مَاذَا أَحَدِّثُ عَنْ بَغْدَادَ يَا تَعَبِي
|
بَغْدَادُ تَغْرَقُ فِي بَحْرٍ مِنَ النُّوَبِ
|
عَرُوْسَةَ الرَّافِدَيْنِ الخَالِدَيْنِ قِفِيْ
|
نُصْبَاً يُحَاكِي رُمُوْزَ المَجْدِ وَ الحُقَبِ
|
:بَغْدَادُ مَا أَشْرَقَتْ شَمْسٌ وَ لا غَرُبَتْ:
|
إلاَّ وَ طَيْفُكِ خَيَّالٌ عَلَى الهُدُبِ
|
أَلَمْ تَرَيْ أنَّ عِشْقَ الأَرْضِ مَبْدَؤُنَا
|
يَرْنُو لها كُلُّ ذِيْ حِسٍّ وَ ذِيْ أَرَبِ
|
أَمَامَنَا الآنَ يَا بَغْدَادُ مُفْتَرَقٌ
|
أنْ نَصْنَعَ النَّصْرَ أو لِلذُّلِّ فَالهَرَبِ
|
قُوْمِي مِنَ القَبْرِ يَا زَوْرَاءَ وَ انْتَصِبِي
|
فَالنَّصرُ آتٍ على موجٍ مِنَ الغَضَبِ
|
قُوْمِي مِنَ القبرِ كَالعملاقِ سَاخِرَةً
|
بالموتِ بالرُّعبِ بالنِّيرانِ باللَّهَبِ
|
تألَّقي في سماءِ المجدِ زاهِيَةً
|
يا رايةَ العزِّ واخْتَالِي مَعَ الشُّهُبِ
|
مُدِّي جناحَيكِ صوبَ الشَّمسِ وَ انْتَفِضِي
|
وَ أَمْطِرِي حِمَمَاً مَسْعُورَةً وَ ثِبِي
|
وَ بالدِّماءِ اكْتُبِي مجداً لأُمَّتِنَا
|
وَ نَضِّرِي جَبْهَةَ التَّاريخِ بالذَّهَبِ
|
قولي لَهُمْ هَا أَنَا قدْ جِئْتُ مُعلِنَةً
|
أنَّ الدَّمَ الحُرَّ لَمْ يَرْضَخْ لِمُغْتَصبِ
|
قُوْلِي لِمَنْ كلَّلُوا بالعارِ هامَتَهُمْ
|
يا ويحَكُمْ فَشُمُوسُ العزِّ لَمْ تَغِبِ
|
لا تَطْلُبِي مِنْ أَذِلاَّءِ النُّفوسِ يَدَاً
|
لَمْ يبقَ في الكرمِ غيرُ الشَّوكِ والحَطَبِ
|
لَمْ يبقَ ما تَأْلَفُ الأنظارُ رُؤْيَتَهُ
|
فالنَّاسُ ما بينَ مفجوعٍ وَ مُنْتَحِبِ
|
كأنَّما أَصْبَحَتْ بغدادُ مَشْرَحَةً
|
فالقتلُ فيها بِحُكْمِ العرضِ والطَّلَبِ
|
دُقُّوا النَّواقيسَ زُفُّوهَا لعاشِقِهَا
|
هَذِي المليحةُ بنتُ المجدِ والحَسَبِ
|
هَذِي الجميلةُ بغدادُ الَّتي هُدِمَتْ
|
وَ أَصبَحَتْ كالمزارِ المُقْفِرِ الخَرِبِ
|
أينَ الَّتي جَأَرَتْ ثَكْلَى بِمُعْتَصِمٍ
|
وَ أينَ ما نَسَبَ التَّاريخُ لِلعربِ
|
يالًلْيَتَامى الجياعِ الأبرياءِ غَدُوا
|
مشرَّدينَ بِلا ذنبٍ وَ لا سَبَبِ
|
يا ذُلَّ مَنْ أَسْقَطوا عنهُمْ كرامَتَهَمْ
|
وَ مرَّغوها بِوَحْلِ العارِ وَ الكَذِبِ
|
جَاؤُوا بأعدائِهمْ يَسْتَنْصِرونَ بِهِمْ
|
لِيَصْنَعُوا مجدَهُمْ بالزَّيفِ وَ الرِّيَبِ
|
بغدادُ لا تَحْزَنِيْ هَذِيْ الدِّماءُ كَمَا
|
سَالَتْ سَتُنبتُ كرماً رائعَ العِنَبِ
|
لا يُكرَمُ المجدُ إلاَّ بعدَ تضْحِيَةٍ
|
وَ لا يُنالُ بغيرِ البذلِ وَ التَّعَبِ
|
فأكرمُ النَّاسِ مَنْ يُعطي بكلِّ يَدٍ
|
وَ أنبلُ الخلقِ مَنْ يَسمُو عَلَى الرُّتَبِ
|
يَا أَهْلَ بغدادَ نَصْرُ اللهِ نَاظِرُكُمْ
|
يا معشرَ الحسَبِ الموروثِ وَ النَّسَبِ
|
فالشَّمسُ طالعةٌ لا بدَّ فَاقْتَحِمُوا
|
وَ حَطِّمُوا جَبَرُوْتَ البَغْيِ بالغَضَبِ
|
في كِلِّ شبرٍ دماءٌ تَسْتَغِيْثُ كَفَى
|
كَفَى نزيفاً كَفَى يا أمَّةَ العَرَبِ
|