أَيا وَطَني وَقاكَ اللَهُ عابا | |
|
| وَبَلَّغَكَ المَقاصِدَ وَالرِغابا |
|
وَشادَ لَكَ القِبابَ عَلى الرَواسي | |
|
| مِنَ العَلياءِ تَختَرِقُ السَحابا |
|
أَيا وَطَني أُجِلُّكَ في فُؤادي | |
|
| لِما لكَ مِن حُقوقٍ لَن تُشابا |
|
أَجِنُّ لَكَ الحَنينَ عَلى وَفائي | |
|
| وَأَمنَحُكَ المُهى ما الخَطبُ نابا |
|
أُقَدِّمُ ما تُهيبُ بِهِ حَياتي | |
|
| وَلَن أَنسى عُهودَكَ وَالصِحابا |
|
إِذا ما اليَأسُ قَد مَلَكَ الحَنايا | |
|
| دَعَونا ذا المَعارِجِ فَاِستَجابا |
|
فَجَنَّبَكَ الإِلَهُ هُوانَ شانٍ | |
|
| وَأَرجَعَ مَجدَكَ الماضي مُهابا |
|
وَنَوَّلَكَ الحُقوقَ فَصُنتَ مَجداً | |
|
| وَرَوَّعَ خاطِرَ الشاني فَخابا |
|
وَطالَعَكَ الهَناءُ فَنِلتَ عِزّاً | |
|
| وَطُلتَ الدَهرَ فَخراً وَاِجتِلابا |
|
وَكَوَّنَ مِن بَنيكَ الغُرِّ طَوداً | |
|
| تَخِرُّ لَهُ الجَبابِرَةُ اِنسِحابا |
|
وَمَهَّدَ في الفُؤادِ مَكينَ حُبٍّ | |
|
| يُخالِطُ أَعظُماً وَدَماً وَلابا |
|
أَيا وَطَني أُحابيكَ اِجتِهادي | |
|
| وَحَقِّكَ مِن وَفَى في الحُبِّ حابى |
|
أُقَدِّمُ مُهجَتي لَكَ ما حَييتُ | |
|
| أَزُفُّ بَنِيَّ وَالمالَ اِرتِغابا |
|
أَما قَد كُنتَ قِدماً في عَلاءٍ | |
|
| وَقد كَرَّ القَديمُ لَكَ الإِيابا |
|
وَقَد عَزَّ الشَبابُ بِكَ اِعتِزازاً | |
|
| وَضَحَّوا بِالنَفيسِ لَكَ اِقتِرابا |
|
وَهَبّوا لِلحَياةِ وَفي هَواها | |
|
| يَرودونَ المَسالِكَ وَالعُبابا |
|
وَفي الحُرِيَّةِ اِقتَسَموا المَنايا | |
|
| وَذاقوا المُرَّ ظُلماً وَاِغتِرابا |
|
أُزامِلُ في الحَياةِ أَسىً وَنُكراً | |
|
| وَأَرتَبُّ البَنينَ لَكَ اِرتِبابا |
|
وَقَد مَدَّت لي الخَمسونَ باعاً | |
|
| تُنازِعُني شَباباً مُستَطابا |
|
تُساجِلُني الهُمومَ عَلى عُهودٍ | |
|
| إِذا سَرَّت يَكونُ لِيَ اِختِلابا |
|
مَصائِبُ عَصرِنا جَلَّت مُصاباً | |
|
| فَأَعيَتنا وَقَطَّعَت السِبابا |
|
وَتَبَّت مِن نِياطِ القَلبِ تَبّاً | |
|
| يُشيعُ الرُعبَ في الجِسمِ اِنسِكابا |
|
وَلَولا هِمَّةٌ شَمّاءُ فينا | |
|
| لَمزَّقَ جَهلُنا الحَسبَ اِرتِيابا |
|
حَقيقٌ ما يُقالُ بِأَنَّ دَهري | |
|
| يُحاكي الأُفعُوانَ شَباً وَنابا |
|
حَقيقٌ إِنَّ دَهري ذا اِفتِراسِ | |
|
| يُمَثِّلُ صَولَةَ الأَسَدِ اِنتِشابا |
|
نَرومُ الخُلدَ في دارِ الدَنايا | |
|
| وَنَقرَأُ في صَحائِفَنا اِنقِلابا |
|
أَقولُ وَلَوعَتي تُزجي الأَماني | |
|
| لَعَلَّ الله يَهدينا الصَوابا |
|
عَلى الأَخلاقِ هَذَّبنا شَباباً | |
|
| يَسيرُ إِلى الكَمالِ وَلَن يُعابا |
|
أُقَرِّبُ لِلبَنينَ الشُهدَ قاباً | |
|
| وَأَرجو أَن تُساغَ لَهُم رُضابا |
|
هِيَ النَفعُ المُفيدُ لِبُرءِ داءٍ | |
|
| يَحِزُّ العَقلَ يَختَرِمُ الشَبابا |
|
وَتِلكَ نَصائِحي قَد قُمتُ فيها | |
|
| بِما رامَ الطَبيبُ لَهُم شَرابا |
|
فَلِمَ أَترُك لِفائِدَةٍ مَناحي | |
|
| وَلا لِلنُجحِ في الإيلاجِ بابا |
|
إِذا ما الجَهلُ حَطَّ بِنا رِحالاً | |
|
| وَأَنحى في البِلادِ غَدَت خَرابا |
|
وَإِنْ نُصْحُ الهُداةِ لَنا تَوانَى | |
|
| تَحَوَّلَتِ الطباعُ بِنا ذِئابا |
|
فَيا وَيحَ البِلادِ لِمَن تَغافى | |
|
| وَذي التُبَّانِ لَو مَلَكوا القِصابا |
|
تَراهُ كَشَيهَمٍ جَحَرَ الرَكايا | |
|
| وَأَوصَدَ دونَهُ الحُجُبَ اِرتِعابا |
|
يُراعُ كَنِقنِقِ الدَوِّ اِرتِجافاً | |
|
| إِذا ما الرَوعُ أَصلاهُ التِهابا |
|
وَعِندي أَنَّ سارِبَةَ اللَيالي | |
|
| إِذا فَحَّت تَكونُ أَخَفَّ نابا |
|
بَني الأَوطانِ وَيَحكُمو نُهوضاً | |
|
| إِلى العَلياءِ نَلتَمِسُ اِنتِسابا |
|
فَيُملي الحَزمُ ما أَوحى يَراعي | |
|
| عَلى الدُنيا وَإِن مُلِئَت صِعابا |
|
وَنُرسِلُ فَوقَ زُهرِ النَجمِ عَزماً | |
|
| وَنَملِكُ هامَةَ الجَوِّ اِغتِصابا |
|
وَنُعلي النيلَ رَغمَ الدَهرِ مَجداً | |
|
| وَنَحمي مَن بِسُدَّتِنا أَهابا |
|
نَقودُ وَلا نُقادُ كَما الضَحايا | |
|
| وَنَضرِبُ بِالصَقيلِ وَإِن تَنابى |
|
لَنا أَريُ الجَنى أَن لَو رَضينا | |
|
| وَجَرْضُ الصابِ لَو كُنّا غِضابا |
|
فَقِدماً قَد خَضَبنا وَجهَ أَرضٍ | |
|
| وَأَخضَعنا المَمالِكَ وَالرِّقابا |
|
وَرَوَّينا عَلى الظَمَأِ العَوالي | |
|
| كَما أَعلامُنا عَلَتِ الهِضابا |
|
وَفي الأَهرامِ شاهِدُنا عِياناً | |
|
| وَمِصرُ اليَومَ أَجدَرُ أَن تُهابا |
|
يَدِبُّ دَمُ الجَدودِ بِنا دَبيباً | |
|
| فَما زِلنا فَراعِنَةً صِلابا |
|
عَزيفُ الجِنِّ يُشبِهُنا بِحَربٍ | |
|
| وَأَنغامُ الخليعِ إِذا تَصابى |
|
قِياماً يا بَني وَطَني قِياماً | |
|
| لِتُحيوا ما مِنَ الأَجلالِ غابا |
|
وَكونوا لِلبِلادِ مَنارَ عِلمٍ | |
|
| تُضيءُ السَهلَ تَختَرِقُ النَقابا |
|
وَناجوا النَفسَ لَو بَلَغَت مُناهاً | |
|
| وَقولوا لِلوَرى قَولاً صَوابا |
|
فَما تنمو العُقولُ بِغَيرِ زادٍ | |
|
| وَلا تَسمو البِلادُ بِنا اِضطِّرابا |
|
نُزَوِّدُ كُلَّ يَومٍ نَظمَ دُرٍّ | |
|
| شَبيبَتَنا مِنَ الأَدَبِ اللُبابا |
|
أَقولُ شَبيبَةً نَهَضَت فَكانَت | |
|
| مِثالَ بَواتِرٍ خَذَمَت شعابا |
|
لَعَلَّ اللَهَ يُنشِئُنا جَديداً | |
|
| فَنُظهِرَ لِلمَلا العَجَبَ العُجابا |
|
وَنَخطوَ لِلعُلا خُطُواتِ آلٍ | |
|
| وَحَسبُ الفَخرِ أَن شِدنا القِبابا |
|
وَنُسعِدَ قَومَنا عَمَلاً وَقَولاً | |
|
| وَنُرسِلَ لِلسَما ضَوءاً شِهابا |
|
وَنَخطُبَ في نَوادينا ذِراباً | |
|
| وَنَسلُكَ مَسلَكاً فينا مُجابا |
|
أَمامي يا بَنِيَّ فَإِنَّ قَومي | |
|
| رَأَوا رَأيي وَحانَ لَهُم مَثابا |
|
حَنانَيكِ بِلادي إِنَّ قَلبي | |
|
| وَهَى مِمّا يُحِسُّ بِهِ اِكتِئابا |
|
فَدامَ النيلُ فيكِ حَياةَ شَعبٍ | |
|
| يُناضِلُ دونَه ما الحَقُّ غابا |
|
أَيُحرَمُ أَن يَكونَ لَنا تُراثٌ | |
|
| وَظَهرُ الأَرضِ مَملوءٌ كِلابا |
|
نُعَلِّل بِالوُعودِ عَلى شِفارٍ | |
|
| أَبانَت مِن حناجِرِنا مُصابا |
|
وَيُهضَمُ حَقُّنا في كُلِّ مَنحىً | |
|
| إِذا رَأَوا الجِهادَ لَها رِكابا |
|
وَفَوقَ رُؤوسِنا سِربٌ يَدِفُّ | |
|
| نَذيرُ المَوتِ إِن طاروا غضابا |
|
فَأَينَ مِنَ الوَفاءِ عُهودُ قَومٍ | |
|
| تُرى حِبراً عَلى وَرَقٍ مُذابا |
|
يَسيلُ الدَمعُ مِن عَينيَّ سَحّاً | |
|
| بِعَبرَةِ واكِفٍ فَقَدَ الشَبابا |
|
فَما سيمَ القَطينُ كَما نُسامُ | |
|
| وَلا بِيعوا كَما اِبتَعنا ذَهابا |
|
وَلا قاسَت بِلادٌ ما نُقاسي | |
|
| وَلا طُرِدَت أَكابِرُها غِلابا |
|
فَعَيبٌ أَن نُذَلَّ وَقَد عَرَفنا | |
|
| هَوانَ النَفسِ مَعجَزَةً وَصابا |
|
خَبَرنا كُلَّ مُرتَخَصٍ وَغالٍ | |
|
| فَما رُمنا سِوى الحَقِّ اِنكِبابا |
|
فَإِنّي ما رَأَيتُ كَفَوزِ ساعٍ | |
|
| وَلا مِثلَ الشُجاعِ طَوى اليَبابا |
|
وَلا كَالشَهمِ نالَ عُلا وَجاهاً | |
|
| وَلا كَالعِلمٍ بَلَّغنا الرِغابا |
|
بَنِيَّ لَقَد رَأَيتُ اليَومَ فيكُم | |
|
| رَجيحَ العَقلِ مَن سامَى السَحابا |
|
فَهِمّوا وَاِفتَحوا لِلعِلمِ باباً | |
|
| وَجولوا جَولَةَ تنهي الكِتابا |
|
فَيَخبُثُ في المَناقِعِ عَذبُ ماءٍ | |
|
| وَإِن سَالَ الأُجاجُ حَلا وَطابا |
|
وَدينوا بالمَكارِمِ ما حَييتُم | |
|
| تَدينوا الدَهرَ لِلناسِ الرِقابا |
|
وَوالوا وَالدَينِ بِخَيرِ بِرٍّ | |
|
| لِتَلقَوا مِن مُهَذِّبِكُم رِحابا |
|
فَما قَولٌ إِذا طَلَبَت رَؤومٌ | |
|
| وَقَد عقَّ البَنونَ لَها اِرتِبابا |
|
وَمِن عَجَبٍ تَلِدنَ لَنا عَجيباً | |
|
| أَحارَ اللُبَّ وَاِنتَزَعَ النِصابا |
|
وَتُزلِفُ لِلنُهى أَلفَ اِعتِبارٍ | |
|
| تَخيسُ يَراعَتي فيهِ اِنصِبابا |
|
وَماذا أَبتَغي وَالنيلُ يُزجي | |
|
| نُفوساً تَرقُبُ العَليا اِرتِقابا |
|
بَلى إِنَّ الزَمانَ يَعودُ فينا | |
|
| وَيَجبُرُ ما أَهاضَ وَما اِستَرابا |
|
فَحَيِّ النيلَ يا اِبنَ النيلِ دَوماً | |
|
| وَقَدِّم مُهجَةً لِأَبٍ أَهابا |
|
وَضِنَّ الدَهرَ بِالدِمَنِ العَوافي | |
|
| عَلى رَغمِ الجَحودِ وَإِن تَظابى |
|
فَنِيلُكَ قَد أَشاحَ إِلى دِرَفسٍ | |
|
| تَجَلَّلَ بِالقُلوبِ هَوىً سِقابا |
|
وَإِن كانَ الزَمانُ رَماهُ غَدراً | |
|
| بِأُحبولِ المَصادِ فَقَد أَنابا |
|
تَجاوَبَ وَالنُفوسَ صَدىً دَوِيّاً | |
|
| تَخالُ الجَرْسَ كَالنايِ اِجتِذابا |
|
وَرَفَّ عَلى النُفوسِ فَدَتهُ نَفسي | |
|
| وَأَهلِيَ وَالبَنونَ وَما اِستَطابا |
|
حَياةُ الأُمَّةِ الأَخلاقُ فيها | |
|
| فَأحيوا خُلقَها تَنَلِ السَحابا |
|