بِلا أُنْسٍ أَنا، وَبِلا أَمَانِ | |
|
| بَعِيْداً عَنْ تُرابِكِ دَيْرَبانيْ |
|
فَلا وَطَنٌ، وَلا أَهْلٌ كِرامٌ | |
|
| إِذا اسْتَصْرَخْتُ هَبُّوا لاحْتِضانِيْ |
|
مَضَتْ سِتُّوْنَ عاماً فِيْ بِعادٍ | |
|
| فَيَا اللهُ، كَمْ أَبْقى أُعَانِيْ؟ |
|
نَظَمْتُ خِلالَها شِعْراً تَغَنَّى | |
|
| بِهِ الثَّقَلانِ مِنْ إِنْسٍ وَجَانِ |
|
فَلَمْ أَطْرُقْ بِهِ لِلَّهْوِ بَاباً | |
|
| وَلَمْ أُطْلِقْهُ لِلْبِيْضِ الحِسَانِ |
|
فَمَا لِلْبِيْضِ فِيْ شِعْرٍ بَدِيْعٍ | |
|
| إِذا لَجَّتْ بِهِ سُوْدُ المَعَانِيْ |
|
وَقَدْ أَفْضَى بِها قَلَمٌ حَزِيْنٌ | |
|
| كَأَنَّ دَوَاتَهُ ظُلَمُ الزَّمَانِ؟ |
|
فَإِنِّيْ قَدْ تَرَكْتُ رُبُوْعَ أَهْلِيْ | |
|
| وَجَنَّةَ دَيْرَبَانَ عَلَى هَوَانِ |
|
وَأَرْضَ المَسْجِدِ العَمَرِيِّ ثَكْلَى | |
|
| وَقَدْ ظَمِئَتْ إِلى صَوْتِ الأَذانِ |
|
وَخَلَّفْتُ القُبُوْرَ هُنَاكَ يَثْوِيْ | |
|
| بِهَا الأَجْدادُ مِنْ قَاصٍ وَدانِيْ |
|
وَأَحْلاماً تَرَكْتُ تَرِفُّ عِشْقاً | |
|
| رَفِيْفَ فَراشَةٍ حَوْلَ المَغانِيْ |
|
وغِزْلاناً تُسَابِقُها رِيَاحٌ | |
|
| وَأَطْيَاراً تُرَنِّمُ كَالقِيَانِ |
|
وَأَزْهَاراً إِذا وَافَى نَسِيْمٌ | |
|
| يُحَرِّكُهَا كَخَيْطٍ مِنْ دُخَانِ |
|
تُحَمِّلُهُ الشَّذا أَوْ نَفْحَ طِيْبٍ | |
|
| لَطِيْفٍ قَدْ تَلاعَبَ بِالجَنَانِ |
|
وَثَمَّ شَقَائِقُ النُّعْمَانِ تَزْهُوْ | |
|
| تُغَازِلُهَا نُجُوْمُ الأُقْحُوَانِ |
|
إِذا فَرَّتْ نُجُوْمُ اللَّيْلِ صُبْحاً | |
|
| وَجَيْشُ النُّوْرِ سَادَ بِلا طِعَانِ |
|
رَأَيْتَ زُهُوْرَهَا فِي الأَرْضِ أَضْحَتْ | |
|
| بَدِيْلاً عَنْ نُجُوْمٍ فِي العَنانِ |
|
وَإِنِّيْ قَدْ تَرَكْتُ هُنَاكَ قَلْبِيْ | |
|
| وَقَدْ أَحْضَرْتُ عَنْ قَصْدٍ لِسَانِيْ |
|
لِأَذْكُرَ مَجْدَ أَرْضِيَ كُلَّ صُبْحٍ | |
|
| بِحُسْنِ بَلاغَتِيْ وَصَدَى بَيَانِيْ |
|
فَفِيْ أَجْوَائِها لِلْمَجْدِ نَجْمٌ | |
|
| يُشِيْرُ إِلى رُبَاهَا بِالبَنانِ |
|
وَيَهْبُطُ نَحْوَها شَيْئاً فَشَيْئاً | |
|
| مِنَ الإجْلالِ أَوْ لُطْفِ الحَنَانِ |
|
وَطَوْراً نَحْوَها بِالحُبِّ يَهْوِيْ | |
|
| مِنَ الأَشْوَاقِ فَوْراً فِيْ ثَوَانِيْ |
|
يَحُطُّ عَلَى المَشَارِ بِشَكْلِ نَسْرٍ | |
|
| يُضَاحِكُ شَمْسَنا دُوْنَ امْتِهَانِ |
|
وَكَانَ كِلاهُمَا يَوْماً أَتَمَّا | |
|
| بِأَزْمَانٍ خَلَتْ عَقْدَ القِرَانِ |
|
وَجَابَ شِعَابَها فِيْ ثَوْبِ حُرٍّ | |
|
| مِنَ الأَهْلِيْنَ بِالخَيْراتِ هَانِيْ |
|
فَسَارَ بِتَاجِ عِزَّتِهَا اخْتِيَالاً | |
|
| كَمَا يَخْتَالُ رُمْحٌ بِالسِّنَانِ |
|
وَفِيْهَا ازْدانَ بِالخُيَلاءِ فَخْراً | |
|
| كَمَا يَزْدانُ جِيْدٌ بِالجُمَانِ |
|
وَقَدْ حَصَدَ السَّنَابِلَ بَيْنَ قَوْمِيْ | |
|
| بِسَهْلِ جُبُوْلِيَا قَبْلَ الأَوانِ |
|
وَحَبُّ القَمْحِ يَلْمَعُ مِثْلَ شَذْرٍ | |
|
| مِنَ الذَّهَبِ المُشَعْشِعِ فِي المَكانِ |
|
وَ بِئْرَ النَّحْلِ جَاءَ، وَ عَيْنَ شَمْسٍ | |
|
| وَمَرَّ عَلَى الرُّمَيْلَةِ بِافْتِتَانِ |
|
وَقَدْ شَرِبَ المِيَاهَ إِلَى ارْتِواء | |
|
| وَجُرْعَتُهُ إِذا جَرَعَ اثْنَتَانِ |
|
فَبَادَرَ عَيْنَ فَطِّيْرٍ بِشُكْرٍ | |
|
| وَقَدْ خَصَّ الحَفِيْرَةَ بِامْتِنَانِ |
|
فَيَا رَبَّاهُ، هَلْ أَحْظَى بِيَوْمٍ | |
|
| بِهِ آتِي دِيَارِي فِيْ أَمَانِ |
|
وَفِيَّ العِشْقُ قَدْ أَعْلَى صَهِيْلاً | |
|
| وَجَالَ عَلى ثَرَاهَا كَالحِصَانِ؟ |
|
وَأُطْلِقُ ناظِرَيَّ عَلَى مَدَاها | |
|
| وَأَرْنُو كَيْ أَرَى رَأْيَ العِيَانِ |
|
جَمِيْعَ شِعَابِهَا وَالسَّهْلَ مِنْهَا | |
|
| وَأَغْصَاناً تَنَامَتْ فِيْ كِيَانِيْ |
|
وَأُمْسِكُ غُصْنَ زَيْتُوْنٍ بِكَفٍّ | |
|
| أُمَرِّرُهَا عَلَيْهِ بِشَوْقِ حَانِيْ |
|
وَأَقْطِفُ عَنْهُ حَبَّاتٍ تَدَلَّتْ | |
|
| إِذا اسْتَنْشَقْتُ مَا فِيْهَا كَفَانِيْ! |
|
فَأَلْثُمُ تَحْتَها ذَرَّاتِ تُرْبٍ | |
|
| أَشُمُّ بِلَثْمِهَا عِطْرَ الْجِنَانِ |
|
لِأَبْلُغَ غَايَةً أَسْعَى إِلَيْهَا | |
|
| أَنا والعُمْرُ دَوْماً فِيْ رِهَانِ |
|
فَرُبَّ مُتَيَّمٍ طَلَبَ الثُّرَيَّا | |
|
| وَغَايَةُ نَاظِرَيْهِ الفَرْقَدانِ |
|
يَخِرُّ عَلَى الثَّرَى شَوْقاً إِلَيْهِ | |
|
| لِتَبْلُغَ نَفْسُهُ قُصْوَى الأمَانِيْ! |
|