لا تَحْكُمَنَّ مُشَكِّكاً يَا عَاذِرِي
|
حتَّى تَرَى دَمْعَ الأسَى بِمَحَاجِرِي
|
قَدْ جِئْتُ أُرْثِي صَرْحَ شِعْرٍ قَدْ هَوَى
|
حتَّى الحَضِيْضِ وصَارَ سُلْعَةَ تَاجِرِ
|
ظَلَمُوهُ واعْتَقَلُوْهُ واقْتَادُوْهُ واغْتَالُوْهُ
|
في وَضَحِ النَّهَارِ السَّافِرِ
|
كَذِبوا على اللُّغَةِ الجَمِيْلةِ بالتَّعَابِيْرِ
|
الهَجِيْنَةِ في أَحَطِّ مَشَاعِرِ
|
فالشِّعرُ يا أَحْبَابُ نَبْضَةُ خَافِقٍ
|
في صَدْرِ مَكْلُوْمٍ وَ زَفْرَةُ شَاعِرِ
|
الشِّعرُ مَفْخَرَةٌ لِكُلِّ حَضَارَةٍ
|
نَبَغَتْ وَ سَادَتْ في الزَّمانِ الغَابِرِ
|
الشِّعرُ دِيْوَانُ العَبَاقِرَةِ الأُلَى
|
كَتَبُوا بِهِ أَمْجَادَ عِلْمٍ زَاهِرِ
|
وَ الشِّعرُ أُغْنِيَةُ الجِرَاحِ فَكَمْ دَمٍ
|
نَزَفَتْ بِهِ مُهَجُ الأبِيِّ الثَّائِرِ
|
وَ هْوَ الأغَانِيْ والتَّرَانِيمُ الَّتِي
|
صَعِدَتْ بِهَا أَنْفَاسُ صَدْرِ مُهَاجِرِ
|
وَ الشِّعرُ صَوْتُ البُلْبُلِ الصَّدَّاحِ مَا
|
بَيْنَ الخَمَائِلِ تَحْتَ ظِلٍّ سَاحِرِ
|
وَ هوَ اللَّمَى لِشِفَاهِ ثَغْرٍ فَاتِنٍ
|
وَ هوَ الرَّفيفُ لِطَيْفِ لَحْظٍ آسِرِ
|
الشِّعرُ تَمْتَمَةُ الجَدَاوِلِ في الرُّبَى
|
وَ حَدِيْثُ عُصْفُوْرٍ وغُنْجُ ضَفَائِرِ
|
مَنْ جمَّلَ الرَّوضَ البَهِيَّ وصَاغَهُ
|
صُوَرَاً لأَحْلامِ الخَيَالِ الزَّائِرِ
|
وَ رَوَى حِكَايَاتِ الهَوَى العُذْرِيِّ في
|
أَسْمَى مَعَانِيْهَا بِهَمْسَةِ سَامِرِ
|
صَبَغَ الوُرُوْدَ بِحُمْرَةٍ مِنْ قَلبِهِ
|
وكَسَا أَدِيْمَ الأَرْضِ وَشْيَ أَزَاهِرِ
|
تلكَ الزَّنابقُ مَنْ حَكَى أَوْصَافَهَا
|
فَتَأَلَّقَتْ بِنَشِيْدِهِ المُتَوَاتِرِ
|
كَمْ أَنْشَدَ ابْنُ رَبِيْعَةٍ أَشْوَاقَهُ
|
وَ بَكَى حَبِيْبَتَهُ وَ جُنَّ العامِرِي
|
وَ شَكَا جَمِيْلُ بُثَيْنَةٍ آلامَهُ
|
غُصَصَاً يُكابِدُهَا بِشَوْقِ الحَائِرِ
|
وَ الأَسْوَدُ الزِّنْجِيُّ عَنْتَرَةُ الفَلا
|
كَانَتْ قَصَائِدُهُ كَمَوْجٍ هَادِرِ
|
لَوْلاهُ مَا كَانَ الجَمَالُ سِوَى كَلامٍ
|
فَارِغٍ مُتعثِّرٍ مُتَنَاثِرِ
|
فَكَمَا الغِذَاءُ ضُرُوْرَةٌ حَتْميَّةٌ
|
فالشِّعرُ رُوْحٌ لِلْخَيَالِ الشَّاعِرِي
|
يَا أمَّةَ الشِّعرِ انْهَضِي وَ تَوَثَّبِي
|
فَتُرَاثُنَا أَمْسَى كَوَهْمٍ عَابِرِ
|
مُتَلَجْلجٍ مُتَهَالِكٍ مُتَرَنِّحٍ
|
وَ كَأَنَّهُ شُلْوٌ بِمَخْلَبِ طَائِرِ
|
يَمْشِي عَلَى العكَّازِ مَهْزُوْزَ القِوَى
|
وَ الدَّمعُ في عَيْنَيْهِ مَاءُ مَحَابِرِ
|
لا تَسْأَلُوْنِي عَنْ زَمَانٍ قَدْ مَضَى
|
بَلْ فاسْأَلُونِي عَنْ زَمَانٍ حَاضِرِ
|
لا تَشْكُوَنَّ مَلالَةً يَا زَائِرِي
|
فَأَنَا غَدَوْتُ رَهِيْنَ زَجْرِ الزَّاجِرِ
|