جَلَلٌ هَزَّ كلَّ رُكْنٍ وهَدَّا | |
|
| ومصابٌ رَمَى القُلوبَ فأَرْدَى |
|
كلُّ صَدْرٍ به أَنينٌ وَوَجْدٌ | |
|
| مُرْسِلٌ خَلْفَه أنِيناً ووَجْدا |
|
عَبَراتٌ من ساكبٍ ليس تَرْقَا | |
|
| ووَجيبٌ مِنْ خَافِقٍ لَيْس يَهْدَا |
|
ونشيجٌ أقضَّ من مَضْجَعِ اللّيْلِ | |
|
| وماجتْ له الكواكِبُ سُهْدا |
|
فزِعَتْ مصرُ فزْعةً طَارَ فيها | |
|
| كلُّ عقْلٍ عن الرَّشَادِ ونَدّا |
|
هَرَعَتْ ساعةَ الوَداعِ تُفِيضُ الدَّمْعَ | |
|
| بَحْراً وتُرسِلُ الشَّوقَ وقْدَا |
|
أمّةٌ هالَها المُصَابُ فهامَتْ | |
|
| تستَحِثُّ الْخُطَا شُيوخاً ومُرْدا |
|
خَرَجَتْ مِن خِبائِها كُلُّ خَوْدٍ | |
|
| لم تُقنِّعْ رأساً ولم تُخْفِ خَدَّا |
|
أعْجَلَتْها مُصيبَةُ الوَطنِ المفْجُوعِ | |
|
| أنْ تَخْتَبِي وأنْ تَتَردَّى |
|
زُمَرٌ تَلْتَقِي على الْحُزْنِ والْيَأْ | |
|
| سِ وحَشْدٌ بَاكٍ يُزَاحِمُ حَشْدا |
|
وبِحَارٌ من الأنَاسِيِّ ماجَتْ | |
|
| مُزْبداتٍ يَجِشْنَ جَزْراً ومَدَّا |
|
وجِبَالٌ تَسِيرُ في يَوْم حَشْرٍ | |
|
| كلُّ فِنْدٍ تَراهُ يَتْبَعُ فِنْدا |
|
فوْق سَطْحِ البُيوتِ كالنَّحْلِ فانْظُرْ | |
|
| ثُمّ إِيَّاكَ أنْ تُحَاوِلَ عَدَّا |
|
كلُّ بَيْتٍ قدْ عَافَ أحْجارَهُ الصُّمَّ | |
|
| وأَضْحَى دَماً ولَحْماً وجِلْدا |
|
والمَيادِينُ كُلُّها أُمَمٌ تُزْ | |
|
| جَى كما تُكْدَسُ السّحائبُ رُبْدَا |
|
فإِذا شئتَ أن تَرَى الأرضَ أرْضاً | |
|
| كنْتَ ممن يُحاولُ الأمْرَ إِدّا |
|
نَفَسٌ واحدٌ جميعاً وقلبٌ | |
|
| لفؤاد يَئِزُّ شَوْقاً وصَهْدا |
|
ودُعاءٌ يَمُرُّ بالصَّدْرِ بَرْقاً | |
|
| فإِذا انْسَابَ منه أصْبَحَ رَعْدا |
|
وخُشوعٌ من الْجَلالِ تَراءَى | |
|
| وجَلالٌ من الخشوعِ تَبَدَّى |
|
حَمَلوه وإِنما حَمَلُوا آ | |
|
| مَالَ شَعْبٍ بزَهْرِها الغَضِّ تَنْدَى |
|
حَمَلوا حامِيَ الحَقيقةِ والدِّينِ | |
|
| كما تَحْمِلُ المَلائكُ عَهْدا |
|
حَمَلوا كَوْكباً أشَعَّ على مِصْرَ | |
|
| سَناً مُبْصِراً وهَدْياً وسَعْدا |
|
ما عَلى الدّهْرِ مَرَّةً لَوْ تَوانَى | |
|
| أو عَلَى الدَّهْرِ ساعة لو تَهَدَّا |
|
لَفَحَتْ رِيحُهُ أزاهيرَ آما | |
|
| لٍ ملأْنَ الوُجودَ مِسْكاً ونَدّا |
|
وَعَدَتْ كَفُّه عَلَى دَوْحةٍ كا | |
|
| نتْ تَمُدُّ الظِّلالَ في مِصْرَ مَدّا |
|
وَجَدَتْ مِصْرُ في ذَراها سَلاماً | |
|
| وطوَتْ في ظِلالِها العَيْشَ رَغْدا |
|
قدْ نَعَينا فَرداً به كان عَصْراً | |
|
| وفَقَدْنا عَصْراً به كان فَرْدا |
|
دَوْلةٌ فاقت الكواكِبَ نُوراً | |
|
| وأنَافَتْ عَلَى الكواكبِ بُعْدا |
|
علَّمَتْ كلَّ مَالِكٍ كيف تُرْعَى | |
|
| أُممٌ حاطَها المُلوكُ تُهْدَى |
|
رفع الشَّرقُ رأسَه بِفُؤَادٍ | |
|
| ونَضَا عَنْه يأسَهُ فاسْتَجَدَّا |
|
ومَضَى يَسْبِقُ الْخَواطِرَ وثْباً | |
|
| وجَرَى يُجْهِدُ الأمَانِيَّ وَخْدا |
|
وأتَتْ كلُّ أُمّة ترتجِي مِصْرَ | |
|
| وِدَاداً وتَنْهَلُ العلم وِرْدا |
|
كَعْبةٌ حَجّتْ الوُفُودُ إِليها | |
|
| تَسْتَحِثُّ الرِّكَابَ وَفْداً فَوَفْدا |
|
حَفَزَتْها لعَرْشِ مِصْرَ أمانٍ | |
|
| بِنَشِيدِ الوَلاَءِ والْحُبِّ تُحْدَى |
|
فَرأتْ حَزْمَ جاهِدٍ لَنْ يُبارَى | |
|
| ورأتْ جُهْدَ حازمٍ لن يُحَدّا |
|
أبصَرُوا المُلْكَ في جَلالةِ مَعْنا | |
|
| هُ يُباهي السَّمَاءَ عِزّاً ومَجْدا |
|
أبْصَرُوا دَوْلة ومُلْكاً كَبِيراً | |
|
| ومِرَاساً يُعْيي الزَّمانَ وجُهْدا |
|
هِمّةٌ تَفْرَعُ النُّجومَ وعَزْمٌ | |
|
| سلَبَ السَّيْفَ حدَّه والفِرنْدَا |
|
ومَضَاءٌ في الحَادِثاتِ برأْيٍ | |
|
| فَضَح الصُّبْحَ نُورُه وتَحدَّى |
|
يَستمدُّ الإِلهامَ من عالِمِ الغَيْبِ | |
|
| وأجْدِرْ بمثله أنْ يُمَدّا |
|
دَفَعَ الشعْبَ للسبيل فكانت | |
|
| من سَنا هَدْيه أماناً ورُشْدا |
|
مُلْهِباً عَزْمَه إِذا اجتازَ غَوْراً | |
|
| مُسْتَحِثّاً إِذا تسلَّقَ نَجْدا |
|
كلّما خَارَ أجزأتْ بسمةٌ مِنْه | |
|
| فَمدَّ الخُطَا حَثِيثاً وجَدّا |
|
ومَضى كالقَضَاءِ يَهْوِي لِمَرْمَا | |
|
| هُ جَريئاً مُجَمَّعَ القَلْبِ جَلْدَا |
|
يَبْهَرُ الصَّخرَ أنْ يَرَى منه صَلْداً | |
|
| آدميَّ الرُّواءِن يَقْرَعُ صَلْدا |
|
لا يُبالي إذا سَعَى للمعَالي | |
|
| خَبَط الشوْكَ أم تَوطَّأَ وَرْدَا |
|
وفُؤَادٌ أمامَه خَيْرُ هادٍ | |
|
| قادَ لِلْغَايةِ البَعيدَةِ جُنْدا |
|
كانَ لِلْمُقْدِمين رُوحاً وقلْباً | |
|
| ولِرَكْب السَّارِينَ كَفَّاً وزَنْدا |
|
لو دَعَأهُم إِلى النُّجوم لَسَاروا | |
|
| خَلْفَه يُزْمِعُون للنَّجْمِ قَصْدا |
|
وإِذا اليأسُ مَسَّهُم كان عَطْفاً | |
|
| وسَلاماً عَلَى القُلُوبِ وبَرْدا |
|
نَظْرةٌ مِنْه تَبْعَثُ الأمَلَ الوَا | |
|
| ني وتُحْيِي منه الذي كان أوْدَى |
|
كان رِدْءاً لِمصْرَ إِنْ جَارَ دهْرٌ | |
|
| وصِمَاماً لأمْنِها إِنْ تَعَدَّى |
|
ساسَ بالحِكْمةِ البِلاَدَ فكانَتْ | |
|
| من عَوَادِي الزَّمانِ دِرْعاً وسَدّا |
|
فَهْو إِنْ شَاءَ صيّر الغِمْدَ سيْفاً | |
|
| وإِذا شاء صَيَّر السَّيْفَ غِمْدَا |
|
قد أعدّتْه رَحْمةُ اللّهِ لِلْحُكْمِ | |
|
| كَرِيماً مُبَارَكاً فاسْتَعَدّا |
|
ورَعَى اللّهَ في الرّعِيّةِ والملكِ | |
|
| فوفَّى حقَّ الإِلهِ وأَدَّى |
|
أينَما سِرْت مَشْرِقاً تَلْقَ شُكْراً | |
|
| أو توجَّهْتَ مَغْرِباً تَلْقَ حَمْدا |
|
وإِذا اللّهُ رَامَ إِصْلاحَ شَعْبٍ | |
|
| سَلَكَ القَائدُ الطَّريقَ الأسدَّا |
|
إِنّما النَّاسُ بالملوكِ وأَغْلَى | |
|
| الْمُلْكِ شَأْواً ما كانَ حُبّاً وَوُدّا |
|
رَد بالْحَزْم كلَّ خَطْبٍ سِوَى المَوْ | |
|
| تِ ولِلْمَوْتِ صَوْلَةٌ لَنْ تُرَدّا |
|
والفَتَى في الْحَياةِ رهْنُ عَوَادٍ | |
|
| لا يَرَى دُونَ مُلْتَقَاهُن بُدّا |
|
حَكَمَ الموتُ في الأنَامِ فَسَوَّى | |
|
| لم يَدَعْ سَيِّداً ولم يُبْقِ عَبْدا |
|
بَيْنما يَسْحَقُ النِّمالَ تَراهُ | |
|
| باسِطاً كفَّه لِيَقْنِصَ أُسْدا |
|
يا مَليكي والْحُزْنُ يَطْحَنُ نَفْسي | |
|
| كلّما قُلْتُ خَفَّ قال سَأَبْدا |
|
أيْنَ عزُّ المُلْكِ الّذي كانَ للآ | |
|
| مالِ في سَوْحهِ مَرَاحٌ ومَغْدَى |
|
أين تلكَ الهِبَاتُ للعِلْمِ تُزْجَى | |
|
| كلُّ رِفْدٍ فيها يُزَاحِمُ رِفْدا |
|
أينَ أينَ القُصّادُ في ساحةِ القَصرِ | |
|
| وأين الصِّلاتُ تُعْطَى وتُسْدَى |
|
أين ذاكَ الْجَبِينُ ينضَحُ نُوراً | |
|
| أين ذاكَ الْحَدِيثُ يَقْطُر شَهْدا |
|
قد فَقَدْناهُ والمُصَابُ جَلِيلٌ | |
|
| وجَمِيلُ العَزَاءِ بالْحُرِّ أجْدَى |
|
|
| بالغٌ في مَجَالةِ العُمْرِ حَدّا |
|
غَير أنّ الفَتَى يُغَالِبهُ الدَّمْعُ | |
|
| فلا يستطيعُ للدَّمْعِ صَدَّا |
|
كلُّ مَهْدٍ يَصيرُ مِنْ بَعْد حينٍ | |
|
| قَصُرَ العُمْرُ أو تَطَاولَ لَحْدَا |
|
قَدْ مَلأْتُ الوُجودَ شَدْواً بِمَدْحِيكَ | |
|
| وهَل غيْرُ مِزهَرِي بكَ أشْدَى |
|
خَالداتٌ مِنَ الجلاَئلِ أوْلَتْ | |
|
| شِعْرِيَ المُزْدَهي بوصْفِك خُلْدا |
|
كَتبَ اللّهُ أنْ يَعُودَ رثاءً | |
|
| وبُكَاءً يُدْمِي العيونَ وكَمْدا |
|
قد نظَمْتَ العُلاَ قِلادَةَ دُرٍّ | |
|
| فَنظمْتُ الدّموعَ أَرْثيكَ عِقْدا |
|
أمَلُ الشَّعْبِ في خَليفَتِك الْفَا | |
|
| رُوقِ أحْيَا آمالَه وأجَدّا |
|
قرأ الشَّعْبُ في مَلاَمِحِه الغُرِّ | |
|
| سُطورَ المُنَى وأبْصَر جَدّا |
|
ورأَى فيه نَبْعةَ المجدِ والنُّبْلِ | |
|
| أَباً مُفْردَ الجلالِ وجَدّا |
|
لم يجِدْ للعُلاَ سواه مَثِيلاً | |
|
| ولبَدْرِ السماءِ إِلاَّهُ نِدّا |
|
رحمةُ اللّهِ للمليكِ المُسَجَّى | |
|
| ورَعَتْ عينُه المليكَ المُفَدَّى |
|