أَبَدرٌ بَدا أَم وَجهُ مَن كُنتُ أَهواهُ | |
|
| بَدا فأضاءَ اللَّيلَ يا سِحرَ مَرآهُ |
|
وَذا البَدرُ أَم هذا ضِياءُ جَبينِهِ | |
|
| وذَا البَرقُ أَم هذا بَرِيقُ ثَناياهُ |
|
وَذا اللَّيلُ مُسوَدٌّ أَمِ الشَّعرُ ضافِيٌ | |
|
| عَلَى جِسمِهِ الفِضِّيِّ يا طِيبَ مَنشاهُ |
|
عَلَى مِثلِهِ جِسمِي يَذُوبُ صَبابَةً | |
|
| وأَمَّا فُؤادِي وَالحَشا فهوَ مَرعاهُ |
|
إِذَا ما جَفَا فالقَلبُ مِنِّيَ طائِرٌ | |
|
| وَإِن زارَنِي زالَ السِّقامُ بِرُؤيَاهُ |
|
لهُ حاجِبٌ كالقَوسِ وَالأَنفُ مُرهَفٌ | |
|
| وَثَغرٌ حَكَى الصَّهباءَ ما زِلتُ أَرعاهُ |
|
وَجِيدٌ وَصَدرٌ كالحَرِيرِ مُفَضَّضٌ | |
|
| بِهِم قد سَبا ذُو العِشقِ مَن كانَ يَهواهُ |
|
وَجِسمٌ كما الدِّيباجُ وَالساقُ مُدمَجٌ | |
|
| وَوَجنَتُهُ كالوَردِ إِذ طابَ مَجناهُ |
|
وما الدُّرُّ إِلا مِن تَلَفُّظِ ثَغرِهِ | |
|
| وَلَيسَ دَمُ الغِزلانِ إِلا شَفَاياهُ |
|
فيا حُسنَهُ مِن شادِنٍ لم أَزَل بِهِ | |
|
| أَسِيرَ هُمُومٍ والِهَ القَلبِ مضنَاهُ |
|
أُسائِلُهُ أَن يَمنَحَ الوصلَ عاجِلاً | |
|
| وَيُبرِدَ ناراً في الحشاءِ بِلُقياهُ |
|
وَإِن رُمتُ مِنهُ القُربَ قالَ أَلا تَخَف | |
|
| رقيباً وواشٍ نَتَّقِيهِ وَنَخشاهُ |
|
فقُلتُ لحا اللَّه الوُشاةَ وَراعَهُم | |
|
| بِبَينٍ مُشِتٍّ لا تُنيخُ مَطاياهُ |
|
وَإِنِّيَ أَرجُو اللَّه ذا الجُودِ أَن يُلِن | |
|
| فُؤادَ حَبيبٍ بالجَفا قد عَرَفناهُ |
|
فيَرحَمُ صَبّاً لا يَزالُ أَخا جَوىً | |
|
| وَيُسعِفُهُ وَصلاً وَيَرثُو لِشَكواهُ |
|
عَساهُ لِمُضنَاهُ يَرِقُّ بِرَحمَةٍ | |
|
| وَيَسقِيهِ مِن رِيقٍ حكى المِسكَ رَيَّاهُ |
|
فقَد صارَ صَبّاً في هَواهُ مُوَلَّعاً | |
|
| وَيَسألُ رَبَّ الناسِ ذا العَرشِ يَرعَاهُ |
|
وَلَم يتَبَدَّل مُذ سَباهُ بِحُسنِهِ | |
|
| وَلا شاقَهُ ظَبيٌ سِواهُ فَيَنساهُ |
|
لَقَد فاقَ أَربابَ الجَمالِ جَمِيعَهُم | |
|
| وَقَد خَضَعُوا لِلحُبِّ قَهراً وَما تاهُوا |
|
كَما أَنَّ ذا الوَجهَ المُنيرَ إِمامَنا | |
|
| وَسَيِّدَنا مَن لِلعُلا شادَ مَبنَاهُ |
|
تَعَلَّى عَلَى أَهلِ الكَمالِ بِهِمَّةٍ | |
|
| وَصارِمِ عَزمٍ تَفلِقُ الهَامَ حَدَّاهُ |
|
وَقَد طبَّقَ الآفاقَ عِلماً وَحِكمَةً | |
|
| وَأَحيى دُرُوسَ العِلمِ وَالشَّرعَ أَفشَاهُ |
|
وَمَرَّ عُمَاناً فاستَفَادُوا بِعِلمِهِ | |
|
| وَأَمَّا أَوَالٌ فهيَ تَشدُو بِذِكرَاهُ |
|
وَقد أَصبَحَ القُطرُ العِراقِيُّ باسِماً | |
|
| يَجُرُّ عَلى الأَقطارِ فَخراً بِسُكنَاهُ |
|
وَهَجرٌ لِفَقدِ الحَبرِ ثَكلَى حَزِينَةٌ | |
|
| وَحُقَّ لها تَبكِي دَماً فهيَ مَنشَاهُ |
|
إِمامٌ يَرى بَثَّ العُلُومِ فَرِيضَةً | |
|
| أَبِيٌّ تَقِيٌّ زاهِدٌ ثُمَّ أَوَّاهُ |
|
وَلَيسَ لهُ في عَصرِهِ مِن مُمَاثِلٍ | |
|
| وَلا يَستَطِيعُ الفَهم يُحصِي مَزاياهُ |
|
لهُ اللَّه مِن ذِي همَّةٍ قد سَمَت بِهِ | |
|
| إِلَى شَرَفٍ ما نالَهُ قَطُّ إِلَّاهُ |
|
فَيا راشِداً قَد كُنتَ لِلخَيرِ مَقصِداً | |
|
| فشُكراً لِمَا أَعطاكَ رَبِّي وَأَولاهُ |
|
وَيا شَيخَنا إِنَّ الفِراقَ أَذابَنا | |
|
| وَهَدَّ قُوانا وَالتَّصَبُّرَ أَفناهُ |
|
وَأَورَثَنا هَمّاً يَزِيدُ وَلَوعَةً | |
|
| وَصاحَ النَّوى بالصَّبرِ قِدماً فَلَبَّاهُ |
|
فصِلنا وَعامِلنا بِبرٍّ وَرَحمَةٍ | |
|
| فَأَنتَ الذي تُولِي الجَميلَ وَتَرضاهُ |
|
وَلا زِلتَ يا بَدرَ الزَّمانِ بِنِعمَةٍ | |
|
| وَجاهُكَ بَينَ الناسِ ما فَوقَهُ جاهُ |
|
ولا زِلتُمُ آلَ المُبارَكِ قادَةً | |
|
| إلى الخَيرِ ما حنَّ الغَريبُ لِمَرباهُ |
|
فَأَنتُم نُجومٌ تَهتَدِي بِكُمُ الوَرَى | |
|
| إِلى سُنَنِ المُختارِ مَن خَصَّهُ اللَّهُ |
|
بِعِزٍّ وَتأَييدٍ وَرِفعَةِ مَنصِبٍ | |
|
| إِلَى أن عَلا فَوقَ السَّماءِ وَناجاهُ |
|
عليهِ صلاةُ اللَّهِ ثُمَّ سَلامُهُ | |
|
| كَذا الآلُ والأصحابُ يَغشاهُمُ اللَّهُ |
|