إذا أصبح الجزّارُ للسِربِ راعياً |
ففي كلِّ يومٍ منه شِلْوٌ ممزقُ |
لحا اللهُ جزاراً يتلُّ ضحيةً |
وَركبتُه عبءٌ عَلَى الصدرِ مطبقُ |
ظلالُ الدمِ المسفوحِ تبدو بعينه |
وَمن دون نابَيْه السنانُ المذلَّق |
وَحمرةُ نعليه وَزناره وَما |
عَلى صدرِه عن خوْضِه الدمَ ينطِق |
حنا فَوْقَها كالذئبِ فوق فريسةٍ |
وَما كلُّ حانٍ لو تدبرتَ مشفق |
وَفي فمه سكِّينةٌ وَكلاهما |
إلى دمِها من شهوةٍ يتمطق |
فشدَّ فماً منها بيسراه لاوياً |
إلى الأرضِ خَدّاً فهوَ بالترْبِ ملصق |
تكاد وَلم تذبح من الضيقِ نفسُها |
ومما تعانيه من الكرب تزْهَق |
وَدرَّتْ عروقٌ حين شَدَّ خناقَها |
لها اللهُ قبل الذبح توشك تخنق |
وَلم أرها تزدادُ إلاّ وَداعةً |
فما باله يزداد عنفاً وَيحنق؟ |
جَرَتْ مديةُ الجزّار بَدأ وَعوْدةً |
عَلَى نحرِها تفري وَتبري وَتَهْرَقُ |
وَقد بَرَقَتْ حمرُ المنايا وَزرقُها |
عَلَى مَنْهلٍ للموتِ كالمُهْلِ يوبق |
عَلى نحرِها لونٌ من الموتِ أحمر |
وفي شفرةِ الجزّارِ آخرُ أزرق |
ترى الموتَ ألواناً تروع رهيبةً |
فتشخَصُ عيناها به وتحدِّق |
أطلَّ عليها وَهو أزرقُ لامعٌ |
وَسالَ عليها وَهو أحمرُ مشرق |
تحاولُ إِذْ ذاقته بصقَ لسانِها |
لو انَّ لساناً للمرارة يُبصق |
فمضّتْ عليه حين آلما الردى |
لتقطَعَه من كرهِ ما تتذوق |
تَخَبَّطُ من حرِّ السلاحِ بنحرِها |
وَبالريق والأنفاسِ والدم تشرق |
تغطُّ عَلى نَزْفِ الدماءِ وَنَضْحِها |
وَيدركها بُهْرُ الذبيحِ فتشهَقُ |
إذا زَفَرَتْ درَّ النجيعُ كأنه |
لهيبٌ يطيل النفخُ منه ويدلق |
تهمُّ بلفظِ النفسِ من حَرَجِ بها |
وقد عجزتْ عن ردِّها حين تنشق |
تَرَدَّدَ بين النحرِ والسَحْرِ نفسُها |
كلا غايتها الموتُ دامٍ وَضيِّق |
فرقَّ لها قلبي وَلانَ وَلم تزلْ |
دموعي عَلَى أمثالِها تترقرق |
وَكم من ضحايا تقشعرُّ لصرْعِها |
جلودٌ وترتاعُ النفوسُ وَتفرق |
وَأفجعُ أنواعِ الأضاحي ضحيةٌ |
يقدمُها للذئبِ راعٍ وَينعق |