واهاً لأيام الشبابِ الغضِّ |
ما كان أهنا العيشَ لو لم تمض |
نعمتُ في ظلالها زماناً |
نشوانَ منْ سكر الصبا ريّانا |
أَرودُ مازها من الرياض |
وَأَردُ العذبَ من الحياض |
وَربَّ شقراءَ حَكَتْ شمسَ الضحى |
تختالُ في بردِ الشباب مَرَحا |
بيضاءُ مثلُ الدرّةِ الفريدهْ |
أنفاسُها طيبةٌ برودهْ |
هيفاءُ لفّاهُ نحيلٌ خصرُها |
ناعمة المتنينِ غضٌّ ظهرُها |
ممشوقةٌ ليِّنةُ الأَعطافِ |
ميادةٌ مرتجَّةُ الأرداف |
جبهتُها وَضاءَةٌ كالبدرِ |
إذا بدا لأربعٍ وَعشرِ |
وَشعرُها كالذهبِ الوهّاج |
وَجيدُها وَصدرُها كالعاجِ |
عينان خضراوانِ كالزبرجد |
تأْتلقانِ كائتلاقِ الفرقدِ |
لا تفترانِ تغزلانِ السِحْرا |
حبائلاً تكثرُ فيها الأسرى |
والهدبُ فينانٌ مريعٌ أَوطفُ |
وَفوقه مزججٌ وَمرهفُ |
وَخدها مورّدٌ أسيلُ |
ولحظُها مهندٌ صقيلُ |
أما الثنايا فلها بريقُ |
من مبسم كأنه عقيقُ |
كالدرِّ لَمَّاحاً إذا الدرُّ اتَسقْ |
أو كائتلاقِ البرق من خلفِ الشفقْ |
أنفاسُها يصحو بها المخمورُ |
كما يفوحُ الزَهَرُ الممطورُ |
كأَنَّ بين سحرها والنحرِ |
لجةَ ماءٍ أو بياضَ زهرِ |
يسطع من ثمة طيبِ ريّا |
افعل في النفس من المحيّا |
كأَنَّ صدرها فدته نفسي |
لجةُ ماءِ في شعاع الشمسِ |
نهدانِ بارزان للتصدي |
دأْبهما الإغراءُ والتحدي |
رأيتُ منها معصماً وَزندا |
يقتدحانِ للغرامِ زنْدا |
لما أَخذتُ كفَّها بكفي |
رفَّ لها الفؤادُ أيّ رفِّ |
لما يبق عرقٌ ساكن إلاّ نبضْ |
وَلا دفينٌ مِنْ مُنى إلاّ انتفضْ |
تكلَّمتْ بسحرها العيونُ |
ما أبلغَ العيونَ إذْ تبينُ |
أَحسنُ كفٍ راحة وَخمسا |
تخالُ من نعومة دمقسا |
هممتُ أن أضمّها لصدري |
فخفتُ أن أُرمي بها في الجمرِ |
حتى إذا ما نديَ الكفَّانِ |
واشتبكَ البنانُ بالبنان |
وَعلّتِ الأنفاسُ والتراقي |
وَدرَّتِ العروقُ والمآقي |
وَقد تلظَّى خفراً خدّاها |
وارتجَّ فوق صدرها نهداها |
تنفستْ كالرشإ المبهورِ |
وارتعشتْ كَرعشةِ المقرور |
وَكان سلُّ كفِّها من كفِّي |
كخطفِ كأْسِ الشاربِ المشتفِّ |