ردَّ الصبا بعدَ شيبِ اللمة ِ الغزلُ | |
|
| وَراحَ بِالْجِدِّ مَا يَأْتِي بِهِ الْهَزَلُ |
|
وَعَادَ مَا كَانَ مِنْ صَبْرٍ إِلَى جَزَعٍ | |
|
| بَعْدَ الإِباءِº وَأَيَّامُ الْفَتَى دُوَلُ |
|
فَلْيَصْرِفِ اللَّوْمَ عَنِّي مَنْ بَرِمْتُ بِهِ | |
|
| فليسَ للقلبِ في غيرِ الهوى شغلُ |
|
وَ كيفَ أملكُ نفسي بعدَ ما ذهبتْ | |
|
| يومَ الفراقِ شعاعاً إثرَ منْ رحلوا؟ |
|
تَقَسَّمَتْنِي النَّوَى مِنْ بَعْدِهِمْ، وَعَدَتْ | |
|
| عنهمْ عوادٍ º فلا كتبٌ، وَ لاَ رسلُ |
|
فالصبرُ منخذلٌ، وَ الدمعُ منهملٌ | |
|
| وَالْعَقْلُ مُخْتَبِلٌ، وَالْقَلْبُ مُشْتَغِلُ |
|
أرتاحُ إنْ مرَّ منْ تلقائهمْ نسمٌ | |
|
| تَسْرِي بِهِ فِي أَرِيجِ الْعَنْبَرِ الأُصُلُ |
|
ساروا، فما اتخذتْ عيني بهمْ بدلاً | |
|
| إِلاَّ الْخَيَالَ، وَحَسْبِي ذَلِكَ الْبَدَلُ |
|
فَخَلِّ عَنْكَ مَلامِي يَا عَذُولُ، فَقَدْ | |
|
| سرتْ فؤادي على ضعفٍ بهِ العللُ |
|
لاَ تَحْسَبَنَّ الْهَوَى سَهْلاًº فَأَيْسَرُهُ | |
|
| خَطْبٌ لَعَمْرُكَ لَوْ مَيَّزْتَهُ جَلَلُ |
|
يَسْتَنْزِلُ الْمَلْكَ مِنْ أَعْلَى مَنَابِرِهِ | |
|
| وَيَسْتَوِي عِنْدَهُ الرِّعْدِيدُ وَالْبَطَلُ |
|
فكيفَ أدرأُ عنْ نفسي وَ قدْ علمتْ | |
|
| أَنْ لَيْسَ لِي بِمُنَاوَاة ِ الْهَوَى قِبَلُ؟ |
|
فَلَوْ قَدَرْتُ عَلَى شَيْءٍ هَمَمْتُ بِهِ | |
|
| فِي الْحُبِّ، لَكِنْ قَضَاءٌ خَطَّهُ الأَزَلُ |
|
وَ للمحبة ِ قبلي سنة ٌ سلفتْ | |
|
| فِي الذَّاهِبِينَº وَلِي فِيمَنْ مَضَى مَثَلُ |
|
فإنْ تكنْ نازعتني النفسُ باطلها | |
|
| وَأَطْلَعَتْنِي عَلَى أَسْرَارِهَا الْكِلَلُ |
|
فَقَدْ أَسِيرُ أَمَامَ الْقَوْمِ ضَاحِيَة ً | |
|
| وَالْجَوُّ بِالْبَاتِرَاتِ الْبِيضِ مُشْتَعِلُ |
|
بِكُلِّ أَشْقَرَ قَدْ زَانَتْ قَوَائِمَهُ | |
|
| حُجُولُهُ غَيْرَ يُمْنَى زَانَها الْعَطَلُ |
|
كَأَنَّهُ خَاضَ نَهْرَ الصُّبْحِ، فَانْتَبَذَتْ | |
|
| يمناهُ وَ انبثَّ في أعطافهِ الطفلُ |
|
زُرْقٌ حَوَافِرُهُ، سُودٌ نَوَاظِرُهُ | |
|
| خُضْرٌ جَحَافِلُهُ، فِي خَلْقِهِ مَيَلُ |
|
كأنَّ في حلقهِ ناقوس راهبة ٍ | |
|
| باتتْ تحركهُ، أوْ راعدٌ زجلُ |
|
يَمُرُّ بِالْوَحْشِ صَرْعَى فِي مَكَامِنِهَا | |
|
| فما تبينُ لهُ شدا º فتنخذلُ |
|
يرى الإشارة في وحى º فيفهمها | |
|
| وَ يسمعُ الزجرَ منْ بعدٍ º فيمتثلُ |
|
لاَ يملكُ النظرة َ العجلاءَ صاحبها | |
|
| حتى تمرَّ بعطفيهِ فتحتبلُ |
|
إنْ مرَّ بالقومِ حلوا عقدَ حبوتهمْ | |
|
| وَ استشرفتْ نحوهُ الألبابُ وَ المقلُ |
|
تَقُودُهُ بِنْتُ خَمْسٍº فَهْوَ يَتْبَعُهَا | |
|
| وَ يستشيطُ إذا ها هي بهِ الرجلُ |
|
أُمْضِي بِهِ الْهَوْلَ مِقْدَاماً، وَيَصْحَبُنِي | |
|
| ماضي الغرارِ إذا ما استفحلَ الوهلُ |
|
يَمُرُّ بِالْهَامِ مَرَّ الْبَرْقِ فِي عَجَلٍ | |
|
| وَقْتَ الضِّرَابِ، وَلَمْ يَعْلَقْ بِهِ بَلَلُ |
|
تَرَى الرِّجَالَ وُقُوفاً بَعْدَ فَتْكَتِهِ | |
|
| بِهِمْ، يُظَنُّونَ أَحْيَاءً وَقَدْ قُتِلُوا |
|
كأنهُ شعلة ٌ في الكفَّ قائمة ٌ | |
|
| تهفو بها الريحُ أحياناً، وتعتدلُ |
|
لولاَ الدماءُ التي يسقى بها نهلاً | |
|
| لكادَ منْ شدة ِ اللألاءِ يشتعلُ |
|
يَقُلُّ مَا بَقِيَتْ فِي الْكَفِّ قَبْضَتُهُ | |
|
| كُلَّ الْحَدِيدِ، وَلَمْ يَثْأَرْ بِهِ فَلَلُ |
|
بَلْ رُبَّ سَارِيَة ٍ هَطْلاَءَ دَانِيَة ٍ | |
|
| تَنْمُو السَّوَامُ بِهَا، وَالنَّبْتُ يَكْتَهِلُ |
|
كأنَّ آثارها في كلَّ ناحية ٍ | |
|
| ريطٌ منشرة ٌ في الأرض، أو حللُ |
|
يَمَّمْتُهَا بِرِفَاقٍ إِنْ دَعَوْتُ بِهِمْ | |
|
| لبوا سراعا، وَ إن أنزلْ بهمْ نزلوا |
|
قصداً إلى الصيدِ، لا نبغي بهِ بدلاً | |
|
| وَ كلُّ نفسٍ لها في شأنها عملُ |
|
حَتَّى إِذَا أَلْمَعَ الرُّوَّادُ مِنْ بَعَدٍ | |
|
| وَ جاءَ فارطهمْ يعلو ويستفلُ |
|
تغازتِ الخيلُ، حتى كدنَ منْ مرحٍ | |
|
| يذهبنَ في الأرضِ لولاَ اللجمُ وَ الشكلُ |
|
فما مضتْ ساعة ٌ، أوْ بعضُ ثانية ٍ | |
|
| إِلاَّ وَلِلصَّيْدِ فِي سَاحَاتِنَا نُزُلُ |
|
فكانَ يوماً قضينا فيهِ لذتنا | |
|
| كما اشتهينا º فلا غشٌّ، وَ لاَ دغلُ |
|
هذَا هُوَ الْعَيْشُ، لاَ لَغْوُ الْحَدِيثِ، وَلاَ | |
|
| مَا يَسْتَغِيرُ بِهِ ذُو الإِفْكَة ِ النَّمِلُ |
|
إنَّ النميمة َ وَ الأفواهُ تضرمها | |
|
| نَارٌ مُحَرِّقَة ٌ لَيْسَتْ لَهَا شُعَلُ |
|
فَاتْبَعْ هَوَاكَ، وَدَعْ مَا يُسْتَرَابُ بِهِ | |
|
| فأكثرُ الناسِ إنْ جربتهمْ هملُ |
|
وَاحْذَرْ عَدُوَّكَ تَسْلَمْ مِنْ خَدِيعَتِهِ | |
|
| إنَّ العداوة َ جرحٌ ليسَ يندملُ |
|
وَ عالجِ السرَّ بالكتمانِ تحمدهُ | |
|
| فَرُبَّمَا كَانَ فِي إِفْشَائِهِ الزَّلَلُ |
|
وَلاَ تَكُنْ مُسْرِفاً غِرّاً، وَلاَ بَخِلاً | |
|
| فبئستِ الخلة ُ: الإسرافُ، وَ البخلُ |
|
وَ لا يهمنكَ بعضُ الأمرِ تسأمهُ | |
|
| لا يَنْتَهِي الشُّغْلُ حَتَّى يَنْتَهِي الأَجَلُ |
|
وَاعْرِفْ مَوَاضِعَ مَا تَأْتِيهِ مِنْ عَمَلٍ | |
|
| فَلَيْسَ فِي كُلِّ حِينٍ يَحْسُنُ الْعَمَلُ |
|
فالريثُ يحمدُ في بعض الأمورِ، كما | |
|
| في بعض حالاتهِ يستحسنُ العجلُ |
|
هَذَا هُوَ الأَدَبُ الْمَأْثُورُ، فَارْضَ بِهِ | |
|
| علماً لنفسكَ º فالأخلاقُ تنتقلُ |
|
منْ كلَّ بيتٍ إذا الإنشادُ سيرهُ | |
|
| فليسَ يمنعهُ سهلٌ، وَ لا جبلُ |
|
لمْ تبنَ قافية ٌ فيهِ على َ خللٍ | |
|
| كلا، وَ لمْ تختلفْ في رصفها الجملُ |
|
فلاَ سنادٌ، ولا حشوٌ، وَ لاَ قلقٌ | |
|
| وَ لا سقوطٌ، وَ لاَ سهوٌ، وَ لا عللُ |
|
تغايرتْ فيهِ أسماعٌ وَ أفئدة ٌ | |
|
| فَكُلُّ نَادٍ «عُكَاظٌ» حِينَ يُرْتَجَلُ |
|
لا تنكرُ الكاعبُ الحسناءُ منطقهُ | |
|
| وَ لا يعادُ على قومٍ، فيبتذلُ |
|