قَوِّض رِحالَك عَن أَرضٍ تُضامُ بِها | |
|
| فَالضَيمُ إِن دامَ نَفسُ الحُرِّ يَرديها |
|
وَاِسكُن بُيوتاً إِذا راقَ المُقامُ بِها | |
|
| فَاِمكُث وَإِلا خَفيف الحَمل يَطويها |
|
فَفي البَداوةِ رَبّاتُ السُفورِ وَقَد | |
|
| يُشرقن كَالشَمسِ لا غَيمٌ يُغَطِّيها |
|
يَرتَعنَ في فلَواتٍ حُسنُ مَنظَرِها | |
|
| خُضر النَبات بِأَزهارٍ يوشّيها |
|
يَحمِلنَ جَرّاتِ ماءٍ يَنثنينَ بِها | |
|
| مِثلَ الغُصونِ إِذا ما الرّيحُ تحنيها |
|
يَلبَسنَ زُرقَ ثيابٍ كَالكَواكبِ في | |
|
| ثَوبِ السَماءِ بِحُسنٍ فاقَ تَشبيها |
|
فَاِنظُر إِلى الشَمسِ في وَقتِ الطُلوعِ لَها | |
|
| ثَوبٌ مِنَ التّبر لَمّاعٍ يَحليها |
|
تَرمي الشُعاعَ عَلى الكَونِ البَديعِ وَإن | |
|
| حانَ الغُروبُ اِختَفَت سُبحانَ مُخفيها |
|
يَبدو الهِلالُ مُشيراً نَحوَ أَنجُمِهِ | |
|
| إِشارةً سابِحات الأُفقِ تَدريها |
|
حَتّى إِذا صارَ في دَورِ الكَمالِ بَدا | |
|
| مِنهُ الضِياءُ عَلى الدُنيا وَمَن فيها |
|
تَرَ الجِبالَ تُناجي السَحبَ شاهِقةً | |
|
| دَلَّت عَلى قُوَةِ الجَبارِ مُرسيها |
|
مَرُّ الرِياحِ عَلى الأَشجارِ يُنعِشُها | |
|
| بِنَفحةٍ زَهراتُ الغابِ تُهديها |
|
تِلكَ الصَحائفُ لِلتَوحيدِ لا كُتب | |
|
| مَشائخُ العلمِ طولُ الدَهرِ تقريها |
|
لَو يَسكُن المُلحدُ المَغرورُ باديةً | |
|
| شَهراً وَأَفكارُهُ مِنها يُغَذّيها |
|
وَيُرسلُ الطَرفَ في أَبهى مَحاسِنها | |
|
| لَقالَ أَشهَدُ أَنَّ اللَهَ باريها |
|
إِن الطَبيعةَ دَرسٌ لِلعُقول وَإن | |
|
| زاغَت إِلى طُرق الإِيمان تَهديها |
|
كُن في بَدائعِ صُنعِ اللَهِ مُعتَبِراً | |
|
| وَلا تَكُن حَيواناً راتِعاً فيها |
|
فَالجودُ كَالنَهرِ أَرضُ البَدوِ مَنبَعُهُ | |
|
| وَكَم بُيوت بِها الشُجعانُ تَحميها |
|
لا مَجلسٌ بِلَديٌّ حَلَّ ساحتَها | |
|
| وَلا غُبارُ عُيونِ القَومِ يعميها |
|
وَلا دِيارٌ لأَجلِ الفُحشِ قَد فُتِحَت | |
|
| وَلا خُمورٌ إِلى الأَلبابِ تُؤذيها |
|
وَلا قِمارٌ خَلَت مِنهُ الدِيارُ وَلا | |
|
| فِسقٌ وَلا تَرَفٌ لِلنَفسِ يُضنيها |
|
إِنَّ الهَواءَ نطاسيٌ شَهادَتهُ | |
|
| دونَ الشَهاداتِ باري الخَلقِ مُعطيها |
|
فَأَجلس عَلى بُسُطِ الأَزهارِ لا بَسط | |
|
| مَبسوطة مِن قصورِ حازَ من فيها |
|
فَمَنظرُ البيد وَالأَغنامُ سارحةٌ | |
|
| مَعَ الأَباعرِ في أَبهى مَراعيها |
|
أَشهى وَأَسلَمَ مِن جَمعٍ بواطِنُهُ | |
|
| مُسيئةٌ وِنِفاقُ القَولِ يُخفيها |
|
فَالكَلبُ يَحفَظُ مَولاهُ وَيَحرَسهُ | |
|
| طول اللَيالي إِن أِسوَدَّت دَياجيها |
|
وَفي العِبادِ نُفوسٌ طالَما غَدَرَت | |
|
| بِأَنفُسٍ حُرةٍ ما كانَت تُواسيها |
|
فَالحقدُ وَالغَدرُ يَبدو كُلّ آونةٍ | |
|
| في الأَرضِ يا لَيتَ شعري مَن يُصفّيها |
|
عَسى تَهبُّ عَلَينا نَفحةٌ وَبِها | |
|
| تَزكو النُفوسُ وَرَبُّ الخَلقِ يَهديها |
|
يا ساكنَ البيدِ دُم لِلعَيشِ مُغتَبِطاً | |
|
| وَكُن صَبوراً قَنوعاً بِالَّذي فيها |
|
عَيشُ البَساطةِ نَفسي قَد تَميلُ لَهُ | |
|
| وَكُلُّ بادِيَةٍ شِعري يُحيِّيها |
|