مرحبا بالهزار يشدو طَرُوبا |
فوق غصن الدَّلال يَسبي القلوبا |
نغَماتٌ تجلو الهمومَ عن الصد |
رِ وتنفي عن الفؤَاد الكُروبا |
ما غناءُ الهَزار ألاَّ مُدامٌ |
يتمشَّى بين العُروق دَبيبا |
إِنَّما الطفلُ بلبلٌ يتغنَّى |
في حِماهُ فيُخرسُ العندليبا |
إنمَّا الطفلُ زهرةٌ تملأُ العي |
نَ جمالاً وتُفعمُ النفسَ طِيبا |
انما الطفل كوكبٌ يُلبس الرَّب |
عَ رِداءَ من البهاء قشيبا |
حبَّذا الطفلُ يومَ يمرحُ ريماً |
بين سِرب الظبا ويعدو وثُوبا |
حبَّذا الطفلُ يومَ يغدو طَلوبا |
للمعالي وللعلوم كَسُوبا |
حبَّذا الطفلُ يوم يُضحي فتياً |
وله عزمةٌ تُذلُّ الصَّعُوبا |
حبَّذا الطفل وهو كهل رصينٌ |
وله الرأُيُ كالشَهاب ثُقُوبا |
حبذا الطفلِ وهو شيخٌ وَقورٌ |
وله فكرةٌ تريه الغيوبا |
إيهِ يا بلبل الرياض ترنم |
إِنَّ من حولك السميعَ المجيبا |
ولك الصدرُ حين تصدحُ غصنٌ |
فتنقَّل على الصدور حبيبا |
وتفكَّه بحب أُمٍ رؤُوم |
ترتجي أن تراك نجلاً نجيبا |
وارشُفِ اللُّطف من أَبيك زُلالاً |
وارعَ منهُ مرعى الحنانِ خصيبا |
وتدلَّل ما شئتَ فالقلبُ يُسبى |
بدلالٍ يكونُ سحراً مُذيبا |
أَنت أُنسٌ لوالدَيك وسلوى |
حبَّذا الأُنس بالبنين نصيبا |
فخريفُ الحياة يغدو ربيعاً |
حين تغدو لَدنَ القوام رطيبا |
ملَكٌ أنت في السَّرير وديعٌ |
في هواك الغريبُ يحكي النسيبا |
فإذا ما سكتَّ تسبي نُهانا |
وإذا ما نطقت تُعيي الخطيبا |
رُبَّ ثغرٍ رصَّعتهُ بابتسامِ |
كان مجرى للكهرباء عجيبا |
رُبَّ دمعٍ نثرتهُ كاللآلي |
كان كالنار في الصدور شُبوبا |
ومُناغاتك اللطيفةُ تشفي |
من سقامِ يُعيي الطبيبَ الأريبا |
أنتَ لا تدري ما الحياةُ وما أَس |
رارها حينما تُغني طَروُبا |
كم رأيناك في الحِمى تتغنَّى |
وسمِعنا بعد الغِناء نحيباً |
هل تراءَت لمقلتَيك الأَماني |
زاخراتٍ فخُضتَهنَّ لَعُوبا |
أَم رأَيتَ الخطوبَ وهي جبالٌ |
فوق هامِ الورى فخفتَ الخطوبا |
أَم رأَيت الحياة كالشمس تبدو |
وتُداني عند المساءِ الغُروبا |
أَم عرفتَ الدنيا بدار اغترابٍ |
فكرِهتَ الُمقام فيها غريبا |
أَم رأَيت الدماءَ تجري بحاراً |
مُذ غدا المرءُ في الملاحم ذيبا |
فأَبَيتَ الحياة بين الضواري |
مع طُغاةٍ يأبون إِلاَّ الحروبا |
كلُّهم يدَّعي التمدُّنَ صِرفاً |
وهو للحرب لا يزالُ رَكُوبا |
أيُّ حربٍ كهذه الحرب شؤماً |
لم نرَ الُمرد قبلها قطُّ شِيبا |
لا تخف أَيها الصغيرُ الرزايا |
إِن تحاميتَ في الحياة العُيوبا |
ما شِقاءُ الحياة إِلاَّ من المر |
ءِ إذا عاش في الأَنام مَعيبا |
كلُّ من يألف المخابث يُمسي |
في سِباق العُلى جَزوعاً هَيوبا |
والذي يُحدث المجازر يلقى |
أبداً ربه عليه غَضوبا |
سالم الناسَ واعتزل كل شرٍ |
يبقَ غَيثُ الهنا عليك سَكوبا |
واصنع الخير ما حييتَ وجانب |
كلَّ امرٍ يُلقي عليك الذُّنوبا |
فالذي يزرع البلاءَ بقومٍ |
آمِن السِرب يحصُد التأديبا |
يحسبُ الناسُ أَنهُ في نعيمٍ |
وهو يُصلى طيَّ الضلوع اللهيبا |
والذي يصرف الزمانَ شريفاً |
فهو في الأرض كوكبٌ لن يغيبا |
هوَ حيٌّ بالذكر والذكرُ يبقى |
في فؤاد التاريخ مسكاً وطيبا |
ها أبوكَ الفضال يحيا جليلاً |
محرزاً في الورى المقامَ المهَيبا |
أَنزلتهُ القلوبُ فيها اميراً |
مُذ دعاه النَّدى فلبَّى مُجيبا |
فتشبَّه بفضله تحيَ رَغداً |
وترَ السعدَ في يديك ربيبا |
وتمتَّع بعَطف أُمك وانعَم |
بحُنُوٍ يُنسيك حتى الحليبا |
أيها الطفلُ كُن فتىً عبقريًّا |
واحيَ في قُطرك العزيزِ حسيبا |
واملأَنَّ التاريخ مجداً وفخراً |
وانشُرنَّ الآثار فيه طُيوبا |
مثلك النابغونِ في الأرض كانوا |
فعسى أن تكون أسمى نصيبا |
جئت بكراً لوالدَيك فذاقا |
من ملذَّات ذي الحياة ضُروبا |
وغداً تُصبحُ الأديب المرَّجى |
عند قومٍ يؤَلَهون الأديبا |