فَتحُوا السماءَ وطاردوا العقبانا |
وجروا على متن الهوا فُرسانا |
والجوُّ ودَّع عزَّهُ وهناءهُ |
مذ صيَّروهُ لخيلهم ميدانا |
والريحُ قد سلُست مقادتها لهم |
حتى غدت مثل الذَّلُول ليانا |
لله درُّهمُ إذا ما أَطلقوا |
للمركبات السابحات عِنانا |
فَتخالها عند الهبوط صواعقاً |
وإذا تعالت خِلتها بيزانا |
تَحكي الطيور بشكلها لكنها |
أمضى جناحاً بل اشدُّ جَنانا |
لو حاولَ النسر الفتيُّ لحاقها |
لارتدَّ خوارَ القُوى عَيانا |
أوَ لستَ تحسبها وقد طاروا بها |
كالبرق آناً والسهام أَوانا |
أمَّا جَناحاها فلا تطويهما |
حتى يكونا للهوا مِيزانا |
فإذا ارتقت قُبب السحاب وحَلَّقت |
وقف العقابُ إِزاءَها ولهانا |
ما كان أَبدع مشهداً عاينتُهُ |
يسبي القلوب ويفتنُ الأَذهانا |
شاهدت فدرين الجريءَ محلقاً |
كالنسر يسبح في السما جَذلانا |
من فوق مركبةٍ يحركها كما |
يهوى فتخفق تحته خفقانا |
لما دنا وقت الرحيل سَمعت من |
أَحشائها ما يبعث الأَشجانا |
زفَراتِ مصدورٍ تُصدِعه النَّوى |
فَتشبُّ في اضلاعه نِيرانا |
حتى إذا حِميتَ مراجلُها جرت |
كالليث يزأرُ في الفلا غضبانا |
قالوا بساطُ الريح وهمٌ كاذبٌ |
فإذا بهم قد شاهدوهُ عيانا |
مَن كان يحلم أنَّ أَطباق السما |
سَتضمُّ في رحبائها سُكَّانا |
مَن كان يحسب أن مضمار الهوا |
سَيصيرُ يوماً بالورى غَصانا |
فالأَرضُ لم تُشبع مطامعَ أهلها |
فَبنَوا لهم في جورهم أوطانا |
إِخفض جناحك أيها النَّسر الذي |
مَلك الرقيع ببأسِه أَزمانا |
قد كنت تزعم انَّ ملكك خالدٌ |
لا يُحرزُ الإنسانُ فيه مَكانا |
فإذا به والمركباتُ سوابحٌ |
في الجو تحملُ فوقها الرُّكبانا |
لا تأخذنَّك حيرةٌ مما جرى |
فالله خوَّل آدمَ السُّلطانا |
أَين المفرُّ من الأنام فإِنهم |
خرقوا السماءَ وسخَّروا الأَكوانا |
ما كنت تخشى في حماك مُزاحماً |
حتى رأيت بجوك الإِنسانا |
فلقد مضت يا نَسرُ دولتُك التي |
هدمت لها ايدي الورى الأَركانا |
ومضى زمانٌ كنت فيه مُمنَّعاً |
تطوي الرقيعَ وتنثني نَشوانا |
يا شرقُ مالك خاملاً والغربُ في |
أَوج النباهة ينشرُ العمرانا |
أَفلا تراهم يُحدثون غرائباً |
يَقفُ اللبيبُ أَمامها حَيرانا |
من كل مُعجزةٍ نكاد نَعدُّها |
سِحراً ونحسبُ ربَّها شيطانا |
لا ليس من سحر هُناكَ وانما |
تَلدِ العلومُالمعجزَ الفتانا |
سقياً لصدركِ يا فرنسا إِنهُ |
يقي الصدورَ من العلوم لِبانا |
ايُّ اكتشافٍ لم تكوني أُمَّهُ |
او لم تزيدي صنعهُ إِتقانا |