عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > سورية > بدوي الجبل > الشّهيد

سورية

مشاهدة
5264

إعجاب
5

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

الشّهيد

وفاؤك لا عسر الحياة ولا اليسر
و همّك لا الدّاء الملحّ ولا العمر
إذا المرء لم يملك وثوبا على الأذى
فمن بعض أسماء الرّدى الحقّ والصبر
إذا ملكوا الدنيا على الحرّ عنوة
ففي نفسه دنيا هي العزّ والكبر
وإن حجبوا عن عينيه الكون ضاحكا
أضاء له كون بعيد هو الفكر
فليلته صبح وعسرته غنى
و أحزانه نعمى وآهاته شعر
أنزّه آلامي عن الدّمع والأسى
فتؤنسها منّي الطلاقة والبشر
وأضحك سخرا بالطغاة ورحمة
و في كبدي جرح وفي أضلعي جمر
كفاء لعسف الدّهر أنّي مؤمن
و عدل لطغيان الورى أنّني حرّ
وما ضرّني أسر ونفسي طليقة
مجنّحة ما كفّ من شأوها أسر
أهدهد من أحزانها كلّما ونت
و يسلس بعد المري للحالب الدرّ
أطلّ على الدنيا عزيزا: أضمّني
إليه ظلام السجن أم ضمّني القصر
وما حاجتي للنّور والنّور كامن
بنفسي لا ظلّ عليه ولا ستر
وما حاجتي للأفق ضحيان مشرقا
و نفسي الضحى والأفق والشمس والبدر
وما حاجتي للكائنات بأسرها
و في نفسي الدّنيا وفي نفسي الدّهر
يريدون أسراري وللّيل سرّه
إذا نقّبوا عنه وما للضّحى سرّ
لعمرك للضعف الخفاء وكيده
و للقوّة الكبرى الصّراحة والجهر
وما أكبرت نفسي سوى الحقّ قوّة
و إن كان في الدّنيا لها النّهي والأمر
ة كنت إذا الطّاغي رماني رميته
فلا نصرتي همس ولا غضبي سرّ
وأحمل عن إخواني العسر هانئا
و يبعدني عنهم إذا أيسروا اليسر
فليت الذي عاطيته الودّ صافيا
تجاوزني من كأسه الآجن المرّ
وأشقى إذا أعرضت عمّن أحبّه
و لكن دواء الكبر عندي هو الكبر
ونفسي لو أنّ الجمر مسّ إباءها
على بشرها الريّان لاحترق الجنر
ويا خيبة الطاغي يدلّ بنصره
و من سيفه لا روحه انبثق النّصر
يغالي بدنياه ويجلو قتونها
و دنياه في عينيّ موحشة قفر
رأيت بزهدي ما رأى بغروره
فأعوامه ساع وآماده فتر
شكا حبّه لي وهو ريّان من دمي
و أنيابه حمر وأظفاره حمر
وصانع يستجدي الولاء فياله
غنى ملك الدّنيا ومعدنه الفقر
***
تلّفّت لا شملي جميع ولا الهوى
قريب ولا فرع الصبى عبق نضر
ويا سامر الأحباب مالك موحشا
معاذ الهوى بل أنت يؤنسك الذكرا
أديماك من حب القلوب تمزّقت
عليه فسال الحبّ والشوق والطّهر
إذا ظمئت في قطعها البيد نسمة
ألمّت به وهنا فرنّحها السّكر
فبا للصّبا العجلى إذا عبرت به
تأنّت كما يرتاح في الواحة السّفر
تمنّيت إجلالا له وكرامة
لو أنّ حصاه نجم الفلك الزّهر
وأجزع إن مرّت به الرّيح زعزعا
و أسرف حتّى جاوز الغاية القطر
فليت الرّبيع الطلق عاطاه كأسه
مدّى الدّهر لا برد عليه ولا حرّ
لقد ساءني غاد عليه ورائح
فمن كبدي فوق الثرى قطع حمر
ولو قدرت صانته عيني كرامة
كما صين في أغلى خزائنه الدرّ
تطوف بك الأحلام سكرى كعهدها
و ينطف من أفيائك الحبّ والعطر
ويضحك لي وجه نديّ منوّر
كأن لم يغيّب من طلاقته القبر
وحتّى كأن لم يطوه عنّي الرّدى
فهل بعث الأموات أم ردّه السحر
تلمّ به الذكرى فيحيا كبارق
طواه الدّجى عنّي ليطلعه الفجر
ويبعثه حبّي وفي كلّ خافق
صحيح الهوى بعث الأحبّة والنشر
فيا قلب فيك الرّاحلون وإن نأوا
و فيك النّدامى والرّياحين والخمر
خلعت على الموتى الحياة وسرّها
و طالعهم منك القيامة والحشر
وفاء يصون الرّاحلين من الرّدى
إذا راح يدني من مناياهم الغدر
ويا سامر الأحباب طيف ولا كرى
و سكر ولا راح وريّا ولا زهر
كلانا على ما كلف النفس من رضى
أضرّ به نأي الأحبّة والهجر
أبا طارق هذي سراياك أقبلت
يرفّ على أعلامها العزّ والنصر
لقد قدنها حيّا وميّتا فما ثنى
شكيمتها عنف ولا هدّها ذعر
فمر تشمع الدنيا هواك وينطلق
إلى الفتح بعد الفتح عسكرك المجر
ومر يتمزّق كلّ قيد أبيته
و يسرف على طغيانه الحطم والكسر
تبرأت في دنياك من كلّ ناكث
ذليل فلا عرف لديه ولا نكر
ومن زاهد لمّار رأى الصّيد مكثبا
تمزّق عنه الزهد وافتضح المكر
وممّن يظنّ الفقر عذرا لكفره
و ما أقنع الإيمان إلاّ الرّدى عذر
يدلّ بماضيه فهل راح شافعا
بذي ردّة نسك تقدّم أو برّ
عصابة شر راح يبرأ منهم
إلى الله إبقاء على نفسه الشرّ
رويدك شرّ الكافرين موحّد
ألحّ عليه بعد إيمانه الكفر
عباديد شتّى ألّف الوزر بينهم
فلا رحم إلاّ الضراعة والوزر
وبين اللئام العاثرين وإن نأت
مناسبهم قربى السجيّة والصهر
***
تمنّيت أنّ الغيب شفّ فلم يعق
عن الملأ الأعلى حجاب ولا ستر
ولحت لنا في عالم الحقّ والتقى
على الموعد الهاني المقيمون والسفر
فقرّت بما تلقاه عيناك وانطوت
على النشوة الكبرى الجوانح والصّدر
أتعلم أنّ الشام فكّت إسارها
فلا قيد بعد اليوم فيها ولا أسر
يصرّف أمر النّاس فيها موفّقا
معاوية الدنيا وصاحبه عمرو
وأنّ رياضا هزّ لبنان فانتخت
شمائل في لبنان ميمونة غرّ
رمى كلّ برد أجنبيّ مزوّر
و عادت لقحطان المناسب والنجر
ولمّا شكى لبنان ضجّت أميّة
و جنّت له بغداد والتهبت مصر
أبا طارق أبقيت للحقّ سنّة
هي العزّة القعساء والفتكة البكر
بنيت عليها كتلة وطنيّة
من الصيد ما خانوا هواك ولا فرّوا
لقد حملوا عنك الجهاد وما ونى
و حقّك ناب للخطوب ولا ظفر
فإن أقسموا أن يفتدوا بنفوسهم
أمانتك الكبرى لديهم فقد برّوا
نماك وسيف الدولة الدار والهوى
و غنّاكما أندى ملاحمه الشعر
وأقسم بالبيت المخرّم ما احتمت
بأمنع من كفّيكما البيض والسمر
فإن تفخر الشهباء فالكون منصت
و حقّ بسيفي دولتيها لها الفخر
***
أحبّاي لو غير الردى حال بيننا
دنا البرّ في عينيّ وانكشف البحر
بأسماعكم وقر وقد رحت شاكيا
و حاشا ففي سمع الثرى وحده الوقر
وأوحشتم الدنيا كأن لم تدس بكم
على الهام في الرّوع المحجّلة الشقر
وحتّى كأنّ الرّمل لم يروه دم
كريم المصفّى لا أجاج ولا نزر
فوارحمتاه للنّائمين على الطوى
و أتخم من قتلاهم الذئب والنسر
تهدّهم الصحراء هدّا وللرّدى
سلاحان في البيد: الهواجر والقرّ
ولا ماء إلاّ ما يزوّره بها
سراب نديّ اللّمح منبسط غمر
إذا سقطوا صرعى الجراح تحاملوا
على نفسهم واستؤنف الكرّ والفرّ
ولو آثروا الدنيا لقد كان جاهها
تليدا لديهم والقسامة والوفر
***
فمن مبلغ عنّي الشباب قصيدة
يحلّى بها ملك ويحمى بها ثغر
تطوّف في الدنيا الوساع كأنّما
هي الخضر أو يروي شواردها الخضر
هززت بها نوّامهم مترفّقا
و يؤذي الشباب المرتجى اللّوم والزجر
إذا كنت في نصحي لهم غير موجع
فلي بالذي يرضي شمائلهم خبر
وعندي من زهز الشباب بقيّة
يرفّ الصبا فيها وأفياؤه الخضر
ألمّت بي الأيّام حمرا نيوبها
فما شاب لي قلب ولا شاب لي شعر
دروب العلى للسالكين عديدة
و أقربها للغاية الموحش الوعر
فلا تقنطوا من غاية المجد لا يرى
لها العقل إمكانا فقد ينبع الصخر
***
أعيذ من اليأس المرير نفوسكم
تلاقى على إعاناتها الظلم والقهر
إذا ركدت بعد الهبوب فإنّها
لكالبحر من أخلاقه المدّ والجزر
أرى العفو والنسيان من خلق الصّبا
و لم ينس عند الشّيب حقد ولا ثأر
وما أكرم النسيان والعفو منكم
إذا لم يضع حق ولم يحتسب وتر
وأنتم على دلّ الشباب وزهوه
و أهوائه ركن القضيّة والذخر
بدوي الجبل
بواسطة: سيف الدين العثمان
التعديل بواسطة: سيف الدين العثمان
الإضافة: الثلاثاء 2007/02/13 06:46:43 مساءً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com