مَرارة الصَبر خَصَت بِالحَلاوات |
وَجَدت في مرها حُلو السَلامات |
صِيانَتي في كُهوف الصَبرِ أَمنَع لي |
مِن حِصن كسرى وَمِن أَعماق اغمات |
كَما باتَ دَهري يُريني نَهج ترببتي |
فَيَنثَني بِقَبولي وَاِمتِثالاتي |
وَما اِحتِجابي عَن عَيب أَتَيتُ بِهِ |
وَاِنَّما الصون من شَأنى وَغاياتي |
وَكُلَّما شَب دَهري في مُعانَدَتي |
لَم يَلقَ مِني لَه اِلّا اِطاعاتي |
كَم قابَلَتني لَيال ريحُها سعر |
بَطيئَة السَير تَرمي بِالشَرارات |
لاقيتُها بِجَميل الصَبرِ مِن جَلدي |
وَبت أَسفى الثَرى مِن غَيث عبراتي |
كَم أَقعَدَتني أَيّامُ بصدمتها |
وَقُمت بِالعَزمِ مَشهور العنايات |
وَكَم حَليفَة سعد اِذ تَعنفني |
تَقولُ سَعيك مَذموم النِهايات |
فَأَخفِض الطرف من حُزن أكابِده |
وَاِهمِل الدَمع من تِلكَ المَقالات |
وَكَم لَصقت بِأَرض الظُلم ناصِيَتي |
فَقُمتُ من سجدَتي أَتلو تَحِيّاتي |
وَكَم شَكَرت بِفَضل العَدلِ عاذلتي |
اِن أَحسَنتَ أَو اِطالَت في اِسآتي |
وَما مَنَحت بِيَوم قَد اِتى غلطا |
بِالانسِ اِلّا وَقامَت فيهِ غاراتي |
وَمُذ أَتَت عذلي تَبغي مُصادَرَتي |
ظُلماً مَنحتهمو أَسنى الكَرامات |
وَكُلَّما عددوا ذَنبا رَميت بِهِ |
بَسَطت لِلعَفو راحات اِعتِرافاتي |
وَكُلَّما حَرَّروا مَنشور مظلَمتي |
وَاِثبَتوا في الوَرى ظُلما جِناياتي |
اِظهَرت شُكرى لَهُم بِالرَغمِ عَن اِسفى |
وَكانَ ما كانَ مِن فَرط التِهاباتي |
وَلَم أَفه لِذَوى رد لِمَعرِفَتي |
اِنَّ الحَبيب حَبيب في المَسَرّات |
أَقوم وَالضيم تَطويني تَوائِبه |
طَيّ السجل وَلَم اِسمَعُه أَناتي |
أَخفى الأَسى اِن حَسود جاءَ يَسأَلني |
لِأَين تَسعى وَأَومى لاِبنِها جاتي |
اِن ضَل سَعي فَهادى الصَبر يُرشِدُني |
اِلى طَريقِ رَشادي وَاِستِقاماتي |
وَلَم ازَل اِشتَكي بثى وَمَظلَمَتي |
لِعالم الجَهر مِني وَالخفيات |
علت ولاة الصفا اِشهى نَجائِبها |
لتقنص الفوز مِن وادي المودات |
وَبت بِاليَأسِ في بَطحاء متربتي |
وَكان شغلي لضيمي دق راحاتي |
أَقول لِلصَّبرِ لا عتب عَلى زَمَن |
أَعطى لِأَبنائِه أَسمى العطيات |
فَقال مَهلا وَلا تَغررك شَوكَتِهِم |
فَالصَحو يَعقُبه سود الغَمامات |
فَلَيسَ كُل ملوم دام مُكتَئِباً |
وَما السَعيدُ سَعيد لِلمُلاقاة |
فَدَهرِهِم غرهم جَهلا وَما عَلِموا |
اِنَّ الزَمانَ قَريب الاِلتِفاتات |
فَما تَوارَت بغاة الغَم من أَسفى |
حَتّى أَناخوا بِاِجبال النكايات |
تَذكر الدَهر عادات لَه سَلَفَت |
وَقَد نَسوها بِحانات الخَلاعات |
وَرد دَهرى سِهام الحِقد صائِبَة |
اليَهمو فَغَدوا في شَرَّ حالات |
فَما اِستَطابوا أَمانيهِم وَلا قَنَصوا |
حَتّى اِستَوينا بِكَهف الاِعتِكافات |
قالَ الدهاة سِهام الدَهر قَد وَقَعَت |
مِن ذلِكَ الجمع في كَشح وَلبات |
فَقُلت أَنعم بِهِ مِن حاذِق فَطن |
وَاِنه لَحقيق بِالعدالات |
ظَنّوا الزَمانَ اِباح السَعد طالعهم |
وَاِنَّهُ اِختَصَّ تحمى بِالنحوسات |
وَالصَبر أَشهَدَني ما كنت اِغبطهم |
عَلَيهِ عاد اِعتِبارا في العبارات |
فَلا يَهولنك حرمان بليت بِهِ |
وَلا يغرنك اِقبال غَدا آتي |
كِلاهُما وَالَّذي اِنشاكَ من علق |
يَفنى وَبعدم في بَعض اللَميحات |
اِينَ المُلوكِ الاولى كانَت اِوامِرُهُم |
مَحدودَة كَسُيوفِ مُشرفيات |
تَمحى وَتثبت ما رامَت وَما رَفَضَت |
بَينَ الاِنامِ بِاِقوالِ سميات |
قَد اِحكُم الدَهر مرماهُم فَما لَبِثوا |
حَتّى اِنطَووا في الثَرى طي السجلات |
فَكَم مَضى عَزمُهُم في عِز سَطوَتِهِم |
قَولا وَفِعلا بِتَسديد الرِياسات |
وَكَم سَرى في الوَرى مَنشور سلطتهم |
شَرقا وَغَربا بِاِنواعِ السِياسات |
يَؤوب بِالعَجزِ اِقواهُم اِذا الم |
بِهِ أَلَم وَيبدى شَر حَسرات |
يَلوذ ضَعفا بِأَذيالِ الطَبيب وَما |
يَغنى الطَبيب لَدى فَتكِ المنيات |
وَكَم لِفَقد عَزيز مَنهمو سكبت |
مَدامِعَ كُن بِالنعما مَصونات |
وَطالَما أَحرَقت حَسراتِهِم كَبدا |
تَضعضعت مِنهُ أَركان بِالنُعما مَصونات |
فَلا تَقُل لي مَتاع وَهو عارِيَة |
وَاليَأس عِندي راحات اِستِراحاتي |
وَقَد بَسَطت أَكف الذل ضارِعَة |
لِخالِق الخَلق جبار السموات |
وَبت أَدعو عَليم السر قائِلَة |
يا غافِرَ الذَنب جدلى بِاستِجابات |
يا كاشِف الضُر عَن أَيوب مرحمة |
حينَ اِستغاثَك من مس المَضَرّات |
وَصاحِب الحوت قَد أَنحببته كرما |
لِما دَعا بِاِبتِهال في الضَراعات |
أَنقذته يا اله العَرش مِن ظُلم |
لِظُلمَة النَفس لاقته بِاِعنات |
وَاِبيضت العَين من يَعقوب وَاِنسَكَبَت |
حُزنا عَلى سُيوف في فَيض عِبرات |
وَمُذ شَكا البث لِلرحمن عادَ لَهُ |
نور العُيونِ قَرينا بِالمَسَرّات |
وَيوسف السَيد الصَديق حينَ دَعا |
في ظُلمَة السِجن من بَعد الغِيابات |
أَوليته الحُكم وَالمُلك العَظيم كَما |
آتَيتُهُ العِلم مِن اِسنى العِنايات |
وَمُذ عَلِمت بِاِخلاص الخَليل غَدا |
وَالنار من حَولِهِ في رَوض جنات |
عادَت سَلاما وَبَردا بَعد ما اِشتَعَلَت |
وَلَم يَفه من يَقين بِالشِكايات |
وَقَد رَفَعَت يَمينَ الذُل داعِيَة |
اِلَيكَ يا رَب أَرجو غَفر زلاتي |
رَبّي اِلهي مَعبودي وَمُلتَجىء |
اِلَيكَ أَرفَعُ بثى وَاِبتِهالاتي |
قَد ضَرَّني طَعن حسادي وَأَنتَ تَرى |
ظُلمي وَعِلمُكَ يَغنى عَن سُؤالاتي |
فَاِمنُن عَلى بِالاف لِتُخرِجُني |
مِنَ الضَلالِ اِلى سبل الهِدايات |
أَنت الخَبير بِحالي وَالبَصيرُ بِهِ |
فَاِفتَج لِهذا الدعا بابَ الاِجابات |
فَكَيفَ أَشكو لِمَخلوق وَقَد لَجَأت |
لَكَ الخَلائِق في يسر وَشدات |
فَيا لَها من جراح كُلَّما اِتسعت |
أَعيت طبيب رُغما عَن مُداواتي |
أَنتَ الشَهيد عَلى قَول أَفوه بِهِ |
ما دُمت عائِشة فَالحَمدُ غاياتي |