إِنَّ الذين تجافى عنهم الشرفُ |
الشام تبرأُ من عارِ الذي اقترفوا |
كادوا لها قبل أن كادوا (المصر) فلا |
تؤاخذوها بذنبٍ منه تنتصف |
وَكيف يؤخذ موتورٌ بواترِه |
هذا هو الجوْرُ في الأحكامِ والجَنَفُ |
سبّةُ الدهرِ فالأَسلافُ تلعنهم |
وَسوفَ يخزى بما جاؤا به الخلف |
شبّوا وَشابوا عَلَى بيعِ الضمائرِ بل |
تقاسموا الذلّ موروثاً وَهم نُطف |
هيهات لم يرتفعْ بالعز مارِنهم |
لكنَّهم بدماءِ الذلِّ قد رعِفوا |
والله ما وردوا وِردَ الإِباءِ وَهمْ |
من منهلِ الهونِ قبلَ اليومِ قد رشفوا |
عَدَتْ بهم لحياضِ العارِ بطنتُهمْ |
كالحْرِ تعدو إذا أُدني لها العلف |
القاعدون عَلَى الخسفِ المعافِ وَقَدْ |
سارَتْ بسبّهمُ الأسفارُ والصحف |
عاثوا فساداً (بمصرٍ) (والشآم) فهمْ |
مقنَّعون بلعْنٍ أينما ثقفوا |
لا بدّ من ساعةٍ فيها سيدركهم |
عَلَى الذي كسبتْ أيديهم أسف |
"استغفرُ اللهº لو أعطيتُ خَلقَهمُ" |
لكان يصرفني عن خلقهِم أنَفُ |
إخوانَنا! ولنا في الصالحاتِ يدٌ |
لكنّنا لكمُ بالسبْقِ نعترف |
تأْبى الأَواصرُ من قربى وَمن لغةٍ |
إلاّ الوفاقَ فكيفَ اليوم نختلف |
إنَّ المصائِبَ والأحزانَ تجمعنا |
والسعي والأمل الفينان والهدف |
واللهِ لم نأل جهداً في قضيَّتنا |
وَإِنما الدهرُ فيها بات يعتسف |
في الصدرِ ضيقٌ وَما بين اللهاةِ شجى |
وَفي اللسانِ وَفي تبيانه لفف |
ما حطَّ من قدرِنا ظلمُ الزمانِ لنا |
هلْ عيبتِ الشمسُ أنَّ الشَّمسَ تنكسف |
وَليس لليأْسِ أن يذوى لنا أَملاً |
دمُ الشبابِ عليه عارضٌ يكف |
فينا وَإِنْ بلغ الواشون مأربَهم |
من همْ بغيرِ هوى الأوطانِ ما كلفوا |
مِنْ عادةِ الصبِّ تذرافُ الدموعِ وَهمْ |
دماءَهم بهوى أوطانِهم ذرفوا |
كم من فتى كانتِ النعماءُ تألفُه |
في كلِّ حالٍ وَخفض العيش والترف |
لاقى الألاقي لأجل الشام حيث رَمَتْ |
به عن الأهل مضطراً نوى قذُفُ |
لفحُ الهواجرِ بالتلويح برقعُه |
وَقد بَكَتْ لنواه الروضةُ الأُنُفُ |
لا الضرّ يثنيه عن حبِ الشآم ولا |
ذل الغريبِ وَلا البأساءِ والشظف |
وَحيث كان فشطرُ الشام قبلتُه |
إِذْ كان يلفته التهيامُ والشغف |
حلفتُ بالدمِ قرباناً لنا وَلكمْ |
وَهل وَراءَ دمٍ جُدْنا به حلف |
إِنّا عَلَى العهد نصفيكم مودَّتَنا |
ما في مودتِنا مَنٌّ وَلا سرف |
عواطفُ الحبِّ والودِّ الصريح لكم |
بكل قلبٍ لوادي النيلِ تنعطف |
لنشركنكمُ بالضرِّ فهو إذا |
أُميط عنكم فعنّا الضر منكشف |
أما الأُولى نثروا الأزهارَ عندكمُ |
فقد هَوَتْ فوقهم من مقتِنا كسف |
للمجدِ نبرأُ مما قَدَّمَتْ يَدُهمْ |
والشاهدانِ الضميرُ الحيُّ والشرف |