لَبَيكَ يا قَلبِ ماضٍ فيكَ ناداني | |
|
| خَبَّأتُ في عِطرِهِ حُبّي وَإيماني |
|
أَيّامَ كانَ الهَوى الغِرّيدُ يَضحَكُ بي | |
|
| وَيَرتَمي مَرَحُ الدُنيا بِأَلحاني |
|
وَكانَ لِلنّاسِ آمالٌ مُحَبَّرَةٌ | |
|
| تَفَكَّكَت عَن كَلاليبٍ وَأَرسانِ |
|
فَقَد دَهى الحُكمَ أَمرٌ لا مَرَدَّ لَهُ | |
|
| هانَ القَوِيُّ لَهُ وَاِستَأسَدَ الواني |
|
كانَت لَهُ القُرعَةُ الحَمقاءُ في بَلَدٍ | |
|
| بَلا النقيضَينِ مِن جَهلٍ وَعِرفانِ |
|
فَكانَ كَالجَهلِ لِلعُرفانِ عَجرَفَةٌ | |
|
| وَكانَ لِلجَهلِ كَالعِرفانِ عُرفانِ |
|
عَذيرُهُ وَمضَةٌ في لَيلِ مُدلِجٍ | |
|
| باقٍ لَهُ أَمَلٌ في قَلبِ حَيرانِ |
|
كَسائِحٍ ضَلَّ في صَحراءَ مُحرِقَةٍ | |
|
| كَأَنَّها قَلَقٌ في حُلمِ ظَمآنِ |
|
يَمشي وَلِلنّارِ في أَجفانِهِ زَبَدٌ | |
|
| عَلى لَظى الرَملِ مِن وادٍ لِوِديانِ |
|
وَلِلسَّرابِ خِياناتٌ عَلى فَمِهِ | |
|
| كَأَنَّها هُزءُ شَيطانٍ بِإِنسانِ |
|
حَتّى أَصابَ سَراهَ العَصرِ ناحِيَةً | |
|
| يَمُجُّ فيها سَحابَ الظِلِّ كَهفانِ |
|
فَما تَخَيَّرَ بَل أَهوى عَلى ظَمَإٍ | |
|
| فَصادَفَت شَفَتاهُ حَلقَ ثُعبانِ |
|
في ذلِكَ الزَمَنِ العاتي لَبِستُ فَتىً | |
|
| أَلَمَّ في خُلقِهِ أَمجادَ غَسّانِ |
|
مِن سالِفِ الكَرَمِ المَسلوخِ عَن يَدِنا | |
|
| باقٍ عَلى يَدِهِ إيماءُ إِدمانِ |
|
أَحلامُ لُبنانَ أَجسادٌ عَلى فَمِهِ | |
|
| كَأَنَّ لُبنانَ لَم يَبرَح كَلبنانِ |
|
تُصغي إِلى السِحرِ يُحييهِ بِهِ فَتَرى | |
|
| في كُلِّ رابِيَةٍ بَعثاً لإيوانِ |
|
وَلَيسَ كَالفَألِ في الآدابِ داعِيَةٌ | |
|
| لِهَديِ حَيرانَ أَو تَنبيهِ وَسنانِ |
|
وَكَالخَيالِ لِسانٌ يُستَفَزُّ بِهِ | |
|
| شَعبٌ أَبِيٌّ إِلى تَجديدِ بُنيانِ |
|
وَكانَ أَنَّ البَيانَ الحُرَّ في دَمِهِ | |
|
| أَشاعَ حِقدَ اللَظى في الحاكِمِ الجاني |
|
فَقالَ نَهجُكَ في ما تَدَّعي خَطَرٌ | |
|
| عَلى الرَعِيَّةِ يَحدوها لِعِصيانِ |
|
أَما سَمِعتَ صُدورَ الشَعبِ تَهتِفُ لي | |
|
| فَالشَعبُ مِلكيَ وَالأَيّامُ أَعواني |
|
فَأَغمَدَ الحُرُّ في عَينَيهِ فُوَّهَةً | |
|
| مِن ناظِرَيهِ كَبُركانٍ بِبُركانِ |
|
وَقالَ مِلكُكَ لَيسَ الشَعب يا مَلِكي | |
|
| فَلَستَ تَملِكُ إِلّا بَعضَ عُميانِ |
|
كُن مَن تَشاءُ كُنِ الدُنيا بِكامِلِها | |
|
| فَلَستَ تَعدِلُ صِدّيقاً بِميزاني |
|
جَمالُ قَلبي عُريانٌ عَلى شَفَتي | |
|
| وَنورُ نَفسي مَعقودٌ بِأَجفاني |
|
وَكَيفَ أَكذِبُ وَالدُنيا تُصارِحُني | |
|
| حَتّى قُشوريَ حَتّى جِسمِيَ الفاني |
|
أَنظُر إِلى النَهرِ في صَفوٍ وَفي كَدَرٍ | |
|
| فَهَل تَخفّى عَلى الصَفصافِ وَالبانِ |
|
لِلنّورِ في كُلِّ مَجرىً مِنهُ مِصقَلَةٌ | |
|
| وَكُلِّ مُنعَطَفٍ لِلحُبِّ ثَديانِ |
|
فَذلِكَ الجَبَلُ الجَبّارُ أَطعَمَني | |
|
| قوتَ النُسورِ وَهذا النَهرُ رَوّاني |
|
خَفِّف عُتُوَّكَ وَاِغسِل قَلبَكَ الجاني | |
|
| لِلظُّلمِ يَومٌ وَلِلمَظلومِ يَومانِ |
|
عَرشُ العَتِيِّ عَلى بُركانِ مُنكِرِهِ | |
|
| شَتيمَةٌ رَخَمَت في قَلبِ سَكرانِ |
|
ما كانَ سُلطانُ هذا الشَعبِ سَيِّدَهُ | |
|
| إِنَّ السِيادَةَ ما اِحتاجَت لِتيجانِ |
|
هذي الرَعِيَّةُ مَهما تَطغَ نافِرَةٌ | |
|
| وَمَن تَكُن لَستَ فيها غَيرَ سُلطانِ |
|
تَعصي ضَميرَكَ وَالدُنيا تُناطُ بِهِ | |
|
| وَحينَ أَعصي ضَلالاً فيكَ تَنهاني |
|
فَاِخلَع وَبَدِّل لَكَ الحِرباءُ قاعِدَةٌ | |
|
| لَكَ الوَداعَةُ وَالطُغيانُ ثَوبانِ |
|
مَن أَنتَ أَنتَ يَدٌ سَوداءُ ما اِرتَفَعَت | |
|
| إِلّا لِتَفريقِ أَحبابٍ وَإِخوانِ |
|
مِن أَينَ أَنتَ مِنَ الفَحشاءِ لَو شَعَرَت | |
|
| روحي بِها لَم أَبع سَهلي وَأَظعاني |
|
مَن جاءَنا بِكَ حُمقُ الشَعبِ يا مَلِكي | |
|
| لا بُؤسُهُ فَبِكَ الهَدّامُ لا الباني |
|
لَقَد بَطِرتَ فَلَم تُستَر مُخَدّرَةٌ | |
|
| وَقَد زَنَيتَ فَلَم يَهنَأ حَبيبانِ |
|
لَكَ الحُسامُ عَلى رَأسي تُسَرِّحُهُ | |
|
| وَلي عَلَيكَ وَلَو حُجِّبتَ عَينانِ |
|
لَم يَبقَ غَيرُ ثَمارٍ مِنكَ فانِيَةٍ | |
|
| خَدائِعٌ نَتَنَت في بَعضِ عيدانِ |
|
أَما سَمِعتَ هُبوبَ الريحِ إِنَّ لَهُ | |
|
| صَدى تَزَحُّفِ أَشباحٍ وَأَكفانِ |
|
فَدَمدَمَ الحاكِمُ الغَضبانُ وَاِرتَسَمَت | |
|
| عَلَيهِ أَشباحُ غيلانٍ وَحيتانِ |
|
وَأَصدَرَت نَفسُهُ ما في قَذارَتِها | |
|
| الحَمراءِ مِن شَهوَةٍ لِلأَحمَرِ القاني |
|
وَصاحَ إِن يَكُ ذا حَدٍّ لِسانُكَ بي | |
|
| فَلي لِسانٌ عَلَيهِ المَوتُ حَدّانِ |
|
فَحَملَقَ الحُرُّ في العاتي وَقالَ لَهُ | |
|
| أَقضي غَداً أَو أَموتُ اليَومَ سِيّانِ |
|
فَكُلُّ ما أَبتَغي أَن لا تُقاطِعَني | |
|
| دَعني أُكَمِّل دِفاعِيَ أَيُّها الجاني |
|