مِن قَضاياهُ مُتَرعا | |
|
| وَأَصفى لِكُلٍ مِن عَطاياهُ مَورِدا |
|
وَأَروتُ نُفوسَ السائِلينَ بَنانُهُ | |
|
| فَلَم أَدرِ بَحراً مُدَّ لِلناسِ أَم يَدا |
|
سَقا بِحُسامٍ وَاِستَرَقَّ بِأَنعُمٍ | |
|
| وَما المَجدُ إِلّا في الشَجاعَةِ وَالنَدى |
|
فَنَمدَحُهُ حُبّاً وَيُعطي تَبَرُّعاً | |
|
| فَيُعجِزُنا شُكراً وَيَشأى مُحَمَّدا |
|
رَأَيتُ عُلاهُ مالَها حَليُ مِثلِها | |
|
| بَدائَعُ نَظمٍ وَاِمتِداحاً مُخَلَّدا |
|
فَقَلَدَّتُهُ سِلكاً عَزيزاً وُجودُهُ | |
|
| كَما لَم نَجِد مَليكاً يُضاهي المُقَلَّدا |
|
لِذا فَليَكُن صَوغُ القَريضِ مُسَمَّطا | |
|
| تَفاصيلَ إِعجازٍ وَوَشِيّاً مُنجِدا |
|
وَلَفظاً كَما تُجلى الداررِيُّ تَحتَهُ | |
|
| مَعانٍ كَما تَرمي الأَشِعَّةُ أَنجُدا |
|
قَرائِنَ أَحوالٍ وَمَعلَمَ سيرَةً | |
|
| وَحِكمَةً أَمثالٍ وَعِلماً مُنَضَّدا |
|
إِذا الشِعرُ لَم يَحكِ العُلومَ فَقَد | |
|
| حَكى جَعاجِعَ أَصواتٍ وَلَغواً مُفَنَّدا |
|
وَلَولا اِصطِناعُ الحُلمُ لِم يَكُ باقِلٌ | |
|
| لِيُحضِرَ في مَيدانَ سُبحانَ مُنشِدا |
|
لِأَوجُهِ أَربابِ السَماحِ طَلاوَةً | |
|
| تُعَلِّمُ طُلّابَ النَجاحِ التَرَدُّدا |
|
وَقيمَةُ قَدرِ الشَيءِ قيمَةُ ذِكرِهِ | |
|
| كَما راقَ وَصفاً لي وَصيتاً مُنَدَّد |
|
وَهَذا مَليكٌ أَمرُهُ غَيثُ عَصرِهِ | |
|
| فَسيرَتُهُ تَبقى حَيّاً مُتَوَرِّدا |
|
فَيُسقى بِها الظَمآنُ لِلعِلمِ مُسنِتاً | |
|
| وَيَرقى لَها الدِيّانُ في الحُكمِ مُسنِدا |
|
يَنالُ الفَتى بِالصَبرِ مَقسومَ حَظِّهِ | |
|
| وَكَم جاهِدٍ في الحِصِ ما نالَ مَقصَدا |
|
عَجِبتُ مِنَ الأَيّامِ تَطمي كَمائِناً | |
|
| إِذا اِنتَثَرَت أَعيَتَ نَجيباً وَمُنجِدا |
|
وَكُنتُ أَرى ذا الفَتحِ مِن قَسَمِ يوسُفَ | |
|
| فَلِلَّهِ ذاكَ القَسَمُ ما كانَ أَسعَدا |
|
وَلِلَّهِ يَومٌ هَلَّ فيهِ وِلادَةٌ | |
|
| لَقَد طابَ مَولوداً وَبورِكَ مَولودا |
|
كَفى مَطهَراً مَن طَهَّرَ القُدسَ وَاِحتَوى | |
|
| بَني أَصفَرٍ سَبياً وَقَتيلاً تَعَمُّدا |
|
هُوَ المَسجِدُ الأَقصى وَهُم شَوكَةُ الوَغى | |
|
| فَما كانَ لَولا اللَهَ يَخلَصُ مَعبَدا |
|
هَنيئاً لِبَيتِ القُدسِ الآنَ طُهرُهُ | |
|
| وَلِلناصِرِ المَنصورِ غَبطَتُهُ غَدا |
|
فَيا خَيرَ مَمَدوحٍ وَأَطهَرَ مُجتَبي | |
|
| وَأَسعَدَ مَمَنوحٍ وَأَبهَرَ مُجتَدى |
|
مَديحِكَ أَحلى في فَمي مِن جَنا المُنى | |
|
| وَمِن طَعمِ بَردِ الماءِ عَذباً عَلى الصَدى |
|
وَأَشهى سَماعاً مِن حَديثِ حَبائِبٍ | |
|
| يَذكُرُها عَهدُ الصَبا مُتَجَدِّدا |
|
أُسامِرُ فيكَ الشِعرَ مُستَمتِعاً بِهِ | |
|
| فَأَبسَطُهُ بَسطَ الخَميلَةِ في النَدى |
|
أَوَدُّ لَو أَنَّ البَيتَ أَلفُ قَصيدَةٍ | |
|
| وَكُلَّ قَصيدٍ أَلفُ حِزبٍ تَرَدَّدا |
|
وَكَيفَ اِقتِصادٌ في مَدائِحَ يوسُفَ | |
|
| وَقَد بَذَّ غاياتُ السَوابِقِ في المَدى |
|
سَرى وَهوَ نورٌ قاهِرٌ بِلَطافَةٍ | |
|
| وَحَلَّ بِنا صَوتُ العُلى فَتَجَسَّدا |
|
وَلَو لَم يَلُح لِلناسِ ما عَلِموا فَتى | |
|
| سَما كُلَّ عالٍ وَهوَ يَرتادُ مُصعِدا |
|
فَكُلُّ اِبتِداءً في مَعاليهِ مُنتهى | |
|
| وَكُلُّ اِنتِهاءً في مَعاليهِ مُبتَدا |
|