خَشَعَت لفَيْضِ جَلالِكَ الأَبْصارُ | |
|
| وَذَكَتْ بِمِسْك خِلاَلِكَ الأَشْعَارُ |
|
وتَوسَّمتْ مِصرُ العُلاَ في طَلْعةٍ | |
|
| قد حَفّها الإِجْلالُ والإِكْبار |
|
مَلِكٌ تَغَارُ النَّيِّراتُ إذا بَدَا | |
|
| أَسَمعْتَ أَنَّ النَّيِّرات تَغَار |
|
وَدَّت لَوِ اشْتَملتْ بِفضْل رِدَائه | |
|
| هَيْهاتَ ثَوْبُ المَجْدِ لَيْس يُعَار |
|
شَتّانَ بَيْن النيِّراتِ ومَنْ بِهِ | |
|
| سُبُلُ البُطُولَةِ والْحَياةِ تُنَار |
|
تهْدَي العُيُونُ بضَوْئهنّ وضَوْءُه | |
|
| تُهْدَى البَصائِرُ فِيه والأَبْصَارُ |
|
ولها مَدارٌ من فَضَاءٍ مُبْهَمٍ | |
|
| ولَكَ العُلاَ والمَكْرُمَاتُ مَدَار |
|
غُضِّي جُفونَكِ يا نُجومُ فدوُنَه | |
|
| تَتَضاءَلُ الآمَالُ والأَقْدار |
|
أنتُنّ أقْربُ مُشْبِهٍ لِهِبَاته | |
|
| فكِلاكُما مِنْ راحَتَيْه نِثَار |
|
مِن حُسْنِه اخْتَلَس الأَصيلُ جَمالَه | |
|
| وبِبِشْرِهِ تَتَبسَّمُ الأَسْحَار |
|
تبدُو سَجَايا النُّبْلِ وَهْي قَلائِلٌ | |
|
| فإذا حَلَلْن ذَرَاه فَهْي كِثَار |
|
أَبْصَرنَ فِيه نَصِيرَ كُلِّ كَريمةٍ | |
|
| إنْ قَلَّت الأَعْوانُ والأَنْصار |
|
للّه يومُكَ والضِّياءُ يَعُمُّه | |
|
| فَعَشِيُّهُ سِيَّانِ والإِبْكار |
|
نَسِيت به الآمالُ جَفْوةَ دَلِّها | |
|
| ومِن الدَّلالِ تَحجُّبٌ ونِفَارُ |
|
يَوْمٌ تَمنّاه الزَّمانُ وطَالَما | |
|
| مَدَّتْ إليه رُءُوسَها الأَعْصَار |
|
سَفَرتْ به البُشْرَى فَطاحَ قِناعُها | |
|
| عَمْداً وطَار مع الهَواءِ خِمار |
|
والنَّفْسُ أَغْرَى بالْجَمالِ مُحجَّباً | |
|
| إنْ زُحْزِحَتْ مِنْ دُونِه الأسْتار |
|
ما صُبْحُ يومٍ والسَّماءُ مَريضةٌ | |
|
| كصَبَاحِ يَوْمٍ والنهَّارُ نَهار |
|
يوْمٌ غَدَا بين الدُّهورِ مُمَلَّكاً | |
|
| يُوما إِليه مَهَابةً ويُشَار |
|
الأَمْسُ يَجْزَع أنْ تَقَدَّمَ خُطْوَةً | |
|
| وغَدٌ أَطَارَ صَوابَه اسْتِئْخار |
|
يوْمُ جَثَا التاريخ فيه مَدوِّناً | |
|
| للّه ما قَدْ ضَمَّتْ الأَسْفارُ |
|
وتَصفَّح الأَخْبَارَ يَبْغِي مِثْلَه | |
|
| هَيْهاتَ تَحْوِي مِثْلَه الأَخْبَار |
|
يوْمٌ كأَنَّ ضِيَاءَه مِنْ أَعْيُنٍ | |
|
| مِنْ طُولِ ما اتّجَهتْ له الأَنْظارُ |
|
يَكْفِيه أن يُنْمَى لأَكْرمِ سُدَّةٍ | |
|
| سَعِدَتْ بها الأَيَّامُ والأَمْصَارُ |
|
بَيْتٌ له عَنَتِ الوُجُوه خَواشِعاً | |
|
| كالبَيْت يُمْسَح رُكْنُه ويُزَار |
|
ضُمَّتْ به فِلَذُ القُلُوبِ فكوَّنتْ | |
|
| بَيْتاً فلا صَخْرٌ ولا أَحْجَار |
|
الدينُ والْخُلُقُ المَتِينُ أَساسُه | |
|
| وحِياطَةُ المَوْلَى له أَسوَار |
|
رَحُبتْ به السَّاحَاتُ فَهْوَ مَثابةٌ | |
|
| وعَلاَ عُلُوَّ الْحَقِّ فهْوَ مَنَار |
|
غِيلٌ تَهَابُ الأُسْدُ بَطْشَ لُيوثِه | |
|
| وتَخُونُها الأَنيَابُ والأظْفَارُ |
|
مِنْ كُلِّ خَطَّارٍ إِلَى غَايَاتهِ | |
|
| يُزْهَى به الصَّمْصَامُ والْخَطَّار |
|
نَدْبٍ إذا حَلّ الْحُبَاءَ لغَارةٍ | |
|
| أَلْقَى السِّلاَحَ الفَارِسُ المِغْوَار |
|
حامَتْ نُسورُ النَّصْرِ حَوْلَ جُيُوشِهم | |
|
| حتَّى كأَنَّ غُبارَها أَوْكار |
|
شُمْسُ العَدَاوةِ والْحُسَامُ مُجَرَّدٌ | |
|
| فإِذَا انْطَوَى فَمَلائِكٌ أَطْهار |
|
سَبَقوا وُثُوبَ الْحادِثاتِ وبادَرُوا | |
|
| إِنَّ الْحَياةَ تَوثُّبٌ وبِدَار |
|
وعَلَوْا لِنَيْلِ المَجْدِ كُلَّ مَطِيَّةٍ | |
|
| لو كانَ نَجْماً في السَّمَاءِ لَطَارُوا |
|
الْخَالِدُون عَلَى الزَّمان وأَهْلِه | |
|
| تَفْنَى الرجالُ وتَخْلُدُ الآثارُ |
|
جاءُوا ومِصْرُ عَفَتْ معالمُ مَجْدها | |
|
| لا مِصْرُ ولا الدِّيارُ دِيَارُ |
|
العِلْمُ يخْفِقُ للزّوالِ سِرَاجُه | |
|
| والعَدْلُ مُنْدَكُّ الذُّرَا مُنْهارُ |
|
والناسُ في حَلَكِ الظّلام يَسُوقُهم | |
|
| نَحْوَ الفَنَاءِ تَخَبُّطٌ وعِثَار |
|
فَبَدا مُحمَّدكُم فهَبَّ صَرِيعُهمْ | |
|
| حَيّا كَذاكَ البَعْثُ والإنْشَار |
|
والتفَّتْ الرَّاياتُ حولَ لِوائِه | |
|
| ودَعا الغُفَاةَ إِلى المَسِير فَساروا |
|
وأعادَ مَجْدَ الأَوَّلِين بَعزْمةٍ | |
|
| إِيرادُها للّه والإِصْدَار |
|
إنّ النُّفوسَ تَضِيقُ وَهْيَ صَغِيرةٌ | |
|
| ويَضِيق عنها الكَوْنُ وَهْي كِبَار |
|
فاروقُ عيدُك هَزّ أَدْوَاحَ المُنَى | |
|
| وتَعطَّرتْ بعَبِيرِه الأَزهارُ |
|
اليُمْنُ يَسْطَع في جَبِينِ نهارِه | |
|
| والسَّعْدُ كوْكبُ لَيْلهِ السَّيّار |
|
رَقَصَتْ به الرَّاياتُ باديةَ الْحُلَى | |
|
| الْحُبُّ رَنَّحها والاسْتِبْشَار |
|
مُتَلفِّتاتٍ حَوْلَ رَكْبِك حُوَّماً | |
|
| لا يَسْتقِر لوَجْدِهنّ قَرَار |
|
مُتَدلِّلاتٍ ما عَرَفْن صَبَابةً | |
|
| نَشْوَى وما لَعِبتْ بهنّ عُقَار |
|
جَعَلتْ سَمَاءَ النيل رَوْضاً أَخْضَراً | |
|
| هَيْهاتَ مِنْه الرَّوْضَةُ المِعْطار |
|
والناسُ قَدْ سَدُّوا الفَضَاء كأَنَّهم | |
|
| بَحْرٌ يَعجُّ عَجِيجُه زَخَّار |
|
لو صُبَّتِ الأَمْطَارُ صَبّاً فَوْقَهم | |
|
| ما مَسَّ مَوْطِىءَ نَعْلِهم أَمْطارُ |
|
مُتجمِّعين كأَنَّهم سِرْبُ القَطا | |
|
| مُتَدفِّقين كأَنهم أَنْهار |
|
قَدْ لَوَّحوا بالرَّاحَتَيْن وزاحَمُوا | |
|
| وتلفَّتوا بالنَّاظِرَيْن ومَارُوا |
|
لهمُ دَوِيٌ بالهُتافِ وضَجَّةٌ | |
|
| ولهمْ بصِدْقِ دُعائِهم تَهْدَار |
|
رفَعُوا العَمارَ وَبَعْثرُوا أَزْهَارَهم | |
|
| فالْجَوُّ زَهْرٌ ناضِرٌ وعَمَار |
|
حُبُّ المَلِيكِ الأَرْيَحِيِّ شِعَارهم | |
|
| لو كَان يُنْسَجُ للْوَلاَء شِعار |
|
قَرءُوا السعادةَ في جَبِينك أَسْطُراً | |
|
| بيَدِ المُهيْمن هذه الأَسْطار |
|
ورَأَوْا شَبَاباً كالْجُمَان يَزِينُه | |
|
| أَنَّى التَفَتَّ جَلالَةٌ ووَقَار |
|
سُسْتَ القُلوبَ فنلْتَ أَكْرمَ وُدِّها | |
|
| وعَرَفْتَ بالإِحْسانِ كيف تُثار |
|
ومِنَ القُلُوبِ حَدائقٌ بَسَّامةٌ | |
|
| ومِنَ القُلُوبِ سَباسِبٌ وقِفَارُ |
|
مَنْ يَغْرِسِ الصُّنْعَ الْجَميلَ بأُمّةٍ | |
|
| فَلهُ من الشُّكرِ الْجَمِيلِ ثِمَار |
|
لما رَأَوْكَ رأَوْا بَشاشاتِ المُنَى | |
|
| الوَجْهُ نَضْرٌ والشَّبَابُ نُضَار |
|
مُتَسْربِلاً ثَوْبَ الهُدَى مُتواضِعاً | |
|
| للّه لا صَلَفٌ ولاَ اسْتِكْبار |
|
نُورُ الإِلَه يَدُور حَوْلَك هَالةً | |
|
| لم تَزْدَهِر بمَثيِلها الأَقْمَار |
|
في مَوْكبٍ للمُلْك يَخْتَلِب النُّهَى | |
|
| وَتَتيه في تَصْوِيره الأَفْكارُ |
|
فَتَن العُيونَ الشَّاخِصاتِ بسِحْره | |
|
| إِنَّ الْجمَالَ لَفاتِنٌ سَحّار |
|
فاروقُ تاجُك رَحْمةٌ وسَعادةٌ | |
|
| للوادِيَيْن وعِزَّةٌ وفَخار |
|
تَتألّق الآمالُ في جَنَباتِه | |
|
| ويَدُورُ نَجْمُ السَّعْدِ حَيْثُ يُدَار |
|
ما نالَه كِسْرَى ولم يَظْفَر له | |
|
| بمُمَاثِل يومَ الفَخارِ نِزَارُ |
|
نورُ الجبين السَّمْحِ مازَجَ ضَوْءَه | |
|
| فتَشَابَه الأضْوَاءُ والأَنْوَار |
|
المُلْكُ فيكَ طَبِيعةٌ ووِرَاثةٌ | |
|
| والمَجْدُ فيكَ سَليقَةٌ ونِجَار |
|
أعْلَيْتَ دينَ اللّه جَلَّ جَلالُه | |
|
| فَرَسَا له أَصْلٌ وطَالَ جِدَار |
|
الدِّينُ نُورُ النَّفْسِ في ظُلُماتِها | |
|
| والعَقْلُ يَعْثُرُ والظُّنُونُ تَحَارُ |
|
بَيْن المَنابر والمآذِن بَهْجةٌ | |
|
| وتَحدُّثٌ بِصَنِيعكم وَحِوَار |
|
آياتُ نُبْلِك في شَبابِك سُبَّقٌ | |
|
| للمَجْدِ لم يُشْقَقْ لهنّ غُبَار |
|
يَبْدو شَذا الرَّيْحانِ أَوَّلَ غَرْسِه | |
|
| ويَبينُ قَدْرُ الدُّرِّ وَهْي صِغَار |
|
فَتَحَتْ لك الدُّنيا كنوزَ هِباتِها | |
|
| تَخْتارُ مِنها اليَوْمَ ما تَخْتار |
|
يُمْناك يُمْنٌ للبلاد ورَحْمةٌ | |
|
| غَدَقٌ ويُسْرَى راحَتَيْك يَسارُ |
|
بَهَرتْ رِجالَ الغَرْب منك شَمائِلٌ | |
|
| خُلُقٌ أَغَرُّ ورَاحةٌ مِدْرار |
|
عَرَفوا بمَجْدك مَجْدَ مِصْرَ ونُبْلَها | |
|
| وتَحدَّثتْ بِخلالك السُّمّار |
|
وغَدَوْتَ فَألاً للعُلاَ فتحقَّقَتْ | |
|
| فيك المُنَى وانحطَّتِ الآصَارُ |
|
وتَخطَّرتْ مِصْرٌ إلى فَاروُقِها | |
|
| غَيْداءَ ما شانَ الْجَمالَ إِسَار |
|
شَمَّاءَ يَحْنِي الدهرُ أَصْيَدَ رَأْسِه | |
|
| لجَلالها وتُطَأْطِىءُ الأَقْدار |
|
فانْعَم بما أُوِتيتَ واهْنَأْ شاكِراً | |
|
| نِعَمَ الإِلهِ فإِنَهنّ غِزَار |
|
لا زِلْتَ بالنَّصْر المُبِينِ مُتوَّجاً | |
|
| تَحْيَا بِك الأَوْطانُ والأَوْطار |
|