تذكرت بالزوراء عهداً نقد ما |
فسالت دموعي عند ذكراه عندما |
وكم لي على الزوراء حسرةً مغرمٍ |
وهل حسرةً تغني على البعد مغرما |
خليلي عوجاً بالركاب على حمىً |
نأى لا نأي حيا الحيا ذلك الحمى |
قفا علنا نوفي ولو بعض حقه |
وننشد أطلالاً تعفت وأرسما |
قفا بي ولو لوث الأزار لعلما |
يروي ثراها بالدموع لعلما |
وكم لي بها نيك المعاهد وقفةً |
حبست بها ركبي عشيا مسلما |
أبث بها وجدي وتعرب عن جوىً |
دموعي فيغدو والرسم بالنقط معجما |
أناشدها عن قاطنيها ولا أرى |
لدي سوى رجع الصدى متكلما |
لعل زماناً بالرصافة غائد |
وهل نافع قولي لعل وليتما |
سقاها الحيا ما كان أطيبها له |
وما كان أحلى العيش منها وأنعما |
وهب على أرجائها نفس الصبا |
يضوع أريج المسك من حيث نسما |
فيا طالما دهري به كان مشرقاً |
وإن هو أمسى بعدها اليوم مظلما |
ويا طالما نلت المنى والهنا بها |
وبت على رغم الحسود منعما |
ليالي بتنا لا نراقب عندها |
رقيباً ولا نخشى وشاة ولوما |
يدير علينا الراح ساق تخاله |
إذا لاح والأقداح بدراً وأنجما |
فما زال يسقينا قطوراً مدامةً |
معتقةً صرفاً وطوراً من اللمى |
أغر أعار الشمس والبدر طلعةً |
وأعطى المهى والبرق لحظاً ومبسما |
رقيق الحواشي يكلم اللحظ خده |
ويؤلمه مر الصبا إن تنسما |
قسي حنان عن قسي حواجب |
يفوق من ألحاظ عينيه أسهما |
رشا علم الغصن التثني قوامه |
وهاروت فن السحر منه تعلما |
إذا ما شدا أنساك ألحان معبد |
ومزمار داوود إذا ما ترنما |
ألا من عذيري من غرير أعارني |
سقاماً بلى والحب إن صح أسقما |
تجنى فأصمى من فؤادي صميمه |
غزال على قتلي ألح مصمما |
يرى في الهوى قتلي لديه محللا |
ووصلي ليهن الشامتين محرما |
فمن لي بأجفان على السهد عودت |
وحاربها طيف الكرى إن تهوما |
ويا لفؤاد غادرته يد الهوى |
للحظ عيون الغيد نهبا مقسما |
لأن صد عني من أحب فطالما |
علي بوصل جاد دهراً وأنعما |
وإن غاب عن عيني فليس بغائب |
وإني وفي قلبي أقام مخيما |
وقائلة خفض عليك فللهوى |
شؤون وإن أصبحت صبا متيما |
لعمرك لا تجزع وإن خانك الأسى |
فيا ربما ضاق الفضاء وربما |
ويا رب أمر ساء ليلاً فما أتجلى |
له الصبح حتى لاح بالبشر معلما |
فقلت وقلبي بالجوى سال أدمعاً |
فصير صحن الخد أحمر بالدما |
إليك عن الصب المعنى فصبره |
تولى وفي أحشائه الشوق خيما |
ذريني ووجدي ليس يغني تجلداً |
فؤاد شج فيه الأسى قد تضرما |
وهل يستطيع الصبر مضني متيم |
أخو مقلةٍ عبرى جرى دمعه دما |
جهلت الهوى يا مي لو تعلمينه |
عذرت أخا البلوى ولمت الملوما |
ولو ذقت منه بعض ما ذقته لما |
عذلت وأيقنت الملامة مأثما |
ألم تعلمي أني وإن جئت آخراً |
إذا عد أهل الحب كنت المقدما |
أما والهوى العذري حلفة صادق |
يبر إذا آلا يميناً وأقسما |
لئن خانني في الحب من لا أخونه |
فردي له هيهات أن يتصرما |
أيسأم مثلي وهو للود حافظ |
كفى المرء ذلاً أن يود ويسأما |
لحى اللَه دهراً لو أصابت يلملما |
حوادثه يوماً لهدت يلملما |
أيحسبني أرضى بعيش مذمم |
وما الموت إلا أن أعيش مذمما |
ولي نفس حر لو رأت أن ريها |
يشاب بضيم لاستمرت على الظما |
ألا عدمتني الحرب إن لم أقد لها |
سلاهبة من كل أجرد أدهما |
ولا حملتني الخيل إن لم أخض بها |
غمار المنايا وهي فاغرةً فما |
بأبيض لو ينضى ويومض بارق |
من الجو لا يدري من البرق منهما |
وأسمر عسال به السم ناقع |
يخيل إذ يلوي بكفي أرقما |
وإن لم تغص البيذ مني بفيلق |
فلا حملت كنفي لدى الروع مخذما |
لي اللَه كم لي وقفةً بعد وقفة |
مع الدهر ردت ساعد الدهر أجذما |
على أنها الأيام لا در درها |
إذا منحتك الشهد ذاقته علقما |
وحسبك ما لاقيت منها وإن ترد |
فريداً فسل عنها جديساً وجرهما |