أمِنْ تَذَكِّرِ جيرانٍ بذي سَلَمِ | |
|
| مَزَجْتَ دَمعا جرى مِن مُقلَةٍ بِدَمِ |
|
أَم هَبَّتِ الريحُ مِن تلقاءِ كاظِمَةٍ | |
|
| وأومَضَ البرقُ في الظَّلماءِ مِن اِضَمِ |
|
فما لِعَينيك اِن قُلتَ اكْفُفَا هَمَتَا | |
|
| وما لقلبِكَ اِن قلتَ استَفِقْ يَهِمِ |
|
أيحَسب الصَبُّ أنَّ الحبَّ مُنكَتِمٌ | |
|
| ما بينَ منسَجِمٍ منه ومُضْطَرِمِ |
|
لولا الهوى لم تُرِقْ دمعا على | |
|
| طَلِلِ ولا أَرِقْتَ لِذِكْرِ البانِ والعَلَمِ |
|
فكيفَ تُنْكِرُ حبا بعدما شَهِدَت | |
|
| به عليك عُدولُ الدمعِ والسَّقَمِ |
|
وأثبَتَ الوَجْدُ خَطَّي عَبْرَةٍ وضَنَى | |
|
| مثلَ البَهَارِ على خَدَّيك والعَنَمِ |
|
نَعَم سرى طيفُ مَن أهوى فأَرَّقَنِي | |
|
| والحُبُّ يعتَرِضُ اللذاتِ بالأَلَمِ |
|
يا لائِمي في الهوى العُذْرِيِّ مَعذرَةً | |
|
| مِنِّي اليك ولَو أنْصَفْتَ لَم تَلُمِ |
|
عَدَتْكَ حالي لا سِرِّي بمُسْتَتِرٍ | |
|
| عن الوُشاةِ ولا دائي بمُنحَسِمِ |
|
مَحَّضْتَنِي النُّصْحَ لكِنْ لَستُ أسمَعُهُ | |
|
| اِنَّ المُحِبَّ عَنِ العُذَّالِ في صَمَمِ |
|
اِنِّي اتَّهَمْتُ نصيحَ الشَّيْبِ فِي عَذَلِي | |
|
| والشَّيْبُ أبعَدُ في نُصْحٍ عَنِ التُّهَمِ |
|
فانَّ أمَّارَتِي بالسوءِ ما اتَّعَظَت | |
|
| مِن جهلِهَا بنذير الشَّيْبِ والهَرَمِ |
|
ولا أعَدَّتْ مِنَ الفِعلِ الجميلِ قِرَى | |
|
| ضَيفٍ أَلَمَّ برأسي غيرَ مُحتشِمِ |
|
لو كنتُ أعلمُ أنِّي ما أُوَقِّرُهُ | |
|
| كتمتُ سِرَّا بَدَا لي منه بالكَتَمِ |
|
مَن لي بِرَدِّ جِمَاح مِن غَوَايتِهَا | |
|
| كما يُرَدُّ جِمَاَحُ الخيلِ بالُّلُجُمِ |
|
فلا تَرُمْ بالمعاصي كَسْرَ شهوَتهَا | |
|
| اِنَّ الطعامَ يُقوِّي شهوةَ النَّهِمِ |
|
والنَّفسُ كَالطّفلِ إِنْ تُهمِلْه ُشَبَّ عَلَى | |
|
| حُبِّ الرّضَاع وَإِنْ تَفْطِمْهُ يَنفَطِمِ |
|
فاصْرِف هواها وحاذِر أَن تُوَلِّيَهُ | |
|
| أِنَّ الهوى ما تَوَلَّى يُصْمِ أو يَصِمِ |
|
وراعِهَا وهْيَ في الأعمال سائِمَةٌ | |
|
| واِنْ هِيَ استَحْلَتِ المَرعى فلا تُسِمِ |
|
كَم حسَّنَتْ لَذَّةً للمرءِ قاتِلَةً مِن | |
|
| حيثُ لم يَدْرِ أَنَّ السُّمَّ في الدَّسَمِ |
|
واخْشَ الدَّسَائِسَ مِن جوعٍ ومِن شِبَعٍ | |
|
| فَرُبَّ مخمَصَةٍ شَرٌّ مِنَ التُّخَمِ |
|
واستَفرِغِ الدمعَ مِن عينٍ قَدِ امْتَلأتْ | |
|
| مِن المَحَارِمِ والْزَمْ حِميَةَ النَّدَمِ |
|
وخالِفِ النفسَ والشيطانَ واعصِهِمَا | |
|
| واِنْ هما مَحَّضَاكَ النُّصحَ فاتَّهِمِ |
|
ولا تُطِعْ منهما خصمَا ولا حكَمَا | |
|
| فأنت تعرفُ كيدَ الخَصمِ والحَكَمِ |
|
ظَلمتُ سُنَّةَ مَن أحيا الظلامَ الى | |
|
| أنِ اشتَكَتْ قدمَاهُ الضُّرَّ مِن وَرَمِ |
|
وشَدَّ مِن سَغَبٍ أحشاءَهُ وطَوَى | |
|
| تحتَ الحجارةِ كَشْحَاَ ًمُتْرَفَ الأَدَمِ |
|
وراوَدَتْهُ الجبالُ الشُّمُّ مِن ذَهَبٍ | |
|
| عن نفسِه فأراها أيَّمَا شَمَمِ |
|
وأكَّدَت زُهدَهُ فيها ضرورَتُهُ | |
|
| اِنَّ الضرورةَ لا تعدُو على العِصَمِ |
|
محمدٌّ سيدُ الكونينِ والثقَلَيْنِ | |
|
| والفريقين مِن عُربٍ ومِن عَجَمِ |
|
نَبِيُّنَا الآمِرُ النَّاهِي فلا أَحَدٌ | |
|
| أبَرُّ في قَولِ لا منه ولا نَعَمِ |
|
هُو الحبيبُ الذي تُرجَى شفاعَتُهُ | |
|
| لكُلِّ هَوْلٍ مِن الأهوالِ مُقتَحَمِ |
|
دَعَا الى اللهِ فالمُستَمسِكُون بِهِ | |
|
| مُستَمسِكُونَ بِحبلٍ غيرِ مُنفَصِمِ |
|
فاقَ النَّبيينَ في خَلْقٍ وفي خُلُقٍ | |
|
| ولم يُدَانُوهُ في عِلمٍ ولا كَرَمِ |
|
وكُلُّهُم مِن رسولِ اللهِ مُلتَمِسٌ | |
|
| غَرْفَا مِنَ البحرِ أو رَشفَاً مِنَ الدِّيَمِ |
|
وواقِفُونَ لَدَيهِ عندَ حَدِّهِمِ مِن | |
|
| نُقطَةِ العلمِ أو مِن شَكْلَةِ الحِكَمِ |
|
فَهْوَ الذي تَمَّ معناهُ وصورَتُهُ | |
|
| ثم اصطفاهُ حبيباً بارِيءُ النَّسَمِ |
|
مُنَزَّهٌ عن شريكٍ في محاسِنِهِ | |
|
| فجَوهَرُ الحُسنِ فيه غيرُ منقَسِمِ |
|
دَع ما ادَّعَتهُ النصارى في نَبِيِّهِمِ | |
|
| واحكُم بما شئتَ مَدحَاً فيه واحتَكِمِ |
|
وانسُبْ الى ذاتِهِ ما شئتَ مِن شَرَفٍ | |
|
| وانسُب الى قَدْرِهِ ما شئتَ مِن عِظَمِ |
|
فاِنَّ فَضلَ رسولِ اللهِ ليس له | |
|
| حَدٌّ فَيُعرِبَ عنهُ ناطِقٌ بِفَمِ |
|
لو ناسَبَتْ قَدْرَهُ آياتُهُ عِظَمَاً | |
|
| أحيا اسمُهُ حين يُدعَى دارِسَ الرِّمَمِ |
|
لم يمتَحِنَّا بما تَعيَا العقولُ به | |
|
| حِرصَاً علينا فلم نرتَبْ ولم نَهِمِ |
|
أعيا الورى فَهْمُ معناهُ فليسَ يُرَى | |
|
| في القُرْبِ والبُعدِ فيه غيرُ مُنفَحِمِ |
|
كالشمسِ تظهَرُ للعينَيْنِ مِن بُعُدٍ | |
|
| صغيرةً وتُكِلُّ الطَّرْفَ مِن أَمَمِ |
|
وكيفَ يُدرِكُ في الدنيا حقيقَتَهُ | |
|
| قَوْمٌ نِيَامٌ تَسَلَّوا عنه بالحُلُمِ |
|
فمَبْلَغُ العِلمِ فيه أنه بَشَرٌ | |
|
| وأَنَّهُ خيرُ خلْقِ الله كُلِّهِمِ |
|
وكُلُّ آيٍ أتَى الرُّسْلُ الكِرَامُ بِهَا | |
|
| فانما اتصَلَتْ مِن نورِهِ بِهِمِ |
|
فاِنَّهُ شمسُ فَضْلٍ هُم كواكِبُهَا | |
|
| يُظهِرْنَ أنوارَهَا للناسِ في الظُّلَمِ |
|
أكرِمْ بخَلْقِ نبيٍّ زانَهُ خُلُقٌ | |
|
| بالحُسنِ مشتَمِلٌ بالبِشْرِ مُتَّسِمِ |
|
كالزَّهرِ في تَرَفٍ والبدرِ في شَرَفٍ | |
|
| والبحرِ في كَرَمٍ والدهرِ في هِمَمِ |
|
كأنَّهُ وهْوَ فَرْدٌ مِن جلالَتِهِ | |
|
| في عسكَرٍ حينَ تلقاهُ وفي حَشَمِ |
|
كأنَّمَا اللؤلُؤُ المَكنُونُ في صَدَفٍ | |
|
| مِن مَعْدِنَيْ مَنْطِقٍ منه ومبتَسَمِ |
|
لا طيبَ يَعدِلُ تُرْبَا ضَمَّ أعظُمَهُ | |
|
| طوبى لمُنتَشِقٍ منه وملتَثِمِ |
|
أبانَ مولِدُهُ عن طِيبِ عنصُرِهِ | |
|
| يا طِيبَ مُبتَدَاٍ منه ومُختَتَمِ |
|
يَومٌ تَفَرَّسَ فيه الفُرسُ أنَّهُمُ | |
|
| قَد أُنذِرُوا بِحُلُولِ البُؤسِ والنِّقَمِ |
|
وباتَ اِيوَانُ كِسرَى وَهْوَ مُنْصَدِعٌ | |
|
| كَشَملِ أصحابِ كِسرَى غيرَ مُلتَئِمِ |
|
والنارُ خامِدَةُ الأنفاسِ مِن أَسَفٍ | |
|
| عليه والنهرُ ساهي العَيْنِ مِن سَدَمِ |
|
وساءَ ساوَةَ أنْ غاضَتْ بُحَيرَتُهَا | |
|
| وَرُدَّ وارِدُهَا بالغَيْظِ حينَ ظَمِي |
|
كأَنَّ بالنارِ ما بالماءِ مِن بَلَلٍ | |
|
| حُزْنَاً وبالماءِ ما بالنار مِن ضَرَمِ |
|
والجِنُّ تَهتِفُ والأنوارُ ساطِعَةٌ | |
|
| والحقُّ يظهَرُ مِن معنىً ومِن كَلِمِ |
|
عَمُوا وصَمُّوا فاِعلانُ البشائِرِ | |
|
| لم تُسمَعْ وبارِقَةُ الاِنذارِ لم تُشَمِ |
|
مِن بعدِ ما أخبَرَ الأقوامَ كاهِنُهُم | |
|
| بأنَّ دينَهُمُ المُعوَجَّ لم يَقُمِ |
|
وبعد ما عاينُوا في الأُفقِ مِن شُهُبٍ | |
|
| مُنقَضَّةٍ وَفقَ ما في الأرضِ مِن صَنَمِ |
|
حتى غَدا عن طريقِ الوَحيِ مُنهَزِمٌ | |
|
| مِن الشياطينِ يقفُو اِثْرَ مُنهَزِمِ |
|
كأنَّهُم هَرَبَا أبطالُ أبْرَهَةٍ أو | |
|
| عَسكَرٌ بالحَصَى مِن راحَتَيْهِ رُمِي |
|
نَبْذَا به بَعدَ تسبيحٍ بِبَطنِهِمَا | |
|
| نَبْذَ المُسَبِّحِ مِن أحشاءِ ملتَقِمِ |
|
جاءت لِدَعوَتِهِ الأشجارُ ساجِدَةً | |
|
| تمشِي اِليه على ساقٍ بلا قَدَمِ |
|
كأنَّمَا سَطَرَتْ سطرا لِمَا كَتَبَتْ | |
|
| فُرُوعُهَا مِن بديعِ الخَطِّ في الَّلقَمِ |
|
مثلَ الغمامَةِ أَنَّى سارَ سائِرَةً | |
|
| تَقِيهِ حَرَّ وَطِيسٍ للهَجِيرِ حَمِي |
|
وما حوى الغارُ مِن خيرٍ ومِن كَرَمِ | |
|
| وكُلُّ طَرْفٍ مِنَ الكفارِ عنه عَمِي |
|
فالصدقُ في الغارِ والصدِّيقُ لم يَرِمَا | |
|
| وهُم يقولون ما بالغارِ مِن أَرِمِ |
|
ظنُّوا الحمامَةَ وظنُّوا العنكبوتَ على | |
|
| خيرِ البَرِّيَّةِ لم تَنسُجْ ولم تَحُمِ |
|
وِقَايَةُ اللهِ أغنَتْ عَن مُضَاعَفَةٍ | |
|
| مِنَ الدُّرُوعِ وعن عالٍ مِنَ الأُطُمِ |
|
ما سامَنِي الدَّهرُ ضيمَاً واستَجَرتُ بِهِ | |
|
| اِلا ونِلتُ جِوَارَاً منه لم يُضَمِ |
|
ولا التَمستُ غِنَى الدَّارَيْنِ مِن يَدِهِ اِلا | |
|
| استَلَمتُ النَّدَى مِن خيرِ مُستَلَمِ |
|
لا تُنكِرِ الوَحْيَ مِن رُؤيَاهُ اِنَّ لَهُ قَلْبَاً | |
|
| اِذا نامَتِ العينانِ لم يَنَمِ |
|
وذاكَ حينَ بُلُوغٍ مِن نُبُوَّتِهِ | |
|
| فليسَ يُنكَرُ فيهِ حالُ مُحتَلِمِ |
|
تبارَكَ اللهُ ما وَحيٌ بمُكتَسَبٍ | |
|
| ولا نبيٌّ على غيبٍ بمُتَّهَمِ |
|
كَم أبْرَأَتْ وَصِبَاً باللمسِ راحَتُهُ | |
|
| وأطلَقَتْ أَرِبَاً مِن رِبقَةِ اللمَمِ |
|
وأَحْيت السَنَةَ الشَّهباءَ دَعوَتُهُ | |
|
| حتى حَكَتْ غُرَّةً في الأَعصُرِ الدُّهُمِ |
|
بعارِضٍ جادَ أو خِلْتَ البِطَاحَ بها | |
|
| سَيْبٌ مِنَ اليمِّ أو سَيْلٌ مِنَ العَرِمِ |
|
دَعنِي وَوَصفِيَ آياتٍ له ظهَرَتْ | |
|
| ظهُورَ نارِ القِرَى ليلا على عَلَمِ |
|
فالدُّرُ يزدادُ حُسناً وَهْوَ مُنتَظِمُ | |
|
| وليس يَنقُصُ قَدرَاً غيرَ مُنتَظِمِ |
|
فمَا تَطَاوُلُ آمالِ المدِيحِ الى | |
|
| ما فيه مِن كَرَمِ الأخلاقِ والشِّيَمِ |
|
آياتُ حَقٍّ مِنَ الرحمنِ مُحدَثَةٌ | |
|
| قديمَةٌ صِفَةُ الموصوفِ بالقِدَمِ |
|
لم تَقتَرِن بزمانٍ وَهْيَ تُخبِرُنا | |
|
| عَنِ المَعَادِ وعَن عادٍ وعَن اِرَمِ |
|
دامَتْ لدينا ففاقَتْ كُلَّ مُعجِزَةٍ | |
|
| مِنَ النَّبيينَ اِذ جاءَتْ ولَم تَدُمِ |
|
مُحَكَّمَاتٌ فما تُبقِينَ مِن شُبَهٍ | |
|
| لذي شِقَاقٍ وما تَبغِينَ مِن حِكَمِ |
|
ما حُورِبَت قَطُّ الا عادَ مِن حَرَبٍ | |
|
| أَعدَى الأعادِي اليها مُلقِيَ السَّلَمِ |
|
رَدَّتْ بلاغَتُهَا دَعوى مُعارِضِهَا | |
|
| رَدَّ الغَيُورِ يَدَ الجانِي عَن الحُرَمِ |
|
لها مَعَانٍ كَموْجِ البحرِ في مَدَدٍ | |
|
| وفَوقَ جَوهَرِهِ في الحُسنِ والقِيَمِ |
|
فَمَا تُعَدُّ ولا تُحصَى عجائِبُهَا | |
|
| ولا تُسَامُ على الاِكثارِ بالسَّأَمِ |
|
قَرَّتْ بَها عينُ قارِيها فقُلتُ له | |
|
| لقد ظَفِرتَ بحَبْلِ الله فاعتَصِمِ |
|
كأنَّها الحوضُ تَبيَضُّ الوُجُوهُ بِهِ | |
|
| مِنَ العُصَاةِ وقَد جاؤُوهُ كالحُمَمِ |
|
وكالصِّراطِ وكالميزانِ مَعدَلَةً | |
|
| فالقِسطُ مِن غيرِهَا في الناسِ لم يَقُمِ |
|
لا تَعجَبَنْ لِحَسُودٍ راحَ يُنكِرُهَا | |
|
| تجاهُلا وَهْوَ عينُ الحاذِقِ الفَهِمِ |
|
قد تُنكِرُ العينُ ضَوْءَ الشمسِ مِن رَمَدٍ | |
|
| ويُنكِرُ الفَمَ طعمَ الماءِ مِن سَقَمِ |
|
يا خيرَ مَن يَمَّمَ العافُونَ ساحَتَهُ | |
|
| سعيَا وفَوقَ مُتُونِ الأَيْنُقِ الرُّسُمِ |
|
ومَن هُوَ الآيةُ الكُبرَى لمُعتَبِرٍ | |
|
| ومَن هُوَ النِّعمَةُ العُظمَى لِمُغتَنِمِ |
|
سَرَيتَ مِن حَرَمٍ ليلا الى حَرَمِ | |
|
| كما سَرَى البَدرُ في داجٍ مِنَ الظُّلَمِ |
|
وبِتَّ ترقَى الى أن نِلتَ مَنزِلَةً | |
|
| مِن قابَ قوسَيْنِ لم تُدرَكْ ولَم تُرَمِ |
|
وقَدَّمَتْكَ جميعُ الأنبياءِ بها | |
|
| والرُّسْلِ تقديمَ مخدومٍ على خَدَمِ |
|
وأنتَ تَختَرِقُ السبعَ الطِّبَاقَ بهم | |
|
| في مَوكِبٍ كُنتَ فيه صاحِبَ العَلَمِ |
|
حتى اذا لم تدَعْ شَأْوَاً لمُستَبِقٍ | |
|
| مِنَ الدُّنُوِّ ولا مَرقَىً لمُستَنِمِ |
|
خَفَضْتَ كُلَّ مَقَامٍ بالاضافَةِ اِذ | |
|
| نُودِيتَ بالرَّفعِ مثلَ المُفرَدِ العَلَمِ |
|
كيما تَفُوزَ بِوَصْلٍ أيِّ مُستَتِرِ | |
|
| عَنِ العُيون وسِرٍّ أيِّ مُكتَتِمِ |
|
فَحُزتَ كُلَّ فَخَارٍ غيرَ مُشتَرَكٍ | |
|
| وجُزْتَ كُلَّ مَقَامٍ غيرَ مُزدَحَمِ |
|
وجَلَّ مِقدَارُ ما وُلِّيتَ مِن رُتَبٍ | |
|
| وعَزَّ اِدراكُ ما أُولِيتَ مِن نِعَمِ |
|
بُشرَى لنا مَعشَرَ الاسلامِ اِنَّ لنا | |
|
| مِنَ العِنَايَةِ رُكنَاً غيرَ منهَدِمِ |
|
لمَّا دَعَى اللهُ داعينا لطاعَتِهِ | |
|
| بأكرمِ الرُّسْلِ كُنَّا أكرَمَ الأُمَمِ |
|
راعَتْ قلوبَ العِدَا أنباءُ بِعثَتِهِ | |
|
| كَنَبأَةٍ أَجْفَلَتْ غُفْلا مِنَ الغَنَمِ |
|
ما زالَ يلقاهُمُ في كُلِّ مُعتَرَكٍ | |
|
| حتى حَكَوْا بالقَنَا لَحمَا على وَضَمِ |
|
وَدُّوا الفِرَارَ فكادُوا يَغبِطُونَ به | |
|
| أشلاءَ شالَتْ مَعَ العُقبَانِ والرَّخَمِ |
|
تَمضِي الليالي ولا يَدرُونَ عِدَّتَهَا | |
|
| ما لم تَكُن مِن ليالِي الأُشهُرِ الحُرُمِ |
|
كأنَّمَا الدِّينُ ضَيْفٌ حَلَّ ساحَتَهُم | |
|
| بكُلِّ قَرْمٍ الى لَحمِ العِدَا قَرِمِ |
|
يَجُرُّ بحرَ خميسٍ فَوقَ سابِحَةٍ | |
|
| يرمي بمَوجٍ من الأبطالِ ملتَطِمِ |
|
مِن كُلِّ منتَدِبٍ لله مُحتَسِبٍ | |
|
| يَسطُو بمُستَأصِلٍ للكُفرِ مُصطَلِمِ |
|
حتى غَدَتْ مِلَّةُ الاسلامِ وَهْيَ بهم | |
|
| مِن بَعدِ غُربَتِهَا موصولَةَ الرَّحِمِ |
|
مَكفولَةً أبدَاً منهم بِخَيرِ أَبٍ | |
|
| وخيرِ بَعلٍ فلم تَيْتَمْ ولم تَئِمِ |
|
هُمُ الجبالُ فَسَلْ عنهُم مُصَادِمَهُم | |
|
| ماذا لَقِي منهم في كُلِّ مُصطَدَمِ |
|
وَسَلْ حُنَيْنَاً وَسَلْ بَدْرَاً وَسَلْ أُحُدَا | |
|
| فُصولُ حَتْفٍ لَهم أدهى مِنَ الوَخَمِ |
|
المُصدِرِي البِيضِ حُمرَاً بعد ما وَرَدَتْ | |
|
| مِنَ العِدَا كُلَّ مُسْوَدٍّ مِن الِّلمَمِ |
|
والكاتِبينَ بِسُمرِ الخَطِّ ما تَرَكَتْ | |
|
| أقلامهُمْ حَرْفَ جِسمٍ غيرَ مُنعَجِمِ |
|
شاكِي السلاحِ لهم سِيمَى تُمَيِّزُهُم | |
|
| والوَرْدُ يمتازُ بالسِّيمَى عَنِ السَّلَمِ |
|
تُهدِي اليكَ رياحُ النَّصرِ نَشْرَهُمُ | |
|
| فتَحسِبُ الزَّهرَ في الأكمامِ كُلَّ كَمِي |
|
كأنَّهُم في ظُهورِ الخَيْلِ نَبْتُ رُبَاً | |
|
| مِن شَدَّةِ الحَزْمِ لا مِن شدَّةِ الحُزُمِ |
|
طارَتْ قلوبُ العِدَا مِن بأسِهِم فَرَقَاً | |
|
| فما تُفَرِّقُ بين البَهْمِ والبُهَمِ |
|
ومَن تَكُن برسولِ اللهِ نُصرَتُهُ اِن | |
|
| تَلْقَهُ الأُسْدُ في آجامِهَا تَجِمِ |
|
ولَن تَرى مِن وَلِيٍّ غيرَ منتَصِرٍ | |
|
| بِهِ ولا مِن عَدُوٍّ غيرَ مُنعَجِمِ |
|
أَحَلَّ أُمَّتَهُ في حِرْزِ مِلَّتِهِ | |
|
| كالليْثِ حَلَّ مَعَ الأشبالِ فِي أَجَمِ |
|
كَم جَدَّلَتْ كَلِمَاتُ الله مِن جَدَلٍ | |
|
| فيه وكم خَصَمَ البُرهانُ مِن خَصِمِ |
|
كفاكَ بالعلمِ في الأُمِّيِّ مُعجَزَةً | |
|
| في الجاهليةِ والتأديبَ في اليُتُمِ |
|
خدَمْتُهُ بمديحٍ أستَقِيلِ بِهِ | |
|
| ذُنوبَ عُمْر مَضَى في الشِّعرِ والخِدَمِ |
|
اِذ قَلَّدَانِيَ ما تُخشَى عواقِبُهُ | |
|
| كأنني بِهِمَا هَدْيٌ مِنَ النَّعَمِ |
|
أَطَعتُ غَيَّ الصِّبَا في الحالَتَيْنِ | |
|
| وما حَصَلتُ الا على الآثامِ والنَّدَمِ |
|
فيا خَسَارَةَ نَفْسٍ في تِجَارَتِهَا | |
|
| لَم تَشتَرِ الدِّينَ بالدنيا ولم تَسُمِ |
|
ومَن يَبِعْ آجِلا منه بعاجِلِهِ | |
|
| بِينَ له الغَبْنُ في بَيْعٍ وفي سَلَمِ |
|
اِنْ آتِ ذَنْبَاً فما عَهدِي بمُنتَقِضٍ | |
|
| مِنَ النَّبِيِّ ولا حَبلِي بمُنصَرِمِ |
|
فاِنَّ لي ذِمَّةً منه بتَسمِيَتِي | |
|
| مُحمَّدَاً وهُوَ أوفَى الخلقِ بالذِّمَمِ |
|
اِنْ لم يكُن في مَعَادِي آخِذَاً بِيَدِي | |
|
| فَضْلا والا فَقُلْ يا زَلَّةَ القَدَمِ |
|
حاشاهُ أنْ يَحْرِمَ الرَّاجِي مَكَارِمَهُ | |
|
| أو يَرجِعَ الجارُ منه غيرَ مُحتَرَمِ |
|
ومُنذُ أَلزَمْتُ أفكَارِي مَدَائِحَهُ | |
|
| وجَدْتُهُ لخَلاصِي خيرَ مُلتَزِمِ |
|
ولَن يَفُوتَ الغِنَى منه يَدَاً تَرِبَتْ | |
|
| اِنَّ الحَيَا يُنْبِتُ الأزهارَ في الأَكَمِ |
|
ولَم أُرِدْ زَهرَةَ الدنيا التي اقتَطَفَتْ | |
|
| يَدَا زُهَيْرٍ بما أثنَى على هَرِمِ |
|
يا أكرَمَ الخلقِ ما لي مَن ألوذُ به | |
|
| سِوَاكَ عِندَ حُلولِ الحادِثِ العَمِمِ |
|
ولَن يَضِيقَ رسولَ اللهِ جاهُكَ بي | |
|
| اذا الكريمُ تَجَلَّى باسمِ مُنتَقِمِ |
|
يا نَفْسُ لا تَقنَطِي مِن زَلَّةٍ عَظُمَتْ | |
|
| اِنَّ الكَبَائِرَ في الغُفرَانِ كالَّلمَمِ |
|
لعَلَّ رَحمَةَ رَبِّي حينَ يَقسِمُهَا | |
|
| تَأتِي على حَسَبِ العِصيَانِ في القِسَمِ |
|
يا رَبِّ واجعَلْ رجائِي غيرَ مُنعَكِسٍ | |
|
| لَدَيْكَ واجعلْ حِسَابِي غيرَ مُنخَرِمِ |
|
والطُفْ بعَبدِكَ في الدَّارَينِ اِنَّ لَهُ | |
|
| صَبرَاً مَتَى تَدعُهُ الأهوالُ ينهَزِمِ |
|
وائذَنْ لِسُحْبِ صلاةٍ منك دائِمَةٍ | |
|
| على النبِيِّ بِمُنْهَلٍّ ومُنسَجِم |
|
ما رَنَّحَتْ عَذَبَاتِ البَانِ رَيحُ صَبَا | |
|
| وأَطرَبَ العِيسَ حادِي العِيسِ بالنَّغَمِ |
|
ثُمَّ الرِّضَا عَن أبي بَكرٍ وعَن عُمَرَ | |
|
| وعَن عَلِيٍّ وعَن عثمانَ ذِي الكَرَمِ |
|
والآلِ والصَّحبِ ثُمَّ التَّابِعِينَ فَهُمْ | |
|
| أهلُ التُّقَى والنَّقَى والحِلْمِ والكَرَمِ |
|