الدَهرُ أَبدل راحَتي بِعَناء |
وَاِعتاضَ صَفو تَنعمي بِشَقاء |
وَبَدا الزَمانُ اِلى العُيونِ بِمَظهَر |
يَقضي بِمَزج دُموعِها بِدِماء |
آلي لِيَختَطِفَن أَفئِدَة الوَرى |
يَومَ المُصاب وَبر في الايلاء |
مِرآتُهُ طَمَسَت وَأَصدَأَ وَجهَها |
مِن بَعدِ سعدت بِطول جَلاء |
وَلَطالَما اِكتَحَلَت عُيونُ أَولى النُهى |
مِن غَدرِهِ بِمَصائِبِ وَبَلاء |
وَلَكَم يَفوقُ لِلقُلوبِ نباله |
وَلَكَم يشق مَرائِرَ النُبَلاء |
حَجُبت بَوارِق غيث أَنواءِ الهُدى |
عَن عَين كل مؤمل أَورائى |
كَذبت لَوامع كل صبح صادِق |
مُذ غابَ شَمس العِلم في الضَيراء |
فَتَحزن العُلماء وَلتَأسف عَلى |
يَنبوعِ فَضل العِلمِ وَالعُلَماء |
وَليَفرَح الجَهلُ المُبيد وَأَهلَه |
وَليَجعَلوا مَسراه لَيل هَناء |
وَليَسعد المَغرور مِن أَعوانِهِم |
فَاليَومَ راقَ الحَي لِلجُهَلاء |
تَبت يَدا زَمَن دَهانا صَرفُهُ |
بِفُراقِهِ في لَيلَة لَيلاء |
لِما تَغَيَّب نير الدين الَّذي |
اِنوارُهُ يَنبوع كُل ضِياء |
صدقت اِن الشّافي قَضى وَما |
صَدقت قَبل تَغيب السقاء |
بَحر التفقه كَنز اِرشاد الوَرى |
رَب الفَخار وَواحِد البَلغاء |
شَجن عَرى الاِسلام بِالظَمَأ الَّذي |
حَل العَرى بِضَمائِرَ العُلَماء |
وَشَعائِرَ الدينِ القَويمِ بَدا بِها |
أَثر الهُلوعِ فَمن لَها بِعَزاء |
أَروى أَفانين العُلوم بغيثه |
وَلَكم سَقى مِن رَوضَةِ غَنّاء |
وَلَطالَما قَد أَبرات أَفكارَه |
أَمراض قَلب بِالضَلالَة ناء |
أَضحَت حَصيداً أَرض أَزهرنا الَّتي |
كانَت بِهِ كَالدَوحَةِ الخَضراء |
تَشكو الاِوام وَما لَها من مطفىّ |
مُذ غابَ سَقاء العلى بِالماء |
ما حال آماق العُيون وَقَد رَأَت |
شيخ المَشايِخ غابَ في الغَبراء |
لَم لا تَفيض عَزيز مَدمَعِها الَّذي |
يُزرى بسح المزنة الوَطفاء |
حق عَلى الآماق يَوم فُراقِهِ |
أَن لا تَضن بِذِئب الاِحشاء |
عَينُ العُلومِ بَكَت دَما لما رَأَت |
اِنسانَها مُتهرا لخيفاء |
لَو اِن كَتب العِلم تَقدر فقده |
لَتَبَددت مِن لَوعَةِ وَعناء |
وَأَرى عطارد بات يَكتب جاهِرا |
آثار فِرقَتِهِ عَلى الجَوزاء |
دَهَشَت عُيون أَولى النهى مُذ أَبصَرَت |
شَمسُ العُلومِ تَغيب في الداماء |
كَم قَلَبته يَدُ السِقام وَلم يَقل |
أَو لما يُلقى مِنَ الضَرّاء |
وَلَطالَما لاقى الصُروف وَلَم بل |
مِن مَعشَرِ الحُكَماء كَيف دَوائي |
أَدى فَريضَة عِلمِهِ بِحَقيقَة |
حَتّى قَضى مُتَوَحِّشاً يَثناهُ |
نادى بِشير القُرب طب نَفسا فَقَد |
طابَ الرَحيل اِلى ديار بَقاء |
سَمع النِداء دجى فسلم نَفسه |
عَن طيبِها لِمُبشِر بَلقاء |
أَرواح عُشّاق العُلوم تَهَيَّأَت |
لِقُدومِهِ ببرازخ السُعَداء |
وَتَعَطَّرَت غُرف الجِنان وَغَرَّدَت |
فيها بَلابِلُها بِحُسنِ غِناء |
وَرَقى اِلى اِعلى مَنازِلَ حَظِّهِ |
لِما اِستَوى بِمَراتِبَ الشُهَداء |
هُوَ في نَعيمٍ دائِم لكِنَّنا |
لِبِعادِهِ في شِدَّةِ البُأَساء |
قَلبي عابَهُ غَدا كَجَمراتِ الغَضى |
وَالوعتى من حره وَشَقائي |
فَلأَذرقن أَسى عَلَيهِ مَدامِعي |
ما دمت عائِشَة بخدر فَنائى |