شَتَّتَ البُعْدُ شَمْلَنا يَا جَمِيْلُ
|
والأَمَانِيْ بَدَا عَلَيْهَا النُّحُوْلُ
|
وتَصَدَّى لَنَا الزَّمَانُ فَأَصْبَحْنَا
|
حَيَارَى ورَاعَنَا المَجْهُوْلُ
|
وَ كَبَا عَاشِقُ الجَمَالِ كَمُهْرٍ
|
كَانَ في حَوْمَةِ الغَرَامِ يَصُوْلُ
|
كُلُّ شَيءٍ إلى زَوَالٍ ولَكِنْ
|
حُبُّنَا خَالِدٌ ولَيْسَ يَزُوْلُ
|
غَيْرَ أنَّ الوِصَالَ بَاتَ بَعِيْدَاً
|
وغَدَا الأُفْقُ مُظْلِمَاً والسَّبِيْلُ
|
إنَّمَا الذِّكْرَيَاتُ نَشْوَةُ حُبٍّ
|
فَهْيَ لِلعَاشِقِيْنَ حُلْمٌ طَوِيْلُ
|
كُلَّمَا لاحَ بَارِقٌ خِلْتُ فِيْهِ
|
وَجْهَكَ الطَّلْقَ والنَّسِيْمُ عَلِيْلُ
|
وأَرَى كُلَّمَا تَأَلَّقَ نَجْمٌ
|
طَيْفَ وَجْهٍ مَعَ النُّجُوْمِ يَجُوْلُ
|
رُدَّ لِيْ صَحْوَتِيْ فَقَدْ خَذَلَتْنِي
|
سَكْرَةُ الأَمْسِ يَوْمَ كَانَ الرَّحِيْلُ
|
بَاعَدَتْ بَيْنَنَا المَسَافَاتُ حَتَّى
|
لَمْ يَعُدْ يُبْصِرُ الطَّرِيْقَ الدَّلِيْلُ
|
ضَاقَ صَدْرِيْ بِمَا أُحِسُّ فَأَضْنَانِيْ
|
اشْتِيَاقِيْ ومَلَّنِيْ التَّأجِيْلُ
|
فِإِذَا سَاءَتِ الحَيَاةُ وَ ضَاقَتْ
|
سُبُلُ الوَصْلِ مَنْ هُوَ المَسْؤُوْلُ
|
لا تَلُمْنِيْ فَجُرْحُ نَفْسِيْ عَمِيْقٌ
|
وتَرَفَّقْ بمُهْجَتِيْ يَا عَذُوْلُ
|
فَهُمُوْمُ الهَوَى عِذَابٌ وَ لَكِنْ
|
حِمْلُهَا هَيِّنٌ وحِيْنَاً ثَقِيْلُ
|
هَلْ رَأَيْتَ المُحِبَّ يَشْكُو هَوَاهُ
|
والهَوَى في فُؤَادِهِ مَبْذُوْلُ؟
|
هَلْ سَمِعْتَ الهَزَارَ حِيْنَ يُغَنِّيْ
|
أَفَتَدْرِيْ يَا عَاذِلِيْ مَا يَقُوْلُ؟
|
رَوْعَةٌ هَذِهِ الرُّبُوْعُ جَمَالٌ
|
وظِلالٌ وأَيْكَةٌ وَ خَمِيْلُ
|
كلَّمَا هَبَّتِ النَّسَائِمُ فِيْهَا
|
وتَرَاءَتْ لِنَاظِرَيَّ الطُّلُوْلُ
|
خَفَقَ القَلْبُ هَاتِفَاً يَا بِلادِي
|
كلُّ مَا فِيْكِ رَائِعٌ وجَمِيْلُ
|
تُشْرِقُ الشَّمْسُ والأَزَاهِيْرُ سَكْرَى
|
والنَّدَى رَائِقٌ عَلَيْهَا بَلِيْلُ
|
نَغَمٌ خَافِتٌ يُرَتِّلُ شِعْرَاً
|
وصُدَاحٌ وَ رَنَّةٌ وهَدِيْلُ
|
في فَضَاءٍ تَنَاغَمَ السِّحْرُ فِيْهِ
|
وَ طُيُوْبٌ تَرُشُّهُنَّ القَبُوْلُ
|
وحِكَايَاتُ عَاشِقٍ ولَيَالٍ
|
سَاحِرَاتٌ ومَشْرِقٌ وَ أَصِيْلُ
|
وفَرَاشٌ يُعَانِقُ الزَّهْرَ شَوْقَاً
|
والعَصَافِيْرُ في الهَجِيْرِ تَقِيْلُ
|
سَائِلِ اللَّيْلَ كَمْ تَرَنَّحَ صَبٌّ
|
صَرَعَتْهُ قَبْلَ الشَّرَابِ الشَّمُوْلُ
|
إِسْقِنِيْهَا صَهْبَاءَ تُنْعِشُ إِحْسَاسِيْ
|
فيُرْوَى هَذَا الفُؤَادُ العَلِيْلُ
|
جَفَّ كَأْسِيْ وَ خَانَنِيْ القَوْلُ حَتَّى
|
كِدْتُ أَعْيَا ولا أَعِيْ مَا أَقُوْلُ
|