|
إلهي عَلَى كلِّ الأمورِ لَكَ الحمْدُ | |
|
| فليس لما أوليت من نعمٍ حدُّ |
|
لك الأمرُ من قبل الزمانِ وبعدهِ | |
|
| ومالكَ قبلٌ كالزمانِ ولا بعدُ |
|
وحُكْمكَ ماض في الخلائِق نَافذٌ | |
|
| إِذا شئتَ أمراً ليس من كونِه بُدُّ |
|
تُضلُّ وتهدي منْ تشَاءُ منَ الوَرَى | |
|
| وما بِيد الإنْسَان غَيٌّ ولا رُشْدُ |
|
دعوا معشر الضلال عنا حديثكم | |
|
| فلا خطأٌ منه يجابُ ولا عمدُ |
|
فلو أنكم خلقٌ كريمٌ مُسختمْ | |
|
| بقَوْلِكُم لكن بمَنْ يُمْسَخُ القِرْدُ؟ |
|
أتانا حديثٌ ما كرهنا بمثلهِ | |
|
| لكُمْ فِتْنَة ً فيها لمِثلِكُمُ حَصْدُ |
|
غَنِيتُمُ عَنِ التأْويلِ فيه بظاهرٍ | |
|
| وَمَن ترَكَ الصّمْصَامَ لم يُغَنِهِ الغِمْدُ |
|
وَأَعْشى ضياءُ الحقِّ ضَعْفَ عُقُولِكمْ | |
|
| وشمسُ الضُّحَى تَعْشَى بها الأَعيُنُ الرُّمْد |
|
ولن تدركوا بالجهل رشداً وإنما | |
|
| يُفرقُ بين الزيفِ والجيد النقدُ |
|
وعظتم فزدتمْ بالمواعظِ نسوة | |
|
| ً وليسَ يفيدُ القَدْحُ إن أَصْلَدَ الزَّنْد |
|
وما لَيَّنتْ نار الحجازِ قلوبكمْ | |
|
| وَقد ذابَ مِن حرِّ بها الحَجَرُ الصَّلْدُ |
|
وَما هِيَ إلا عينُ نَارِ جَهنَّم | |
|
| تَرَدَّدَ مِنْ أَنفاسِها الحرُّ وَالبَرْدُ |
|
أتت بشواظٍ مُكفَهِرٍ نحاسهُ | |
|
| فلوِّحَ منها للضحى والدجى جلد |
|
فما اسودَّ من ليلٍ غدا وهو أبيضٌ | |
|
| وَما ابيضَّ منْ صبْحٍ غَدا وَهْوَ مُسْوَدُّ |
|
تُدَمِّرُ ما تأتي عليه كعاصفٍ | |
|
| من الرِّيح ما إن يُستطاعُ لهُ رَدُّ |
|
تَمُرُّ عَلَى الأرض الشديد اختلافُها | |
|
| فَتُنْجِدُ غَوْراً أوْ يغورُ بها نَجْدُ |
|
وَتَرْمِي إلى الجوِّ الصُّخورَ كأنما | |
|
| بِباطِنهَا غيظٌ على الجَوِّ أوْ حِقْدُ |
|
وتخشى بيوتُ النارِ حرَّ دُخانها | |
|
| وَيَزْدَادُ طُغيانا بها الفُرسُ والهِنْدُ |
|
فلو قَرُبَتْ مِنْ سَدِّ يأجُوجَ بَعْدَما | |
|
| بَنَى منه ذُو القَرْنَيْنِ دُكَّ بها السَّدُّ |
|
وَلَمَّا أساء الناسُ جِيرة َ ربِّهِمْ | |
|
| ولمْ يَرْعَها منهم رئيسٌ وَلا وَغْدُ |
|
أَراهم مَقاماً ليسَ يُرْعَى لِجَارِهِ | |
|
| ذمامٌ ولم يحفظ لساكنه عهدُ |
|
|
| وأبراجها والسورُ إذ أبدع الوقدُ |
|
وقد أبصرتها أهل بصرى كأنما | |
|
| هي البصرة الجاري بها الجزر والمدُّ |
|
أضاءت على بعد المزار لأهلها | |
|
| من الإبلِ الأعناقُ والليلُ مربدُ |
|
أشارت إلى أن المدينة قصدُها | |
|
| وَلله سِرٌّ أنْ فَدَى ابنَ خَلِيلِهِ |
|
يروحُ ويغدو كلُّ هولٍ وكربة ٍ | |
|
| على الناس منها إذ تروح وإذ تغدو |
|
فلمَّا التَجَوْا للمصطفى وتَحرَّمُوا | |
|
| بساحتهِ والأمرُ بالناسِ مشتدُّ |
|
أتوا بشفيعٍ لا يردُّ ولم يكنْ | |
|
| بِخَلْقٍ سوَاهُ ذلك الهَوْلُ يَرْتَدُّ |
|
فأُطْفِئَتِ النارُ التي وَقَفَ الوَرَى | |
|
| حيارى لديها لم يعيدوا ولم يبدوا |
|
فإنْ حَدَثَتْ مِنْ بَعْدِها نارُ فِريَة | |
|
| ٍ فما ذلك الشيءُ الفَرِيُّ وَلا الإِدُّ |
|
فللَّه سِرُّ الكائناتِ وجَهْرُها | |
|
| فكمْ حِكم تَخْفَى وَكَمْ حِكَم تَبْدُو |
|
وقدماً حمى من صاحب الفيلِ بيتهُ | |
|
| ولمَّا أَتى الحَجَّاجُ أَمْكَنَهُ الهَدُّ |
|
فلا تنكروا أن يحرمَ الحرمُ الغنى | |
|
| وساكنه من فخره الفقر والزهدُ |
|
|
| ٍ وَلو خُيِّروا في ذلِكَ الأمرِ لَمْ يُفدُوا |
|
فَواعَجَباً حتى البِقاعُ كَريمَة | |
|
| ٌ لها مثلُ ما للساكِنِ الجاهُ وَالرِّفْدُ |
|
فإِن يَتَضَوَّعْ منه طِيبٌ بِطَيْبة | |
|
| ٍ فما هو إلاَّ المندلُ الرطبُ والندُّ |
|
وإن ذهبت بالنار عنه زخارفٌ | |
|
| فما ضَرَّهُ منها ذَهابٌ وَلا فَقْدُ |
|
أَلاَ رُبما زادَ الحَبيبُ مَلاَحَة ً | |
|
| إذا شُقَّ عنه الدرعُ وانتثرَ العقدُ |
|
وكم سُتِرَتْ لِلْحُسْن بالحَلْي مِنْ حُلًى | |
|
| وكم جَسَدٍ غَطَّى مَحَاسِنَهُ البُرْدُ |
|
وأهيبُ ما يُلقى الحسامُ مجرَدَّاً | |
|
| ورَوْنَقُهُ أنْ يَظْهَرَ الصَّفْحُ وَالحَدُّ |
|
وما تلكَ للإسلامِ إلا بواعثٌ | |
|
| على أَنْ يجِلَّ الشَّوْقُ أوْ يَعْظُمَ الوَجْدُ |
|
إِلى تُرْبَة ٍ ضَمَّ الأَمانَة َ والتُّقَى | |
|
| بها والنَّدى والفضلَ من أحمدٍ لحدُ |
|
إلى سَيِّدٍ لم تأْتِ أُنْثَى بِمِثْلِهِ | |
|
| وَلاَ ضَمَّ حِجْرٌ مِثْلهُ لاَ وَلاَ مَهْدُ |
|
ولم يمشِ في نعلٍ ولا وطىء َ الثرى | |
|
| شبيهٌ له في العالمين ولا ندُّ |
|
شَبوقد أُحْكِمَتْ آياتُهُ وتشابَهَتْ | |
|
| فَلِلْمُبْتَدِي وِرْدٌ لِلمُنْتَهي وِرْد |
|
وإن كان فيها كالنجوم تناسخٌ | |
|
| فطالعُهَا سَعْدٌ وغاربُها سعْدُ |
|
وإن قصرت عن شأوها كل فكرة | |
|
| ٍ فليست يدٌ للأنجم الزهرِ تمتدُ |
|
فلمَّا عَمُوا عنها وصَمُّوا أَراهمُ | |
|
| سيوفاً لها برقٌ وخيلاً لها رعدُ |
|
ومن لم يلن منه إلى الحق جانبٌ | |
|
| بِقَولٍ أَلانَتْ جَانِبَيهِ القَنا المُلْد |
|
وقد يُعجِزُ الدَّاءُ الدَّواءَ مِن امرِىء | |
|
| ٍ ويشفيه من داء به الكي والفصدُ |
|
|
| نيوبٌ وأظفارٌ لهم فهم أسدُ |
|
ثقاتٌ من الإسلامِ إن يعدوا يفوا | |
|
| وإن يسألوا يهدوا وإن يقصدوا يجدوا |
|
وَأَمَّا مكانُ الصِّدقِ منهم فإِنه | |
|
| مقالهُمُ وَالطّعْنُ والضَّرْبُ والوعْدُ |
|
إِذا ادَّرَعُوا كانتْ عُيُونُ دُرُوعِهِمْ | |
|
| قلوباً لها في الرَّوْحِ مِنْ بَأْسِهِم سَرْدُ |
|
|
| ٍ تَحَلَّتْ بِكلٍّ مِنْهما الشِّيبُ وَالمُرْدُ |
|
بهاليلُ أما بذلهم في جهادهم | |
|
| فأنفسهم والمالُ والنصحُ والحمدُ |
|
فلله صديقُ النبيِّ الذي له | |
|
| فضائلُ لم يدرك بعدٍّ لها حدُّ |
|
وَمَنْ كانَ لِلْمُخْتَارِ في الغارِ ثانياً | |
|
| وَجَادَ إلى أنْ صارَ ليسَ لهُ وَجْد |
|
فإِنْ يَتَخَلَّلْ بالعباءَة ِ إنه | |
|
| بذلك في خُلاَّتهِ العلمُ الفردُ |
|
ومن لم يخف في الله لومة لائمٍ | |
|
| وَلم يُعْيِهِ قِسْطٌ يُقامُ وَلا حَدُّ |
|
ولا راعه في الله قتلُ شقيقهِ | |
|
| ألا هكذا في الله فليكن الجَلدُ |
|
ومنْ جَمَعَ القرآنَ فاجْتَمَعَتْ به | |
|
| فضائلُ منه مثل ما اجتمعَ الزبدُ |
|
وجهَّزَ جيشاً سار في وقت عسرة | |
|
| ٍ تعذَّر من قوتٍ به الصاعُ والمدُّ |
|
ومن لم يُعَفَّر كَرَّمَ الله وجهه | |
|
| جبينٌ لغير الله منه ولا خدُّ |
|
فَتَى الحَربِ شَيْخُ العِلْمِ والحِلْمَ والحِجَى | |
|
| عَلِيُّ الذي جَدُّ النَّبيِّ لَهُ جَدُّ |
|
ومَن كانَ مِنْ خيرِ الأَنامِ بِفَضْلِهِ | |
|
| كهارونَ مِن موسَى وذلكمُ الجَدُّ |
|
تَوَهَّمْتَ أَنَّ الخَطْبَ ليس لهُ زَنْد
|
وإن عجمت أفواهها عودَ بأسهِ | |
|
| أَفادَتْكَ عِلْماً أَنَّ أفواهَها دُرْدُ |
|
يُوَرِّدُ خديهِ الجلادُ وسيفهُ | |
|
| فذَاكَ إِذَا شَبَّهْتَهُ الأَسَدُ الوَرْدُ |
|
|
| ٌ سَلَبْتُمْ بها قلبي وصارَ له عِنْدُ |
|
على أنَّ تذكاري لما قد أصابكم | |
|
| يُجدِّدُ أشجاني وإن قدم العهدُ |
|
فِدًى لكُمُ قَوْمٌ شقُوا وَسَعِدْتُمُ | |
|
| فدارُهمُ الدنيا ودارُكمُ الخُلْدُ |
|
أترجونَ من أبناء هندٍ مودة | |
|
| ً وَقَدْ أرضَعَتْهُمْ دَرَّ بِغضَتِها هِنْدُ |
|
فلاَ قَبِلَ الرَّحْمنُ عُذْرِي عُداتِكم | |
|
| فإِنهم لا يَنْتَهُونَ وإِنْ رُدُّوا |
|
إليك رسول الله عذري فإنني | |
|
| بِحُبِّكَ في قَوْلِي ألِينُ وَأَشْتَدُّ |
|
فإن ضاع قولي في سواك ضلالة | |
|
| ً فما أنا بالماضي من القول معتدُّ |
|
وما امتد لي طرفٌ ولا لان جانبٌ | |
|
| لِغَيْرِكَ إلا ساءني اللِّينُ والمَدُّ |
|
أأشْغَلُ عَنْ رَيْحَانَتَيْكَ قَريحَتِي | |
|
| بشيحٍ ورندٍ لا نما الشيح والرَّندُ |
|
وأَدْعُو سِفاهاً غيرَ آلِكَ سادتي | |
|
| وهل أنا إنْ وُفقتُ إلا لهم عبدُ |
|
فلاراح معنياً بمدحي حاتمٌ | |
|
| ولا عُنِيَتْ هندٌ بِحبِّي ولا دَعْدُ |
|
ولا هيَّجت شوقي ظباءٌ بوجرة | |
|
| ٍ ولا بعثتْ وصفي نقانقها الربدُ |
|
ويا طِيبَ تَشْبِيبي بِطَيْبَة َ لاثَنَى | |
|
| عنان لساني عنك غورٌ ولا نجدُ |
|
فَهَبْ لي رسولَ الله قُرْبَ مَوَدَّة ٍ | |
|
| تَقَرُّ بِهِ عَيْنٌ وتَرْوَى بِه كِبْد |
|
وإني لأَرجو أنْ يُقَرِّبَنِي إِلَى | |
|
| جَنابِكَ إِرْقالُ الرَّكائِبِ والوخْد |
|
ولولا وثوقي منك بالفوزِ في غدٍ | |
|
| لما لَذَّ لي يَوْماً شَرابٌ وَلاَ بَرْدُ |
|
علَيْكَ صلاة ُ الله يُضْحِي بطيْبَة | |
|
| ٍ لَدَيْكَ بها وفْدٌ ويُمْسِي بها وفْدُ |
|