أَسال مسلسل السَحب العَوالي |
فَرَوى شَعب مكة وَالعَوالي |
أَم الآفاق قَد مَلَئَت عُيونا |
فَأَغرَقَ نَبعُها شَم الجِبال |
أَم العَباس في قَوم عطاش |
قَد اِستَسقوا بِذل وَاِبتِهال |
عَهَدت الغَيثَ يُنعِش كُل روح |
وَيَحي النَفس بِالماء الزَلال |
طَغا ماءَ الجُفون وَما دنت بي |
سَفين الشَوق من جودى الوِصال |
وَقَد أَصبَحت في بَحر عَميق |
مِنَ الظُلَماء مَجهود المَلال |
ضَللت بِلَيل اِسقامى طَريقى |
اِلَيكُم ساداتي فَاِنعوا ضَلالي |
قَضيت بِكُم لَيالي مُقمِرات |
فَلَم قَد أَظلَمت هذي اللَيالي |
وَكانَ الدَهرُ مُلتَفتا اِلَينا |
وَها هُوَ مُغمِض الاِجفان قالى |
فَلَوا أَسفى عَلى اِنسان عيني |
غَدا في سِجن سَقم وَاِعتِقال |
حَجبت بِسِجنِهِ عَن كُل خل |
وَصِرت مُخاطِبا صور الخَيال |
أَاِنسان العُيون فَدتك روحي |
يَهون لِعود نورِكَ كل غالي |
أَتَرضى البُعد عَن عَيني أَليف |
أَضر بِعَزمِهِ ضيق المَجال |
أَذَبتَ حَشاشَتي فَزعا وَرَوعا |
شَغلت باسوا البلبال بالى |
بِمَن جَعَل العُيونَ أَجل مَأوى |
لِحِفظِكَ أَيُّها الباهي الجَمال |
حَياتي بَعد بعدك لا أَراها |
سِوى سَكرات نَزعات ثِقال |
وَكَيفَ أَعد لي روحا ترجى |
وَشَمس الروح مالَت لِلزَّوال |
غَدَوت بِفُرقَة الفُرقانِ صَبا |
أَسايل في التِلاوَةِ كل تال |
وَلَولا أَن حفظ النصف مِنه |
شَفى قَلبي لَذُبت مِن اِشتِعالي |
لَعُمري لِلحَديثِ حَياة روحي |
وَراحَة مُهجَتي وَنَفيس مالي |
وَكَم في الفِقه مِن دُرَر تحلت |
بِها فِكري وَمن درر غَوالي |
أَمس الكتب من شغفي عَلَيها |
وَاِبلى حَسرَة من سوء حالي |
وَأَندُب مُهجَتي حَيا لِأَنّي |
حُرِمت بَدائِع السِحر الحَلال |
تمس المُصحَف الاِسمي يَميني |
وَقَد وَضَعتُ عَلى قَلبي شَمالي |
وَأَنشِدُهُ لآيك طال شَوقي |
وَمالي غَيرُها عَز وَمالي |
كَلامَكَ في الحَياةِ وَبَعد مَوتي |
وَفي يَوم التَغابُن وَالجِدال |
غِذائي راحَتي نوري أَنيس |
دَليلي بِهجتي أَملي كَمالي |
فُراقُكَ صدني عَن كُل قَصد |
وَقَد مَرَّ المَذاق لِكل حالي |
فَكَيفَ أَرومُ بَعدَ اليَومَ ربحا |
وَأَيّامي ذَهَبنَ بِرَأس مالي |
وَلكِنّي أَرى في الصَبرِ طبي |
وَمُكحلة الجَلا حُسن اِمتِثالي |
فَيا اِنسان عَين غابَ عَنها |
وَبدلني بِه طول المَلال |
عَسى أَلقاكَ مُبتَهِجا مُعافى |
وَأَصبِح مُنشَدا أَملى صَفا لي |
لِتَهنَأ مُقلَتي بسنا حَبيب |
بَديع الحُسن مَحمود الوِصال |
وَاِنظُم أَحرفي كَالدر عَقدا |
بِهِ جيد الصَحائِفِ عاد حالي |
فَربي قادِرٍ برّ رَحيم |
يُجيب بِفَضلِهِ السامي سُؤالي |