غاضَ القَرِيضُ، وسَارَ الرَّكْبُ مِنْ دُونِي |
فِي مَوكِبِ الشِّعْرِ أَبْكِي بَعْدَهُمْ دُونِي |
سَارُواْ، فمَا الشِّعْرُ مِنْهُمْ بَالِغٌ أُذُنِي |
مَا صَدَّ عَنِّي، ولا السُّلْوَانُ يَدْعُونِي |
أ يُقْطَعُ الوحيُ؟؟ ما لي لا يُراجعني |
حادي القريض، وقبلا كان يحدوني؟؟ |
يَخُونُني الشِّعْرُ/ والدُّنْيَا تُصَيِّرُنِي |
مِثْلَ الحَصِيدِ، وريحُ الحُبِّ تَذْرُونِي |
والرُّوحُ في الأرضِº وَدَّتْ لَوْ تُذَرُّ إلى |
جَوِّ السَّماءِ فتُكفى محضر الهونِ |
والجسْمُ ذُرَّ، فلمْ يُبْقِ الغرامُ بهِ |
إِلاَّ مُعَسْكَرَ سُقْمٍ كانَ يَغْزُوني |
في كُلِّ يَومٍ إذا ما الوصلُ صَادفَنِي |
ألقى إلَيَّ بثوبِ الهجرِ يَكسُونِي |
فيَدْفَعُ الْحُلْمُ عَنِّي الثوبَ مجتهدا |
ويَقْصِمُ الدَّهرُ ظَهرِي، ثم يُغْريني |
وهذه الأرضُ حولي ضلَّ ساكنُها |
عنِ السبيلِ، فباع العزَّ بالدُّونِ |
غَدْرٌ يشيعُ، وأَعلامٌ لَهُ رُفِعَتْ |
خِلٌّ يَخُونُ، وعَهْدٌ غيرُ مَضْمُونِ |
حَقٌّ يضيعُ، ورَبُّ الحَقِّ آسرُهُ |
لِصٌّ ضليلٌ وعَبْدٌ غيرُ مأْمُونِ |
يَا مِصْرُ، يا أُمَّ هذي الأرْضِ، لاَ تَهِنِي |
إنْ كَشَّرَ الشَّرُّ عَنْ بَاغٍ ومَأفُونِ |
في شِدَّة الأمرِ يهْدي المرءَ معدنُهُ |
وتَكشِفُ النفسُ عن خافٍ ومدفُونِ |
قدْ أَظْهَرَ البأْسُ زيفَ الفاسقينَ ومَنْ |
يُبْدي التُّقى وَهْوَ ذَيلٌ للشَّيَاطِينِ |
فمَا أرى الضيْقَ إلا مُهْدِياً شرَفاً |
للمُسلمينَ ومجدا غيرَ مَمْنُونْ |
وما أرى الظلمَ إلا مُدنياً أجَلاً |
للظالمينَ وأهل الزورِ والهونِ |
وعُصْبَةٍ مِنْ لئَامِ الخَلْقِ قَدْ مَلَكُواْ |
هذي البلادَ، فذَلَّتْ بعدَ تَمْكينِ |
الذائدونَ سوى عن مِلَّةٍ وحِمَى |
والمُصْلِحُونَ سوى حالاً لمِسكينِ |
السابقونَ إلى ذُلٍّ وتَفرِقَةٍ |
والمسلمُو المعتدِي أرضي لتَوْطينِ |
فَإِنْ عدَا اللصُّ في مِصْرٍ فَهشَّ لَهُ |
إخوانُهُ، فأَخِي ما عَاشَ يفْديني |
لاَ القَولُ قَولي، ولا مَنْ قالَ مَثَّلَنِي |
مَا ظَلَّ يَهذي، فليسَ اللُّؤْمُ مِنْ ديني |
لنْ يهنَأَ الوغدُ حِيناً كي أُهَنِّئَهُ |
ولَنْ تَعِزَّ بِهِ مِصرٌ فيُرضيني |
وَهَلْ أُهَنِّي بِمُلْكٍ دُمْيَةً وُضِعَتْ |
وَخَلْفَهَا يَدُ تَحْريكٍ وتَسْكينٍ؟ |
مَا هنَّأَ الظلمَ إلاَّ مَنْ لَهُ شَرَكٌ |
أوْ طُعْمُ ذي مِرَّةٍ هنَّا بتَلقِينِ |
يا سارقَ النصرِ، هذي مصرُ قدْ خرجتْ |
تُدني رحيلَكَ صرْخاتُ الملايينِ |
لَمْ يبقَ في مصرَ لَمْ يَخرجْ سوى حَجَرٍ |
لو كان يسعى لأضحى في الميادينِ |
قدْ طلَّقَتْكَ جمُوعُ الناسِ صارخةً |
بالظلم والزورِ والأرزاءِ أنْ بِينِي |
هذي القلوبُ توافتْ، ليسَ تُردَعُ عن |
نَيلِ المرادِ بجَعْلٍ أَوْ قرابِينِ |
هذي الحناجرُ دوَّتْ، ليسَ يُسْكِتُهَا |
وقعُ الرصاصِ، ولا جَيْشُ المساجينِ |
والنَّصْرُ آتٍº فإما نيلَ ما طلبوا |
أو الشهادةُ في أسمى العناوينِ |
وهل يرى بهما مِنْ عَاقِلٍ بَدَلاً |
أَوْ يُرْتَشَى عنهما بالمالِ ذُو دينِ |
ولسْتَ -مَهْمَا فَدَاكَ المُجرمونَ ومن |
يحمي الفسَادَ- على حالٍ بميمونِ |
فما يُرَقِّعُ ثَوبٌ خُرقَ لابِسِهِ |
وما يُكَفِّرُ دهرٌ جُرْمَ مَظنُونِ |
فإِنْ نسيتَ، فما الأيَّامُ ناسيةٌ |
دِمَا شَهِيدٍ، ولا آهاتِ مَطْعُونِ |
إذَا ذُكرتَ لأجيَالٍ فرَبُّ دَمٍ |
تِربُ الخيَانَةِ مَأثورٌ في الملاعِينِ |
وأسفه الناسِ خَوَّانٌ عتَا وعَدَا |
يرمي الوَفِيَّ إِذَا أمسى بتخوينِ |
وأَشرَفُ الناسِ مَنْ في السجنِ/ تُهمَتُهُ |
نصرُ الجِهَادِ وأهلٍ في فلسطينِ |
ما كَان أمرُكَ مرسي مُرسيا وتِداً |
إلا وزلزلَ عَرْشاً للشياطينِ |
ما كادَ أَمْرُكَ يُمْضِي في البِنَاءِ يَداً |
حَتَّى أحَاطَ به كيدُ الفراعينِ |
بذا يعيشونَ، لولا الحِقْدُ لانقرضُوا |
وذي الحياةُ، صراعُ العزِّ والهُونُ |
قد بيَّنَ اللهُ أهلَ المخْزياتِ بكم |
وميزَ الناس عن جيشِ البراذينِ |
وكانَ محنتك الفاروقَ بينهما |
حقا، وحسبك مِنْ ذا حقدُ مأفونِ |