عناوين ونصوص القصائد   أسماء الشعراء 
شعراء الفصحى في العصر الحديث > سورية > خليل شيبوب > أبو قير والأمسُ لا يرجعُ

سورية

مشاهدة
704

إعجاب
0

تعليق
0

مفضل
0

الأبيات
0
إغلاق

ملحوظات عن القصيدة:
بريدك الإلكتروني - غير إلزامي - حتى نتمكن من الرد عليك

إرسال
انتظر إرسال البلاغ...

أبو قير والأمسُ لا يرجعُ

أبو قير والأمسُ لا يرجعُ
عفت فيك من بعدنا الأربعُ
وهُدَّت خيامُ المصيف فلا
ظلالَ بأكنافها يطمع
وقد طرد الناسَ عنك الخريفُ
فأَوحشكَ المؤنسُ المقلع
وأغضبِ بحرَكَ هجرانُنا
فجاش به الموجُ يستدفع
ورُوِّعَ حصنُك وهو الأشم
يحاذره البطلُ الأروع
ولم يخفق العلمُ المستطيلُ
عليك وحراسُه هجع
وقد صرتَ يأوي إلى شجراتك
وحشُ فلاةٍ بها يظلع
فجرَّت على وجهك الرامساتُ
ذيولاً هي الكفنُ المفجع
ليالي أبو قير أين الليالي
وأين النجومُ التي تلمع
وأين الهلالُ وكان مساءً
مُكَوِّنُ بهجته المبدع
وتسرح فوق الرمالِ الظباءُ
على شاطئ البحر تستتبع
عيونٌ تغازلها أعين
قدودٌ تطوقها أذرُع
نواعمُ كالأغصن الناعماتِ
فوائحُ كالعطر يَضَّوَّع
طوالعُ بع العشي شموساً
ترافقُها النجُم التبع
نواشرُ فوق المتونِ ليالي
الشعورِ وهنَّ الدجى الرُوَّع
جوالسُ فوق الصخور غصوناً
على الصخر نضرتُها تمرع
سوافرُ عن فاضحات البدور
ضواحكُ عن درر تسطع
سواحرُ لبٍ سواءٌ أخو
الهداية والعاشقُ المولع
سواهٍ لواهٍ بملكِ الجمالِ
لهن الخلودُ وما يتبع
وليل به بتُّ مستلقياً
على الرمل والجفنُ لا يهجع
تحيَّرُ فيه النجومُ كما
تَتَحيَّرُ في المقل الأدمع
يداعبُ وجهي نسيمُ المساءِ
وترمقني الخيم الخشع
بما علٌّقوا من سراجٍ منيرٍ
على بابها نورُه اسفع
وقد وقَفَ الحصن طوداً منيعاً
يؤَمِّنُ منن قلبُهُ يهلع
وساد السكوتُ كأَن البرايا
مظنّاتُ أنفاسها تنزع
فحدَّثني الصخرُ عما رأى
واسمعني الماءُ ما يسمع
حوادثَ ملءَ الزمان استقلَّت
على البحر أحرفُها تطبع
مسطرةً بالدماءِ خطوطاً
عصيٌّ بها الناظر الطيَّع
فتقراها في الظلام عيونُ
الفؤادِ وتضمَنُها الأضلع
أساطيل تحسدها الراسخاتُ
تسير الرياحُ بها الأربع
تَروع البحارَ إذا ما جرت
ففي قلبها الحوتُ مستفزع
تُقِلُّ جيوش المنايا استثارت
ومصرُ لنَسرِهم موقع
رمى بالمماليك حتى تشتت
شملُهم فهو لا يجمع
وجاءَته كلُّ وفودِ البلاد
تباعاً لإِمرته تخضع
ولكن كبارُ الرجال يرون
بأتباعهم صمماً أن دعوا
كذلك خالف أمرَ الكبيرِ
أميرُ المياه فما يسمع
وألقى مراسيه فيكَ لا
يبالي العدوَّ ولا يفزع
فيا يومَ فاجأه الإنكليزُ
على رأسه حُوَّمٌ شُرَّع
فدمدمَ في أفقيكَ الرصاصُ
وارعد في بحرك المدفعُ
وطبَّقَ في جانبيك الدخانُ
كأَنَّ الجهاتِ لُهى جُوَّع
فروّى بحارَك قاني النجيعِ
وإن العُطاشَ لها أنجع
وأطعمها من تجاليدهم
لحومَ الألوف وما تشبع
وأَخَّرَ نجدتهم جاهلٌ
من الخوف مهجتُه تخلع
فحلق الدمارُ بهم وكذلك
تهوي الجبالُ وتصَدَّع
شفى نفسهم أَنهم أَدركوا
بك الثأرَ والموتُ لا يقنع
أتى التركُ من بعد حولٍ لكي
يردّوا البلاد ويستنزعوا
عديدَ الرمالِ أتاهم بونابارتُ
والنارُ في قلبه تلذع
رماهم بموج الحديدِ قضاءً
عليهم وعنهم لا يدفع
فسل عن بسالتهم مصطفى
وقد جاءَ موراً به يشفع
رمى بطبنجته مصطفى
فتىً قلبه الصخر لا يهلع
فقطَّ أنامله بالحسام
موراً وجاء به يظلع
وأرسل فرسانه كالصقور
والخليل في شوطها تمزع
ومزَّق شملَ الجنودِ فما
تَبَقّى لهم أثرٌ يتبع
فكانوا طعامَك في الحالتين
لهم وعليهم بكَ المصرع
مضوا وبقيتَ تحدث عما
أتوه فلم ينضبِ المنبع
فقل لي هل يرجعُ الغائبون
وقل لي هل يفطم المرضع
يقولون عنك غداً بلعاً
على أن عمرهم البلقع
أرى الجامداتِ أطول عمراً
من العاقلات فما نصنع
وأنهم في المقال افتروا
بما لفقوه وما شنَّعوا
وأعجبهم طالعٌ مشرقٌ
وأعجبهم مورِقٌ مفرع
فراحوا وشاعرهم مفلقٌ
لهم وخطيبهم مِصقع
فماذا أفاداهم في الحياة
والدهر في سيره يسرع
وكلهم في البلى صائرُ
وذكرهم سُحُبٌ قشع
أبو قير أنت سمير الجليس
ووعظك أبلغ ما يسمع
ورغم العفاءِ أراك رياضاً
تسير بها النسم الضُوَّع
سماؤك صافيةٌ وهواكَ
يعيد الشباب ويسترجع
وبحرك أجملُ ما يجتلي
وماؤك أعذبُ ما ينبع
وحصنكَ عالٍ يرفُّ عليه
لواءٌ هو الشرفُ الأَمنع
فدم سارحاتٍ بكَ الظبياتُ
ودم كاملاً بدُرك المُبدَعُ
ودم وارفاتٍ عليك الظلالُ
وغُلَّةُ رائدها تنقع
تُرى راجعاتٍ لياليَّ فيك
أبو قير والأمسُ لا يرجع
خليل شيبوب
بواسطة: حمد الحجري
التعديل بواسطة: حمد الحجري
الإضافة: الأحد 2013/10/06 02:47:16 صباحاً
إعجاب
مفضلة

أضف تعليق

يجب تسجيل الدخول أو الاشتراك أو تفعيل الحساب اذا كنت مشترك لإضافة التعليق


أعلى القصائد مشاهدة للشاعر
أعلى القصائد مشاهدة خلال 24 ساعة الماضية
انتظر معالجة القصيدة ...
جميع الحقوق محفوظة لبوابة الشعراء .. حمد الحجري © 2005 - برمجة وتصميم
info@poetsgate.com