العَيْشُ مُخْضَلُّ الْجَوانِبِ أَخْضَرُ | |
|
| واليومُ من نَسْجِ السّحائبِ أَنْضَرُ |
|
والرَّوضُ يَصْدَحُ بالبَشائِرِ أيْكُهُ | |
|
| فالعُودُ عُودٌ والأَزاهِرُ مِزْهَرُ |
|
يَجْرِي النَّسيمُ به فَيَجْتازُ الرُّبا | |
|
| صُعُداً وتَجْذِبهُ الغُصونُ فَينْفِر |
|
كم زَهْرةٍ عَلِقَتْ بفَضْلِ رِدَائه | |
|
| فالوردُ مِلءُ ردائِه والعَبْهر |
|
إن ضجَّ من آبٍ وحَرِّ وَثاقِهِ | |
|
| فاليومَ يَدْرُجُ ما يشاءُ ويَخْطِر |
|
يَطْفُو على وَجْهِ الْجَدَاوِلِ طائراً | |
|
| غَرِداً يُصَفِّقُ بالْجَنَاحِ ويَطْفِرُ |
|
في كفِّهِ البُشْرَى وفي هَمساتِهِ | |
|
| نُعْمَى الحياةِ وعزُّ مِصْرَ الأَوْفر |
|
والشمسُ ضاحكةٌ كأنّ شُعاعَها | |
|
| أَملُ الوُجوه المُشْرقُ المُسْتَبْشِر |
|
تَخْتالُ في يومٍ تَرَقَّبتِ العُلا | |
|
| مِيلادَه ورَنتْ إِليه الأَعْصُرُ |
|
نَهَضت به آمالُ مِصْرَ وأَقْسمتْ | |
|
| مِنْ بعد هذا اليومِ لا تَتَعثَّرُ |
|
فَلكَم تَمنَّى الدينُ طالِعَ صُبْحِه | |
|
| واهْتزَّ من شَوْقٍ إِليه الْمِنْبَرُ |
|
تَمْشِي المُنَى فيه تجُرُّ خِمارَها | |
|
| خَفَراً ويَزْهُوها الْجَمالُ فَتسْفِر |
|
فازتْ به مِصْرٌ بخَيْرِ مُتَوَّجٍ | |
|
| يَنْهَى كما يرضَى الإِلهُ ويأمر |
|
يومٌ إِذا زُهِيَ الزمانُ بِمثْلِه | |
|
| فبمِثْلِه يُزْهَى الزمانُ وَيفْخَر |
|
السَّعْدُ في ساعاتِهِ مُسْتَوطنٌ | |
|
| والعِزُّ في جَنَبَاتِه مُتَبخْترُ |
|
هو في فَمِ الدُّنْيا حَدِيثٌ خالِدٌ | |
|
| يَحْلُو على الأَيَّامِ حين يُكَرَّر |
|
هو طَلْعةُ الرَّوْض النَّضِيرِ وظِلُّه | |
|
| ونَمِيرُه ونسيمه المُتَعطِّر |
|
أملُ البلادِ تمسّكَتْ بحباله | |
|
| في الحادثاتِ وعيدُ مصرَ الأكبر |
|
عيدُ بأَنْوار الْجَلالِ مُتَوَّجٌ | |
|
| وبمُنّة النَّصرِ العَزيزِ مؤَزَّر |
|
هو صُورةٌ للبِشْرِ أُحْكِم رَسْمُها | |
|
| لو أنَّ أَيَّامَ السُّرورِ تُصَوَّر |
|
لانَتْ به الدُّنيا وأَخْصب عَيْشُها | |
|
| وبيُمْنِهِ اخْضرَّ الزمانُ المُقْفِر |
|
وشَدَتْ لِمَطْلعِه القُلوبُ كأنّها | |
|
| طَيْرٌ تُغرِّد للرِّياضِ وتصْفِر |
|
هو في كِتَاب الدَّهْر سَطْرٌ مَجَادَةٍ | |
|
| خَشَعَتْ لِهَيْبَةِ ما حَواه الأسْطُرُ |
|
وثَبَتْ به مِصْرٌ وقد طال الكَرَى | |
|
| وَمَضَتْ إِلى قَصَب الفَخَارِ تُغَبِّرُ |
|
وَعَلَتْ بفَضْل مَلِيك مِصرَ مَكَانةً | |
|
| لم تَقْتَعِدْها في السَّماءِ الأَنْسُر |
|
تَتَقطّعُ الآمالُ دون بُلوغها | |
|
| وتَوَدّ رُؤْيتَها العُيونُ فَتحْسرُ |
|
تَرْنُو لها الْجَوْزاءُ نَظْرةَ حَاسِدٍ | |
|
| وبِذكْرِها تَلْهو النُّجومُ وتَسْمُر |
|
وإذا سَما الملِكُ الهُمامُ لغايةٍ | |
|
| فالصَّعبُ هَيْنٌ والعَسيرُ مُيَسَّر |
|
عيد الجلوسِ وأنت عِزةُ أمةٍ | |
|
| تَعْلو بمَوْلاها العَظِيم وتَكْبُر |
|
غنَّاكَ شِعْري فاستَمعْ لِغنَائِه | |
|
| إِنَّ البَلابلَ في الْخَميلةِ نُدَّر |
|
ما كلُّ من عَرَك المَزَاهِرَ مَعْبَدٌ | |
|
| يَوْماً ولا كلُّ المَواضِع عَبْقَر |
|
إن الرماحَ حَدائدٌ مَنْبُوذَةٌ | |
|
| حتى يُثقِّفَ جِانِبيْها سَمْهَرُ |
|
حيَّتْ طلائِعَكَ القوافِي هُتّفاً | |
|
| وشَدَتْ لمَقْدَمِكَ الكريمِ الأَشكُر |
|
والشعرُ مرآةُ النُّفوسِ وصُورةٌ | |
|
| مَحْسوسةٌ ممَّا تُكِنُّ وتشعر |
|
يا عِيدُ كَمْ بك من جَمالٍ زاهرٍ | |
|
| يَبْهَى بإِشْراقِ المَليك وَيبْهَر |
|
كم مِنْ مَواكبَ وارداتٍ تَرْتَجي | |
|
| شَرَفَ المُثُولِ ومِنْ مَواكبَ تَصْدُر |
|
والشعبُ يَزْحَمُ بالمَناكبِ طامِعاً | |
|
| في نَظْرةٍ تُحْيِي القلوبَ وتَجْبُر |
|
ضاقتْ به السَّاحاتُ حتى أصبحتْ | |
|
| كالبَحْرِ يَقْذِف بالعُبَاب وَيزْخَر |
|
حتى إِذا ظَهر المَليكُ كأنَّه | |
|
| بَدْرٌ به انجابَ الظَّلامُ الأَخْدر |
|
في بُرْدِهِ أملُ الكِنانةِ باسِمٌ | |
|
| وبِوَجْهه نورُ الْجَلالَةِ مُسْفِر |
|
شَخصتْ له الآمالُ تُسرِع خَطْوَها | |
|
| ودنَا لرُؤيته العدِيدُ الأكْثرُ |
|
تَرْنُو العُيونُ فَتَجْتلي من نوره | |
|
| فَيْضاً ويَغْلِبُها السَّنا فَتَحَيَّر |
|
والناسُ بين مُسَبِّحٍ ومُكَبِّرٍ | |
|
| لَبّى نِدَاه مُسبِّحٌ ومُكَبِّر |
|
والبِشْرُ قد ملأ الوُجوهَ نَضارةً | |
|
| فتكادُ من فَرْطِ النَّضارةِ تَقْطُر |
|
والقُطُرُ يهتفُ أن يعيشَ فؤادُهُ | |
|
| والشَّعْبُ يجهَرُ بالدعاءِ وَيَجأَر |
|
في مَوْكِبٍ لم يَلْقَ كِسْرَى مثلَه | |
|
| في السَّابقين ولم يَنَلْه قَيْصَر |
|
قَدَرُوا مآثرَك النَّبيلةَ قَدْرَها | |
|
| وكذاك مَحْمودُ المآثرِ يُقْدَر |
|
أَحْسنتَ للشَّعب الكَرِيمِ رِعَايةً | |
|
| فَشَدا بنعمتِكَ التي لا تُكْفَر |
|
اللّهُ قد خَلَقَ المكارمَ والنَّدَى | |
|
| شَجَراً يُظَلِّلُ في الهَجِير ويُثْمِر |
|
إِنّ الذي ملك القُلوبَ بعَطْفه | |
|
| أَوْلَى بتَمْجيدِ القُلوبِ وأجدَر |
|
شِعْري استبقْ في الحاشِدين مُبادِراً | |
|
| لا يُدرِكُ الآمالَ مَنْ يتأَخّرُ |
|
وانزِلْ برَأْس التّين واخْشَعْ مُطْرِقاً | |
|
| ممّا تُحِسُّ مِنَ الْجَلال وتُبْصِرُ |
|
فهنالك المَجْدُ المُؤَثَّلُ سامِقاً | |
|
| والملْك حولَكَ واسعٌ مُسْتَبْحِر |
|
هذا ابنُ إِسماعيل فانثُر حولَهُ | |
|
| دُرَراً تَدُومُ على الزَّمانِ وتُذْخَر |
|
ساسَ البلادَ بِحكْمةٍ عَلَويّة | |
|
| بسَدادِها تعتزُّ مِصْرُ وتُنْصَر |
|
عَزْمٌ كما صَال الْحُسام وهِمّةٌ | |
|
| أَسْمَى من النَّجم البَعيدِ وأَبْهر |
|
ومَضاءُ رَأْي لو رَمَى حَلَكَ الدُّجى | |
|
| لَمضى الدُّجَى مُتَعثِّراً يَتَقَهْقر |
|
بلغتْ به مِصْرُ مَنازِلَها العُلاَ | |
|
| يُومِي إِليها طَرْفُه فَتُشَمِّر |
|
تَمْضِي كما يَمْضِي الشّهابُ مُجِدَّةً | |
|
| لا يبلغُ الشأوَ البعيدَ مُقَصِّر |
|
مَلأ البِلادَ عوارِفاً ومَعارفا | |
|
| تُزْجَى إلى أَقْصى البلاد وتنْشَر |
|
وأعَاد مجدَ الخالِدين بنَهْضةٍ | |
|
| تَجْتَاح شُمَّ الرَّاسياتِ وتُقْهَر |
|
فتلفَّتَ التارِيخُ مشْدوهَ النُّهَى | |
|
| وتَطلّعتْ من حُجْبِهنّ الأدْهُر |
|
لا تَدْهَشِ الدُّنيا فصَوْلَةُ عَزْمِهِ | |
|
| أَقْوَى على كَبْح الصِّعابِ وأقدَرُ |
|
الخالدون على الزمان جدودُهُ | |
|
| والسابقون قبيلُه والمعشَر |
|
النهضةُ الكبرَى إِليهم تنتمِي | |
|
| وجلائلُ الآثارِ عنهم تُذْكر |
|
درجوا وأمّا مجدُهم فمُخلَّدٌ | |
|
| باقٍ وأما ذِكْرهم فمُعَمَّر |
|
أفؤادُ عش للنيلِ ذُخراً إِنما | |
|
| بِنَدَا كما تحيا البلادُ وتنضُر |
|
قد فاض في طول البلاد وعرضها | |
|
| لكنّه في جنبِ فَيْضِك يَصْغُر |
|
يتبرّكُ الوادي بلَثْم بنانِهِ | |
|
| فيعودُ وهو المعْشِب المُخْضَوضِرُ |
|
الْخِضْبُ والإِغداقُ فيضُ يمينه | |
|
| والمسكُ كُدْرَةُ مائِهِ والعنبر |
|
تِبْرٌ إِذا غَمَر البلادَ رأيتَها | |
|
| والدرُّ مِلءُ نُحورِها والْجَوْهَر |
|
والأرض وَشْيٌ طُرِّزتْ أفوافُه | |
|
| والزهرُ منه مُدَرْهَم ومُدَنَّر |
|
أَنَّى جرَى هَمس الخمائلُ باسمه | |
|
| وتبسَّم النّسرينُ والنِّيلُوفَر |
|
وسرت بمقَدمِه البشائرُ حُوَّما | |
|
| السُّحْبُ تُنْبِىءُ والنسائمُ تُخبر |
|
إن أصبحتْ مصرُ الخصيبةُ جنَّةً | |
|
| في عهدك العُمَريِّ فهو الكَوْثَرُ |
|
عِشْ في حِمَى الرَّحمنِ جلّ جلالُه | |
|
| ترعاك عينٌ لا تنامُ وتخفُرُ |
|
واهنأ بعيدك إنه فألُ المُنَى | |
|
| فَبيُمْنه تعلو البلادُ وتظْفَر |
|
لا زلتَ ترفُلُ في مطارفِ صحّةٍ | |
|
| هي كل ما يرجو الزمان ويُؤْثِر |
|
واسلَمْ لمصرَ فأنتَ أنتَ فؤادُها | |
|
| وحياتُها ولُبابُها المتخَيَّر |
|
فاروقُ زَيْنُ الناشئين المرتجَى | |
|
| كَرُمت أوائِلُهُ وطَاب العُنصُر |
|
مجدُ الشبابِ مَنَاطُ آمالِ العُلا | |
|
| وسَنَا الحياةِ ونَجْمُ مصرَ النيّر |
|
أَنبتَّه خيرَ النباتِ يزَيِنُه | |
|
| خُلُقٌ كأمواهِ السحابِ مُطَهَّرُ |
|
الفضلُ يلمَعُ في وضيء جبينه | |
|
| زهواً كما ابتسم الربيع المُبْكِر |
|
إنّ الصعيدَ لمُزْدَهٍ بأميرِهِ | |
|
| جَذْلانُ يصدَحُ بالثناء ويجهر |
|
لو تَسْتطيعُ الباسقاتُ بأرضه | |
|
| سَعْياً لجاءت نحو بابِكَ تشكُر |
|
عاش المليكُ وعاش فاروقُ الْحِمَى | |
|
| يزهو بطلعته الوجودُ ويُزْهِر |
|