مَاذَا أَقُوْلُ وَمَا تُرَانِيْ أَصْنَعُ
|
فَالْقَهْرُ يَخْتَرِمُ الجَسُوْرَ فَيُصْرَعُ
|
سَيْفُ القَضَاءِ إِذَا أَغَارَ عَلَى امْرِئٍ
|
فَمَنِ الَّذِيْ عَنْهُ يَذُوْدُ ويَدْفَعُ
|
جَسَدِيْ يَلُوْبُ وَخَافِقِيْ مُتَحَفِّزٌ
|
وَ دَمِيْ يَثُوْرُ وَ عِزَّتِيْ تَتَصَدَّعُ
|
وَ الجُرْحُ يَصْخَبُ كلَّمِا عَصَفَتْ بِهِ
|
رِيْحُ التَّعسُّفِ واسْتَرَقَّ المِبْضَعُ
|
أَنَا شَاعِرُ الحِسِّ الرَّهِيْفِ ومِهْنَتِيْ
|
طَرْقُ الحَدِيْدِ وَصُنْعُ مَا لا يُصْنَعُ
|
أَصْبَحْتُ حَدَّادَاً لأَنَّ مُرَوِّجَاً
|
قَدْ قَالَ عَنِّيْ عِلْمُهُ لا يَنْفَعُ
|
فَحَمَلْتُ قِيْثَارِيْ وَرُحْتُ أُغَرِّدُ
|
الأَمَلَ الجَرِيْحَ وَمُهْجَتِيْ تَتَوَجَّعُ
|
وَاخْتَرْتُ أَقْبَحَ مِهْنَةٍ بِإِرَادَتِي
|
وَعَرَفْتُ أنَّيْ في المَتَاهِ مُضَيَّعُ
|
أَلْزَمْتُ نَفْسِيْ صَبْرَهَا وَعَنَاءَهَا
|
وَأَنَا بِتَبْرِيْرِ القَضَايَا مُوْلَعُ
|
وَسَجَنْتُ رُوْحِيْ في مَتَاهٍ مُظْلِمٍ
|
وَرَضِيْتُ بِالقَدَرِ الَّذِيْ لا يُقْنِعُ
|
هَرَبَاً مِنَ الحِقْدِ البَغِيْضِ وَأَهْلِهِ
|
والرَّفْضُ في صَدْرِيْ يَضُجُّ وَيَنْزَعُ
|
وَتَرَكْتُ أَحْلامِيْ تَمُوْتُ وَتَخْتَفِيْ
|
تَحْتَ الرَّمَادِ وَهِمَّتِيْ تَتَضَعْضَعُ
|
مَازَالَ هَمُّ الكِبْرِ يَصْرُخُ في دَمَيْ
|
وَنُزُوْعُ نَفْسِيْ لِلْعُلا يَتَطَلَّعُ
|
أَنَا لَسْتُ خَفَّاشَاً يَرُوْقُ لَهُ الظَّلامُ
|
المُدْلَهِمُّ وفي الدُّجَى يَتَسَكَّعُ
|
أَنَا زَفْرَةُ البُرْكَانِ في حُمَّى اللَّظَى
|
وبِغَيْرِ أَسْمَى مَنْزِلٍ لا أَقْنَعُ
|
وإذا تُنَادُوا لِلْجِهَادِ فَإِنَّنِيْ
|
قَدَرٌ جَحِيمِيُّ الفِدَا لا يَخْضَعُ
|
عِشْرُوْنَ عَامَاً كُنْتُ أَسْقِيْ مِنْ دَمِيْ
|
غَرْسَاً لَعَلَّ الخَيْرَ فِيْمَا أَزْرَعُ
|
عِشْرُوْنَ عَامَاً والنَّوَائِبُ جَمَّةٌ
|
وَأَنَا بِهَا مُتَخَبِّطٌ مُتَقَوقِعُ
|
لَكِنَّنِي رُغْمَ العَطَاءِ بِكُلِّ مَا
|
أُوْتِيْتُ مِنْ صِدْقٍ وخَيْرٍ يَنْفَعُ
|
أَدْرَكْتُ أنَّيْ كَالغَرِيْبِ مُهَمَّشٌ
|
مَا بَيْنَ قَوْمٍ عَنْهُمُ أَتَرَفَّعُ
|
حَدَّثْتُ نَفْسِيْ مَرَّةً مُتَسَائِلاً
|
مَاذَا فَعَلْتَ بِمُهْجَتِيْ يَا مِبْضَعُ؟
|
ضَحِكَ السَّفِيْهُ وقَالَ لِيْ يَا صَاحِبِيْ
|
لا تَزْرَعَنْ وَرْدَاً وَأَرْضُكَ بَلْقَعُ
|
أَرَأَيْتَ زَنْبَقَةً بِقَفْرٍ قَاحِلٍ
|
وَ حَمَامَةً بَيْنَ الجَوَارِحِ تَسْجَعُ؟
|
أَرَأَيْتَ صَقْراً رَاحَ يَلْتَمِسُ القِرَى
|
وَ هْوَ الأَبِيُّ الشَّامِخُ المُتَرَفِّعُ؟
|
مَاذَا يَضِيْرُ النِّسْرَ لَوْ عَصَفَتْ بِهِ
|
هَوْجُ الرِّيَاحِ وَ لَمْ يَرُقْهُ المَخْدَعُ؟
|
واللَّيْثَ إِنْ هَجَرَ العَرِيْنَ لِبُرْهَةٍ
|
وَ بَنُو الثَّعَالِبِ حَوْلَهُ تَتَجَمَّعُ؟
|
كُنْ ذَلِكَ القَدَرَ العَصِيَّ عَلَى الأَذَى
|
وَ انْهَضْ فَإِنَّكَ جَارِفٌ مُتَجَمِّعُ
|
أَوْ نَمْ عَلَى إِبَرِ الشَّقَاءِ مُكَرَّمَاً
|
وَاسْكُتْ فَإِنَّ الصَّمْتَ كَنْزٌ أَرْوَعُ
|
وَامْسَحْ جِرَاحَكَ فَالحَيَاة ُ قَصِيْرَةٌ
|
ولِكُلِّ أَمْرٍ قِصَّةٌ وَ تَتَبُّعُ
|
واغْفِرْ وكُنْ كَالوَرْدِ يَلْثُمْهُ النَّدَى
|
وَ عَلَى البِطَاحِ أَرِيْجُهُ يَتَضَوَّعُ
|
فَضَحِكْتُ حَتَّى رَاوَدَتْنِيْ دَمْعَةٌ
|
وَ الدَّمْعُ أَحْيَانَاً يَضُرُّ وَ يَنْفَعُ
|
وَ لَرُبَّمَا صَدَقَتْ دُمُوْعُ مُعَذَّبٍ
|
وَلَقَدْ تُكَذِّبُ مَا تَقُوْلُ الأَدْمُعُ
|
هَذِيْ جِرَاحَاتِيْ الَّتِيْ أَدْمَيْتَهَا
|
يَا أيُّهَا القَدَرُ المُذِلُّ المُفْجِعُ
|
ذَهَبَتْ عُهُوْدُ الأَوْفِيَاءِ وَ لَمْ تَعُدْ
|
هَمٌّ يَرُوْحُ وَ أَلْفُ هَمٍّ يَرْجِعُ
|
لَيْتَ الَّذِيْنَ أَوَدُّهُمْ وَأُحِبُّهُمْ
|
عَرفُوا الَّذِيْ عَانَيْتُهُ فَتَوَرَّعُوا
|