فَطرُقلُ عِندَ أُريفيلٍ بِخَيمتِهِ | |
|
| يُعنى بِهِ ويُداويهِ بِحِكمَتِهِ |
|
وَالحَربُ في مَأزِقٍ ضاقَت مسالِكُهُ | |
|
| عَلى الفَريقَينِ أَلقى ثِقلَ وَطأَتِهِ |
|
أَمّا الأَغارِقُ فَالحُصنَ المَتينَ بَنَوا | |
|
| وَالخَندَقَ اِحتَفَروا مِن حَولِ خِطَّتِهِ |
|
لِيَدفَعوا عَن خَلاياهُم وَمَحمَلِها | |
|
| مِنَ الغَنائِمِ ما يَغلو بِقيمتِهِ |
|
لَكِنَّهُم حينَ شاذوا سورَهُم غَفَلوا | |
|
| عَنِ الضَحايا مئاتٍ بِئسَ ما فَعَلوا |
|
فَما إِذا هُوَ واقيهِم بِمَنعَتِه | |
|
| مِنَ الأَعدي إِذا كَرّوا وَإِن حَمَلوا |
|
فَلا يَقومُ بِناءٌ لا تُحيطُ بِهِ | |
|
| عَينُ العِنايَةِ إِلّا شابَهُ الخَلَلُ |
|
قَد دامَ ما دامَ هَكطورٌ وَما بَقِيَت | |
|
| إِليونُ وَاِشتَدَّ آخيلٌ بِنَفرَتِهِ |
|
وَعِندَما فُتِحَت إِليونُ وَاِندَثَرَت | |
|
| مِن بَعدِ عَشرَةِ أَعوامٍ بِها حُصِرَت |
|
وَالأُرغُسِيّونَ هاتيكَ السَفائِنِ في | |
|
| مَن عاشَ مِنهُم إِلى أَوطانِهِم مَخَرَت |
|
فوسيذُ فَوراً وَآفُلّونٌ اِنحَدَرا | |
|
| وَكُلُّ أَنهارِ إيذا فَوقَهُ اِنحَدَرَت |
|
ريسوسُ رودِيُّسٌ قاريسُ إيسِفُسٌ | |
|
| وَالهَفتَفورُ بِضافي سَيلِ ضَفَّتِهِ |
|
والإِسكَندَرُ إِغرانيقُ يَتبَعُهُ | |
|
| وَسيمويسُ اِنجَلى يَهوي تَدَفُّعُهُ |
|
عَن جُنَّةٍ سَطَعَت أَو بَيضَةٍ لَمَعَت | |
|
| أَوقِرنِ رَبٍّ بذاكَ الجُدِّ مَصرَعُهُ |
|
وَفيبُسٌ حَوَّلَ الأَنهارَ قاطِبَةً | |
|
| عَلَيهِ تِسعَةَ أَيّامٍ تِسعَةَ أَيّامٍ تُزَعزِعُهُ |
|
وَزَفسُ أَمطَرَ شُؤبوباً يَُوِّضُهُ | |
|
| لِلبَحرِ يَقذِفُهُ في قَعرِ لُجَّتِهِ |
|
وفوسِذٌ وَعَصا الأَنواءِ في يَدِهِ | |
|
| يُطغي السُيولَ عَلَيهِ في تَوَقُّدِهِ |
|
يَدُكُّ أَركانَهُ مِن أُسِّها وَبِها | |
|
| لِليَمِّ يَقذِفُ مُعتَزّاً بِسُؤدُدِهِ |
|
يَستَأصِلُ الصَخرَ مِنها وَالجُذوعَ إِلى | |
|
| أَن ساوَتِ الجُرفَ في مَألوفِ مَعهَدِهِ |
|
ذاكَ الَّذي سَوفَ يُبديهِ لَنا القَدَرُ | |
|
| وَالآَنَ مِن حَولِهِ الطُروادَةُ اِستَعَروا |
|
تَرتَجُّ أَبراجُهُ مِن عُنفِ كَرِّهِم | |
|
| وَالأَرغُسِيّونَ في الأُسطولِ قَد حُصِروا |
|
يَروعُهُم سُخطُ زَفسٍ مُذ أَصابَهُمُ | |
|
| وَهَكطُرٌ ذاكَ أُسُّ الرَوعِ وَالخَطَرُ |
|
لازالَ يَعصِفُ فيهِم مِثلَ عاصِفَةٍ | |
|
| وَقَومُ طُروادَةَ اِشتَدّوا لِشِدَّتِهِ |
|
كَأَنَّ خِرنَوصَ بِرٍّ صالَ أَو أَسداً | |
|
| لَم يَعبَأَنَّ بِجَمعٍ حَولَهُ اِحتَشَدا |
|
بِهِ تُحيطُ السَرايا وَالكِلابُ وَقَد | |
|
| أَهمَت حَوالَيهِ مِن أَسهامِها بَرَدا |
|
فَيَستَجيشُ بِقَلبٍ لا يُرَوذِعُهُ | |
|
| بَأسٌ فَلا يَلتَوي لِلخطبِ مُرتَعِدا |
|
بَل يَنثَني وَهوَ حَيثُ اِنقَضَّ مُنقَبِضاً | |
|
| أَو صالَ شُقَّت سراياهُم لِصَولتِهِ |
|
كَذاكَ هاجَ بِهِم هَكطورُ يَندَفِقُ يَصي | |
|
| حُ في القَومِ هَيّوا الخَندَقَ اِختَرِقوا |
|
لَكِنَّما خَيلُهُ في الجُرفِ جازِعَةً | |
|
| تَرَدَّدَت مُذ تَراءى دونَها العُمُقُ |
|
وَأَطرَقَت صاهِلاتٍ لا تُطيقُ بِهِ | |
|
| وَثباً فَتَجتازُ أَوعَدواً فَتَنطَلِقُ |
|
وَكَيفَ تَعدو وَحَولَ السُورِ هاوِيَةٌ | |
|
| يَحوطُها السَدُّ إِحكاماً لِمَنعَتِهِ |
|
هَيهاتَ تَحتَ العِجالِ الخَيلُ نقَطَعُها | |
|
| لَكِنَّما لِمُشاةِ الجَيشِ مَرجِعُها |
|
لِذاكَ فوليدَماسٌ جاءَ هَكطُرَ وال | |
|
| فُرسانَ نادى بِقُربِ الفَوزِ يُطمِعُها |
|
يا هَكطُرٌ يا سراةَ الجُندِ كَيفَ تُرى | |
|
| فَوقَ الحَفيرِ جِيادَ الخَيلِ نَدفَعُها |
|
وَراءَهُ السورُ وَالأَركانُ قَد رُفِعَت | |
|
| أَوتادُها غَضَّةً من ضِمنِ سُدَّتِهِ |
|
فَكَيفَ تَنزِلُ في هذي العِجالِ إِلى | |
|
| هَذا الشَفيرِ وَلا نَلقى بِهِ فَشَلا |
|
لَئِن نَنَل مِن لَدى زَفسٍ إِبادَتَهُم | |
|
| وَنَشرَ خَزيِهِم فَليَهلِكوا عَجَلا |
|
فَإِن عَبَرنا وَصَدّونا لِوَهدَتِهِ | |
|
| فَأَيُّ رُزءٍ يوافينا وَأَيُّ بَلا |
|
وَالحَقَّ أَصدِقُكُم لَن يَنجوَنَّ بِنا | |
|
| ناجٍ لإِليونَ يُنمي شَرَّ مِحنَتِهِ |
|
فالرأيُ عِنديَ أَن نُبقي الجِيادَ لدى | |
|
| سُيّاسِها عِندَ هذا الحَدِّ حَيثُ بَدا |
|
وَنَحنُ تَتبَعُ هُكطوراً بِجُملَتِنا | |
|
| مُكَثِّفينَ عَلى أَكتافِنا العُددا |
|
فالأَرغُسِيّونَ إِمّا حانَ مَصرَعُهُم | |
|
| لَن يَستَطيعوا سَبيلاً لِلِّقا أَبدا |
|
فَلَم يَكَد يَنتَهي وَالقَولُ راقَهُمُ | |
|
| حَتّى تَرَجَّلَ هَكطورٌ لِساعَتِهِ |
|
وَكُلُّ فُرسانِهِم أَلقوى عِجالَهُمُ | |
|
| لِساسَةِ الخَيلِ تُستَبقى حِيالَهُمُ |
|
تُقامُ في الجُرفِ صَفّاً واحداً وَهُمُ | |
|
| فَيالِقاً خَمسَةً صَفّوا رِجالَهُمُ |
|
فَقادَ أَوَّلَها هَكطورُ أَوَّلُهُم | |
|
| كَذاكَ فوليدَماسٌ مَن أَمالَهُمُ |
|
وَقبرِيونَ وَقد أَبقى الجِيادَ لَدى | |
|
| فَتىً لِهَكطورَ مِن أَعراضِ فِتيَتِهِ |
|
كَتيبَةٌ تِلكَ ضَمَّت جُلَّهُم عَدَدا | |
|
| جُنداً تَمُدُّ إِلى كَيدِ العُداةِ يَدا |
|
وَقادَ ثانيها فاريسُ يَصحَبُهُ | |
|
| أَلقاثُ ثُم أَغينورُ الَّذي اِتَّقَدا |
|
وَحازَ ثالِثَها مِن وُلدِ مَلكِهِمِ | |
|
| فِريامَ قَرمانِ مِقدامَينِ قَد عُهِدا |
|
هيلينسٌ ثُم ذيفوبُ الذي طَلَعَت | |
|
| سيماءُ آلِ العُلى تَزهو بِطَلعَتِهِ |
|
كَذا اِبنُ هِرطاقسٍ آسيُّسُ البَطَلُ | |
|
| مَن ثَقَّفَ الجُردَ لِلهَيجاءِ يَشتَعِلُ |
|
مِن بَرِّ آرِسبَةٍ مِن جُدِّ سيلِسَ قَد | |
|
| جَرى عَلَيها إِلى إِليونَ يَنتَقِلُ |
|
وَاِنضَمَّ رابِعُها جَيشاً عَلى حِدَةٍ | |
|
| لِأَمرِ أَنياسَ رَبِّ البَأُسِ يَمتَثِلُ |
|
وَآكَماسُ اِبنُ أَنطينورَ يَصحَبُهُ | |
|
| أَخوهُ أَرخيلُخٌ كانا بِصُحبَتِهِ |
|
وَخامِسُ الفِرَقِ الغَرّاءِ قَد جَمَعَت | |
|
| أَحلاقَهُم وَلِسَرفيدونَ قَد خَضَعَت |
|
وَعَسطَروفَ بَني عَوناً لَهُ وَكَذا | |
|
| غُلوكُساً تِلكَ صيدُ الحَملَةِ اِندَفَعَت |
|
كُماةُ بَأسٍ بَلا هَكطورُ وَقعَهُمُ | |
|
| في الحَربِ أَيّانَ أَطرافُ القَنا وَقَعَت |
|
قَد قَصَّرَ الكُلُّ عَن إِدراكِ شَأوِهِم | |
|
| وَقَصَّروا جُملَةً عَن شَأوِ سَطوَتِهِ |
|
وَعِندَما التَأموا تَزهو يَلامِقُهُم | |
|
| تَقَدَّموا وَمَرامُ النَفسِ سائِقُهُم |
|
وَأَيقَنوا أَنَّ أَعداهُم وَقَد وَهَنوا | |
|
| تُبيدُهُم في خَلاياهُم مَخافِقُهُم |
|
بِصِدقِ فوليدَماسٍ كُلُّهُم وَثِقوا | |
|
| عَلى اِختِلافِ سُراهُم وَهوَ صادِقُهُم |
|
سِوى اِبنِ هِرطاقُسٍ مازالَ مُعتَلِياً | |
|
| يَليهِ حوذِيُّهُ مِ نفَوقِ سُدَّتِهِ |
|
أَمَّ السَفائِنَ مُغتَرّاً عَلى حُمُقِ | |
|
| بِخَيلِهِ وَبِشَرِّ الحَتفِ لَم يَثِقِ |
|
فَلَن يَرى بَعدَ إِليوناً وَيَفخَرَ بَل | |
|
| بِرُمحِ إيذومِنِ حُكمَ القَضاءِ لَقي |
|
يُسرى السَفينَ مَضى حَيثُ الأَغارِقُ قضد | |
|
| آبوا بِخَيلِهِم مِن أَفسَحِ الطُرُقِ |
|
أَغارَ تَتبَعُهُ الأَجنادُ لا غِبَةً | |
|
| وَأَيقَنَت في العِدى فَوزاً بِغارَتِهِ |
|
لِلباب كَرّوا وَمِصراعاهُ ما زُلِجا | |
|
| بَل فيهِ قَومٌ يُباري مَن عَدا وَنَجا |
|
وَدونَهُ مِن بَني اللافيثِ يَحرُسُهُ | |
|
| قَرما نَكالٍ عَلى هَزِّ القَنا دَرَجا |
|
لِيُنطُسٌ عِدُّ آريسٍ وَفولِفِتٌ | |
|
| لِصَدِّهِ وَقَفا فيه وَما اِختَلَجا |
|
قاما كَأَنَّهُما مَلّولتانِ عَلى | |
|
| طَودٍ وَقَد قامَتا من فَوقِ قُمَّتِهِ |
|
فَإِنَّ أَصلَهُما في الأَرضِ يَنتَشِرُ | |
|
| وَلا يَروعُهُما ريحٌ وَلا مَطَرُ |
|
تَرَبَّصا لِلِقاهُ لا يَهولُهُما | |
|
| أَنصارُهُ وَإِنِ اِشتَدّوا وَإِن كَثُروا |
|
فَكَرَّ يَتلوهُ يا مينق وَآدَمَسٌ | |
|
| كَذا ثَوونٌ وَآورَستُ الأولى اِشتَهَروا |
|
وَإينُماوُسُ تَعلوهُم يَلامِقُهُم | |
|
| وَجَيشُهُم لَغَباً داوٍ بِصَيحَتِهِ |
|
وَالأَرغُسِيّانِ لا يَلويهِما الجَزَعُ | |
|
| صاحا بِمَن ضِمنَ ذاكَ المَعقِلِ اِمتَنَعوا |
|
فَما أَجابَ مُجيبٌ وَالتَوَوا قَلَقاً | |
|
| وَكادَ جَيشُ العِدى لِلسورِ يَندَفِعُ |
|
فَبَرَّزا خارِجَ الأَبوابِ وَاِنفَرَدا | |
|
| مُكافِحَينِ وَأَسهامُ العِدى تَقَعُ |
|
وَفَوقَ صَدرَيهِما الفولاذُ مُتَّقِدٌ | |
|
| يَصِلُّ لِلوَبلِ يَهمي فَوقَ صَفحَتِهِ |
|
كَأَنَّ في الشُمِّ خِرنَوصَينِ قَد ذُعِرا | |
|
| بَينَ الخَياطِلِ وَالقُنّاصِ مُذ حُصِرا |
|
فَيَسحَقانِ بِبَطنِ الغابِ ما لَقِيا | |
|
| كَيداً وَيَستضأصِلانِ الفَرعَ وَالشَجَرا |
|
وَيُعلِيانِ صَريفَ النابش ما بَقِيا | |
|
| حَيَّينِ لَم يَلقَيا في المَعرَكِ القَدَرا |
|
فَهَكَذا اِشتَدَّ ذانِ الباسِلانِ وَما | |
|
| ريعا لِكُلِّ قُوى جَيشٍ وَكَثرَتِهِ |
|
كانا عَلى ثِقَةٍ مِن بَأسِ ذَرعِهِما | |
|
| وَبَأسِ مَن قامَ فَوقَ السورِ خَلفَهُما |
|
جُندٌ مُدافِعَةٌ بِالعُنفِ دافِعَةٌ | |
|
| وَبلاً مِنَ الصَخرِ مِن فَوقِ العُداةِ هَمى |
|
وَمِن كِلا الجَحفَلَينِ الرَميُ مُنطَلِقٌ | |
|
| عَلى الرُؤوسِ بِغَيثٍ بِالنبالِ طَما |
|
كَصَيِّبِ الثَلجِ تَنهالُ الغُيومُ بِهِ | |
|
| والنَوءُ هَبَّ فَتَهمي تَحتَ هَبَّتِهِ |
|
وَالبَيضُ تُرجِعُ عَن وَقعِ الحشجارِ صَدى | |
|
| لِلجَوِّ عَنها وَعَن أَجوابِهِم صَعِدا |
|
فَفاتَ آسِيُّساً ما كانَ أَمَّلَهُ | |
|
| فَصاحَ يَلطِمُ يُضويهِ العَنا كَمَدا |
|
أَكُنتَ يا زَفسُ خَدّاعاً وَكَيفَ أَرى | |
|
| قَومَينِ فَذَّينِ لَم نَبلُغهُما أَمَدا |
|
مِثلَ الزَنابيرِ ذَبَّت عَن خَشارِمِها | |
|
| وَالنَحلُ لا يَتَخَلّى عَن خَلِيَّتِهِ |
|
فَلَن يَكُفّا تُرى إِلّا إِذا صُرِعا | |
|
| أَو بَينَ فَتّاكِ أَيدينا إِذا وَقَعا |
|
لَكِنَّ زَفسَ وَهَكطوراً بِنُصرَتِهِ | |
|
| مِن دونِهِم خَصَّ ذاكَ الصضوتَ ما سَمِعا |
|
وَسائِرُ الجَيشِ لَم يَنفَكَّ مُضطَرِماً | |
|
| بَأساً عَلى سائِرِ الأَبوابِ مُندَفِعا |
|
مَن لي بِإِلهامِ ذي عِلمٍ فَيُنبِئَني | |
|
| كَم هامَةس وَقعَت في حَرِّ وَقعَتِهِ |
|
مِن كُلّش فَجٍّ لَدى السورِ الأُوارُ عَلا | |
|
| وَاِرتاعَ لِلخَطبِ أَهلوهُ وَقَد ثَقُلا |
|
فَلَم يَروا غَيرَ حُسنِ الذودِ مِن مَدَدٍ | |
|
| وَرَهطُ أَنصارِهِم في الخُلدِ قَد وَجَلا |
|
لَكِنَّما وَلَدا اللافيثِ حَولَهُما | |
|
| قَد أَعمَلا في الأَعادي السَيفَ وَالأَسَلا |
|
وَاِجتاحَ فولِفِتٌ داماسَ مُبتَدِراً | |
|
| بِطَعنَةٍ نَفَذَت في بَطنِ خوذَتِهِ |
|
ما صَدَّها ذَلِكَ الفولاذُ بَل خَرَقَت | |
|
| حَتّى الدِماغِ وَأُمَّ الرأسِ قَد سَحَقَت |
|
مِن ثَمَّ أَتبَعَهُ فيلونَ يَلحَقُهُ | |
|
| أُرمينُ عَن طَعنةٍ في جَوفِهِ مَرَقَت |
|
كَذا لِيُنطُسُ في لَدنِ القَناةِ مَشى | |
|
| رَمى وَفي خَصرِ هيفوما خُسٍ فَهَقَت |
|
فَاِستَلَّ مِن عَمدِهِ السَيفَ الحَديدَ وَفي | |
|
| قَلبِ العِدى كَرَّ يُلقي رَوعَ كَرَّتِهِ |
|
فَأَنطِفاتَ فَرى يُلقيهِ مُنقَلِبا | |
|
| مِن ثُمَّ كَرَّ وَمِنيونَ الفَتى اِقتَضَبا |
|
وَاِجناحَ أورِستَ تُسقى الأَرضُ مِن دَمِهِ | |
|
| وَالقَرمَ يا مينَ ثُمَّ اِستَقبَلَ السَلبا |
|
وَهَكطُرٌ إِثرَهُ الفِتيانُ لاغِبَةٌ | |
|
| وَإِثرَ فوليدَماسٍ تَحتَ إِمرَتِهِ |
|
كَتيبَةٌ تِلكَ ضَمَّت جُلَّهُم عَدَدا | |
|
| جُنداً تَمُدُّ إِلى كَيدِ العُداةِ يَدا |
|
كادَت حَفيرَهُمُ تَجتازُ عابِرَةً | |
|
| إِذا بِطَيرٍ لأَها تَحتَ السَماءِ بَدا |
|
فَاِستُوقِفَت جَزعاً في الجُرفِ حائِرةً | |
|
| تَطَيُّراً وَهوَ عَن يُسرى السُرى وَرَدا |
|
نَسرٌ مَخالِبُهُ في الجَوِّ قَد نَشِبَت | |
|
| بِأُفعُوانٍ خَضيبٍ تَحتَ قَبضَتِهِ |
|
فَالأُفعُوانُ وَفيهِ لَم يَزَل رَمَقُ | |
|
| ما بَينَ أَظفارِهِ في الجَوِّ يَصطَفِقُ |
|
حَتّى عَلَيهِ التَوى بِالعُنفِ يَلسَعُهُ | |
|
| في بارِزِ الصَدرِ حَيثُ التَفَّتِ العُنُقُ |
|
فَصاحَ عَن أَلَمٍ مُرٍّ وَأَفلَتَهُ | |
|
| وَراحَ تَحتَ مَهَبِّ الريحِ يَنطَلِقُ |
|
وَالأُفعُوانُ هَوى لِلأَرضِ مُختَضِباً | |
|
| حَيّا وَطُروادَةُ اِرتاعَت لِرؤيَتِهِ |
|
فَتِلكَ مِن زَفسَ نَجوى رامَها عَلَنا | |
|
| وَنَحوَ قَرمِهِمِ فوليدَماسُ دَنا |
|
وَقالَ عُوِّدتَ هَكطورٌ مُعارَضَتي | |
|
| إِذا اِقتَرَحتُ مَقالاً بَينَنا حَسُنا |
|
لا يَجدُرَنَّ بِنا أَن نَستَطيلَ إِلى | |
|
| مَداكَ أَو نَر تاءي ما لا يَلوحُ لَنا |
|
لَكِنَّني كيفَما دارَت مَباحِثُنا | |
|
| مَهما أَقُل فَمَقالي ثِق بِصِحَّتِهِ |
|
لا خَيرَ بِالفَتكِ في الإِغريقِ بِالسُفُنِ | |
|
| إِن صَحَّ حدسي فَفيهِ فادِحُ المِحَنِ |
|
أَلَم نَرَ النَسرَ يُسرى الجَيشِ مُرتَفِعاً | |
|
| بِحَيَّةٍ حَيَّةٍ مُشتَدَّةِ الإِحَنِ |
|
أَما رَأَيناهُ أَلقاها مُخَضَّبَةً | |
|
| فَريسَةً تِلكَ فاتَتهُ وَلَم تَهُنِ |
|
وَلَم تَكُن لِفِراخٍ قَد خَلَونَ بِها | |
|
| بِوَكرِهِ فَاِنثَنى يَخلو بِخَيبَتِهِ |
|
وَهَكَذا فَلَئِن نَظفَر بِسورِهِمِ | |
|
| وَخَرقِ أَبوابِهِ خَرقاً بِرَغمِهِمِ |
|
وَلَو هَزَمناهُمُ لَن يَرجِعَنَّ بِنا ال | |
|
| أَجنادُ مِن حَيثُ كَرّوا بِاِنتِظامِهِمِ |
|
بَل سَوفَ نُلوى شَتاتاً تاركينَ لَهُم | |
|
| جُنداً تُمَزِّقُها نيرانُ كَيدِهِمِ |
|
فَذاكَ تَفسيرُ هَذا النَجوِ يَخبُرُهُ | |
|
| أَخو الهُدى تَهتدي الدُنيا بِخُبرَتِهِ |
|
فَمال هكطورُ شَزراً وَهوَ يَلتَهِبُ | |
|
| غَيظاً وَقالَ أَلِلإِحجامِ تَنتَدِبُ |
|
فَإِن تَكُن قُلتَ ما قَد قُلتَ عَن ثِقَةٍ | |
|
| لا شَكَّ رُشدَكَ أَبناءُ العُلى سَلَبوا |
|
لَأَنتَ أَولى بِرايٍ أَصوَبٍ فَعَلا | |
|
| مَ رُمتَ أَنّي قَضايا زَفسَ أَجتَنِبُ |
|
تِلكَ القَضايا التي بُلِّغتُها سَلَفاً | |
|
| مُذ مالَ بالراسِ إِعلاناً لِنُصرَتِهِ |
|
أَرُمتَ أَنّي أُطيعُ الطَيرَ إِن رَمَحَت | |
|
| سِيذانِ تَعلَمُ عِندي كَيفَما سَرَحَت |
|
لِمَطلَعِ الشَمسِ عَن يُمنايَ إِن سَنَحَت | |
|
| لو يَسرَتي لِدياجي الغَربِ إِن بَرَحَت |
|
فَلا نُطيعَنَّ إِلّا مَن أَطاعَ جَميعُ ال | |
|
| جِنِّ وَالإِنسِ وَالدُنيا بِهِ اِنتَصَحَت |
|
وَلَيسَ لِلمَرءِ مِن فَألٍ يَدينُ لَهُ | |
|
| خَيرٍ مِنَ الذَودِ عَن أَوطانِ نَشأَتِهِ |
|
عَلامَ تَخشى الوضغى جُبناً وَتَضطَرِبُ | |
|
| وَأَنتَ في الأَمنِ لَن يَنتابَكَ العَطَبُ |
|
فَلَستُ بِالقَرمِ يَأتي مَوقِفاً حَرِجا | |
|
| حَتّى وَلو جُملَةً أَجنادُنا نُكِبوا |
|
لَكِن إِذا ما اِعتَزَلتَ الحَربَ مُجتَنِباً | |
|
| أَو ما بِنُصحِكَ رُمتَ الجُندَ تَجتَنِبُ |
|
وَاِغتَرَّ مِن قَومِنا فَردٌ لِقَولِكَ ذا | |
|
| فَاِعلَم فَروحُكَ في رُمحي وَطَعنَتِهِ |
|
وَكَرَّ وَالجَيشُ طُرّاً إِثرَهُ حَمَلا | |
|
| وَزَفسُ مِن طَورِ إيذا ريحَهُ حَملا |
|
هَبَّت بِعَثيرِها مِن فَوقِهِم وَمَضَت | |
|
| تَذروهُ فَوقَ العِدى توليهِمِ الوَجَلا |
|
فَتِلكَ مِن فَضلِ زفسٍ نُصرَةٌ وَثِقوا | |
|
| بِها وَفي بَأسِهِم وَاِستَقبَلوا القُللا |
|
فَهَدَّموا وَأَطرافَ الوَشيعِ رَمَوا | |
|
| وَالمَعقِلَ اِبتَدَروا ثَغراً لِثُغرَتِهِ |
|
وَزَعزَعوا صَخرَ أَركانٍ بَدَت عَمَدا | |
|
| مِن تَحتِ أَبارجِهِ قامَت لَها سَنَدا |
|
وَشَدَّدوا وَالعَزمَ في اِستِئصالِها أَمَلاً | |
|
| بِمَنفِذٍ مِنهُ يُؤتونَ العِدى الشِددا |
|
لَكِنَّما عَسكَرُ الإِغريقِ ظَلَّ عَلى | |
|
| أَبارجِهِ مُستَجيشَ العَزمِ مُجتَهِدا |
|
مُدَّت يَلامِقُهُم حُصناً يَذودُ بِهِ | |
|
| يَرمي العُداةَ الأُولى آلَوا بِجَذلَتِهِ |
|
آياسُ يَجري وآياسٌ عَلى القُلَلِ | |
|
| يَستَنهِضانِ السُرى بِالقَولِ وَالعَمَلِ |
|
طَوراً بِلينِ حَديثٍ لِلأولى اِعتَزَلوا | |
|
| وَتارَةً بِمَلامِ الفارِسِ الوَجِلِ |
|
يا أَوَّلَ الصَيدِ أَبطالاً وَثانِيَهُم | |
|
| بَأساً وَمَن لَم يُخَوَّل قُوَّةَ البَطلِ |
|
لَم يُمنَحِ الكُلُّ بَأساً واحِداً وَلَكُم | |
|
| في يَومِنا الذَودُ كُلٌّ جُهدَ طاقَتِهِ |
|
عَرَفتُمُ ضيقَ هذا المَوقِفِ الحَرِجِ | |
|
| لا تَلتَوُنَّ بِقَلبٍ هُدَّ مُحتَلِجِ |
|
لا يَصدَعَنَّكُمُ قَرمٌ يَسوقَكُمُ | |
|
| إِلى سَفينِكُمُ في خائِرِ المُهَجِ |
|
بَل شَدِّدوا بَعضُكُم بَعضاً وَلا تَهِنوا | |
|
| لَعَلَّ زَفسَ مُنيلُ النَصرِ وَوالفَرَجِ |
|
بِهِ نُذِلُّ عَدُوّاً قَد أَلَمَّ بِنا | |
|
| يُصمى وَيُذبَحُ حَتّى بابِ بَلدَتِهِ |
|
فَهاجَ قَولُهُما الأَجنادَ فَاِعتَصَبوا | |
|
| وَماجَ مِن فَوقِ ذاكَ المَعقِلِ اللَجَبُ |
|
حِجارَةٌ مِن كِلا الصَويَينِ طائِرَةٌ | |
|
| في الجَوِّ في مَوقِفِ الجَيشَينِ تَنسَكِبُ |
|
كَأَنَّ يَومَ شِتاءٍ زَفسُ كانَ لَهُ | |
|
| بِالقُرِّ فيهِ عَلى كَيدِ الوَرى أَرَبُ |
|
فَتَسكُنُ الريحُ وَالثَلجُ الكَثيفُ عَلى | |
|
| وَجهِ الثَرى صَبَباً هامٍ بِوَفرَتِهِ |
|
يَهمي فَيستُرُ وَجهَ السَهلِ وَالجَبلا | |
|
| وَالمَرجِ وَالزَرعَ وَالأَريافَ وَالسُبُلا |
|
وَالثَغرَ حَيثُ زُعابُ المَوجِ يَمحَقُهُ | |
|
| وَسائِرُ الأَرضِ مِنهُ أُلبِسَت حُلَلا |
|
لَكِنَّ هَكطورَ وَالطُروادَ ما ظَفِروا | |
|
| بِالسورِ وَالبابُ بِالمِزلاجِ قَد قُفِلا |
|
إِلّا بِهِمَّةِ سَرفيدونَ هَيَّجَهُ | |
|
| أَبوهُ زَفسُ بِبادي بَأسِ هِمَّتِهِ |
|
جَرى كَلَيثٍ عَلى سِربِ الثِيارِ جَرى | |
|
| أَمامَهُ مِجوَبٌ فولاذُهُ بَهَرا |
|
مُؤَلَّقٌ مُستَديرٌ دَقَّ صانِعُهُ | |
|
| قَتيرَهُ دَقَّ حِذقٍ يُدهِشُ البَصَرا |
|
مُبَطَّنٌ بِجلودِ الثَورِ دارَ عَلى | |
|
| أَطرافِهِ قُضُبٌ مِن عَسجَدٍ نُشِرا |
|
بِهِ مَشى بِيَدَيهِ عامِلانِ مَضى | |
|
| عُجباً يَهِزُّهُما أَثناءَ مِشيَتِهِ |
|
كَضَيغَمٍ بَينَ شُمِّ الراسياتِ رَبّي | |
|
| وَبَرَّحَت بِحَشاهُ آفَةُ السَغَبِ |
|
يَنقَضَّ حَتّى مَباني الناسِ مُبتَغِياً | |
|
| فَريسَةً بِفؤادٍ غَيرِ مَضطَرِبِ |
|
لا يَنثَني لِكِلابِ الحَيِّ إِن نَبَحَت | |
|
| أَم بادَرَتهُ رُاةُ القَومِ بِالقُضُبِ |
|
وَلَيسَ يَرجِعُ إِلّا نائِلاً وَطَراً | |
|
| أَو هالِكاً بِقَناهُم قَبلَ عَودَتِهِ |
|
وَهَكَذا اِنقَضَّ سَرفيدونُ مُمتَحِنا | |
|
| خَرقَ المَراقِبِ وَالسورِ الذي حَصُنا |
|
فَقالَ لِاِبنِ هُفولوخٍ عَلامُ تُرى | |
|
| في ليقِيا كانَ صَدرَ القَومِ مَجلِسُنا |
|
وَالكَأسُ تَترَعُ وَاللَحمُ السَمينُ لَنا | |
|
| وَالناسُ مِثلَ بَني العَليا تُبَجِّلُنا |
|
عَلامَ في ثَغرِ زَنثِ أَرضُنا اِتَّسَعَت | |
|
| وَالكَرمُ وَالزَرعُ يُسقى مِلءَ حاجَتِهِ |
|
فَلا يَسوغُ لَنا إِلا التَرَبُّصُ في | |
|
| صَدرِ السُرى حَيثُ نُلنا مُنتَهى الشَرَفِ |
|
حَتّى كتائِبُنا تَعتَزُّ قائِلَةً | |
|
| نِعمَ المُلوكُ عَلَوا عَن حِطَّةِ الضَعفِ |
|
فَليَهنَأ وا بِسَمينِ اللَحمِ مَأكَلِهِم | |
|
| وَالراحِ إِذا وَقَفوا في مَوقِفِ التَلَفِ |
|
وَهَل تُرى لَو أَبَينا الكَرَّ تُنقَذُ مِن | |
|
| وَخطِ المَشيبِ وَمَوتٍ بَعدَ وَخطتِهِ |
|
لَو كانَ ذا عُفتُ شَرَّ الحَربِ وَالحَرَبِ | |
|
| وَما بَغَيتُكَ في ذا المَأقِطِ اللَجِبِ |
|
لَكِنَّما المَوتُ مِنهُ لا مَناصَ وَقَد | |
|
| يَأتي بِأَيِّ سَبيلٍ كانَ أَو سَببِ |
|
فَلتَقدِمَنَّ فَإِنَّ المَجدَ راقِبُنا | |
|
| أَوراقِبٌ مِن سَقانا غُصَّةَ النُوَبِ |
|
لَبّى غُلوكُسُ لا يَرتاعُ مَطلَبَهُ | |
|
| وَكرَّ تَتبَعُهُ أَبطالُ أُمَّتِهِ |
|
فَهالَ مَرآهُما مينِستِساً وَهُما | |
|
| هَمّاً إِلى بُرجِهِ بِالعَزمِ وَاِقتَحَما |
|
فَسَرَّحَ الطَرفَ حَولَ السورِ مُبتَغِياً | |
|
| قَرماً يَرومُ بِهِ عَوناً يَصُدُّهُما |
|
وَلَم يَكُن مِن سَبيلٍ لِلنِداءِ عَلى | |
|
| ما اِشتَدَّ مِن لَغَبٍ يُصمي بِضَجَّتِهِ |
|
حَيثُ الطَراوِدُ قَد ثاروا بِمُعتَرَكِ | |
|
| يَبغونَ إِدراكَ دَكِّ السورِ لِلدَرَكِ |
|
وَفي اليَلامِقِ وَالبَيضِ المُعَذَّبِ وَال | |
|
| أَبوابِ قَرعٌ دَوى في قُبَّةِ الفَلَكِ |
|
فَصاحَ مينِستِسٌ بِالفَيجِ تُوُّطُسٍ | |
|
| وَقالَ طِر بِمَقالي غَيرَ مُرتَبِكِ |
|
وَاِدعُ الأَياسينِ أَو مَهما بَدا لَهُم | |
|
| فَليَأتِ آياسُ يَرفِدني بِنجدَتِهِ |
|
وَالرايُ هَذا فَعِندي مَوقِفُ الخَطَرِ | |
|
| وَقَومُ ليقية اِنقَضّوا عَلى أَثَري |
|
وَإِن يَكُن جَلَّ وَقعُ الخَطبِ عِندَهُما | |
|
| فَليَأتِني اِبنُ تَلامونِ أَبو الظَفَرِ |
|
وَليَأتِ طفقيرُ رَبُّ القَوسِ يَصحَبُهُ | |
|
| فَأَسرَعَ الفَيجُ يُنمي صِحَّةَ الخَبَرِ |
|
قالَ اِبنُ فيتِيُّسٍ حيناً يَرومُكُما | |
|
| كِلَيكُما فَأَجيباهُ لِدَعوَتِهِ |
|
وَالرَأيُ ذا فَلَدَيهِ مَوقِفُ الخَطَرِ | |
|
| إِذا قَومُ ليقِيَةَ اِنقَضّوا عَلى الأَثرِ |
|
وَإِن يَكُن جَلَّ وَقعُ الخَطبِ عِندَهُما | |
|
| فَليَأتِهِ اِبنُ تِلامونٍ أَبو الظَفرِ |
|
وَليَأتِ طفقيرُ رَبُّ القَوسِ يَصحَبُهُ | |
|
| لَبّى كَبيرُهُما يَجري بِلا حَذَرِ |
|
وَمالَ نَحوَ اِبنِ ويلوسٍ يُشَدِّدُهُ | |
|
| لِيُحسِنُ الذَودَ فيهِم حينَ غَيبَتِهِ |
|
قِف يا أَياسُ وَفوليميذُ لا تَهِنا | |
|
| وَحَرِّضا الجُندَ لا تَأبَ الوَغى جُبُنا |
|
أَمضي فَأَبلو بَأَعداءٍ هُناكَ عَتَوا | |
|
| وَإِن دَفَعَتُهُمُ دَفعاً رَجَعتُ هُنا |
|
وَسارَ يَصحَبُ طِفقيرَ الفَتى مَعَهُ | |
|
| أَخاهُ وَاِبنَ أَبيهِ النابِلَ الفَطِنا |
|
كَذَلِكَ الشَهمُ فَندِيّونَ مُتَّبِعٌ | |
|
| وَراءَ طِفقيرَ يَجري في حَنِيَّتِهِ |
|
مِن داخِلِ السورِ أَمّوهُ وَما بَرِحا | |
|
| في بُرجِهِ فَإِذا بِالأَمرِ قَد فَدَحا |
|
وَقَومُ ليقِيَةٍ مِثلَ العَواصِفِ قَد | |
|
| تَسَلَّقوا بِوَحىً يَشتَدُّ أَيِّ وَحي |
|
فَقُل آياسُ صَخراً هائِلاً وَعَلى | |
|
| أفِكلِسِ خِلٍّ سَرفيدونِهِم طَرَحا |
|
جُلمودَةٌ مِن رِجالِ العَصرِ ما رَفَعَت | |
|
| يَدا فتىً رَبِّ بَأسِ في شَبيبَتِهِ |
|
فَذَلِكَ الصَخرَ مِن ضِمنِ الوَشيعِ رَفَع | |
|
| رَحاهُ ثُمَّ عَلى رَأسِ العَدُوٍّ دَفَع |
|
فَدَقَّ هامَتَهُ مِن تَحتِ خُوذَتِهِ | |
|
| فَغائِصاً مِن عَلى البُرجِ المَتينِ وَقَع |
|
وَقَد بَدَت يَدُهُ البَيضاءُ عارِيَةً | |
|
| فَأَرسَلَ السَهمَ يَعروها بِرَميَتِهِ |
|
فَشَبَّ لِلأَرضِ واهي العَزمِ يَستَتِرُ | |
|
| كَي لا يَرى الجُروحَ أَعداهُ وَيَفتَخِروا |
|
فَأثقَلَ الغَمُّ سَرفيدونَ حينَ رَأى | |
|
| مَنآهُ لَكِنَّهُ ما نالَهُ الضَجَرُ |
|
وَأَلقِماوونَ تَسطورٍ أَصابَ فَلَم | |
|
| يَقِف وَعاجَلَهُ بِالرُمحِ يَبتَدِرُ |
|
وَاِجتَرَّ عامِلَهُ مِن صَدرِهِ فَهوى | |
|
| يَصِلُّ فُولاذُهُ مِن فَوقِ جُثَّتِهِ |
|
مِن ثَمَّ بَينَ يَدَيهِ مُمسِكاً جَذَبا | |
|
| إِحدا داعائِمِ سَطحِ السورِ فاَضطَرَبا |
|
وَاِسقِطَت مِن أَعالي الحُصنِ وَاِن | |
|
| كَشَفَت عَن مَنفَذٍ لِبَني طُروادَةٍ رَحُبا |
|
فَاِنقَضَّ آياسُ يَبغيهِ وَبادَرَهُ | |
|
| طِفقيرُ يَرمي بِسَهمٍ فيهِ ما نَشِبا |
|
حِزامَ جُنَّتِهِ الكُبرى أَصابَ فَلَم | |
|
| يَنفُذ وَزَفسُ تَلافاهُ بِقُدرَتِهِ |
|
لَم يَرضَ مَوتَ اِبنِهِ قُربَ السَفينِ وَلا | |
|
| نَكالَهُ وَأَياسُ ثارَ مُشتَعِلا |
|
وَكَرَّ يَكعَنُ وَالرُمحُ الحَديدُ مَضى | |
|
| في تُرسِهِ وَإِلى الأَعضاءِ ما وَصَلا |
|
فَصَدَّ يَرجِعُ سَرفيدونُ بَعضَ خُطىً | |
|
| عَن خُطَّةِ السورِ لَكِن لَم يَهِن وَجَلا |
|
بلَل ظَلَّ يَأمُلُ نَصراً وَاِنثَنى عَجَلا | |
|
| يَصيحُ في مَن تَلاهُ مِن عَشيرَتِهِ |
|
يا قَومَ ليقِيَةٍ هَل خارَ عَزمُكُمُ | |
|
| فَقَد فَتَحتُ سَبيلاً في وُجوهِكُمُ |
|
وَهَل تَيَسَّرَ لي ما صُلتُ مُنفَرِداً | |
|
| أُمَهِّدُ السُبلَ لِلأَشارعِ دونَكُمُ |
|
هَيّوا اِتبَعوني فَخَيرُ الأَمرِ ما اِجتَمَعَت | |
|
| عَلى تَطَلُّبِهِ القُوّاتُ تَلتَئِمُ |
|
فَجُملَةً وَجِلوا مِن عَذلِ مَلكِهِمِ | |
|
| وَفازَ فائِرُهُم مِن حَولِ فَورَتِهِ |
|
وَالدانَوِيّونَ قَد ضَمّوا كَتائِبَهُم | |
|
| مِن داخِلِ السورِ لا يَلوونَ غارِبَهُم |
|
فَما هُمُ دافِعوا أَعدائِهِم صَبَباً | |
|
| عَن ثُغرَةٍ جَعَلوا فيها مَضارِبَهُم |
|
وَلا أولئِكَ مِنهُ نائِلو وَطَرٍ | |
|
| وَلا سَبيلٍ لِيَحتَلّوا مَراكِبَهُم |
|
وَلَيسَ يَفصِلُهُم إِلّا الفَواصِلُ في السو | |
|
| رِ الَّذي اِشتَبَكوا مِن حَولِ فُرجَتِهِ |
|
كَزارِعَينِ بِحَقلٍ بَعدُ ما قُسِما | |
|
| تَنازَعا كُلَّ شِبرٍ في حُدودِهُما |
|
وَلا يَظَلّانِ في جُهدٍ وَفي عَمَلٍ | |
|
| حَتّى يُوازِنَهُ المِقياسُ بَينَهُما |
|
كَذا تَعادَلَتِ القُوّاتُ يَسرُبُ مِن | |
|
| كِلا الفَريقَينِ سَيّالاً نَجيعُهُما |
|
كَم جُنَّةٍ سُحِقَت في صَدرِ حامِلِها | |
|
| وَلَأُمَّةٍ خُرِقَت مِن تَحتِ جُنَّتِهِ |
|
وَكَم فَتىً مُدبِرٍ قَد بانَ كاهِلُهُ | |
|
| فَالسَهمُ واصِلُهُ وَالرُمحُ قاتِنُهُ |
|
وَما اِستطاعَ بَنو الطُروادِ صضدَّهُمُ | |
|
| بَلِ اِستَوى في مَجالِ الفَتكِ هائِلُهُ |
|
كَمَرأَةٍ عالَتِ الأَطفالَ عادِلَةٍ | |
|
| عقَد أَمسَكَت عودَ ميزانٍ تُعادِلُهُ |
|
لا تُخسِرُ الصوفَ مِثقالاً تَضِنُّ بِهِ | |
|
| عَنِ العِيارِ الَّذي أَلقَت بِكَفَّتِهِ |
|
لَكِنَّ زَفسَ ذُرى المَجدِ الرَفيعِ ذَخَر | |
|
| لِهَكطُرٍ فَإِلى الحُصنِ المَنيعِ عَبَر |
|
فَكَرَّ أَوَّلَهُم كَرّاً يَصيحُ بِهِم | |
|
| إيهٍ فَكُرّوا بَني الطُروادِ خَيرَ مَكَر |
|
وَالسورَ فَاِختَرِقوا والنارَ مُضرَمَةً | |
|
| أَلقوا فَلا تُبقِ مِن أُسطولِهِم وتَذَر |
|
فَهاجَتِ النَفسُ وَالسورَ المَنيعَ رَمَوا | |
|
| يَهِزُّ كُلُّ فَتىً رُمحاً بِراحَتِهِ |
|
وَهَكطُرٌ في البابِ قَد ثَقُلا | |
|
| مُحَدَّدَ الرَأسِ ضَخمٌ قَعرُهُ حَمَلا |
|
جُلمودُ صَخرٍ إِذا ما رامَ يَحمِلُهُ | |
|
| قَرمانِ مِن خَيرِ ما في عَصرِنا رَجلا |
|
ما بُلِّغا رَفعَهُ إِلّا بِجُهدِهِما | |
|
| مِن صَفحَةِ الأَرضِ حَتّى يَبلُغَ العَجَلا |
|
لَكِنَّ هَكطورَ يَرحوهُ بِغَيرِ عَناً | |
|
| إِذ زَفسُ أَذهَبَ عَنهُ كُلَّ ثِقلَتِهِ |
|
نَظيرَ جِزَّةِ كَبشٍ خَفَّ مَحمَلُها | |
|
| هَيهاتِ في راحَةِ الراعي تُثقِلُها |
|
كَذاكَ صَخرَتُهُ هَكطورُ مُحتَدِماً | |
|
| عُتفاً رَماها لِصِفقِ البابِ يُرسِلُها |
|
قَد أَحكَموا قَفلَ مِصراعَيهِ إِذ رُتِجا | |
|
| حَتّى يَعِزَّ عَلى الأَعداءِ مَدخَلُها |
|
وَقَد تَعارَضَ قُفلاهُ وَوَسطَهُما | |
|
| ثَقبٌ تَخَلَّلَ مِزلاجٌ بِفُرضَتِهِ |
|
فَهَكطُرٌ مُذ أَتاهُ أَثبَتَ القَدَما | |
|
| مُفَرِّجاً بَينَ ساقيهِ رَحا وَرَمى |
|
فَراحَ ما بَينَ صِفقَيهِ وَقَد سَحَقَ ال | |
|
| قُفلَينِ يَنفُذُ وَالصِفقانِ قَد حُطِما |
|
وَالرَزَّتانِ اِستَطارَت قائِماتُهُما | |
|
| وَالبابُ يَصرُفُ مِن عُنفٍ بِهِ صُدِما |
|
فَاِنقَضَّ هَكطورُ بِالفولاذِ مُتِّشِحاً | |
|
| كَاللَيلِ يَذعَرُ ذُعراً في دُجُنَّتِهِ |
|
يَهِزُّ بَينَ يَدَيهِ عامِلَيهِ وَلا | |
|
| يَصُدُّهُ غَيرُ رَبٍّ عِندَما حَمَلا |
|
وَاِجتازَ وَثباً وَعَيناهُ شِرارُهُما | |
|
| وارٍ وَأَلفَتَ يَدعو قَومَهُ عَجَلا |
|
تَلَوهُ ما بَينَ عادٍ قَد تَسَلَّقَ أَو | |
|
| في البابِ جارٍ لِداوي الصَوتِ مُمتَثِلا |
|
وَالأَرغُسِيّونَ لِلأُسطولِ قَد لَجَأوا | |
|
| في مَأزِقٍ ضاقَ مُشتَدِّ بِأَزمَتِهِ |
|