سُبحانكَ اللهمَّ إِنكَ أَكْبرُ |
من أَنْ يُحيطَ بِكنهكَ المتفكرُ |
حارَ اللَّبيبُ وزاغَ عنكَ المبصرُ |
ورمى فأَخطأ سهْمَهُ المتدبرُ |
أَقصى مدة للعقلِ فيكَ تحيّرُ |
لو صحَّ في التمثيلِ أَنْ يِجدَ الورى |
رَبّاً كَما يتصورونَكَ أَقدَرا |
وأَرادَ ذاكَ الربُّ أَن يتصورا |
مَنء أَنتَ عادَ عَنِ البلوغِ مقصِّرا |
بالْعجزِ عَنْ وعِي الحقيقةِ يجهرُ |
(موسى) عَلَى الطّورِ الشريفِ يناجي |
(وَابنُ الْبتولِ) دوينَ عرشكَ ساجِ |
(ومحمدٌ) في ليلَةِ المعراجِ |
لم يقبسوا من نورِكَ الوهّاجِ |
إِلاّ كَما قبس الضِّياء الأَجهرُ |
لو أنَّني بهُدى النبوَّةِ أَنظرُ |
ودلالة الرّوحِ الأَمين أُسيّرُ |
وبحكْمةِ المتفلسفينَ أُفكّرُ |
وبذوقِ أَصحابِ الطريقةِ أَشعرُ |
ما ارتبتُ في أَنَّ الوصولَ معسَّرُ |
مِنْ شأْنِك التصويرُ والإِنشاءُ |
لكَ من سمائِكَ صَفْحَةٌ زرقاءُ |
والْفجرُ حاشيةٌ بها حمراءُ |
والْبدرُ فوقَ جبينها طغْراءُ |
والنيّراتُ عَلَى الصحيفةِ أَسطرُ |
خَرَّتْ لَكَ الشمسُ المنيرةُ تسجدُ |
ومِنَ الخشوعِ جَبينُها مُتَوَرِّدُ |
والْبحرُ مسجورُ الجوانِبِ مزبدُ |
والموجُ مصخطبٌ بهِ يتنهدُ |
أَمْسى يُقِيمُ لكَ الصَّلاةَ ويَذكْرُ |
(زحلٌ) بغلِّ الرقِّ عانٍ مقمحُ |
وَالرَّعدُ يجأَرُ بالدعا وَيسبِّحُ |
والبرقُ طرفٌ للدجنةِ يلمحُ |
ومن الْغمامِ له دموعٌ تسفحُ |
والرّيحُ من وجدٍ تثِنُّ وتزفرُ |
ديوانَ شعرِكَ مستفيضٌ بالْغررْ |
جمُّ القلائد من فرائِدِ الْبشرْ |
الْجسمُ لفظٌ منْ نشيدٍ مستمرْ |
وَالرّوحُ إِنَّ الرّوحَ معنىً مبتكَرْ |
ما زالَ يستهوي الْعقولَ ويبهرُ |
هَل روحنا ريحٌ تهبُّ وَتركدُ |
أَمْ جذوةٌ فينا تشبُّ وتخمدُ |
أَمْ زائرٌ بينَ الحمى يترددُ |
يدنو لأَخبيةِ الجسومِ وَيبعدُ |
جسمٌ يشادُ بهِ وآخرُ يقفرُ |
ما للحياةِ عَلَى اختلافِ الشكْلِ حدْ |
حيٌّ يجودُ بها وَآخرُ يستمدْ |
وَالجسمُ يرفدُ بالْحياةِ ولو همدْ |
كَالماءِ لا ينفكُّ ماءً إِن جمدْ |
والأَرضُ بودقةٌ تصوغُ وتصهرُ |
الذوقُ والوجْدانُ والمعقولُ |
وَالحبُّ آياتٌ سمتْ وفصولُ |
أَما الْجمالُ فإِنهُ تمثيلُ |
يدنو بهِ التفسيرُ وَالتفضيلُ |
عرضٌ صفا فأَضاءَ منهُ الْجوهرُ |
هل فاز بالإِيمانِ من لمْ يجحدِ |
فالعينُ لا تغفو إِذا لم تسهدِ |
لم يدر معنى الخفضِ من لمْ يجهدِ |
والماءُ لا يلتذّه غيرُ الصدي |
والفجرُ من خللِ الدياجي يسفرُ |
أُوتينُ علماً دونَ ما أَتوسَّمُ |
وعييتُ بالإِفصاحِ عما أَعلمُ |
ولسوفَ يخطئُ قصديَ المترسمُ |
معنى إِذا أَعربتُ عنه أُعجم |
بالذوقِ لا باللفظ عنه يعبر |
من عالمِ الذرِّ الخفيِّ إِلى الفلكْ |
ما عامَ أَو ما طارَ فيه أَو سلكْ |
ما كان من إِنسٍ وجنٍ أَو ملكْ |
إِلا وقد شهدوا بأَنَّ الملكَ لكْ |
كلٌ بأَمركِ صادعٌ ومسخَّرُ |
لو طارَ في هذا الفضا جبريلُ |
عمرَ الزمانِ لعاد وهو يقولُ |
ما للنهايةِ والخروجِ سبيلُ |
من ملكهِ إِنَّ المليك جليلُ |
هيهاتَ ليس الأَمرُ مما يسبرُ |
ما غابَ عنكَ من الخلائقِ سِرُّها |
أَنشأْتها وإليكَ يرجِعُ أَسرُها |
تخييرُها هوَ في الحقيقةِ جبرُها |
بيديكَ ناصيةُ الملوكِ وقسرُها |
أَمسى يذلُّ لعزِّكَ المتكبرُ |
أَسماؤك الحسنى أَجلُّ وأَرفعُ |
من أَن يعي مدلولَها المتتبعُ |
قد شاقني منها اللطيفُ المبدعُ |
والنفسُ تلهجُ بالرحيمِ وتطمعُ |
وتكاد من شوقٍ تسيلُ وتقطرُ |