رأى الحُزنُ مَا عِندِي مِنَ الحزنِ والكَربِ | |
|
| فَرُوِّعَ مِن حَالِي فَلم يَستَطِع قُربِي |
|
وأظهَرَ عَجزاً عَن مُقَاوَمَة الأسَى | |
|
| وأيقن أنَّ الخَطبَ أعظَمُ مِن خَطبي |
|
وقال التَمِس غَيرِي لِنَفسِكَ صَاحِبا | |
|
| وَقُل لِلرَّدى حَسبي بَلغت المَدى حسبي |
|
فَقُلتُ وَهَل يَكفِينيَ الوَجدُ صَاحِبا | |
|
| وكَيفَ وَمَا بي قَد تَعَدَّى إِلى صَحبي |
|
فَلمّا انتَهَت بي شِدَّتي في مُصِيبَتي | |
|
| وَبَرَّحَ بِي يَأسي رَجَعتُ إِلى رَبِّي |
|
فاستَنشِقن رَوحَ الرِّضَى بِقضَائِهِ | |
|
| فَنَادَيتُ يَا بَردَ النَّسِيمِ عَلى قلبِي |
|
إِلى الله أشكُو بِالرَّزَايَا وَفِعلِها | |
|
| فَقَدُ كَدَّرَت شِربِي وقَد رَوَّعَت سِربِي |
|
سَلِ اللَّيلَ عَنِّي هَل أمِنتُ إِلى الكَرَى | |
|
| فَكَيفَ وَأجفَانِي مَعَ النَّومِ في حَربِ |
|
وَقَد رَقَّ لِي حَتَّى تَفَرّى أديمُهُ | |
|
| وَأَقبَلَ يَبكِيني بأنجُمِهِ الشُّهبِ |
|
لِحَالِي أبدَى الرَّعدُ أنَّةَ موجَعٍ | |
|
| ولي البَرقُ شَعَّ في التَّرامي مَعَ السُّحب |
|
وَلِي لبسَ الجوُّ الحِدَادَ بِدُجنَةٍ | |
|
| وَأسبَلَ دَمعَ القَطرِ سَكباً عَلى سَكبِ |
|
وَمِن أجلِ مَا بِي أبدَتِ الشَّمسُ بِالضُّحَى | |
|
| شُحُوب ضَنًى قَبلَ الجُنوحِ إِلى الحَجبِ |
|
عَلى وَاحِدٍ قَد كَانَ لي فَفَقَدتُهُ | |
|
| عَلى غِرَّةٍ فَقدَ الجَوانِحِ لِلقَلبِ |
|
فَحُزني عَليهِ جَاوَزَ الحَدَّ قَدرُهُ | |
|
| وَلاَ حُزنَ يَعقُوبٍ وَيوسُف في الجُبِّ |
|
وَأكثَرُ إشفاقي لأمٍّ حَزِينَةٍ | |
|
| مُقسَّمَةٍ بَينَ الأسَى فِيهِ وَالحُبُّ |
|
وأذهلَهَا عَن حَالِهَا فَرطُ وَجدِهَا | |
|
| عَليهِ وَقَد يُستَسهَلُ الصَّعبُ لِلصَّعبِ |
|
بُنَيَّ أجِبهَا فَهيَ تَدعوكَ حَسرَةً | |
|
| وَأدمُعُهَا تَنهَلُّ غَرباً عَلى غَربِ |
|
بُنَيَّ أحَقّاً صِرتَ رَهنَ يَدِ البِلى | |
|
| وَنَهبَ الثَّرَى أمسيتَ يَأ لك مِن نَهبِ |
|
بُنَيَّ عَساهَا نَومَةٌ فانتَباهَةٌ | |
|
| فَكَم ذا أنادي العَينَ طالَ الكَرى تَعبي |
|
بُنَيّ أعِرني مِن مَنامِكَ خِلسَةً | |
|
| لعَلِّي أن ألقى مُنايَ مِنَ الغَيبِ |
|
بُنَيَّ أرِحنِي بالإِجابَةِ مُخبِراً | |
|
| فَقَد كُنتَ ذا رَأيٍ فَما لكَ لا تُنبي |
|
بُنَيَّ وَفِي طَيِّ الحَشَا كُنتَ ثَاوِياً | |
|
| فَكَيفَ سَخَت نَفسِي بدَفنِك في التُّربِ |
|
فَلا غَروَ أن أضحى لكَ الغَربُ مَدفَناً | |
|
| فَإنَّ مَغِيبَ الشَّمسِ وَالبَدرِ فِي الغَربِ |
|
لقَد هَصَرَت كَفُّ المَنُونِ إِلى البِلى | |
|
| قَضيبَ شَبابٍ كانَ مِن أنضَرِ القُضبِ |
|
فَيَا غُصُناً حَقَّت أزَاهِرُ حُسنِهِ | |
|
| تُحَلِّيكَ أجفَانِي بشلُؤلُؤِهَا الرَّطبِ |
|
وَيَا أحمَدُ المَحمودُ قَد كُنتَ مُشبِهاً | |
|
| بِطِيبِ الخلالِ الحُلوِ وَالبَارِدِ العَذبِ |
|
لآلِ جُبَيرٍ فيكَ أيُّ فَجيعَةٍ | |
|
| فَمَا مِنهُم مَن يَستَفِيقُ مِن الكَربِ |
|
وَقَد كُنتَ وُسطى العِقدِ فيهم فَرُبَّما | |
|
| نَقَضتَ فَصارَ العِقدُ مُنتَثِرَ الحَبِّ |
|
وَكَم خالةٍ أمسَت عَليكَ بحالةٍ | |
|
| مِنِ الحُزنِ ما تَنفَكُّ ذاهِلةَ اللُّبِّ |
|
وَأبنَاءِ خالاتٍ تُسقِّيِهِمُ الأسَى | |
|
| كُؤُوساً وَهُم حَتَّى إِلى الآن فِي الشَّربِ |
|
وَصَاحِبَةٍ قَد كُنتَ صَبًّا بِذِكرِهَا | |
|
| وَكُنتَ لهَا حِبّاً وَنَاهِيكَ مِن حِبٍّ |
|
فَأنَّت وَهامَت فِيكِ بِالوَجدِ والأسَى | |
|
| وَحُقَّ لهَا فالصَّبُّ يُفجَعُ بالصَّبِّ |
|
وَرَاحَت بأثوَابِ الحِدَادِ وَطَالما | |
|
| لها كُنتَ تَستَخفي الحَريرَ مَعَ العَصبِ |
|
وَكَم أجنَبِيٍّ فِيك قَد بَاتَ ساهِراً | |
|
| تُقَلِّبُهُ الأفكَارُ جَنباً إِلى جَنبِ |
|
رُزِقتَ قَبُولاَ ما سَمِعتُ بِمِثلِهِ | |
|
| فَهذَا عَلى هَذا بإشفاقِه يُربي |
|
وكُنتَ وَصُولاً لِلقَرَابَةِ جَارِياً | |
|
| لِمَرضَاتهِم بَراً بَرِيئاً مِنَ العُجبِ |
|
مُجِداً إِذا كُلِّفتَ أمر مُلِمَّةٍ | |
|
| مَضَيتَ مَضَاءَ السَّهمِ وَالصَّارِمِ العَضبِ |
|
حَريصاً عَلى نَيلِ المَعالي بِهِمَّةٍ | |
|
| كَسَبتَ بِها مِن ذُخرِها أفضَلَ الكَسبِ |
|
وَكَانَت لَك الآدابُ رَوضَةَ نُزهَة | |
|
| وَكُنتَ مُحِبًّا فِي مُطالَعةِ الكُتبِ |
|
تُفَتِّقُ زَهرَ النَّثرِ في الطَّرسِ يَافِعاً | |
|
| وَتَنظِمُ دُرَّ الشِّعرِ نَظماً بِلا تَعبِ |
|
وَمَا زِلتَ بالهدِي الجَميلِ وَبِالحجا | |
|
| مُعِزَّا لأهلٍ في البِعَادِ وفي القُربِ |
|
وَزَادَ على العِشرينَ سِنُّكَ أَربَعاً | |
|
| فَعَاجَلكَ الحَينُ المُقَدَّرُ بِالذَّنبِ |
|
شَهيداً بِطاعونٍ أصابَك بَغتَةً | |
|
| كَمِثلِ شَهيدِ الطَّعنِ في ساحَةِ الضَّربِ |
|
وَكُنتَ غَرِيباً فاستَزَدتَ شَهَادةً | |
|
| لأُخرَى كَبُشرَى سَيِّدِ العُجمِ وَالعُربِ |
|
أطلتَ مَغيباً ثُمَّ جِئتَ مُوَدِّعاً | |
|
| إِلى سَفَرٍ يَدنُو مُدِلاً عَلى الرَّكبِ |
|
وَلَم أشفِ مِن لُقياكَ قَلبي فَليتَني | |
|
| لِبَرحِ اشتِيَاقِي لو قَضَيتُ بِهِ نَحبِي |
|
وَعُقبَاكَ بَعدِي كُنتُ أرجُو بَقَاءَهَا | |
|
| زَمَاناً لِيَبقى مِن بَنِيكَ بِهَا عَقبِي |
|
رَضِيتُ بِحُكمش اللهِ فينا فَإِنَّمَا | |
|
| نُقِلت لِحِزبِ اللهِ بُورِكَ مِن حِزبِ |
|
وَإنِّي لرَاضٍ عَنكَ فَابشِر وبالرِّضَا | |
|
| أَرَجِّي لكَ الزُّلفَى وَمَغفِرَةَ الذَّنبِ |
|
فَجَادَت عَلى مَثواكَ مُزنَة رَحمَةٍ | |
|
| وَبَوَّاكَ الرَّحمانُ فِي المَنزِلِ الرَّحبِ |
|