ما حاجتي لقصيدةٍ تغتالني |
فالمدحُ في صِفَةِ الملوكِ وَباءُ |
إثماً يكونُ إذا كذبتَ بِمَدْحِهِمْ |
وإذا صدقتَ فــــإنهُ لَرِيــــاءُ |
وإذا هَجَوتَ يطبرُ رأسكَ هارِباً |
وتُحيطكَ الأطرافُ والأشلاءُ |
وإذا صَمَتَّ تكنْ لنفسكَ منقِذاً |
وإذا نصحتَ يَلــومُكَ الوُزَراءُ |
فاحفظْ لسانكَ إنْ أردتَ نجاةً |
واكتبْ قصيدَ العشقِ كيفَ تشاءُ |
لَكِّنَ ضيفي في القصيدةِ سَيِّدٌ |
ما أنجَبَتْ في الكونِ منهُ نِساءُ |
مَلَكَ القلوبَ بغيرِ مٌلكٍ زائفٍ |
ولِمُلْكِهِ قَدْ أذْعَنَ الأمراءُ |
في العِشْقِ أكتبُ لا لسيدةٍ هُنا |
هو ياسرٌ مَنْ خَلَّدَتْهُ سماءُ |
من عَيْلَبونَ أتى لنا مُتَخَفِّياً |
ما أسْقَطَتْهُ بنورها الأضواءُ |
عَشِقَ التُرابَ أتى إليهِ مُقَبِّلاً |
فاستَنْشَقَتْهُ القدسُ والإسراءُ |
حَمَل القضيةَ في ضلوعِ مُناضِلٍ |
ما قَلَّبَتْهُ النَّفْسُ والأهواءُ |
حَمَلَ السِّلاحَ مع الرِّفاقَ بِخَنْدَقٍ |
ورفاقهُ في جَنَّةٍ شُهداءُ |
صَنَعَ السَّلامَ وقالَ إنّي كارهٌ |
لا بأسَ قَدْ ضَحّى بِكَ الجُبناءُ |
لكنْ سِلاحكَ ما تَرَكْتَ ليعلموا |
أنَّ الرصاصةَ للحروبِ نداءُ |
عَلِمَ الذين على سقوطِكَ راهنوا |
إنَّ الكَرامةَ من لَدُنْكَ رِداءُ |
قد حاصروكَ وحاصروا بكَ مَوْطناً |
وتَكالبَ الأخوانُ والأعداءُ |
قالوا تُوَقِّعُ أو تموتَ ، أَجَبْتَهُمْ |
لا ضيرَ أن يغتالني العُملاءُ |
فَلْتَقتلوني دون أرضي خيرُ أنْ |
يغتالني في موطني الشُرَفاءُ |
الموتُ أسمى ما طَلَبْتَ شهادةً |
فأتتكَ سُمّاً جاءَ فيه الداءُ |
لو كان يدري من أصابَ بدائِهِ |
لَتَكَسَّرَتْ في صُنْعِهِ الأجزاءُ |
وأبيتَ إلا أن تكونَ شهيدها |
والقدسُ مِنْ بُعْدِ اللٌقا تَسْتاءُ |
ضَمَّتْكَ أرضُ ما نَبَضْتَ لغيرها |
وبكى عليكَ الأهلُ والأبناءُ |
فَكَتَبتُ أرثي ياسراً بقصيدتي |
فإذا بحالي قد رثاهُ رِثاءُ |
ما مات ياسرُ فالقضيةُ ياسرٌ |
منْ ماتَ نحنُ فإننا الفُقَراءُ |
كُنا بِعِزٍّ فاستحالَ تقاسُماً |
وأصابنا في بيتنا الغُرَباءُ |
فمتى تَعُدْ تلقى جنودكَ سيدي |
للبندقيةِ كُلٌنا إصغـــــاءُ |
نَمْ سيدي لتقرَّ عينكَ هانِئاً |
لكَ في الجِنانِ أرائكٌ وهناءُ |
ولك السلامُ .. على شهيدٍ طاهرٍ |
وعلى فلسطينَ السلامَ دُعاءُ |