كلَّ اليراعُ وما كللتَ فقِف بهِ |
وانظر إلى الذكر الذي أحرزتهُ |
ذكرٌ يخلده الذي صنَّفته |
وجمعتَه وضبطتَه وشرحتَهُ |
أفما لعضبك في حياتك راحةٌ |
يوماً فينسى كلَّ ما حمَّلتهُ |
أَو ما لروحُك من فراغٍ ساعةٌ |
من بعد ما جاهدتَ ما جاهدتهُ |
ايُّ امرئٍ في قُطرنا لم يلتقط |
مما نثرتَ من اليراع وصُغتهُ |
لغةٌ حملتَ لواءَها منذُ الصِبا |
ونشرتهُ في الخافقين وصُنتهُ |
ترنو اليك وأنت تنظُمُ عِقدها |
فتقرُّ مقلتُها بما نظمتهُ |
كم زاد رونقُها بما نسَّقتهُ |
وزها محيَّاها بما نقحتهُ |
ولكم علا بين اللغات مقامُها |
لما تحلت بالذي رصَّعتهُ |
ما المشرقُ الوهَّاجُ إلا كوكبٌ |
ملأ البلاد هدىً بما أودعتهُ |
ما المشرقُ الصداح إِلا بُلبلٌ |
سَكرت بهِ الآذانُ مذ أنطقتهُ |
تصبو اليه نفوسنا كلفاً بما |
حَبرتَهُ فيه وما أَبدعتهُ |
أَنشأتَ للأَعراب أَنفسَ متحفٍ |
ممَّا اكتشفتَ لهم وما استنبطتهُ |
لولاكَ ظلَّت تحت أَطباق الثرى |
آثارهم فاهنأ بما استخرجتَهُ |
لك في الصدور مَهابةٌ قامت على |
عرشٍ بجيشِ المكرمات خفرتهُ |
فالتفتَّ تحت لواك أَشرفُ موكبٍ |
ومشى وراءَك فيلَقٌ درَّبتهُ |
وعزيمةٍ ذاب الحديدُ ولم تذبُ |
وبدا لها الصَّعبُ الجموحُ فرضتهُ |
أرهفتها في كلّ خطبٍ مُعضلٍ |
فنضا عليكَ حُسامهُ فشطرتَهُ |
إنَّ الحمية في فؤادك شيَّدت |
منذُ الفُتوة مَعقلاً عززتهُ |
وحميتَهُ من كلّ طارئةٍ ولم |
تدعِ الغُواةَ تدكّ ما حصَّنتهُ |
خمسين عاماً قد طويتَ مُحلقاً |
كالنسر تهزأُ بالذي عاركتهُ |
وشعارك الحقُّ المبينُ يصونُهُ |
قلَمٌ على الحق المبين وقفتَهُ |
عضبٌ نبَت كلُّ الصوارم دونَهُ |
لم ينثلم حدَّاهُ مذ جرَّدتَهُ |
وشحذتَ بالحُجَج القواطع غربهُ |
فانسلَّ جيشُ البُطل حين شحذتهُ |
لا تُغمِدِ السيفَ الذي ثلم الظُّبى |
ورفعتنا فوق الرُّبى ورفعتَهُ |
لو كان يلقى ذو النبوغ جزاءَهُ |
وينالُ في دنياهُ ما قد نلتهُ |
لأُعيدَ للشرقيِ غابرُ عزه |
وأَراكَ من آياتهِ ما شئتهُ |
أَو كان يُنصب في الحياة لمحسنٍ |
أَثرٌ على ما شاد ممَّا شدتَهُ |
نصبوا لك التِمثالَ فوق مَنارةٍ |
شماءَ من مجموع ما أَنشأتهُ |