كتبَ اللهُ لي البقاءَ مديدا |
واللغاتُ الحسان تهوى الخلودا |
ما جفاني من نشأتي قطُّ ولدي |
بل كسوني من العلاءِ بُرودا |
أيُّ نحرٍ بين اللغات كنحري |
قلدته يدُ القريضِ عُقودا |
أيُّ صدرٍ يحوي الكنوز كصدري |
ويُريكَ الجمان فيه نضيدا |
في الفيافي نشأتُ لكنَّ بُردي |
راقَ وشياً ولا يزالُ جديدا |
شُعرائي قد أَخرسوا بالقوافي |
كلَّ شادٍ يُسكتُ الغريدا |
حَلقوا في العلى نُسوراً وصادوا |
ما رأَوهُ منَ المعاني فريدا |
ولكم رنَّح المنابرَ فخراً |
خُطبائي وارقصوا الجلمود |
فتصفَّح أَسفارهم إنَّ فيها |
حِكماً تجعلُ الضَّلول رشيدا |
كلُّ ندبٍ يخوض بحر بَياني |
لا يُحلي بغير درُي الجيدا |
وإذا ما تلا تراجم قومي |
أَبصرَ الأسد والأباة الصِيدا |
ورأى الذوقَ في الفلا حضَرياً |
ورأى اللطف كيف يأوي البيدا |
قد طويتُ الزمان عصراً فعصراً |
وملأت الزمان عزا وجودا |
وتفردَّت بالبلاغة حتى |
رفعَ العُجمُ في الرُّبى لي بُنودا |
عجزَ الناسُ عن لحاقِ غُباري |
وتجاوزت في السباق الحدودا |
إنَّ حفظ الذمام قد بات عندي |
سُنَّة لا أُطيقُ عنها مَحيدا |
أيُّ عهدٍ قطعتهُ كان منه |
حولَ عُنقي القيودُ تعلو القُيودا |
وإذا ما وعدتُ انجزت وعدي |
وكثيرون ينكثون العهودا |
أنَّ نفسي تطيب إِن يقضِ يوماً |
في سبيل الوفا وحيدي شهيدا |
والمعالي تطيب إِن يقضِ يوماً |
هيَ كانت على كمالي شُهودا |
نخرةٌ في حَماسةٍ في إِباءٍ |
لا ترى في الحلى لهنَّ نديدا |
وجِواري للخائفين ملاذٌ |
يجعلُ المحتمي به صنديدا |
كيف أَخشى العدى وحوليَ سورٌ |
من قلوبٍ بها أَفلُّ الحديدا |
كيف اخشى غارات ريب الليالي |
وامامي لبنان يُدمي الأُسودا |
كيف اخشى ذُبولَ روضي وعندي |
منهلٌ طابَ مصدراً وورودا |
معهدٌ قد لقيتُ في جانبيه |
عَطفَ أُمٍ على الوليدِ وحيدا |
يُرضعُ النشءَ من ثدَيَّ حليباً |
فيشبُّ الفتى حُساماً حديدا |
يا بني العُربِ عزّزوني فتحيوا |
أَذيعوا في الأرض ذكري الحميدا |
وانشروا في الملا مآثر قومي |
وتحدوا بالمكرمات الجدودا |
كانت العربُ في الخيام ملوكاً |
أتكونون في القصورِ عبيدا |
كانت العُربُ ارحبَ الناس صدراً |
ولدى الضَّيم اصلبَ الناس عُودا |
لا يرونَ الوفاقَ إلا نعيماً |
ويرونَ الشقاقَ خطباً شديدا |
فانبذوا منكمُ التنافر حتى |
تجعلوا العزَّ في البلاد وطيدا |
وتباروا في ما يُفيدُ فلاحاً |
وابذلوا في العلوم جهداً جهيدا |
انما الشَّرقُ في الجهالة عبدٌ |
فارفعوهُ بالعلم حتى يسودا |