اِنظِمِ الدُلَّ تَوْءَماً وَفَرِيدَا | |
|
| وَامْلأِ الأَرْضَ والسَماءَ نَشِيدَا |
|
وإِذَا مَرَّ بِالنُّجُومِ خَيَالٌ | |
|
| فَتَخَيَّرْ مِنَ النُّجُومِ عُقُودَا |
|
آنَ يا شِعْرُ أَنْ تُغَنِّي فأَرْسِلْ | |
|
| مِنْ قَوافِيكَ ما يَهُزُّ الْوُجُودَا |
|
أَسْكِتِ الصَادِحاتِ يَهتفْنَ في الدَّو | |
|
| حِ وَكُنْ في عِشاشِهَا تَغْرِيدَا |
|
حَفِظَتْ رنَّة وَقَدْ رَدَّدَتْهَا | |
|
| فَابْعَثِ اللَّحْنَ جَارِمِيّاً جَدِيدَا |
|
وَاصْعَدِ الْجَوَّ للسَّمَوَاتِ وَانْقُلْ | |
|
| لُغَةَ الْخُلْدِ إِنْ مَلَكْتَ صُعُودا |
|
نَغَمَاتٌ مِنَ الْمَلائِكِ تَسْرِي | |
|
| في الْفَرَادِيسِ مَا عَرَفْنَ حُدُودا |
|
صَفَّقَ الْكَوْثَرُ الطهُورُ لِمُسْرَا | |
|
| هَا وَجَرَّ الذُيُولَ يَمْشي وَئِيدا |
|
وَسَعَتْ صَوْبَ هَمْسِهَا كُلُّ حَوْرَا | |
|
| ءَ تُدَانِي رَأْساً وَتَعْطِفُ جِيدَا |
|
وَالتَهَاليِلُ تَمْلأُ الْمَلأ الأعْلَى | |
|
| وَتَعْنُو لِقُدْسِهِ تَمْجِيدَا |
|
فَرَحٌ في السَماءِ وَالأرْضِ بِالْفَا | |
|
| رُوقِ فَازَتْ بِهِ عِيدَا |
|
غَنِّ يَا شِعْرُ بِالأَمَانِي حِسَاناً | |
|
| ضَاحِكَاتٍ وَبِالزَّمَانِ وَدِيدَا |
|
أَجِدِ الْقَوْلَ مَا اسْتَطَعْتَ وَإِلاَّ | |
|
| فَمَتَى يَا تُرَى تَكُونُ مُجِيدَا |
|
عَجَزَ النايُ فَابْتَكِرْ مِنْ قَوَافِيكَ | |
|
| وَرَنَّاتِهِنَّ نَاياً وَعُودا |
|
وَتَخَيَّرْ مِنَ الْخَمائِلِ أَنْدَا | |
|
| هَا وَرَدِّدْ خِلالَها تَرْدِيدَا |
|
هاتِهَا مَوْصِليَّة تَمْلِكُ السمْعَ | |
|
| وَطَرِّبْ بِهَا وَغَنِّ الرشِيدا |
|
وَابْعَثِ الرَّوضَ مِنْ كَرَاهُ وَقَبِّلْ | |
|
| وَجَنَاتٍ مِنْ زَهْرِهِ وَخُدُودا |
|
وَتَرَنَّمْ تُجِبْ صَدَاكَ الْقَمارِي | |
|
| وَتَمِلْ نَحْوَكَ الْغُصُونُ قُدُودا |
|
أَرْسِلِ الصوْتَ رَنَّةً تَمْلأُ الدنْيَا | |
|
| وَتَبْقَى عَلَى الزمَانِ خُلُودا |
|
لا تُبالِ الْقُيُودَ مِنْ فاعِلاَتُنْ | |
|
| أَنْتَ أَحْرَى بِأَنْ تُذِلَّ الْقُيُودَا |
|
سِرْ خفِيفاً معَ النَسائِمِ وَابْعَثْ | |
|
| نَفَساً يَمْلأُ الْفَضَاءَ مَدِيدا |
|
يُنْصِتُ اللَّيْلُ حِينَ تُنْشِدُ يا شِعْرُ | |
|
| وَتَنْفِي عَنْ مُقْلَتيْهِ الرُّقُودا |
|
ضُمَّهُ بَيْنَ سَاعِدَيْكَ وَغَرِّدْ | |
|
| مِثْلَمَا هَزَّتِ الْفَتَاةُ الْوَلِيدا |
|
لا تَدَعْ في لَهَاةِ فَنِّكَ صَوْتاً | |
|
| إِنْ رَنَا مُصْغِياً يُريِدُ الْمَزِيدا |
|
قَدْ نَقَدْنَا لَكَ الْقَوَافي صحَاحاً | |
|
| مِثْلَمَا يَنْقُدُ الشَحِيحُ النقُودَا |
|
وَجَمَعْنَا حُرَّ الْكَلاَم الّذِي عَزَّ | |
|
| فَأَضْحَتْ لَهُ الْمَعَأنِي عَبِيدا |
|
وَحَشَدْنَا الأَلْلَاظَ أَنْقَى مِنَ الْمَاءِ | |
|
| وَأشْهَى مَسَاغَةً وَوُرُودا |
|
وَبَعَثْنَا الْخَيَالَ سِحْراً مِنَ السحْرِ | |
|
| وَنَهْجاً مِنَ الْبَيَانِ سَدِيدا |
|
طارَ في الْجَوِّ مَا يَمَلُّ زَفِيفاً | |
|
| وَطَوَى الأرض مَا يَمَلُّ وَحِيدا |
|
رِقَّةٌ لَوْ جَرَتْ بِسَمْعِ الْغَوَاني | |
|
| أَوَّلَ الدهْرِ مَا عَرَفْنَ الصُدودَا |
|
قَدْ رَآهُ مُثَقَّفُ الْحِسِّ وَحْياً | |
|
| وَرَآهُ مَنْ لاَ يُحِسُّ قَصِيدَا |
|
سَارَ يَحْثُو التُرَابَ في وَجْهِ بَشَّا | |
|
| رٍ وَيَطْوِي ابْنَ هَانىءٍ وَالْوَلِيدا |
|
كلمَا قَامَ مُنْشِدُ الْقَوْمِ يَتْلُو | |
|
| هُ تَمَنَّى مُتَابِعٌ أَنْ يُعِيدا |
|
إِنَّ يَوْمَ الْفَارُوقِ يَوْمٌ عَلَى الدهْرِ | |
|
| فَرِيدٌ فَهَاتِ قَوْلاً فَرِيدا |
|
وَتَخَيَّرْ مِنْ سِحْرِ مَنْفِيسَ سِرّاً | |
|
| كَتَمَتْهُ الْكُهَّانُ عَهْداً عَهِيدَا |
|
وَصُغِ الشمْسَ في الأَصَائِلِ تَاجاً | |
|
| وَانْسُجِ الرَّوْضَ في الرَّبِيع بُرُودَا |
|
إِنَّ فَارُوقَ في الْمُلُوكِ وَحيدٌ | |
|
| فَلْتكُنْ أَنْتَ في الْبَيَانِ وَحِيدا |
|
بَحَثَ الْمَجْدُ في الْعُصُورِ فَلَمْ | |
|
| يَلْقَ لَهُ بَيْنَ دَفَّتَيْها نَدِيدَا |
|
مَلِكٌ فَضْلُهُ تَرَاهُ قَرِيباً | |
|
| وَمَدَى رَأْيِهِ تَرَاهُ بَعِيدَا |
|
خَدَمَتْهُ الأَقْدَارُ حَتَّى تَمَنَّتْ | |
|
| لَوْ مَشَتْ حَوْلَ سُدَّتَيْهِ جُنُودَا |
|
وَتَمنَّى اخْضِرَارُ كُلِّ نَبَاتٍ | |
|
| لَوْ غَدَا في سَمَاءِ مِصْرَ بُنُودا |
|
هِمَّةٌ تَمْتَطِي السماءَ وَعَزْمٌ | |
|
| يَرْهَبُ الدهْرُ سَيْفَهُ مَغْمُودا |
|
وَثَبَاتٌ يُدْمي جَبِينَ اللَّيَالي | |
|
| وَيَفُتُّ الصخرَ الأَصَمَّ الصَّلُودا |
|
مَكْرُمَاتٌ سَارَتْ بِكُلِّ مَسارٍ | |
|
| مَثَلاً يَسْبِقُ الريَاحَ شَرُودا |
|
يا لِوَاءَ الْبِلادِ أَيُّ لِوَاءٍ | |
|
| لا يُفَدِّي لِوَاءَكَ الْمَعْقُودَا |
|
صانَهُ اللّهُ في يَدَيْكَ فَخُذْهُ | |
|
| وَتَقَدَّمْ بِهِ قَويّاً جَلِيدا |
|
وَجَد النَّصْرُ في ذَرَاهُ مَقِيلاً | |
|
| فَأَبَى أَنْ يضرِيمَ أَوْ أَنْ يَحيِدا |
|
وَرَأتْ مِصْرُ فِيه عِزّاً مَنِيعاً | |
|
| ومَثَاباً رَحْباً وَرُكْناً شَدِيدا |
|
أَنْتَ مِنْ مَعْشَرٍ بَنَوْا فارِعَ الْمَجْدِ | |
|
| فَأَمْسَى بِمِصْرَ صَرْحاً مَشِيدا |
|
عَرَفَ السَّيْفُ أَنَّهُمْ جُنْدُهُ | |
|
| الْبُسْلُ إِذَا صَافَحَ الْحَدِيدُ الْحَدِيدا |
|
أَسْعَدُوا شَعْبَهُمْ فَكَانُوا سَحَاباً | |
|
| وَحَمْوا عَرْشَهُمْ فَكَانُوا أُسُودا |
|
وَمَضَوْا لِلْعُلاَ سِرَاعاً وَخَلَّوْا | |
|
| أَنْجُمَ اللَّيْلِ جَاثِمَاتٍ هُجُودا |
|
مَلَكُوا مِقْوَدَ الَّليالي صِعَاباً | |
|
| وَلَوَوْا هَامَةَ الزَّمَانِ عَنِيدا |
|
يَوْمَ فارُوقَ دُمْ عَلَى صَفْحَةِ الدَّهْرِ | |
|
| حَفِيلاً بِالْبُشْرَيَاتِ مَجِيدا |
|
لَبسَتْ فِيكَ مِصْرُ أَزْهَى حُلاَهَا | |
|
| ورَأَتْ فِيكَ يَوْمَهَا الْمَشْهُودا |
|
عَبْدُهَا الدَّهْرُ وَاللَّيَالِي إِمَاءٌ | |
|
| وَالأَمَاني تُرِيدُهَا أَنْ تُرِيدا |
|
في ظِلالِ المَْلِيكِ عَزَّتْ وَطَالَتْ | |
|
| واسْتَعَادَتْ فِرْدَوْسَها الْمَفْقُودا |
|
وَغَدتْ حَلْقَةً مِنَ الْمَجْدِ حَتَّى | |
|
| قَدْ ظَنَنَّا الطَّرِيفَ مِنْهُ تَلِيدَا |
|
أَقْبَلَتْ نَحْوَ سُدَّةِ الْمَلِكِ الْعَا | |
|
| لي وُفوداً تَتْلُو إِلَيْهِ وفُودا |
|
مَلَئُوا سَاحَةَ الإِمَامَةِ حَتَّى | |
|
| خَافَتِ الأَرْضُ مِنْهُمُ أَنْ تَمِيدا |
|
وَاسْتَحَثُّوا الْخُطَا فَكَانُوا بروقاً | |
|
| وعلاَ صَوْتُهمْ فكانوا رُعُودا |
|
وَالسُرورُ السرورُ يَلْعَبُ بِالشَعْبِ | |
|
| كَمَا هَزَّتِ النَّسَائِمُ عُودا |
|
ضَحكَاتٌ تَهْفُو إلى ضَحكَاتٍ | |
|
| وَوعُودٌ بِالصفْو تلْقَى وُعُودَا |
|
كُلُّهُمْ يَجْأَرُونَ بِالْعِزِّ لِلْفَا | |
|
| رُوقِ وَالعْيْشِ نَاضِراً وَرَغِيدا |
|
كَبَّرُوا حِينَما رَأَوْكَ مُطِلاً | |
|
| وَأَبَحُّوا أَصْوَاتَهُمْ تَحْمِيدا |
|
أَبْصَرُوا طَلْعةً إِذَا مَا تَبَدَّتْ | |
|
| خَرَّتِ الشمْسُ والنُجُومُ سُجُودا |
|
ورَأوْا سَيِّداً يُضِيءُ شَباباً | |
|
| باسِماً كَالمُنَى وَيَهْتَزُّ جُودا |
|
قَدْ غَرَسْتَ الْوَلاَءَ في كُلِّ قَلْبٍ | |
|
| فَتَفَيَّأْ في ظِلِّهِ مَمْدُودَا |
|
إِنَّ عَرْشاً أَسَاسُهُ مُهَجُ الشَّعْبِ | |
|
| خَليقٌ بِأنْ يَكُونَ وَطِيدا |
|
فانْظُرِ الشعْبَ لاَ تَرَى غَيْرَ قَلْبٍ | |
|
| نابِضٍ يَحْفَظُ الْوَلاَءَ الأَكِيدا |
|
ما رَأَتْ مِصْرُ مُنْذُ أَيَّامِ عَمْرٍو | |
|
| مِثْلَ أَيَّامِكَ الْحِسَانِ عُهُودا |
|
قَدْ نَثَرْنَا لَكَ الْوُرُودَ قُلُوباً | |
|
| وَنَثَرْنا لَكَ الْقُلُوبَ وُرُودا |
|
وَحَفِظْنَا لَكَ الْوِدَادَ نَضِيراً | |
|
| وَأَذَعْنَا لَكَ الثَّنَاءَ نَضِيدا |
|
مَوْكِبٌ يَبْهَرُ الشُّمُوسَ وَمَجْدٌ | |
|
| حَمْلَقَ الدهْرُ مُذْ رَآهُ سُمُودا |
|
لَمْ يُشاهِدْ سِواهُ بَعْدَ ابْنِ دَا | |
|
| وُدَ سَناً مُشْرِقاً وَمُلْكاً عَتِيدا |
|
وَمَلِيكاً يَرْعَى الإِلَهَ وَيَخْشَا | |
|
| هُ وَيُعْلي الإِيمَانَ والتَوْحِيدا |
|
أَكْمَلَ الدينَ بِالزَّوَاجِ فَأَسْدَى | |
|
| مَثَلاً لَوْ دَرَى الشَبَابُ رَشِيدا |
|
فَرَحٌ شَامِلٌ بِهِ بَلَغَتْ مِصْرُ | |
|
| مُنَاهَا وحَظَّهَا الْمَنْشُودَا |
|
كلُّ بَيْتٍ بِهِ غِناءٌ وَشَدْوٌ | |
|
| عَلَّمَ الطيْرَ إِنْ شَدَتْ أَنْ تُجيدا |
|
تَتَمَنَّى الأَغْصَانُ لَوْ رَقَصَتْ فِيهِ | |
|
| مَكَانَ الْحِسَانِ هِيفاً وَغِيدا |
|
وَتَوَدُّ النُّجُومُ لَوْ كُنَّ فِيه | |
|
| بَدَلاً مِنْ سَنَا الشُموعِ وَقُودا |
|
يَا لَيَالي الْفَارُوقِ كُوني لِموْلاَ | |
|
| كِ رِفاءً وَلِلْبِلادِ سُعُودا |
|
لَمَعَتْ في عُلاَكِ دُرَّةُ خِدْرٍ | |
|
| كَرُمَتْ نَشْأَةً وَطَابَتْ جُدُودَا |
|
بَلَغَتْ قِمَّةَ الْجَلاَلِ فَأَمْسَى | |
|
| كُلُّ مَجْدٍ لمَجْدِهَا مَرْدُودا |
|
مِنْ مِهَادِ النُّبْلِ السَّنيِّ أَضَاءتْ | |
|
| فَعَلتْ كَوْكَباً وعَزَّت مُهُودا |
|
وَزَهَتْ في مَقَاصِرِ الْمُلْكِ زَهْرَا | |
|
| ءَ فَزَانَتْ مَقَامَهُ الْمَحْمُودا |
|
يَا مَلِيكَ الْبِلاَدِ فَاهْنَأْ بِمَا نِلْتَ | |
|
| سَعِيداً جَمَّ الثَّنَاءِ حَمِيدا |
|
قَدْ أَشَدْنَا بِفَضْلِكَ الْوَافِرِ الْجَمِّ | |
|
| إِذَا اسْطَاعَ شَاعِرٌ أَنْ يُشِيدَا |
|
أَجْهَدَ الشعْرَ أَنْ يَرَى عَزَماتٍ | |
|
| يَعْجِزُ الْوَصْفُ دُونَها وَجُهُودا |
|
ومَعَانِيكَ لا تُحَدُّ فَمَاذَا | |
|
| يَعْمَلُ الشعْرُ قاصِراً مَحْدُودا |
|
وإِذَا مَا الْبَيَانُ عَقَّ لَبِيداً | |
|
| في الْمَقَامِ الْمَهِيبِ فَاعْذِرْ لَبِيدا |
|
عِشْ وَحِيدَ الْجَلالِ وَالْمَجْدِ وَاسْعَدْ | |
|
| أَمَلُ الْمَجْدِ أَنْ تَعِيشَ سَعِيدا |
|
وَابْقَ لِلدِّينِ مَوْئِلاً وعِمَاداً | |
|
| وَابْقَ لِلشَّرْقِ سَيِّداً وَعَمِيدا |
|