عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > مصر > علي الجارم > تحِيَّةُ ناء من شَذَى المسكِ أطيبُ

مصر

مشاهدة
1174

إعجاب
1

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

تحِيَّةُ ناء من شَذَى المسكِ أطيبُ

تحِيَّةُ ناء من شَذَى المسكِ أطيبُ
ومن قَطَراتِ المزْنِ أصفَى وأعذبُ
وتبريحُ أشواقٍ إذا ما تَنفّسَتْ
يكادُ لها فحمُ الدجَى يتلهَّبُ
وقلبٌ يضيقُ الصدرُ عن نَبَضاتِهِ
فيخفِقُ غيظاً بالْجَناحِ ويَضْرِبُ
تلفَّتَ في الأضلاعِ حَيْرانَ يائساً
وأنَّ كما أنَّ السجينُ المُعذَّبُ
تعاوِدُه الذكْرَى فتنْكَاُ جُرحَه
ويا ربَّ جُرْحٍ حارَ فيه المُطَبِّبُ
ويخدَعُه طَيْفُ الخيالِ إذا سَرى
فيبعَثُ آمالَ الشجيّ ويذهَبُ
ومَنْ أبصرَ اليامَ خَلْفَ قِناعِهَا
رأى الدَّهرَ يلهو والأمانيّ تكذِبُ
عجائبُ أحداثٍ تليها عجائبٌ
وصَبْري على تلكَ العجائب أعْجَب
ولولا حياةُ الوَهْمِ أودَى بأهله
زمانٌ بأشواكِ الحقائقِ مُخْصِب
تَبَسَّمْ إذا ما الدّهرُ قطّبَ وجهه
وصَفّقْ له في دورِه حينَ يلْعَب
يموتُ الفتَى من قَبْلِ أنْ يعرِفَ الفتَى
من الأمرِ ما يأتي وما يتجنَّب
وسيان ما يدريه والشَّعْرُ فاحمٌ
أثيثٌ وما يَدْريه والشَّعْرُ أشْيَبُ
وقالوا حياةُ المرءِ درسٌ فقهقهتْ
صُروفُ الليالي والقَضاءُ المُغَيِّب
إذا ما جهِلتَ النفسَ وهي قريبةٌ
فأيُّ المعاني بعد نفسِكَ أقْرَب
حَناناً لقلبي كيف طاحتْ به المنَى
وعزّ على الأيامِ ما يتطَلَّبُ
يغازِلُه في مطرَحِ النسْرِ مأرَبٌ
ويختِلُهُ في مسبَحِ الحوت مأرَبُ
يكادُ إذا مرَّ الحِجازُ بذكْرِهه
وجِيرتُهُ من صدرِه يتوثّبُ
بلادٌ بها الرحمنُ القى ضياءه
على لابَتَيها والعوالِمُ غَيْهَبُ
تكادُ إذا مرَّتْ بها الشمسُ غُدوةً
حياءً بأهدابِ السحابِ تَنقَّبُ
يجلِّلُها قُدْسٌ من اللّه سابغٌ
وينفَحُهَا نَشْرٌ من الْخُلد طيِّبُ
إذا نَسَبَ الناسُ البلادَ رأيتَها
إلى جَنَّة الفردوس تُعْزَى وتُنْسَبُ
وإن نَضَبَتْ أنهارُها فَبحَسْبِهَا
من الدِّين نَهر للهُدَى ليس ينضُبُ
إذا ما جرَى في الأرض فالجدب مُخْصبٌ
وإنْ هو جافَى الأرضَ فالخِصْبُ مجدبُ
يفيضُ على الأقطارِ يُمناً ورحمةً
ويزأرُ في أُذْنِ العُتَاةِ ويصْخَب
تفجَّرَ من نَبْع النُبُوَّة ماؤُه
له الحقُّ وِرْدٌ والسماحةُ مَشْرب
ووحَّدَ بين الناس لا البُعد مُبْعِدٌ
عن الساحةِ الكبرى ولا القُرْب مُقْربُ
فليس لدَى الإسلامِ شرقٌ ومَشْرقٌ
وليس لدى الإسلامِ غَرْبٌ ومَغْرِبُ
همُ الناسُ إخوانٌ سواءٌ على الهدى
بطيءُ المساعي والشريفُ المهيَّب
فما حَطّ من قَدْرِ الفَزَاريّ فاقَةٌ
ولا زاد في قدْرِ ابن أيهم مَنْصِب
يجمِّعُهُم قلب عُلى الحقِّ واحدٌ
وإن فُرقتْ أوطانُهم وتَشَعّبُوا
إذا صاح في جَيْجُونَ يوماً مُؤَذِّنٌ
أجاب على التاميز داعٍ مثَوِّبُ
وإن ذَرَفَتْ من جَفْن دِجْلَةَ دمْعَةٌ
رأيتَ دموعَ النيلِ حَيْرَى تَصَبَّبُ
وإن مسَّ جُرْحٌ من فِلَسْطين إصْبعاً
شكا حاجِرٌ منه وأنّ المحَصَّبُ
بنفسي وليداً في أباطح مكةٍ
تتيه به الدنيا ويشرُفُ يَعْرُبُ
أطلَّ عليها مثلما تبسِمُ المنَى
ويسطَعُ في الليل الخُدَاريِّ كوكَبُ
وكان لها رمزَ الحياة فأشرقتْ
كما هز أفنانَ الخمائل صَيِّبُ
وكم مدَّتِ الأعناقَ ترقُبُ لمحةً
فطال عليها صبرُها والترقُّبُ
توالت بها الأيامُ تذهَب أَحْقُبٌ
وتأتي على اليأس المبرح أحْقُبُ
إلى أنْ بدا نورُ الإله فأقبلتْ
عوالمها تشدو بطه وتَطْرَبُ
وليدٌ له عُلْيَا معدّ ذُوابةٌ
جلالةُ أنسابٍ ومجدٌ مُؤشَّب
حوته كما اعتاد الأعاريبُ جَفْنَةٌ
وقد ضاق عن آماله الفِيح سَبْسَب
يحيِّيه من طَيْفِ الملائِك مَوْكِبٌ
ويرعاه من طَيْفِ النبينَ مَوْكب
فهل علم الرومانُ أنَّ مهادَه
قِرابٌ به ماضي الغرارِ مُشَطّب
وأنّ به نفساً يحطّمُ دونها
منيعُ الصياصي والحديد المَذرَّب
وأن به من صَوْلةِ اللّه جَحْفَلاً
يَثُل عُروشَ القاسطينَ ويَسْلُب
له الكونُ مَيْدانٌ إذا سلَّ سيفَه
وقال لِفُرْسانِ الملائِكةِ اركبُوا
يطيرُ عِداهُ منه ذُعْراً وخَشْيةً
وإنْ مَلأُوا الأرضَ الفضاء وأجْلبُوا
ومَنْ لم يُؤَدِّبْهُ البيانُ وهَدْيُه
فإنَّ الحسامَ العَضبَ نعمَ المؤَدِّبُ
فقد أنزلَ اللّهُ الحديدَ وبأسَه
لمن سَدّ أُذنَيْهِ الهوى والتعصّبُ
وفي صَدْعَةِ الإيوانِ إنذارُ أمةٍ
بأنَّ من الأشياء ما ليس يُشعَبُ
محمد أنقذتَ الخلائقَ بعد ما
تنكَّبَتِ الدّنيا بهم وتنكَّبوا
وأطلقتَ عقلاً كان بالأمس مُصْفَداً
فدان له سرُّ الوجودِ المحجَّبُ
وأرسلتها من صَيْحةٍ نبويَّةٍ
يَمُور لها قَلْبُ الجبالِ ويُرْعَبُ
إذا كان صوتُ اللّهِ في صيحةِ الفَتى
فأيَّ عبادِ اللّهِ يخشَى وَيرهَبُ
وبلَّغْتَ آياتٍ روائعُ لفظِها
من الصبحِ أهدَى أو من النجم أثْقبُ
كأنّ وما تُغْنِي كأنّ فَخلِّها
فإنّ من التشبيه ما يتصعَّبُ
وماذا يقولُ الشِّعْرُ في آيِ رحمةٍ
لها اللّه يُمْلِي والملائكُ تكتُبُ
خطبتَ لنا يومَ الوَداعِ مشَرِّعاً
وهل لكَ نِدٌّ في الوَرى حين تخطب
فكشَّفْتَ أسرارَ السياسةِ مُوجِزاً
وجئتَ بما يَعْيَا به اليومَ مُسهبُ
وأمليتَ دُسْتُوراً شَقِينا بتَرْكِه
فَثُرنا على الأيام نشكو ونعتبُ
إليكَ رسولَ اللّهِ طار بنا الهوَى
وحُلُو الأماني والرجاءُ المحبَّبُ
أفِضْها علينا نَفحةً هاشميةً
تَلُم شتَاتَ المسلمينَ وترأبُ
وترجعُ فيهم مثلَ سعدٍ وخالدٍ
وترفَعُ من راياتهم حينَ تُنصَبُ
سنصحو فقد ملَّ الطريحُ وِسَادَه
وفي نورِك القدسيِّ نسعى وندأبُ
عليكَ سلامُ اللّهِ ما حَنّ واجدٌ
وفاخرتِ الدّنيا بقبركَ يَثْرِبُ
علي الجارم
بواسطة
المشرف العام
الإضافة: الثلاثاء 2013/09/10 11:20:09 مساءً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com