ما لِي أَراكَ حَلِيفَ الوَجْدِ وَالاََلَمِ | |
|
| أَوْدَى بِجِسْمِكَ ما أَوْدَى مِن السَقَم |
|
ذا مَدْمَعٍ بِالدَّمِ المُنْهَلِّ مُنْسَجِمِ
|
أَمِنْ تَذَكُّرِ جِيرانٍ بذي سَلَمِ | |
|
| مَزَجْتَ دَمعاً جَرَى مِن مُقْلَةٍ بِدَمِ |
|
أَصْبحْتَ ذا حَسْرَةٍ في القَلْبِ دائِمَةٍ | |
|
| وَمُهْجَةٍ إِثْرَهُمْ في البِيدِ هائِمَةٍ |
|
شَجاكَ في الدَّوْحِ تَغْرِيدٌ لحائِمَة
|
أَمْ هَبَّتِ الرِيحُ مِن تِلقاءِ كاظِمَةٍ | |
|
| وأَوْمَضَ البَرْقُ في الظَلْماءِ من إِضَمِ |
|
نَضَا لك البَيْنُ عَضْبَاً مِنْهُ مُنصَلِتا | |
|
| فلَسْتَ من قيْدِهِ ما عِشْتَ مُنفَلِتا |
|
إِنْ كُنْتَ تُنْكِرُ ما بِالوَجْدِ عَنْكَ أَتَى
|
فَما لِعَيْنَيْكَ إِن قلتَ اكْفُفا هَمَتا | |
|
| وما لِقَلْبِكَ إِن قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ |
|
وَاهَاً لِصَبٍّ بَراهُ في الِهَوَى سَقَمُ | |
|
| يُخْفِي هَواهُ وَدَمْعُ العَيْنِ مِنْه دَمُ |
|
فَكَيْفَ يَخْفَى وَمِنْهُ القَلْبُ مُحْتَدِمُ
|
أَيَحْسَِبُ الِصَِبُّ أَنّ الحُبَّ مُنْكَتِمُ | |
|
| ما بَيْنَ مُنْسَجِمٍ منْهُ ومُضْطَرِمِ |
|
تُخْفِي الِهَوَى وَتَِبِِيتُ اِلِلَّيْلَ في وَجَلِ | |
|
| حَيْرانَ طَِرْفٍ بِعَدِّ الِنَِجْمِ مُِِشْتَغِلِ |
|
تَِبْكِي بِِِدَمْعٍ عَلِِى الاََطْلالِ مُنْهَمِلِ
|
لَولا الِهَوَى لَمْ تُرِقْ دَمِْعَاً عِلى طَلَلِ | |
|
| وَلا أَرِقِْتَ لِذِكْرِ البانِ والعَلَمِ |
|
نَمَّتْ بِِسِرِّكَ عَيْنٌ في الدُّجَى سَهِدَتْ | |
|
| وَأَدْمُعٌ فِي مَِجارِي خَِدِّكَ اطَِّرَدَتْ |
|
وَبَيِّناتُ الضَنَى فِي الجِسْمِ مِنْكَ بَِدَتْ
|
فَكَيْفَ تُنْكِرُ حُبَّاً بَِعِْدَ مِا شَِهِِدَتْ | |
|
| بِهِ عليكَ عُدُولُ الِدَمِعِ والسَِقَِمِ |
|
قَدْ صِِارَ سِِرُّكَ في أَهْل الهَوَى عَلَنا | |
|
| وَأَنْتَ تُخْفِي الِّذِي أَخْفاكَ مِنْه عَنِا |
|
وَكَمْ نَفَى عَنْكَ عُذْرِيُّ الِهَوَى وَسَنِِا
|
وَأَثْبَتَ الِِوَجِْدُ خَطَّيْ عَبْرَةٍ وَضَنا | |
|
| مِثلَ الِبهارِ عِلِى خَدَّيكَ والعَنَِمِ |
|
فَكَمْ تَِنُوحُ عَلى الاََطْلالِ وَالدِّمَنِ | |
|
| مُجاوِباً كُلَّ وَرْقاءٍ عَلَى فَنَنِ |
|
هَلْ طَيْفُ مَيَّةَ وَلَّى عَنكَ بالوَسَنِ
|
نَعَمْ سَرَى طيْفُ مَنْ أَهْوَى فَأَرَّقني | |
|
| والحُبُّ يَعْتَرِضُ اللَّذّاتِ بالاََلمِ |
|
فَدَعْ مَلامِي فَلَيسَ النَفْسُ مُقْصِرَةً | |
|
| عَن حُبِّ مَيٍّ وَلا لِلصبْرِ مُؤْثِرَةً |
|
لَم يُبْقِ لي الشَّوْقُ لِلسُّلْوانِ مَقْدِرَةً
|
يا لائِمي في الهَوَى العُذْرِيِّ مَعْذِرَةً | |
|
| مِنّي إِلَيكَ ولو أَنْصَفْتَ لم تَلُمِ |
|
سَلِمْتَ مِن دَنَفٍ عِنْدِي وَمِن سَهَرٍ | |
|
| وَمِن وُشاةٍ أُدارِيهِمْ وَمِن فِكَرٍ |
|
شَتّانَ ما بَيْنَ حَالَينا لِذِي بَصَرٍ
|
عَدَتْكَ حالِيَ لا سِرّي بِمُسْتَتِرٍ | |
|
| عن الوُشاةِ ولا دائي بِمُنْحَسِمِ |
|
عَذَلْتَ مَن صُمَّ عِنْدَ العَذْلِ مَسْمَعُهُ | |
|
| فَخَلِّ عَنْهُ فَلَيسَ العَذْلُ يَنْفَعُهُ |
|
قَد قُدْتَنِي لِلهُدَى لَو كُنْتُ أَتْبَعُهُ
|
مَحَضْتَنِي النُصْحَ لكنْ لَستُ أَسْمَعُهُ | |
|
| إِنّ المُحِبَّ عن العُذّالِ في صَمَم |
|
فَكَم طَلائِعِ إِنْذارٍ وَكَم رُسُلِ | |
|
| بَدَتْ بِفَوْدِي فَما أَقْصَرْنَ مِن أَمَلي |
|
فَكَيفَ تَطْمَعُ في رُشْدِي بِعَذْلِكَ لِي
|
إِنّي اتَّهَمْتُ نَصِيحَ الشَّيبِ في عَذَلي | |
|
| والشَّيبُ أبْعَدُ في نُصْحٍ عَن التُّهَمِ |
|
أَيْقَظْتُ نَفْسِي لاَُِخْراها فَما يَقِظَتْ | |
|
| وَواعِظُ المَوْتِ وافاها فَما وُعِظَتْ |
|
فَدَعْ زَواجِرَ لَوْمٍ مِنْكَ قَد غَلُظَتْ
|
فَإِنَّ أَمّارَتي بِالسُوءِ ما اتَّعَظَتْ | |
|
| مِن جَهلِها بِنَذِيرِ الشَّيْبِ والهَرَمِ |
|
واهَاً لَها بِالتَّصابِي قَضَّتِ العُمُرا | |
|
| وَما أَصاخَتْ لِمَولاها بِما أَمَرا |
|
ولا اسْتَعَدَّتْ لزادٍ إِذْ نَوَتْ سَفرا
|
ولا أَعَدَّتْ مِن الفِعْلِ الجَميلِ قِرَى | |
|
| ضَيْفٍ أَلَمَّ بِرَأْسِي غَيرَ مُحْتَشِمِ |
|
يُبَشِّرُ المَرْءَ لَو أَصْغَى وَيُنْذِرُهُ | |
|
| فِي ما يُرَجِّيهِ في العُقْبَى وَيَحْذَرُهُ |
|
فَساءَ عِنْدِي لِسُوءِ الفِعْلِ مَنْظرُهُ
|
لَو كُنْتُ أَعْلَمُ أَنّي ما أُوَقِّرُهُ | |
|
| كَتَمْتُ سِرّاً بَدا لي مِنهُ بِالكَتَمِ |
|
فَيا لَنَفْسٍ تَمادَتْ في عَمايَتِها | |
|
| واسْتَبْدَلَتْ بِضَلالٍ مِن هِدايَتِها |
|
فَما احْتِيالي وَقَدْ نَدَّتْ لِغايَتها
|
مَن لِي بِرَدِّ جِماحٍ مِن غَوايَتِها | |
|
| كَما يُرَدُّ جِماحُ الخَيْلِ بِاللُّجُمِ |
|
نَبَتْ فَضَيَّعَتِ الدُّنيا بِنَبْوَتِها | |
|
| وَمُذ كَبَتْ ضاعَتِ الاَُخْرَى بِكَبْوَتِها |
|
فَإِنْ تُرِدْ رَدَّها عَن غيِّ صَبْوَتِها
|
فَلا تَرُمْ بِالمَعاصِي كَسْرَ شَهْوَتِها | |
|
| إنّ الطَّعامَ يُقَوِّي شَهْوَةَ النَّهِمِ |
|
فَلا تَذَرْها عَلى ما تَشْتَهِي هَمَلا | |
|
| فَرُبَّ شَهْوَةِ نَفْسٍ قَرَّبَتْ أَجَلا |
|
فَالنَّفْسُ طَوْعُ الفَتَى إِنْ جارَ أَوْ عَدَلا
|
فَالنَّفْسُ كَالطِّفْلِ إِنْ تُهْمِلْهُ شَبَّ عَلى | |
|
| حُبِّ الرَّضاعِ وإِنْ تَفْطِمْهُ يَنْفَطِمِ |
|
أَسْخَطْتَ رَبَّكَ في ما كُنْتَ مُقْصِيَهُ | |
|
| مِن صالِحٍ وَقَبِيحٍ رُحْتَ مُدْنِيَهُ |
|
فَإِنْ تُرِدْ أَنْ يَراكَ اللهُ مُرْضِيَهُ
|
فَاصْرِفْ هَواها وَحاذِرْ أَنْ تُوَلِّيَه | |
|
| إِنّ الهَوَى ما تَوَلَّى يُصْمِ أَو يَصِم |
|
لا تَغْترِرْ بِهُداها فَهْيَ رائِمَةٌ | |
|
| لِلْغَيِّ طَبْعَاً وَلِلاََْسْواءِ سائِمَة |
|
فَافْطُنْ لَها وَهْيَ بِالطَّاعاتِ قائِمَةٌ
|
وَراعِها وَهْيَ في الاََعْمالِ سائِمَة | |
|
| وإِنْ هِيَ اسْتَحْلَتِ المَرْعَى فلا تُسِمِ |
|
كَم خاتَلَتْكَ وما زَالَتْ مُخاتِلَةًِ | |
|
| تُولِيْكَ قَطْعَاً تَراها فِيهِ واصِلَةِ |
|
كَم زَيَّنَتْ عِزَّةً بِالذُّلِّ شامِلَةًِ
|
كَم حَسَّنَتْ لَذَّةً لِلمَرْءِ قاتِلَةً | |
|
| مِن حَيثُ لَم يَدْرِ أَنَّ السُّمَّ في الدَّسَمِ |
|
لا خَيْرَ في طَمَعٍ يُفْضِي إِلى طَبَعٍ | |
|
| وَمَنْظَرٍ حَسَنٍ ذِي مَخْبَرٍ شَنِعٍ |
|
فَساوِ حَالَيْكَ مِن يَأْسٍ وَمِن طَمَع
|
واخْشَ الدَّسائِسَ من جُوعٍ ومن شِبَع | |
|
| فَرُبَّ مَخْمَصَةٍ شَرٌّ من التّخَمِ |
|
بَرَتْكَ نَفْسٌ مِن الاََدْواءِ ما بَرِئَتْ | |
|
| وَلا انْبَرَتْ لِشِفاءٍ قَطُّ مُذ بُرِئَت |
|
فَانْهَضْ إِلى بُرْئِها لَو أَنَّها بَرِئَت
|
واسْتَفْرِغِ الدَمْعَ مِن عَيْنٍ قد امْتَلاَََت | |
|
| مِن المَحارِمِ وَالْزَمْ حِمْيَةَ النَدَمِ |
|
رَمَتْكَ مِنْكَ عُداةٌ أَقْصَدَتْكَ فَما | |
|
| أَبْقَتْ بِقَلْبِكَ بَعْدَ اليَوْمِ غَيْرَ ذَما |
|
فَكُنْ بِطاعَةِ مَن أَنْشاكَ مُعْتَصِما
|
وَخالِفِ النَّفْسَ والشَّيطانَ وَاعْصِهِما | |
|
| وإِنْ هُما مَحَضاكَ النُّصْحَ فَاتَّهِمِ |
|
فَكَمْ أَبادَا بِكَيْدٍ مِنْهُما أُمَمَا | |
|
| وَنَكَّسَا مِن أَخِي عِلْمٍ بِهِ عَلَما |
|
فَلا تَكُنْ لهُما في حَالَةٍ سَلَمَا
|
وَلا تُطِعْ مِنْهُما خَصْمَاً ولا حَكَما | |
|
| فَأَنْتَ تَعْرِفُ كَيدَ الخَصْمِ والحَكَمِ |
|
فَاعْجَبْ لآِمِرِ قَوْمٍ غَيْرِ مُمْتَثِلٍ | |
|
| وَعاذِلٍ عن هَواهُ غَيْرِ مُنْعَذِلٍ |
|
كم قَد نَصَحْتُ وَكَم في القَلْبِ مِن دَغَلٍ
|
أَسْتَغْفِرُ اللهَ مِن قَوْلٍ بِلا عَمَلٍ | |
|
| لَقَد نسَبْتُ بِه نَسْلاًَ لِذِي عُقُمِ |
|
فَيا لَقَلْبٍ تَمادَى في تَقَلُّبِهِ | |
|
| يُؤَدِّبُ النَاسَ ساهٍ عَنْ تَأَدُّبِهِ |
|
أَوْجَبْتُ أَمْرَاً وَلَم أَعْمَلْ بِمُوجِبِه
|
أَمَرْتُكَ الخَيْرَ لكنْ ما اأْتَمَرْتُ بِهِ | |
|
| وما اسْتَقَمْتُ فَما قَولي لكَ اسْتَقمِ |
|
أَفْنيْتُ أَيّامَ عُمْرِي الغَضِّ كامِلَةً | |
|
| وَلا أَرَى النَّفْسَ عَمّا ساءَ عادِلَة |
|
لَم أَثْنِ نَفْسَاً إِلى الآثامِ مائِلَة
|
وَلا تَزَوَّدْتُ قَبْلَ المَوْتِ نافِلَةَ | |
|
| وَلَم أُصَلِّ سِوَى فَرْضٍ وَلم أَصُمِ |
|
فَكَمْ سَهَرْتُ اللَّيالي في العُكُوفِ عَلى | |
|
| ما لَيْسَ يَنْفَعُ لا عِلْمَاً وَلا عَمَلاَ |
|
أَمَتُّ لَيْلي بِما لَمْ يَعْنِ مُشْتَغِلاَ
|
ظَلَمْتُ سُنَّةَ مَن أَحْيَى الظَّلامَ إِلى | |
|
| أَنِ اشْتَكَتْ قَدَماهُ الضُّرَّ مِن وَرَمِ |
|
كَمْ قَدْ تَعَرَّضَتِ الدُّنيا لَهُ فَلَوَى | |
|
| عَنْها العِنانَ وَما أَلْوَى لَها وَأَوَى |
|
وَكَمْ طَوَى كَشْحَهُ عَن لَذَّةٍ وَطَوَى
|
وَشَدَّ مِن سَغَبٍ أَحْشاءَهُ وطَوَى | |
|
| تَحْتَ الحِجارَةِ كَشْحَاً مُتْرَفَ الاََدَمِ |
|
تَطَلَّبَتْهُ وَحاشاهُ بِلا طَلَبٍ | |
|
| بِكُلِّ ما في كُنُوزِ الاََرْضِ مِن نَشَبٍ |
|
فَصَدَّ عَمّا بِها مِن زِبْرِجٍ كَذِبٍ
|
وَراوَدَتْهُ الجِبالُ الشُّمُّ مِن ذَهَبٍ | |
|
| عَن نَفْسِهِ فأَراها أَيَّما شَمَمِ |
|
جَفَتْهُ لِلزُّهْدِ في الدُّنيا عَشِيرَتُهُ | |
|
| فَما عَدَتْ خِيْرَةَ الرَّحمنِ خِيْرَتُهُ |
|
قَد بَصَّرَتْهُ بِما فِيها بَصِيرَتُه
|
وَأَكَّدَتْ زُهْدَهُ فِيها ضَرُورَتُهُ | |
|
| إِنَّ الضَّرُورَةَ لا تَعْدُو على العِصَمِ |
|
كَم صَدَّ عَن زَهْرَةٍ في رَوْضَةٍ وَفَنَنْ | |
|
| عِلْمَاً بِتِلْكَ الرِّياضِ الخُضْرِ خُضْرَ دِمَنْ |
|
لَم يَدْعُهُ نَحْوَها ضُرٌّ وَطُولُ شَجَن
|
وَكَيْفَ تَدْعُو إِلى الدُّنيا ضَرُورَةُ مَنْ | |
|
| لَولاهُ لم تَخْرُجِ الدُّنيا مِن العَدَمِ |
|
لَوَتْ بِمَنْسَبِهِ الاََنْسابَ آلُ لُؤَيْ | |
|
| وَاسْتَقْصَتِ المَجْدَ وَالعَلْياءَ آلُ قُصَيْ |
|
وَكَم مَحا عَن صَرِيحِ الحَقِّ شُبْهَةَ غَي
|
مُحمَّدٌ سَيّدُ الكَوْنَيْنِ وَالثَقَلَيْ | |
|
| نِ والفَرِيقيْنِ مِن عُرْبٍ ومِن عَجَمِ |
|
كَم في نَعَمْ قَد أُفِيضَتْ مِن يَدَيهِ يَدٌِ | |
|
| وَكَم تَنَزَّهَ في لا واحِدٌ أَحَدِ |
|
أَتَى بِأَمْرَينِ كُلٌّ مِنْهُما رَشَدِ
|
نَبِيُّنا الآمِرُ النَّاهِي فَلاَ أَحَدِ | |
|
| أَبَرَّ في قَولِ لا مِنهُ ولا نَعَمِِ |
|
هُوَ الشَفِيعُ لِمَنْ قَلَّتْ بِضاعَتُهُ | |
|
| في الصّالِحاتِ وَمَن طالَتْ إِضاعَتُهُ |
|
فَاعْدُدْهُ لِلْهَوْلِ إِنْ هَالَتْ فَظاعَتُهُ
|
هُوَ الحَبِيبُ الّذِي تُرْجَى شَفاعَتُه | |
|
| لكلِّ هَوْلٍ من الاََهوالِ مُقْتَحَمِ |
|
دَعا فَجَلَّى العَمَى عَن وَجْهِ مَذْهَبِهِ | |
|
| كَما جَلاَ البَدْرُ لَيْلاًَ جُنْحَ غَيْهَبِهِ |
|
دَعا فَفازَ مُلَبِّيهِ بِمَطْلَبِه
|
دَعا إِلى اللهِ فَالمُسْتَمْسِكُونَ بِه | |
|
| مُستَمْسِكُونَ بحَبْلٍ غيرِ مُنْفَصِمِ |
|
كَم مِن نَبِيٍّ مَع المُختارِ مُتَّفَقٍ | |
|
| في البَعْثِ مُخْتَلِفٍ في الفَضْلِ مُفْتَرِقٍ |
|
فَيا نَبِيّاً بَفَضْلٍ فيه مُتَّسِقٍ
|
فاقَ النَّبِيِّينَ في خَلْقٍ وَفي خُلُق | |
|
| ولم يُدانُوه في عِلْمٍ ولا كَرَمِ |
|
بِهِ أَضاءَ لِمُوسَى في الدُّجَى قَبَسٌ | |
|
| فَالبَحْرُ مُنْفَلِقٌ وَالماءُ مُنْبَجِسٌ |
|
والكُلُّ مِن نُورِهِ لِلنُّورِ مُقْتَبِسٌ
|
وَكُلُّهُمْ مِن رَسُولِ اللهِ مُلْتَمِسٌ | |
|
| غَرْفاً من البَحْرِ أَو رَشْفَاً مِن الدِّيَم |
|
هُوَ المَثابَةُ إِن طافُوا أَوِ الْتَزَمُوا | |
|
| فَالبَعْضُ مُلْتَمِسٌ وَالبَعْضُ مُسْتَلِمُ |
|
فَهُمْ قإِعْلانُهُ وَفْقَ مَا تُخْفِي سَرِيرَتُهُ
|
|
| من نقطة العلم او من شكله الحكم |
|
إعلانه وفق ما تخفي سريرته | |
|
| وَسِيرَةُ اللهِ فِي ما شاءَ سِيرَتُهُ |
|
فَهْوَ الصَّفِيُّ لِبارِيهِ وَخِيرَتُهُ
|
وَهْوَ الّذِي تَمَّ مَعْناهُ وَصُورَتُهُ | |
|
| ثُمّ اصْطَفاهُ حَبِيبَاً بارِىَُ النَّسَمِ |
|
إِنْ قالَ فَالدُّرُّ يَزْهُو في مَعادِنِهِ | |
|
| أَو جالَ فَاللَّيْثُ يَسْطُو في بَراثِنِهِ |
|
مُبَرَّأٌ في عُلاهُ عَن مَوازِنِهِ
|
مُنَزَّهٌ عَن شَرِيكٍ في مَحاسِنِهِ | |
|
| فَجَوْهَرُ الحُسْنِ فيهِ غَيرُ مُنْقَسِمِ |
|
كَم حارَ في كُنْهِ مَعْنَى ذاتِهِ أُمَمُ | |
|
| فَالبَعْضُ فِيه هُدُوا وَالبَعْضُ عَنْهُ عَمُوا |
|
فَدَعْ مَقالَةَ مَن زَلَّتْ بِهِ القَدَم
|
دَعْ ما ادَّعَتْهُ النَصارَى في نَبِيِّهِمُ | |
|
| وَاحْكُمْ بِما شِئْتَ مَدْحَاً فيهِ واحْتَكِمِ |
|
فَكَمْ نَوابِغَ آياتٍ وَكَم صُحُفٍ | |
|
| تُرْوَى لَهُ خَلَفَاً في المَجْدِ عَن سَلَف |
|
فَانْسِجْ لاََِمْداحِهِ ما شِئْتَ مِن تُحَف
|
وانْسِبْ إِلى ذاتِهِ ما شِئْتَ مِن شَرَفٍ | |
|
| وانْسِبْ إِلى قَدْرِهِ ما شِئْتَ مِن عِظَمِ |
|
كَفاهُ ما مِن مَزِيدِ الفَضْلِ خَوَّلَهُ | |
|
| مَن لِلْوَرَى بِالهُدَى وَالحَقِّ أَرْسَلَهُ |
|
فَما مَقالُ امْرِىٍَ بِالمَدْحِ بَجَّلَه
|
فَإِنَّ فَضْلَ رَسُولِ اللهِ لَيْسَ لَهُ | |
|
| حَدٌّ فَيُعْرِبَ عَنهُ ناطِقٌ بَفَمِ |
|
كَم آيَةٍ نَكَّسَتْ مِن جاحِدٍ عَلَما | |
|
| قَد جَلَّ عَنْ قَدْرِها قَدْرَاً وَجَلَّ سُما |
|
كَي لا تَضِلَّ بِه لَو ناسَبَتْ أُمَمَا
|
لَو ناسَبَتْ قَدْرَهُ آياتُهُ عِظَمَا | |
|
| أَحْيَى اسْمُهُ حينَ يُدْعَى دارِسَ الرِّمَمِ |
|
وَافَى بأَعْجَبِ بُرْهانٍ وَأَغْرَبِهِ | |
|
| يَرُدُّ في صِدْقِهِ دَعْوَى مُكَذِّبِهِ |
|
وَمُذْ دَعانا إِلى أَوْضاحِ مَذْهَبِه
|
لَمْ يَمْتَحِنّا بِما تَعْيَى العُقُولُ بِه | |
|
| حِرْصَاً عَلينا فَلَم نَرْتَبْ ولم نَهِم |
|
دَنا فَشَطَّ فَأَعْيَى كُنْهُهُ البَشَرَا | |
|
| فَما أَحاطَ بِمَعْناهُ امْرُؤٌ وَدَرَى |
|
وَكُلَّما أَمْعَنُوا في ذاتِهِ نَظَرَا
|
أَعْيَى الوَرَى فَهْمُ مَعناهُ فَلَيْسَ يُرَى | |
|
| لِلقُرْبِ والبُعْدِ فيه غيرُ مُنْفَحِمِ |
|
دَانِي التَّواضُعِ سامِي المَجْدِ ذُو حِيَدٍ | |
|
| فَالنَّفْسُ في صَبَبٍ والمَجْدُ في صَعَدٍ |
|
فَاعْجَبْ لِمُقْتَرِبٍ لِلعَيْنِ مُتَعِدٍ
|
كَالشَّمْسِ تَظْهَرُ لِلعَيْنَيْنِ مِن بُعُدٍ | |
|
| صَغِيرَةً وَتُكِلُّ الطَرْفَ مِن أَمَمِ |
|
قَدْ هَذَّبَ اللهُ إِعظامَاً خَلِيفَتَهُ | |
|
| وَلَم يُنَبِّهْ لِمَعْناهُ خَلِيقَتَهُ ِ |
|
فَكَيفَ يَبْلُغُ ذُو جُهْدٍ طَرِيقَتَهُِ
|
وَكَيفَ يُدْرِكُ في الدُّنْيا حَقِيقَتَهُِ | |
|
| قومٌ نِيامٌ تَسَلَّوْا عنه بِالحُلُمِِ |
|
كَم قَدْ تَعمَّقَ في إِدْراكِهِ نَظَرٌ | |
|
| وَأُعْمِلتْ مِن ذَوِي فِكْرٍ بِهِ فِكَر |
|
فما تَجَدَّدَ لا عِلْمٌ ولا خَبَر
|
فَمَبْلَغُ العِلْمِ فِيهِ أَنَّهُ بَشَرٌ | |
|
| وأَنَّهُ خَيرُ خَلْقِ اللهِ كُلِّهِمِ |
|
كَم جاءَتِ الرُّسُلُ الاَُولَى لِمَطْلَبِها | |
|
| بِحُجَّةٍ شَعْشَعَتْ أَنوارَ مَذْهَبِها |
|
فَكانَ مِن نُورِهِ إِشْراقُ كَوْكَبِها
|
وَكُلُّ آيٍ أَتَى الرُّسْلُ الكِرامُ بِها | |
|
| فَإِنَّما اتَّصَلَتْ مِن نُورِهِ بِهِمِ |
|
هُمُ النُّجُومُ بِهِمْ تُجْلَى غَياهِبُها | |
|
| ما حَجَّبَ الشَّمْسَ عَن عَيْنٍ مَغارِبُها |
|
فَلا يُقاسُ بِنُورٍ مِنْهُ ثاقِبُها
|
فَإِنَّهُ شَمْسُ فَضْلٍ هُمْ كَواكِبُها | |
|
| يُظْهِرْنَ أَنوارَها لِلناسِ في الظُلَمِ |
|
كَم شَقَّ جَيْبَ الدُّجَى مِن نُورِهِ فَلَقٌ | |
|
| وَعَبَّقَ الكَوْنَ مِن أَخْلاقِهِ عَبقٌ |
|
فَالخَلْقُ وَالخُلْقُ كُلٌّ فِيهِ مُتَّسِقٌ
|
أَكْرِمْ بِخَلْقِ نَبِيٍّ زانَهُ خُلُق | |
|
| بِالحُسْنِ مُشْتَمِلٍ بِالبِشْرِ مُتَّسِمِ |
|
خُلْقٌ وَخَلْقٌ وَكُلٌّ أَيُّ مُؤْتَلِفٍ | |
|
| جُودٌ وَبَأْسٌ وَكُلٌّ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ |
|
فَيا لَمَوْلَى بِكُلِّ الفَضْلِ مُتَّصِفٍ
|
كالزَّهْرِ في تَرَفٍ والبدْرِ في شَرَف | |
|
| والبَحْرِ في كَرَمٍ والدَّهرِ في هِمَمِ |
|
عَلى أَسارِيرِهِ سِيما بَسالَتِه | |
|
| تَلُوحُ كَالبَدْرِ يَزْهُو وَسْطَ هَالَتِه |
|
لَم يَبْدُ إِلاّ وَفَرُّوا مِن مَهابَتِهِ
|
كَأَنَّهُ وَهْوَ فَرْدٌ في جَلالَتِهِ | |
|
| في عَسْكَرٍ حِينَ تَلقاهُ وفي حَشَمِ |
|
كَم بِالمَقالِ جَلاَ لِلرَّيْبِ مِن سُدَفٍ | |
|
| وَبِابْتِسامٍ مَحا لِلَّيْلِ مِن سُجُفٍ |
|
فَاللَّفْظُ وَالثَّغْرُ دُرٌّ أَيُّ مُرْتَصِف
|
كَأَنَّما اللُّؤْلُؤُ المَكْنُونُ في صَدَفٍ | |
|
| مِن معْدِنَي مَنْطِقٍ مِنهُ ومُبْتَسَمِ |
|
فَلُذْ بِقَبْرٍ بِهِ الرَّحْمنُ أَكْرَمَهُ | |
|
| وَمِثْلَ تَحْرِيمِهِ لِلْبَيْتِ حَرَّمَهُ |
|
وَالْثِمْ ثَرَى رَمْسِهِ إِنْ نِلْتَ مَلْثَمَهُ
|
لا طِيْبَ يَعْدِلُ تُرْبَاً ضَمَّ أَعْظُمَهُ | |
|
| طُوبَى لِمُنْتَشِقٍ مِنهُ ومُلْتَثِمِ |
|
قَدْ شَقَّ مِيلادُهُ إِصْباحَ مَفْخَرِهِ | |
|
| عَن واضِحِ المَجْدِ سامِي الجَدِّ أَزْهَرِهِ |
|
وَمُنْذُ بانَ الهُدَى مِن حِينِ مَظْهَرِهِ
|
أَبانَ مَوْلِدُهُ عَن طِيبِ عُنْصُرِهِ | |
|
| يا طِيبَ مُبْتَدَأٍ مِنهُ ومُخْتَتَمِ |
|
يَوْمٌ بِهِ نالَ أَهْلُ الحَقِّ أَمْنَهُمُ | |
|
| مِن خَوْفِهِمْ وَأَحَقَّ اللهُ ظَنَّهُمُ |
|
يَوْمٌ تَبَيَّنَ فِيهِ الرُّومُ وَهْنَهُمُ
|
يَوْمٌ تَفَرَّسَ فِيهِ الفُرْسُ أَنَّهُمُ | |
|
| قَدْ أُنْذِرُوا بِحُلُولِ البُؤْسِ والنِّقَمِ |
|
كَم ضاقَ فِيهِمْ مِن الاََقْطارِ مُتَّسِعٌ | |
|
| فَالكُلُّ مِنْهُمْ شَجٍ مِمّا عَرَى جَزِعٌ |
|
فَظَلَّ كِسْرَى لَدَيْهِمْ وَهْوَ مُنْقَطِعٌ
|
وباتَ إِيوانُ كِسْرَى وَهْوَ مُنْصَدِعٌ | |
|
| كَشَمْلِ أَصْحابِ كِسْرَى غَيْرَ مُلْتَئِمِ |
|
فَكم هَوَتْ مِنهُ نَحْوَ الاََرْضِ مِن شُرَفٍ | |
|
| هَوَتْ بِشامِخِ ما لِلفُرْسِ مِن شَرَفٍ |
|
فَالجَوُّ مُضْطَرِبُ الاََرْجاءِ مِن دَنَفٍ
|
والنّارُ خامِدَةُ الاََنْفاسِ مِن أَسَفٍ | |
|
| عَلَيهِ والنَّهْرُ ساهِي العَيْنِ من سَدَمِ |
|
لَقَد تَمادَتْ عَلَى الكُفّارِ حَيْرَتُها | |
|
| إِذْ لَم تُفِدْها لِغَوْرِ الماءِ غَيْرَتُها |
|
قَدْ غَمَّها أَنْ خَبَتْ عَنْها نُوَيْرَتُها
|
وَساءَ سَاوَةَ أَنْ غَاضَتْ بُحَيْرَتُها | |
|
| وَرُدَّ وارِدُها بِالغَيْظِ حِيْنَ ظَمِي |
|
فَالنّارُ وَالماءُ مِن خَوْفٍ وَمِن وَجَلٍ | |
|
| قَدْ حالَ عَن طَبْعِهِ كُلٌّ إِلى بَدَلٍ |
|
فَالنارُ في صَرَدٍ والماءُ في غَلَلٍ
|
كَأَنَّ بِالنّارِ ما بِالماءِ مِن بَلَلٍ | |
|
| حُزْناً وبِالماءِ ما بِالنّارِ مِن ضَرَمِ |
|
آياتُ حَقٍّ لاََِهْلِ الزَّيْغِ قامِعَةٌ | |
|
| مِنها بُرُوقُ الهُدَى في الكَوْنِ لامِعَةٌ |
|
فَالاِِنْسُ تَلْهَجُ والاََمْلاكُ صادِعَةٌ
|
والجِنُّ تَهْتِفُ وَالاََنْوارُ ساطِعَةٌ | |
|
| والحَقُّ يَظْهَرُ مِن مَعْنىً وَمِن كَلِمِ |
|
كَم بُشِّرُوا لَو يُلَقَّوْنَ الهُدَى بِنِعَمْ | |
|
| وَأُنْذِرُوا لَو يُوَقَّوْنَ الرَّدَى بِنِقَمْ |
|
لكِنَّهُمْ مِن عَمىً لَجُّوا بِهِ وَصَمَمْ
|
عَمُوا وَصَمُّوا فَإِعْلانُ البَشائِرِ لَمْ | |
|
| يُسْمَعْ وبارِقَةُ الاِِنْذارِ لَمْ تُشَمِ |
|
أَبْدَى لَهُمْ نَبَأَ الاََصْنامِ سادِنُهُمْ | |
|
| لَمّا هَوَتْ فَخَوَتْ مِنْها مَدائِنُهُمْ |
|
ضاقَتْ عَلى القَوْمِ في رَحْبٍ مَعاطِنُهُمْ
|
مِن بَعْدِ ما أَخْبَرَ الاََقْوامَ كاهِنُهُمْ | |
|
| بِأَنَّ دِيْنَهُمُ المُعْوَجَّ لَم يَقُمِ |
|
كَم كَذَّبُوا ما لَدَيْهِمْ فِيهِ مِن كُتُبٍ | |
|
| تَعَلُّلاًَ بِأَباطيلٍ لَهُمْ كَذِبٍ |
|
مِن بَعْدِ ما رَأَوُا الآياتِ مِن كَثَبٍ
|
وَبَعْدَ ما عايَنُوا في الاَُفْقِ مِن شُهُبٍ | |
|
| مُنْقَضَّةٍ وَفْقَ ما في الاََرْضِ مِن صَنَمِ |
|
هَوَتْ رُجُوماً فَوَجْهُ الوَحْيِ مُبْتَسِمٌ | |
|
| عَنْ أَبْلَجٍ مِنْهُ شَمْلُ الدِّينِ مُنْتَظِمٌ |
|
فَكُلُّ مُسْتَرِقٍ لِلسَمْعِ مُنْقَصِمٌ
|
حَتّى غَدا عَن طَرِيقِ الوَحْيِ مُنْهَزِمٌ | |
|
| مِن الشَّياطِينِ يَقْفُو إِثْرَ مُنْهَزِمِ |
|
رُمُوا مِن النَّجْمِ مُنْقَضَّاً بِتُرَّهَةٍ | |
|
| قَد أَبْطَلَتْ إِذ أَطَلَّتْ كُلَّ تُرَّهَةٍ |
|
فَأَجْفَلُوا هَرَبَاً في كُلِّ مَهْمَهَةٍ
|
كَأَنَّهُمْ هَرَبَاً أَبْطالُ إِبْرَهَةٍ | |
|
| أَو عَسْكَرٌ بِالحَصَى مِن راحَتَيْهِ رُمِي |
|
بِهِ ابْنُ مَتَّى نَجا مِن بَعدِما الْتُقِما | |
|
| وَفِي يَدَيْهِ الحَصَى تَسْبِيحُهُ عُلِما |
|
لَم يَرْمِ لكِنَّما اللهُ العَظِيمُ رَمَى
|
نَبْذَاً بِهِ بَعْدَ تَسْبِيحٍ بِبَطْنِهِما | |
|
| نَبْذَ المُسَبِّحِ مِن أَحْشاءِ مُلْتَقِمِ |
|
كَم قَد هَدَى أُمَّةً ظَلَّتْ مُعانِدَةً | |
|
| وَكُلَّما قُرِّبَتْ ظَلَّتْ مُباعِدَةً |
|
ومُذ بَغَتْ آيَةً بِالصِدْقِ شاهِدَةً
|
جاءَتْ لِدَعْوَتِهِ الاََشْجارُ ساجِدَةً | |
|
| تَمْشِي إِلَيهِ على ساقٍ بِلا قَدَمِ |
|
جاءَتْ وَرَدَّتْ بِأَمْرٍ مِنْهُ وانْسَرَبَتْ | |
|
| فقالَ عُودِي فَعادَتْ مِثْلَما ذَهَبَتْ |
|
جاءَتْ إِلَيهِ تَخُطُّ الاََرْضَ وَاقْتَرَبَتْ
|
كَأَنَّما سَطَرَتْ سَطْرَاً لِما كَتَبَتْ | |
|
| فُرُوعُها مِن بَدِيعِ الخَطِّ في اللَّقَمِ |
|
لَقد دَعاها فَلَبَّتْهُ مُبادِرَةً | |
|
| فَرَدَّها مِثْلَما جاءَتْهُ صادِرَةً |
|
لو شاءَ كانَتْ لِعُلْياهُ مُسايِرَةً
|
مِثْلَ الغَمامَةِ أَنَّى سارَ سائِرَةً | |
|
| تَقِيهِ حَرَّ وَطِيسٍ لِلْهَجِيرِ حَمِي |
|
قَد شَقَّ عَنْ قَلْبِهِ البارِي فَجَلَّلَهُ | |
|
| نُورَاً وَبِالقَمَرِ المُنْشَقِّ بَجَّلَهُ |
|
فَلْيَهْنَأِ البَدْرُ ما الرَّحمنُ خَوَّلَهُ
|
أَقْسَمْتُ بِالقَمَرِ المُنْشَقِّ أَنَّ لَهُ | |
|
| مِن قَلْبِهِ نِسْبَةً مَبْرُورَةَ القَسَمِ |
|
وَما حَكَى اللهُ مِن فَضْلٍ لَهُ عَمَمٍ | |
|
| لَم يُحْصَ عَدَّاً بِقِرْطاسٍ وَلا قَلَمٍ |
|
وَما رَوَى الحَبْرُ مِن خِيمٍ وَمِن شِيَمٍ
|
وَما حَوَى الغارُ مِن خَيْرٍ وَمِن كَرَمٍ | |
|
| وَكُلُّ طَرْفٍ مِن الكُفّارِ عَنْهُ عَمِي |
|
أَقامَ لا وَجِلاًَ فِيهِ وَلا وَجِما | |
|
| أَجَلْ وَصاحِبُهُ مُسْتَشْعِرٌ سَدَما |
|
فَقالَ لا تَبْتَئِسْ فَاللهُ خَيْرُ حِمَى
|
فَالصِّدْقُ في الغارِ والصِّدِّيقُ لَم يَرِما | |
|
| وَهُمْ يَقُولُونَ ما بِالغارِ مِن أَرِمِ |
|
حامَ الحَمامُ بِبابِ الغارِ إِذْ دَخَلاَ | |
|
| وَالعَنْكَبُوتُ كَسَتْهُ نَسْجَها حُلَلاَ |
|
فَالقَوْمُ مِن حَيْرَةٍ ضَلُّوا بِها السُبُلاَ
|
ظَنُّوا الحَمامَ وَظَنُّوا العَنْكَبُوتَ عَلَى | |
|
| خَيْرِ البَرِيَّةِ لَم تَنْسِجْ ولَم تَحُمِ |
|
نَسْجُ العَناكِبِ أَقْوَى كُلِّ صارِفَةٍ | |
|
| لِلسُّوءِ عَن فِئَةٍ بِاللهِ عارِفَةٍ |
|
فَاسْتَغْنِ بِاللهِ في صَمّاءَ قاصِفَةٍ
|
وِقايَةُ اللهِ أَغْنَتْ عَن مُضاعَفَةٍ | |
|
| مِن الدُّرُوعِ وعَن عالٍ مِن الاَُطُمِ |
|
شَكَوْتُ دَهْرِي إِلَيهِ في تَقَلُّبِهِ | |
|
| فَكُنْتُ غَلاّبَ دَهْرِي في تَغَلُّبِهِ |
|
فَدَعْ زَمانِيَ يَضْوَى في تَعَتُّبِهِ
|
ما سامَنِي الدَّهْرُ ضَيْمَاً واسْتَجَرْتُ بِهِ | |
|
| إِلاّ وَنِلْتُ جِوارَاً مِنْهُ لم يُضَمِ |
|
فما شَكَوْتُ عَدُوَّاً في تَرَدُّدِهِ | |
|
| بِالكَيْدِ في يَوْمِهِ نَحْوِي وَفي غَدِهِ |
|
إِلاّ ثَنَى الكَيْدَ مِنْهُ في مُقَلَّدِهِ
|
وَلا الْتَمَسْتُ غِنَى الدارَيْنِ مِن يَدِهِ | |
|
| إِلاّ اسْتَلَمْتُ النَّدَى مِن خَيْرِ مُسْتَلَمِ |
|
يَنامُ مُنْتَبِهَاً لِلْوَحْيِ مُجْمَلَهُ | |
|
| وَعَى كَما قَد وَعَى مِنْهُ مُفَصَّلَهُ |
|
إِنْ تَعْرِفُوا ما بِهِ ذُو الوَحْيِ خَوَّلَهُ
|
لا تُنْكِرُوا الوَحْيَ مِن رُؤْياهُ إِنَّ لَهُ | |
|
| قَلْبَاً إِذا نامَتِ العَيْنانِ لَم يَنَمِ |
|
كَم في المَنامِ رَأَى مِن قَبْلِ دَعْوَتِهِ | |
|
| وَحْيَاً وَحِيَّاً أَتاهُ حَالَ غَفْوَتِهِ |
|
قَد كانَ بادِىََ بَدْءٍ مِن فُتُوَّتِهِ
|
فَذاكَ حِينَ بُلُوغٍ مِن نُبُوَّتِهِ | |
|
| فَكَيفَ يُنْكَرُ مِنهُ حالَ مُحْتَلِمِ |
|
أَعْظِمْ بِمَوْلىً لِوعيِ الوَحْيِ مُنْتَخَبٍ | |
|
| عَلى الغُيُوبِ أَمِينٍ غَيْرِ ذِي رِيَبٍ |
|
سُبْحانَ مَوْلىً لَهُ لِلْوَحْيِ مُنْتَجِبٍ
|
تَبارَكَ اللهُ ما وَحْيٌ بِمُكْتَسَبٍ | |
|
| وَلا نَبِيٌّ عَلى غَيْبٍ بِمُتَّهَمِ |
|
مَوْلىً مَحلُّ الهُدَى والرُّشْدِ ساحَتُهُ | |
|
| وباحَةُ الوَحْيِ والاََمْلاكِ باحَتُهُ |
|
كَمْ أَنْعَشَتْ مَيْتَ إِمْلاقٍ سَماحَتُهُ
|
كَمْ أَبْرَأَتْ وَصِبَاً بِاللَمْسِ راحَتُهُ | |
|
| وَأَطْلَقَتْ أَرِبَاً مِن رِبْقَةِ اللَّمَمِ |
|
مَوْلىً لَهُ مِن لُبابِ المَجْدِ صَفْوَتُهُ | |
|
| وَمِن مَنِيعٍ رَفِيعِ القَدْرِ صَهْوَتُهُ |
|
أَماتَت الكُفْرَ وَالتَضْلِيلَ دَعْوَتُهُ
|
وَأَحْيَتِ السَّنَةَ الشَهْباءَ دَعْوَتُهُ | |
|
| حَتّى حَكَتْ غُرَّةً في الاََعْصُرِ الدُّهُمِ |
|
دَعا فَجَلَّلَتِ الدُّنْيا بِغَيْهَبِها | |
|
| سَحائِبٌ قَد تَدَلَّى صَوْبُ صَيِّبِها |
|
ثَرَّتْ على الاََرْضِ مِن مُنْهَلِّ هَيْدَبِها
|
بِعارِضٍ جادَ أَو خِلْتَ البِطاحَ بِها | |
|
| سَيْبَاً مِن اليَمِّ أَو سَيْلاًَ مِن العَرِمِ |
|
كَم آيَةٍ لِذَوِي الاِِلْحادِ قَد قَهَرَتْ | |
|
| قَد حاوَلُوا سَتْرَها جَهْلاًَ فَما اسْتَتَرَتْ |
|
يا لائِمي في مَزايا مِنْهُ قَد بَهَرَتْ
|
دَعْنِي وَوَصْفِيَ آياتٍ لَهُ ظَهَرَتْ | |
|
| ظُهُورَ نارِ القِرَى لَيْلاًَ عَلى عَلَمِ |
|
دَعْني أُنَظِّمُ دُرَّاً سِمْطُهُ كَلِمٌ | |
|
| قَد أُحْكِمَتْ في مَبانِي لَفْظِهِ حِكَمٌ |
|
وَإِنْ تَساوَتْ بِحالَيْهِ لَهُ قِيَمٌ
|
فَالدُّرُّ يَزْدادُ حُسْنَاً وَهْوَ مُنْتَظِمٌ | |
|
| وَلَيْسَ يَنْقُصُ قَدْرَاً غَيْرَ مُنْتَظِم |
|
كم طارَ ذُو مِقْوَلٍ فيهِ فَما وَصَلاَ | |
|
| وَإِنْ تَجاوَزَ في زَعْمٍ لَهُ وَغَلاَ |
|
فَلْيَحْتَقِرْ مَدْحَهُ وَلْيَقْصُرِ الاََمَلاَ
|
فَما تَطاوُلُ آمالِ المديحِ إِلى | |
|
| ما فيهِ مِن كَرَمِ الاََخْلاقِ والشِّيَمِ |
|
عَن كُنْهِهِ السُّوَرُ العُظْمَى مُحَدِّثَةٌ | |
|
| وَلِلْمَزايا لَهُ والفَضْلِ مُورِثَةٌ |
|
قَدِيمُ فَضْلٍ لَهُ الآياتُ مُحْدِثَةٌ
|
آياتُ حَقٍّ مِن الرَّحمنِ مُحْدَثَةٌ | |
|
| قَدِيمَةٌ صِفَةَ المَوْصُوفِ بِالقِدَمِ |
|
جاءَتْ تُبَشِّرُنا طَوْرَاً وَتُنْذِرُنا | |
|
| حِرْصاً عَلَيْنا وَبِالعُقْبَى تُبَصِّرُنا |
|
وَمِن مَصارِعِ عادٍ كَمْ تُحَذِّرُنا
|
لَم تَقْتَرِنْ بزمانٍ وَهْيَ تُخْبِرُنا | |
|
| عَنِ المَعادِ وعَن عادٍ وعَن إِرَمِ |
|
أَعْظِمْ بِمُعْجِزَةٍ لِلْوَعْدِ مُنْجِزَةٍ | |
|
| وَفِيَّةٍ بِالمَعانِي الغُرِّ مُوْجَزَةٍ |
|
لِمِلَّةِ الحَقِّ ما دامَتْ مُعَزِّزَةٍ
|
دامَت لَدَيْنا فَفاقَتْ كُلَّ مُعْجِزَةٍ | |
|
| مِن النَّبِيِّينَ إِذ جاءَتْ وَلَم تَدُم |
|
آياتُ صِدْقٍ سَمَتْ في الصِّدْقِ عَن شُبَهٍ | |
|
| كم نَبَّهَتْ مِن غَوِيٍّ غَيْرِ مُنْتَبِهٍ |
|
مُبَيّناتٌ فما حَقٌّ بِمُشْتَبِهٍ
|
مُحَكّماتٌ فما يُبْقِينَ مِن شُبَهٍ | |
|
| لِذِي شِقاقٍ ولا يَبْغِيْنَ مِن حَكَمٍ |
|
كَم قد تَجَلَّتْ بِها لِلرَّيْبِ مِن رِيَبٍ | |
|
| وكم بِصِدْقٍ بها رَدَّتْ أَخا كَذِبٍ |
|
ما غُولِبَتْ عَوْضُ إِلاّ وَهْيَ في غَلَبٍ
|
ما حُورِبَتْ قَطُّ إِلاّ عادَ مِن حَرَبٍ | |
|
| أَعْدَى الاََعادِي إِلَيْها مُلْقِيَ السَلَمِ |
|
كَم رامَ ذُو فِطْنَةٍ دَرْكَاً لِغامِضِها | |
|
| فَخاضَ في لُجَّةٍ أَوْدَتْ بِخائِضِها |
|
وَكُلَّما عارَضُوها في مُناقِضِها
|
رَدَّتْ بَلاغَتُها دَعْوَى مُعارِضِها | |
|
| رَدَّ الغَيُورِ يَدَ الجانِي عَنِ الحَرَمِ |
|
فَكَم يَنابِيعَ مِن هَدْيٍ وَمِن رَشَدٍ | |
|
| رَوَتْ بِرَيِّقِها المُخْضَلِّ قَلْبَ صَدٍ |
|
أَلفاظُ دُرٍِّ كَعِقْدِ النَّجْمِ مُطَّرِدٍ
|
لَها مَعانٍ كَمَوْجِ البَحْرِ في مَدَدٍ | |
|
| وَفَوقَ جَوْهَرِهِ في الحُسْنِ والقِيَمِ |
|
جاءَتْ وَقَد طَمَّتِ الدُّنْيا غَياهِبُها | |
|
| جَهْلاًَ فَجَلَّى ظَلامَ الجَهْلِ ثاقِبُها |
|
عَجائِبٌ ضَلَّ عنها الدَّهْرَ حاسِبُها
|
فَما تُعَدُّ ولا تُحْصَى عَجائِبُها | |
|
| وَلا تُسامُ عَلى الاِِكْثارِ بِالسَأَمِ |
|
نُورٌ مِن اللهِ لِلتِّبْيانِ أَنْزَلَهُ | |
|
| عَلى نَبِيِّ هُدىً بِالحَقِّ أَرْسَلَهُ |
|
وَمُذْ تَلاَ ما تَلاَ مِنها وَرَتَّلَهُ
|
قَرَّتْ بِها عَيْنُ قَارِيها فَقُلْتُ لَهُ | |
|
| لَقَد ظَفِرْتَ بِحَبْلِ اللهِ فَاعْتَصِمِ |
|
كَم أَيْقَظَتْ لو دَعَتْ لَمّا دَعَتْ يَقِظا | |
|
| واسْتَحْفَظَتْ لو أَصابَتْ مَن لها حَفِظا |
|
فَكُنْ بِوَعْظٍ لَها إِنْ تَتْلُ مُتَّعِظا
|
إِن تَتْلُها خِيْفَةً مِن حَرِّ نارِ لَظَى | |
|
| أَطْفَأْتَ حَرَّ لَظَىً مِن وِرْدِها الشَبِمِ |
|
كَم فازَ ذُو مَطْلَبٍ مِنها بِمَطْلَبِهِ | |
|
| وَأَطْلَعَتْ بَدْرَهُ مِن بَعْدِ مَغْرِبِهِ |
|
كَم أَزْهَرَتْ وَجْهَ عاصٍ بَعْدَ غَيْهَبِهِ
|
كَأَنَّها الحَوْضُ تَبْيَضُّ الوُجُوهُ بِهِ | |
|
| مِنَ العُصاةِ وَقَد جاؤُوهُ كَالحُمَمِ |
|
جاءَتْ نُجُومَاً لِتالِيها مُنَزَّلَةً | |
|
| مُبَيَّناتٍ لِواعِيها مُفَصَّلَةً |
|
كَالشَّمْسِ نُوراً وَكَالعَيُّوقِ مَنْزِلَةً
|
وَكَالصِّراطِ وَكَالمِيزانِ مَعْدِلَةً | |
|
| فَالْقِسْطُ مِن غَيْرِها في الناسِ لَم يَقُمً |
|
تَطَلَّعَتْ والحَسُودُ الغَمْرُ يَسْتُرُها | |
|
| بَغْيَاً وَقَد شَعْشَعَ الاََكْوانَ نَيِّرُها |
|
فَما عَلَيكَ إِذا ما ضَلَّ مُنْكِرُها
|
لا تَعْجَبَنْ لِحَسُودٍ راحَ يُنْكِرُها | |
|
| تَجاهُلاًَ وَهْوَ عَيْنُ الحاذِقِ الفَهِمِ |
|
إِن أَنْكَرَ الصُّبْحَ ذُو حَيْفٍ وَذُو أَوَدٍ | |
|
| فَالصُّبْحُ لَم يَخْفَ في حالٍ عَلَى أَحَدٍ |
|
قَد يُنْكِرُ الفَضْلَ أَهْلُ الجَهْلِ مِن حَسَدٍ
|
قَد تُنْكِرُ العَيْنُ ضَوْءَ الشَّمْسِ مِن رَمَدٍ | |
|
| وَيُنْكِرُ الفَمُ طَعْمَ الماءِ مِن سَقَمِ |
|
يا خَيْرَ مَن أَمَّلَ الرَّاجِي سَماحَتَهُ | |
|
| وَمَن لِجَدْواهُ مَدَّ الغَيْثُ راحَتَهُ |
|
يا مَن بِه يَجِدُ المَكْرُوبُ راحَتَهُ
|
يا خَيْرَ مَن يَمَّمَ العافُونَ ساحَتَهُ | |
|
| سَعْيَاً وَفَوقَ مُتُونِ الاََيْنُقِ الرُّسُمِ |
|
يا مَن هُوَ النَّصْرُ في الدُنْيا لِمُنْتَصِرٍ | |
|
| ومَن هُوَ الذُّخْرُ في الاَُخْرَى لِمُدَّخِرٍ |
|
يا مَن هُوَ الحُجَّةُ العُلْيا لِمُزْدَجِرٍ
|
ومَن هُوَ الآيَةُ الكُبْرَى لِمُعْتَبِرٍ | |
|
| ومَن هُوَ النِّعْمَةُ العُظْمَى لِمُغْتَنِمِ |
|
مَلاَتَ مِن سَيْبِ ما أَوْعَيْتَ مِن كَرَمٍ | |
|
| شِعابَ مَكَّةَ مِن فَرْعٍ إِلى قَدَمٍ |
|
وَمُذْ دُعِيتَ لِمَرْقىً أَيِّ مُحْتَرَمٍ
|
سَرَيْتَ مِن حَرَمٍ لَيْلاًَ إِلى حَرَمٍ | |
|
| كَما سَرَى البَدْرُ في داجٍ مِن الظُلَمِ |
|
هَوَتْ لاِِسْرائِكَ الاَمْلاكُ مُنْزَلَةً | |
|
| واسْتَقْبَلَتْكَ رِياحُ اللُّطْفِ مُقْبِلَةً |
|
ولَم تَزَلْ لَكَ نَحْوَ القُدْسِ مُوصِلَةً
|
وَبِتَّ تَرْقَى إِلى أَنْ نِلْتَ مَنْزِلَةً | |
|
| مِن قابِ قَوْسَيْنِ لَم تُدْرَكْ وَلَم تُرَمِ |
|
في لَيْلَةٍ بِكَ جَلَّتْ جُنْحَ غَيْهَبِها | |
|
| إِذ نُبْتَ عَن بَدْرِها فيها وَكَوْكَبِها |
|
خَرَّتْ لِعَلْياكَ مِن عُلْوِيِّ مَرْقَبِها
|
وَقَدَّمَتْكَ جَمِيعُ الاََنْبِياءِ بِها | |
|
| والرُّسْلِ تَقْدِيمَ مَخْدُومٍ عَلى خَدَمِ |
|
تَقَرَّبُوا بِكَ زُلْفَى في تَقَرُّبِهِمْ | |
|
| بِخِدْمَةٍ لَكَ أَدْنَتْهُمْ لِمَطْلَبِهِمْ |
|
قَد كُنْتَ إِذ أَوْكَبُوا بَدْرَاً لِمَوْكِبِهِمْ
|
وَأَنْتَ تَخْتَرِقُ السَّبْعَ الطِّباقَ بِهِمْ | |
|
| في مَوْكِبٍ كُنْتَ فيهِ صاحِبَ العَلَمِ |
|
ما زِلْتَ مِن أُفُقٍ تَرْقَى إِلى أُفُقٍ | |
|
| مُجاوِزَاً طَبَقَاً لِلْقُرْبِ عَن طَبَقٍ |
|
شَأَوْتَ كُلَّ أَخِي سَبْقٍ بِمُسْتَبَقٍ
|
حَتّى إِذا لَم تَدَعْ شَأْوَاً لِمُسْتَبِقٍ | |
|
| مِن الدُّنُوِّ ولا مَرْقىً لِمُسْتَنِمِ |
|
نُبِّهْتَ لِلقُرْبِ والغَمْرُ الحَسُودُ وُقِذْ | |
|
| وَقَد وَفَيْتَ بِمِيثاقٍ عَلَيكَ أُخِذْ |
|
وَمُذْ رُفِعْتَ وَمَن لَمْ يَدْنُ مِنْكَ نُبِذْ
|
خَفَضْتَ كُلَّ مَقامٍ بِالاِِضافَةِ إِذْ | |
|
| نُودِيتَ بِالرَّفْعِ مِثْلَ المُفْرَدِ العَلَمِ |
|
أَدْرَكْتَ مِن خَطَرٍ لَوْلاَكَ ذِي خَطَرٍ | |
|
| ما لَيْسَ يُدْرَكُ في سَمْعٍ ولا بَصَرٍ |
|
خُصِصْتَ بِالقُرْبِ مِن بادٍ وَمُحْتَضِرٍ
|
كَيْما تَفْوزَ بِوَصْلٍِ أَيِّ مُسْتَتِرٍ | |
|
| عَنِ العُيونِ وَسِرٍّ أَيِّ مُكْتَتَمٍ |
|
كَم جُزْتَ في صَهَواتِ المَجْدِ مِن حُبُكٍ | |
|
| وَكَم سَمَوْتَ لِنَيْلِ القُرْبِ مِن فَلَكٍ |
|
وَكَم تَجاوَزْتَ دُونَ الرُّسْلِ مِن مَلَكٍ
|
فَحُزْتَ كُلَّ فَخارٍ غَيْرَ مُشْتَرَكٍ | |
|
| وَجُزْتَ كُلَّ مَقامٍ غَيْرَ مُزْدَحَمٍ |
|
كَم قَد خَرَقْتَ لِما وُلِّيْتَ مِن حُجُبٍ | |
|
| وَكَم رَأَيْتَ لِما أُوْلِيتَ مِن عَجَبٍ |
|
فَجَلَّ نَعْتُكَ عَن نَظْمٍ وَعَن خُطَبٍ
|
وَجَلَّ مِقدارُ ما وُلِّيْتَ مِن رُتَبٍ | |
|
| وَعَزَّ إِدْراكُ ما أُوْلِيتَ مِن نِعَمٍ |
|
مَوْلىً بِهِ اللهُ رَبُّ الفَضْلِ فَضَّلَنا | |
|
| وَبِالعِنايَةِ دَونَ الناسِ خَوَّلَنا |
|
فَلْيَهْنِنا ما مِنَ البُشْرَى تَجَلَّلَنا
|
بُشْرَى لَنامَعْشَرَ الاِِسْلامِإنَّ لَنا | |
|
| مِن العِنايةِ رُكْنَاً غَيْرَ مُنْهَدِمِ |
|
فَدَعْ لِسانِيَ يَجْرِي في بَراعَتِهِ | |
|
| بِنَعْتِ مَن كُلُّ عاصٍ في شَفاعَتِهِ |
|
أكرم بداع كرمنا في اطاعته
|
لَمّا دَعا اللهُ داعِينا لِطاعَتِهِ | |
|
| بِأَكْرَمِ الرُسْلِ كُنّا أَكْرَمَ الاَُمَمِ |
|
مَوْلىً بِهِ اللهُ أَصْفانا بِنِعْمَتِهِ | |
|
| وَاخْتَصَّنا وَاصْطَفانا أَهْلَ مِلَّتِهِ |
|
دَعا فَمُذْ بَلَغَتْ أَنْباءُ دَعْوَتِهِ
|
راعَتْ قُلُوبَ العِدَى أَنْباءُ بِعْثَتِهِ | |
|
| كَنَبْأَةٍ أَجْفَلَتْ غُفْلاًَ مِن الغَنَمِ |
|
كَم قَد سَطا بِهِمُ في كُلِّ مُشْتَبَكٍ | |
|
| لِلسُّمْرِ مُضْطَرِبِ الاََرْجاءِ مُرْتَبِكٍ |
|
أَنَّى يَفِرُّونَ خَوْفَاً مِن سُطَا مَلِكٍ
|
ما زالَ يَلْقاهُمُ في كُلِّ مُعْتَرَكٍ | |
|
| حَتَّى حَكَوا بِالقَنا لَحْمَاً عَلى وَضَمِ |
|
أَبادَهُمْ فَقَضى بَعْضٌ بِمَضْربِهِ | |
|
| رُعْباً وشالَتْ بِهِ عَنْقاءُ مُغْرِبِهِ |
|
والبَعْضُ ضاقَ عَلَيهِ وَجْهُ مَهْرَبِهِ
|
وَدُّوا الفِرارَ فَكادُوا يَغْبِطُونَ بِه | |
|
| أَشْلاءَ شالَتْ مَع العِقْبانِ وَالرَّخَمِ |
|
تَفْنَى الدُّهُورُ وَيُبْلِي اللهُ جِدَّتَها | |
|
| وَتَسْتَمِرُّ ولا يَدْرُونَ مُدَّتَها |
|
وَمِن حُرُوبٍ أُذِيقَ القَوْمُ شِدَّتَها
|
تَمْضِي اللَّيالي ولا يَدْرُونَ عِدَّتَها | |
|
| ما لَم تَكُنْ مِن لَيالي الاََشْهُرِ الحُرُمِ |
|
أَباحَهُ الدِّينُ إِذ حادُوا اسْتِباحَتَهُمْ | |
|
| بكُلِّ غَرْثانَ يَسْتَقْرِي إِجاحَتَهُمْ |
|
ظَمْآنَ أَوْسَعَ كَي يَرْوَى جِراحَتَهُمْ
|
كَأَنَّما الدِّينُ ضَيْفٌ حَلَّ ساحَتَهُمْ | |
|
| بِكُلِّ قَرْمٍ إِلى لَحْمِ العِدَى قَرِمِ |
|
كَم قادَ أَرْعَنَ مَوّارَاً بِجائِحَةٍ | |
|
| بِعُوَّمٍ في عُبابِ الآلِ طافِحَةٍ |
|
يَسْطُو بِشُوسٍ مَصالِيتٍ جَحاجِحَةٍ
|
يَجُرَّ بَحْرَ خَمِيسٍ فَوقَ سابِحَةٍ | |
|
| يَرْمِي بِمَوْجٍ مِن الاََبْطالِ مُلْتَطِمٍ |
|
كَم جَرَّ نَحْوَ العِدَى مِن فَيْلَقٍ لَجِبٍ | |
|
| رَبِيطِ جَأْشٍ كَمَوْجِ البَحْرِ مُضْطَرِبٍ |
|
يَرْمِي بِشُهْبٍ كَما تَنْقَضُّ مِن شُهُبٍ
|
مِن كُلِّ مُنْتَدِبٍ للهِِ مُحْتَسِبٍ | |
|
| يَسْطُو بِمُسْتَأْصِلٍ لِلْكُفْرِ مُصْطَلِمٍ |
|
كَم أَنْهَجُوا مِن سَبِيلٍ نَحْوَ مَذْهَبِهِمْ | |
|
| بِحَدِّ خَطِّيهِمْ طَوْرَاً وَمِقْضَبِهِمْ |
|
وَكَم وَكَم شَعَبُوا صَدْعَاً لِمِشْعَبِهِمْ
|
حَتّى غَدَتْ مِلَّةُ الاِِسْلامِ وَهْيَ بِهِمْ | |
|
| مِن بَعْدِ غُرْبَتِها مَوْصُولَةَ الرَحِمِ |
|
صِينَتْ بِكُلِّ أَبِيِّ الضَّيْمِ مُنْتَدِبٍ | |
|
| لِلْعِزِّ لَيْسَ بِعِزْهاةٍ وَلا لَغَبٍ |
|
تَنْفَكُّ في راحَةٍ وَالقَوْمُ في تَعَبٍ
|
مَكْفُولَةً أَبَدَاً مِنْهُمْ بِخَيْرِ أَبٍ | |
|
| وَخَيْرِ بَعْلٍ فَلْم تَيْتَمْ وَلم تَئِمِ |
|
لَو كُنْتَ تَشْهَدُ إِذ كَرُّوا تَصادُمَهُمْ | |
|
| وَالرُّوْحُ بِالنَصْرِ لا يَنْفَكَّ قادِمَهُمْ |
|
رَسَوْا فَلَسْتَ تَرَى قِرْناً مُقاوِمَهُمْ
|
هُمُ الجِبالُ فَسَلْ عَنْهُمْ مُصادِمَهُمْ | |
|
| ماذا رَأَى مِنْهُمُ في كُلِّ مُصْطَدَمِ |
|
كَم أَرْهَقُوهُمْ عَذابَاً إِذ عَتَوْا صَعَدَاً | |
|
| وَمَن أَرَبَّ الرَّدَى لَم يَلْقَ غَيْرَ رَدىً |
|
سَلْ خَيْبَرَاً حِين وَلَّى جَمْعُهُمْ بَدَدَاً
|
وَسَلْ حُنَيْنَاً وَسَلْ بَدْرَاً وَسَلْ أُحُدَا | |
|
| فُصُولَ حَتْفٍ لَهُم أَدْهَى مِنَ الوَخَم |
|
الجاعِلِي الوُلْدِ شِيْبَاً عِنْدَما وُلِدَتْ | |
|
| بَعادِياتٍ عَلَيْهِمْ في الحُجُورِ عَدَتْ |
|
المُوْرِدِي الشُّهْبِ لُجَّ المَوْتِ ما وَرَدَتْ
|
المُصْدِرِي البِيْضِ حُمْرَاً بَعْدَما وَرَدَتْ | |
|
| مِنَ العِدَى كُلَّ مُسْوَدٍّ مِنَ اللِّمَمِ |
|
الكاشِفِينَ دُجَى الهَيْجاءِ ما حَلكَتْ | |
|
| بِبارِقاتٍ لاََِعْمارِ العِدَى بَتَكَتْ |
|
الشّاعِلِينَ بِبِيضِ الهِنْدِ ما فَتَكَتْ
|
والكاتِبِينَ بِسُمْرِ الخَطِّ ما تَرَكَتْ | |
|
| أَقْلامُهُمْ حَرْفَ جِسْمٍِ غَيْرَ مُنْعَجِمِ |
|
سِلاحُهُمْ لاََِعادِيهِمْ تَحَرُّزُهُمْ | |
|
| بِعِزِّ مَوْلىً بِهِ قِدْمَاً تَعَزُّزُهُمْ |
|
قَد مازَهُمْ بِمَزاياهُمْ مُمَيِّزُهُمْ
|
شاكِي السِّلاحِ لَهُمْ سِيْما تُمَيِّزُهُمْ | |
|
| والوَرْدُ يَمْتازُ بِالسِّيْما مِنَ السَّلَمِ |
|
هُمُ الكُماةُ أَعَزَّ اللهُ نَصْرَهُمُ | |
|
| بِهِ وَطَيَّبَ طِيبَ الزَّهْرِ نَجْرَهُمُ |
|
وَلم تَزَلْ كُلَّما اسْتَنْشَيْتَ عِطْرَهُمُ
|
تُهْدِي إِلَيكَ رِياحُ النَّصْرِ نَشْرَهُمُ | |
|
| فَتَحْسَبُ الزَهْرَ في الاََكْمامِ كُلَّ كَمِي |
|
تَسَنَّمُوا صَهَواتِ الجُرْدِ مُنْتَدِباً | |
|
| يَهْتاجُ مُشْتَمِلاًَ بِالحَزْمِ مُنْتَقِبا |
|
أَرْسَوْا فَلَسْتَ تَرَى نِكْسَاً وَلا ثَئِبَاً
|
كَأَنَّهُمْ في ظُهُورِ الخَيْلِ نَبْتُ رُبىً | |
|
| مِن شِدَّةِ الحَزْمِ لا مِن شِدَّةِ الحُزُمِ |
|
طافُوا بِهِمْ فَتَمَنَّوا لِلنَجا نَفَقاً | |
|
| في الاََرْضِ أَو سُلَّمَاً يَرْقَى بِهم أُفُقَاً |
|
وَمُذ عَدَوا وَغَدا جَمْعُ العِدَى مِزَقَاً
|
طارَتْ قُلُوبُ العِدَى مِن بَأْسِهِمْ فَرَقَاً | |
|
| فَما تُفَرِّقُ بَيْنَ البَهْمِ والبُهَمِ |
|
مِن كُلِّ نَدْبٍ تَبُتُّ الشَّرَّ شِرَّتُهُ | |
|
| شَهْمٍ أُمِرَّتْ على العِلاّتِ مِرَّتُهُ |
|
يَكِرُّ مَقْرُونَةً بِالنَّصْرِ كَرَّتُهُ
|
وَمَن تَكُنْ بِرَسُولِ اللهِ نُصْرَتُهُ | |
|
| إِن تَلْقَهُ الاَُسْدُ في آجامِها تَجِمِ |
|
غَوْثُ الوَلِيِّ فما يَنْفَكُّ في وَزَرٍ | |
|
| حَتْفُ العَدُوِّ فَلَم يَبْرَحْ عَلى خَطَرٍ |
|
فَسَرِّحِ اللَّحْظَ في بادٍ وَمُحْتَضِرٍ
|
فَلَن تَرَى مِن وَلِيٍّ غَيْرَ مُنْتَصِرٍ | |
|
| بِهِ ولا مِن عَدُوٍّ غَيْرَ مُنْقَصِمِ |
|
وافَى إِلى اللهِ يَدْعُو في أَدِلَّتِهِ | |
|
| والشِّرْكُ ظَلَّلَ كُلاًَّ في أَظِلَّتِهِ |
|
وَمُذ دَهَى الغَيَّ مُجْتاحَاً بِصَوْلَتِهِ
|
أَحَلَّ أُمَّتَهُ في حِرْزِ مِلَّتِهِ | |
|
| كَاللَيْثِ حَلَّ مَعَ الاََشْبالِ في الاََجَمِ |
|
كَفاكَ بِالذِكْرِ بُرْهاناً لِمُنْتَضِلٍ | |
|
| يَرُدُّ كُلَّ دَخِيلِ الاََصْلِ ذِي دَخَلٍ |
|
فَاقْصِمْ بِهِ كُلَّ ذِي رَيْبٍ وَذِي جَدَلٍ
|
كَم جَدَّلَتْ كَلِماتُ اللهِ مِن جَدِلٍ | |
|
| فِيه وَكَم خَصَمَ البُرْهانُ مِن خَصِمِ |
|
أُمِّيُّ بَعْثٍ بِهِ أَضْحَتْ مُمَيَّزَةً | |
|
| تِلْكَ العُلُومُ التي ما زِلْنَ مُلْغَزَةً |
|
إِنْ تَبْغِ مُعْجِزَةً لِلْخَصْمِ مُعْجِزَةً
|
كَفاكَ بِالعِلْمِ في الاَُمِّيِّ مُعْجِزَةً | |
|
| في الجاهِلِيَّةِ والتَّأْدِيبِ في اليُتُمِ |
|
أفْنَيْتُ عُمْرِي وَقَلْبِي في تَقَلُّبِهِ | |
|
| يَهِيمُ في كُلِّ وادٍ مِن تَخَيُّبِهِ |
|
وَمُنْذُ بُؤْتُ بِعاصِي القَلْبِ مُذْنِبِهِ
|
خَدَمْتُهُ بِمَدِيحٍ أَسْتَقِيلُ بِهِ | |
|
| ذُنُوبَ عُمْرٍ مَضَى في الشِّعْرِ وَالخِدَمِ |
|
صُبَّتْ على قَلْبِيَ العانِي مَصائِبُهُ | |
|
| مِن شِقْوَةٍ وَهَوىً كُلٌّ يُغالِبُهُ |
|
دَعْني أُراقِبُ خَوْفَاً ما أُراقِبُهُ
|
إِذ قَلَّدانِيَ ما تُخْشَى عَواقِبُهُ | |
|
| كَأَنَّني بِهِما هَدْيٌ مِن النَّعَمِ |
|
دَعْني أَمُتْ نَدَمَاً إِذ لَم أَمُتْ نَدَما | |
|
| مِن غَفْلَةٍ ضاعَ فيها العُمْرُ وَانْصَرَما |
|
وَمُذ عَصَيْتُ النُّهَى والحِلْمَ مُجْتَرِما
|
أَطَعْتُ غَيَّ الصِّبا في الحالَتَيْنِ وَما | |
|
| حَصَلْتُ إِلاّ عَلى الآثامِ والنَّدَمِ |
|
فَيا لَنَفْسٍ تَمادَتْ في شَرارَتِها | |
|
| لا تَرْعَوِي عَن قَبِيحٍ مِن زَعارَتِها |
|
تَعْتاضُ عَن رِبْحِها أَشْنَى خَسارَتِها
|
فَيا خَسارَةَ نَفْسٍ في تِجارَتِها | |
|
| لَم تَشْتَرِ الدِّينَ بِالدُنْيا ولَم تَسُمِ |
|
وَيا لاََِسْيانَ ساهِي القَلْبِ غافِلِهِ | |
|
| مُسْتَبْدِلٍ حَقَّهُ جَهْلاًَ بِباطِلِهِ |
|
يَبْتاعُ عاجِلَهُ الفانِي بِآجِلِهِ
|
وَمَن يَبِعْ آجِلاًَ مِنْه بِعاجِلِهِ | |
|
| يَبِنْ له الغَبْنُ في بَيْعٍ وفي سَلَمِ |
|
إِن فاتَني جُلُّ مَسْنُونٍ ومُفْتَرَضٍ | |
|
| فإِنَّ لي مِن وِلاهُ أَيّما عِوَضٍ |
|
فَلَمْ أَبِتْ قَطُّ مِن ذَنْبٍ على مَضَضٍ
|
إِنْ آتِ ذَنْبَاً فما عَهْدِي بِمُنْتَقِضٍ | |
|
| مِنَ النَّبِيِّ ولا حَبْلِي بِمُنْصَرِمِ |
|
عَلَى وَلائِيهِ مِيلادِي وَتَرْبِيَتِي | |
|
| وبِاسْمِهِ كُلَّما نُودِيتُ تَغْذِيَتي |
|
إِن خُنْتُ عَهْدِي وَمِيثاقِي بِمَعْصِيَتِي
|
فَإِنَّ لي ذِمَّةً مِنْهُ بِتَسْمِيَتي | |
|
| مُحَمَّدَاً وَهْوَ أَوْفَى الخَلْقِ بِالذِّمَمِ |
|
كَم مِن يَدٍ لِيَ مِنْهُ أُرْدِفَتْ بِيَدِ | |
|
| أَرْجُوهُ يَشْفَعُ يَومِي مِثْلَها بِغَدِي |
|
مَولايَ خُذْ بِيَدِي وَاعْدِلْ غَدَاً أَوَدِي
|
إِنْ لم تَكُنْ في مَعادِي آخِذَاً بِيَدِي | |
|
| فَضْلاًَ وإِلاّ فَقُلْ يا زَلَّةَ القَدَمِ |
|
مَوْلىً أَفاضَ على الدُّنْيا مَراحِمَهُ | |
|
| وذادَ عَن كُلِّ ذِي إِثْمِ مَآثِمَهُ |
|
تَراهُ يَحْرِمُ راجِيهِ مَغانِمَهُ
|
حاشاهُ أَن يَحْرِمَ الراجِي مَكارِمَهُ | |
|
| أَوْ يَرْجِعَ الجارُ مِنْهُ غَيْرَ مُحْتَرَمِ |
|
أَلْزَمْتُ نَفْسِيَ مُذ كانَتْ مَمادِحَهُ | |
|
| فَما عَدِمْتُ على حالٍ مَنائِحَهُ |
|
وكَم كَفانِيَ مِن دَهْرٍ جَوائِحَهُ
|
وَمُنْذُ أَلْزَمْتُ أَفكارِي مَدائِحَهُ | |
|
| وَجَدْتُهُ لِخَلاصِي أَيَّ مُلْتَزِمِ |
|
فَاهْرُبْ إِلَيهِ بِنَفْسٍ مِنكَ ما هَرَبَتْ | |
|
| إِلَيهِ إِلاّ ونالَتْ مِنْهُ ما طَلَبَتْ |
|
فَلَيْسَ تَعْدُو المُنَى نَفْسَاً لَهُ رَغِبَتْ
|
وَلَن يَفُوتَ الغِنَى مِنْهُ يَدَاً تَرِبَتْ | |
|
| إِنّ الحَيا يُنْبِتُ الاََزهارَ في الاََكَمِ |
|
سَمَّطْتُ بُرْدَةَ مَدْحٍ في عُلاهُ شَفَتْ | |
|
| أَدِيبَ بُوصِيرَ فاسْتَوْفَتْ عُلاً وَوَفَتْ |
|
أَرْجُو بِها الفَوْزَ في العُقْبَى وَتِلْكَ كَفَتْ
|
وَلَم أُرِدْ زَهْرَةَ الدُنْيا التي اقْتَطَفَتْ | |
|
| يَدا زُهَيْرٍ بِما أَثْنَى عَلى هَرِمِ |
|
مَولايَ عَبْدُكَ دَلاَّهُ بِمَعْطَبِهِ | |
|
| خَطْبٌ أَضاقَ علَيهِ وَجْهَ مَذْهَبِهِ |
|
يَدْعُوكَ والخَطْبُ طاحٍ في تَصَوُّبِهِ
|
يا أَكْرَمَ الخَلْقِ ما لي مَن أَلُوذُ بِهِ | |
|
| سِواكَ عِنْدَ حُلُولِ الحادِثِ العَمَمِ |
|
أَشْفَيتُ لولاكَ مِن ذَنْبِي على عَطَبِي | |
|
| فَكُن شَفِيعي لِرَبِّي يَوْمَ مُنْقَلَبِي |
|
كَم عَمَّ جاهُكَ مِن ناءٍ وَمُقْتَرِبِ
|
وَلَن يَضِيقَرَسُولَ اللهِجاهُكَ بِي | |
|
| إِذا الكَرِيمُ تَجَلَّى بِاسْمِ مُنْتَقِمِ |
|
فَادْرَأْ بِجاهِكَ عَنْ نَفْسِي مَضَرَّتَها | |
|
| وَاقْمَعْ عَلى نَزَقٍ فيها مَعَرَّتَها |
|
وَسُقْ إِليها بِدارَيْها مَسَرَّتَها
|
فَإِنَّ مِن جُودِكَ الدُّنْيا وَضَرَّتَها | |
|
| وَمِن عُلُومِكَ عِلْمَ اللَوْحِ والقَلَمِ |
|
كَم بالرَّجاءِ نَجَتْ نَفْسُ امْرِىٍَ وَسَمَتْ | |
|
| وَبِالقُنُوطِ هَوَتْ أُخْرَى وَما عَلِمَتْ |
|
كَم بَينَ مَن حُرِمَتْ يَأْسَاً وَمَن رُجِمَتْ
|
يا نَفْسُ لا تَقْنَطِي مِن زَلَّةٍ عَظُمَتْ | |
|
| إِنّ الكَبائِرَ في الغُفْرانِ كَاللَّمَمِ |
|
وَاهَاً لِنَفْسِيَ كَم بِالعَفُوِ يُكْرِمُها | |
|
| رَبِّي الكَرِيمُ وَكَم بِالذَنْبِ أَظْلِمُها |
|
فَازْدَدْ رَجاءً إِذا ما ازْدادَ مَأْثَمُها
|
لَعَلَّ رَحْمَةَ رَبِّي حِينَ يَقْسِمُها | |
|
| تَأْتي على حَسَبِ العِصْيانِ في القِسَمِ |
|
يا رَبِّ دَعْوَةَ راجٍ مِنْكَ مُلْتَمِسٍ | |
|
| أَسِيرِ جُرْمٍ بِبَحْرِ الذَنْبِ مُنْغَمِسٍ |
|
لَولا رَجاؤُكَ لَمْ أَبْرَحْ عَلى يَأَسٍ
|
يا رَبّ فَاجْعَلْ رَجائِي غَيْرَ مُنْعَكِسٍ | |
|
| لَدَيكَ واجْعَلْ حِسابِي غَيْرَ مُنْخَرِمِ |
|
وَفُكَّ عَبْدَك مِن ذَنْبٍ تَجَلَّلَهُ | |
|
| بِعِبْءِ هَمٍّ لِيَومِ الحَشْرِ أَثْقَلَهُ |
|
وَهَبْ لَه مِن جَميلِ الصَّبْرِ أَجْمَلَهُ
|
وَالْطُفْ بِعَبْدِكَ في الدّارَيْنِ إِنَّ لَهُ | |
|
| صَبْرَاً مَتَى تَدْعُهُ الاََهْوالُ يَنْهَزِمِ |
|
وَبَلِّغِ المُصْطَفَى مَعْ كُلِّ ناسِمَةٍ | |
|
| أعْلاقَ نَفْسٍ لِبُعْدِ العَهْدِ ناسِمَةٍ |
|
وَجُدْ بِمُزْنِ ثَناءٍ مِنْكَ ساجِمَةٍ
|
وَأْذَنْ لِسُحْبِ صَلاةٍ مِنْكَ دائِمَةٍ | |
|
| عَلى النَبِيِّ بِمُنْهَلٍّ وَمُنْسَجِمِ |
|
وَاشْفَعْ بِهِ آلَهُ مَن قَدْ زَكَوْا نَسَبَاً | |
|
| بِهِ وَأَصحَابَهُ أَوْفَى الوَرَى حَسَبَاً |
|
وَرَنِّحِ الكَوْنَ مِن أَمداحِهِمْ طَرَبَاً
|
ما رَنَّحَتْ عَذَباتِ البَانِ رِيحُ صَبَاً | |
|
| وَأَطْرَبَ العِيْسَ حادِي العِيْسِ بِالنَغَمِ |
|