تَبَلّجَ بالْبُشْرَى وَلاحَتْ مَوَاكِبُهْ | |
|
| ورَفَّتْ بِأَنْفَاسِ النَّسِيمِ سَبَائِبُهْ |
|
أَطَلَّ صَبَاحُ الْعِيدِ جَذْلاَنَ ضاحِكاً | |
|
| يُمازِحُ وَسْنَانَ الدُّجَى ويُلاعِبُه |
|
وَكَيْفَ يَنَامُ اللَّيْلُ في صَحْوةِ الْمُنَى | |
|
| وَقَدْ سَهِرتْ شَوْقاً إِلَيْها كَوَاكِبُه |
|
تُنَاجِيهِ أَلْحَانُ الهَوَى فَيُجِيبُها | |
|
| وَتَسْتُر لَوْعَاتِ المحبِّ غَيَاهِبُه |
|
تَرَدَّى مُسُوحَ النُّسْكِ في زِيِّ راهبٍ | |
|
| وَطَارَتْ تَسُدُّ الْخافِقَيْنِ ذَوَائِبه |
|
وَأَعْجَبَه أَنْ دَارَتِ الأَرْضُ تَحْتَه | |
|
| كَدَوْرِ شَرِيطٍ ما تَنَاهَى عَجَائِبُهْ |
|
إِذَا أَبْصَرَ الإِحْسَانَ فيها تَلأْلأَتْ | |
|
| أَسَارِيرُه واهْتَزّ بالعُجْبِ جَانِبُه |
|
يَمُوجُ فَيْعُلو البَرَّ والبَحْرَ مَوْجُه | |
|
| وتَمْلِك أَرْجَاءَ الفَضَاءِ مَذَاهِبُه |
|
عَلَيْهِ النُّجُومُ السَّابِحَاتُ سَفَائنٌ | |
|
| يُغالِبُها أَذِيُّه وتُغَالِبُه |
|
سَفَائِنُ لَمْ يَعْرِفْ لَهَا الدَّهْرُ ساحِلاً | |
|
| وسَفْرٌ عَلَى الأَيَّامِ مَا مَلَّ دَائِبُهْ |
|
رآهُ سَلِيلُ الطّينِ يَجْتَابُ لَيْلَه | |
|
| فَهَلْ هَدَأَتْ دُون المَسِيرِ جَوائِبُه |
|
تَلَقَّاه فَجْرُ العِيدِ في عُنْفُوَانِه | |
|
| تَصُولُ بشُهْبِ الصَّافِنَاتِ كَتائبُه |
|
تأَلَّق كالحَقِّ الْمُبِيِن إذَا بَدَا | |
|
| تَولَّى ظَلاَمُ الشَّكِّ وارْتاعَ شَاحِبُه |
|
وللصُّبح عِنْدي مِنَّةٌ كُلَّمَا نَبَا | |
|
| بي اللَّيْلُ أَوْ طَالَتْ عليّ هَيَادِبُهْ |
|
أَرَاهُ فأَلْقَى البِشْرَ في قَسَمَاتِه | |
|
| طَهُوراً كثَغْر الطِّفْلِ حين تُدَاعِبُه |
|
وأَشْعُرُ أَنّ الْكَوْنَ عَأدَتْ حَيَاتُه | |
|
| إِليهِ وَأَنّ الأُنْسَ قَدْ آبَ غَائِبُه |
|
يَهَشُّ إِليه كُلُّ حَيٍ كَأَنَّما | |
|
| أَشِعَّتُه حُلْمُ الصِّبَا وَرَغَائِبه |
|
وتَصْحُو لَه الأَزْهَارُ مِنْ وسَنَاتِهَا | |
|
| تُضَاحِكه وَالطَّلُّ لَم يَجْرِ ذَائِبُه |
|
وتَسْتَقْبِل الأَطْيَارُ بَسْمَةَ نُورِه | |
|
| فَيبْهَرُنا مِنْ كُلِّ لَحْنٍ غَرَائِبُه |
|
تَرَاهَا على الأَفْنَانِ سَكْرَى من السَّنا | |
|
| يُناغِي أَلِيفٌ إِلْفَه فَيُجَاوِبُه |
|
قِيَانٌ أدَقَّ اللّهُ أَوْتارَ عُودِهَا | |
|
| فأَحْيَتْ أَغانِيه وَأَشْجَتْ مَضَارِبه |
|
كأَنَ ضِيَاءَ الصُّبْحِ والكَوْنُ مُشْرِقٌ | |
|
| سَنَا طَلْعَةِ الفَارُوقِ لاحَتْ رَكائِبُه |
|
أَطَلّ هِلاَلُ العِيدِ يَحْظَى بنَظْرَةٍ | |
|
| فأَبْصرَ نوراً يَبْهَرُ النُّورَ ثاقِبُه |
|
وشاهَدَ في طُهْر المَلاَئِكِ سَيِّداً | |
|
| سَمَتْ فَوْقَ أَفْلاَكِ السَّمَاءِ مَناسِبُه |
|
تَراه فَتَلْقَى أمَّةً في شَبَابِها | |
|
| وتُصْغِي إلى الآمَالِ حِينَ تُخَاطِبُهْ |
|
أصَالةُ رَأْيٍ في ابِتْسَام سَمَاحَةٍ | |
|
| وصَوْلَةُ عَزْمٍ يُرْهِبُ الدَّهْرَ قاطِبُه |
|
تَأَثَّر خَطْوَ الْحَزْمِ في كُلِّ مَطْلَبٍ | |
|
| وهَلْ يَعْظُم المَطْلُوبُ والْحَزمُ طَالِبُه |
|
مَلِيكٌ من الأَفْلاَذِ أَعْوَادُ عَرْشِه | |
|
| فَمنْ ذَا يُدَانِيه ومَنْ ذَا يُقَارِبُه |
|
مَحَبَّتُه في كُلِّ قَلْبٍ شَغَافُه | |
|
| وإِحْسَانُه في كُلِّ كَفٍ رَوَاجِبُه |
|
حَوَت رِيشَةُ الرَّسامِ بَعْضَ سِمَاتِه | |
|
| وعَزَّتْ عَلَى رِيش القرِيضِ مَناقِبُه |
|
لكُلِّ خَيالٍ في فَمِ الشِّعرِ غَايةٌ | |
|
| ولا تَنْتَهِي غَاياتُه ومآرِبُه |
|
صِفِ البحْرَ في أَمواجِهِ وكُنُوزِه | |
|
| وقُلْ هَذهِ آلاؤُه ومَوَاهِبُه |
|
صِفِ الهمَمَ الْجُرْدَ التي تقنِصُ المُنَى | |
|
| وقُلْ هَذهِ أَفْرَاسُه ونَجائِبُه |
|
صِفِ السُّحْبَ أيْنَ السُّحْبُ من فَيْضِ جُودِه | |
|
| إِذا وَكَفَت للبَائِسِين سَحَائِبُه |
|
تَمنَّتْ زُهُورُ الرَّوْضِ لو أَنّ طِيبَها | |
|
| له نَفْحَةُ الذِّكْرِ الذِي هُو كَاسِبُه |
|
فمَا كَرَمٌ إِلاَّ ومِنْه انْبِعَاثهُ | |
|
| ولا شَرَفٌ إِلاَّ وفاروقُ صَاحِبُهْ |
|
إِذَا اصطَنَع اللّهُ أمْرأً جَلّ سَعْيُهُ | |
|
| وَعَمَّتْ أيَادِيِه وطَابَتْ نَقَائِبُه |
|
به ازْدَادَ دِينُ اللّهِ عزّاً ورَدَّدَتْ | |
|
| مَنَابِرُه آلاءَه ومَحارِبُهْ |
|
وَقُورٌ بدَرْسِ الدِّينِ يُطْرِق خاشِعاً | |
|
| من النُّسْكِ يَرْجُو ربَّه ويُرَاقِبُه |
|
بجانبِه الشَّعبُ الوَفيُّ يَحُوطُه | |
|
| وتَزْحَمُه أَعْضادُه ومَناكِبُه |
|
وجِبْريلُ يَهْفُو فَوْقَه بجَنَاحِه | |
|
| حَنَاناًن وفَيْضُ اللّهِ يَنْهَلُّ سَاكِبُه |
|
تَجَلَّى به عَصْرُ الرَّشِيدِ وعِزُّه | |
|
| وسالِفُ عَهْدِ الرَّاشِدِين وذَاهِبُه |
|
إِذا الشَّعْبُ وَالاَه فَذلِك فَرْضُهُ | |
|
| وإِنْ هُوَ فَدَّاه فَذلِك واجِبُهْ |
|
شَهِدْتُك يَوْمَ العِيد والشَّعْبُ حاشِدٌ | |
|
| تَهِيمُ بِهِ أَشْوَاقُه وتُجاذِبُه |
|
له صَوْتُ صِدْقٍ بالدُّعَاءِ مُجَلْجِلٍ | |
|
| يُفَتِّحُ أبوابَ السَّمَواتِ صاخِبُه |
|
فَعيْن اشْتِياقٍ تَرْتَجِي لُقْيَة المُنَى | |
|
| وصَدْرُ وَلاَءٍ خافِق القَلْبِ واجِبُه |
|
رأيتُ كَأَنَّ البَحْر مُدَّ بِمِثْلِهِ | |
|
| وقَدْ زَأَرَتْ اَمْوَاجُهْ وغَوارِبُه |
|
هُنَاك بَدَا العِيدَانِ وَجْهُكَ والضُّحَى | |
|
| مَشَارِقُه وضَّاءَةٌ ومَغَارِبه |
|
طَلَعْتَ فَأَبْصَرْنَا الْجَلاَلَ مُصَوَّراً | |
|
| نَرَاه فيُغْضِي طَرْفُنَا وَهُو هَائِبُه |
|
لَكَ البَسْمَةُ الزَّهْراءُ تَخْتَلِبُ النُّهَى | |
|
| ويُمْحَى بهَا مِنْ كُلِّ هَم شَوَائِبه |
|
طَلَعْتَ فقُلْنَا خَيْرُ مَنْ سَاسَ أُمَّةً | |
|
| وأَشْرَفُ مَنْ شُدَّتْ عَلَيه عَصَائِبه |
|
لَدَى مَوْكِبٍ لْلمُلْكِ عَزَّ مِثَالُه | |
|
| تُحيِطُ به فُرْسَانُه وكَواكِبُهْ |
|
يُشاهِدُه التَّارِيخُ والعُجْبُ مِلْؤُه | |
|
| فَيَذْهَلُ عَنْ حَصْرِ الذِي هُو كاتِبُه |
|
فَمنْ شَاء مَجْدَ المُلْكِ في بُعْدِ شَأْوِه | |
|
| فَهذِي عَوالِيهِ وتِلْكَ قَوَاضِبه |
|
وَهَاذا الذَّكَاءُ العَبْقَرِيُّ مَلِيكُه | |
|
| وهَذِي الْجُنُودُ الزَّاخِرَاتُ مَواكِبُهْ |
|
مَلِيكٌ له عَزْمُ الصِّبَا ووُثُوبُه | |
|
| وآرَاءُ ما بَعْد الصِّبَا وتَجارِبُه |
|
تَخَطَّر شَهْرُ الصَّوْمِ يَسْحَب ثَوْبَه | |
|
| فتَنْشُرُ مِسْكاً في الفَضَاءِ مَسَاحِبُه |
|
تَحمَّل للفَارُوقِ أَجْرَ مُجَاهِدٍ | |
|
| يَتِيه به إِنْ حَاوَلَ العَدَّ حاسِبُه |
|
وعَادَ إِلى مَوْلاَه جَمّاً ثَوابُه | |
|
| مَلِيئاً مِنَ الإِحْسَان بُجْراً حَقَائِبُه |
|
تَحَدَّثت في المِذْيَاعِ عن فَضْلِ صَوْمِه | |
|
| وكَمْ مَثَلٍ عالِي الذُّرَا أَنْتَ ضارِبُهْ |
|
هَنِيئاً لك العِيدُ الذّي بِكَ أَشْرَقَتْ | |
|
| منازِلُه بِشْراً وضَاءَتْ رَحائبهُ |
|
رَأَتْ فِيه مِصْرٌ همَّةً عَلَويّةً | |
|
| يَرى كُلُّ بَأْسٍ عَزْمَها فيُجَانِبُه |
|
وأَبْصَر فِيه النِّيلُ خَيْرَ مُمَلَّكٍ | |
|
| تَجِلُّ مَسَاعِيه وتَصْفُو مَشَارِبُه |
|
بَصِيرٌ إِذا سَاسَ الأُمُور تكَشَّفَتْ | |
|
| وبانَ لَهُ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ عَوَاقِبه |
|
يُزَاوِلها مِنْه حَصِيفٌ مُدَرَّبٌ | |
|
| بَعِيدُ المَرامِي صَادِقُ الرَّأْيِ صَائِبه |
|
إِذا مَدَّ زَنْدَ العَزْمِ في إِثْرِ مَطْلَبٍ | |
|
| تَدَانَتْ أَقَاصِيه ولاَنَتْ مَصَاعِبُه |
|
نَعِمْنا بالاسْتِقْلاَلِ في يُمْنِ عَهْده | |
|
| وَأَسْفَر لَيْلٌ لم يَنَمْ فيه ناصِبُهْ |
|
وَعزَّ حِمَى مِصْرٍ بجُهْدِ رجَالِها | |
|
| وعادَ لهَا من لامِعِ المَجْد عَازِبُهْ |
|
فعِشْ للهُدَى والمَكْرُمَاتِ فإِنَّما | |
|
| سَجَايَاكَ آياتُ الهُدَى وجَوالِبُه |
|