تَبارَكتَ يا مَولى المُلوكِ الأَعاظِم |
وَعَزَيتُ يا مُبدي الجَميلِ وَراحِمي |
لَكَ الحَمدُ إِذ أَولَيتَنا مِنكَ أَنعُماً |
يَضيقُ لَها ذَرعاً يُراعُ لِراقِم |
وَأَتحَفتَنا بِالدينِ دينُ مُحَمَّد |
عَلَيهِ صَلاةُ مَعَ سَلام مُلازِم |
فَأَضحَت بِالدينِ دينُ مُحَمَّد |
وَتَزهو كَما يَزهو الرُبى بِالسَواجِم |
فَأَعظم بِها مِن نِعمَة حَق شكرها |
عَلَينا وَشُكر اللّه آكد لازم |
جَزى اللّه رَبِّ العَرشِ بِالصَفحِ وَالرِضى |
وَبِالخَيرَ مِن قَد كانَ أَصدَق قائِم |
بِنُصرَةِ دينِ المُصطَفى وَظَهيرِهِ |
هُوَ الحِبرُ ذو الافضالِ حاوي المَكارِمِ |
هو الوَرع الاوّاه شَيخي مُحَمَّد |
هُوَ القانِت السجاد في جنح فاحم |
لَقَد قامَ يَدعو لِلمُهَيمِن وَحدَهُ |
فَريداً طَريداً مالَهُ مِن مُسالِم |
وَجاهد لِلرَّحمن حَق جِهادِهِ |
وَفي اللّهِ لَم تَأخُذُهُ لَومَةُ لائِم |
هِمامُ بَدا وَالنّاسُ إِلا أَقَّلِهِم |
عَلى مَحضِ شِركٍ في العِبادِ لاجِم |
يَعدون لِلضَّراءِ قَبة ميت |
كَما طَلَبوا مِنها نَتاجِ العَقائِم |
فَهُم بَينَ مَوم بِالرُكوعِ لِسَيد |
وَآخَر يَعنو وَجهَهُ لِلبَهائِم |
وَمِن بَينِ داع هاتِف بِاِسم شَيخِهِ |
يَرومُ بِهِ نَفعاً وَدَفعُ العَظائِم |
يَقرُبُ لِلمَقبورِ قُربانَ رَبِّنا |
وَيَجهَدُ في تَسليمِ نَذرِ الكَرائِم |
وَيَدفَعُ عَينُ الحاسِدينَ بِأَعظَمِ |
وَيَرجو لَدى الحِمى عُقود التَمائِم |
وَقَد طَمَسَت أَعلامُ سنة أَحمَد |
وَقَد زادَ سُلطانَ الهَوى وَالمَآثِم |
وَقَد طَم أَكنافِ الدِيارِ وَعَمِّها |
فَسوق وَعِصيانِ وَهَتكِ المَحارِمِ |
عُقوق وَشُرب وَاللِواطِ مَع الزِنى |
وَزورُ وَقَذف المُحصِناتِ النَواعِم |
وَلَم تَلقَ عَن بادي المَناكِرِ ناهِياً |
وَلا آمِراً بِالعُرفِ بَينَ العَوالِمِ |
فَجَرِّد عَضبَ العُزمِ إِذا وَضَحَ الهُدى |
بِآياتِ حَق لِلضَّلالِ صَوارِم |
وَقَدَّ بِها هامَ الغَوايَة فَاِنمَحَت |
قَواعِدَ زيغ مُحكِمات الدَعائِم |
سَقى اللّه قَبراً ضَم أَعظَمَهُ الَّذي |
حَوى شَرَفاً مِن هامِياتِ الغَمائِم |
هُتونا بِرِضوان وَعَفو وَرَحمَة |
وَأَسكَنَهُ في الفِردَوسِ يا خَيرَ راحِم |
وَوالَ الرِضى عَبدَ العَزيزِ الَّذي احتَمَت |
بِهِ بيضَة الاسلام عَن كُل ظالِم |
إِمامُ كَسا ظَهر البَسيطَة عَدلِه |
مَطارِف أَمن شامِلات المَعالِم |
فَلَو ضاعَ حِلس في الفَلا مِن مُسالِم |
أَتاهُ بِهِ مَن غابَ ضاري الضَراغِم |
فَيَرحَل مِن أَقصى تُهامَة راكِب |
إِلى الخَط لا يَخشى مَكائِد غاشِم |
عَزيزُ جِوارِ لَم يَنَل جارِه الرَدى |
وَفي العَهدِ تَلقى خَير واف مُلازِم |
حَليف اِلتَقى وَالعِلمُ وَالفَضل وَالنَدا |
وَيَأبى المَعالي بِالقَنا وَالصَوارِم |
تَساوى لَدَيهِ ذو الغِنى وَاِبنِ فاقَة |
لَدى الحَق أَو حالَ المَليكِ وَخادِم |
غِناءِ اِتى لِلمعتَفين وَكافِلاً |
لِذي اليَتيمِ أَو لِلمُرَمَّلاتِ وَآيِم |
يغار عَلى الإِسلامِ عَن أَن يُصيبُهُ |
طَوارِقُ شَر فَهوَ أَمنَعَ عاصِم |
لَياليهِ بِالبَرِّ العَميمِ بِواسِم |
وَأَيّامِهِ بِالخَيرِ خَيرُ مَواسِم |
فَفازَت رَعاياهُ بِكُلِّ مَسَرَّة |
وَعَيشُ رَغيد مَترَع بِالمَغانِم |
يُحِبُّ أَخا التَقوى وَيَرفَعُ قَدرَهُ |
وَيَبغَضُ ذا الفَحشاءَ رَبُّ الجَرائِم |
إِذا رَمَت أَن تَحظى لَدَيهِ بِرِفعَة |
تَقرَبُ إِلَيهِ بِالتُقى وَالمَكارِم |
لَقَد عَمَرَ الدُنيا وَآثَرَ غَيرَها |
فَفازَ بِكِلتا الضرتَينِ البَواسِم |
حَريص عَلى إِعلاءِ أَمر الهَنا |
بِإِظهارِ دين الأَبطَحي اِبنُ هاشِم |
فَأَسرَجَ لِلأَعداءِ كُل طَمرَة |
مِنَ الضَمّر القَب العراب العَدائِم |
وَرب جُيوش كَالسُيولِ يَقودُها |
لَها لَجب كَالرَعدِ اِثرُ الغَمائِم |
فَأَلبَسَ أَهلَ الشِركِ أَثوابُ ذِلَّة |
بِأَسرِ وَقَتل وَاِكتِسابِ الغَنائِم |
إِلى أَن أَبادَ اللّهَ كُل مُعانِد |
وَمَزَّقَ شَملَ الباطِلِ المُتَراكِم |
وَقَد عايَنَ الكُفّارِ نَصرَ الهَنا |
وَفَتحا بِهِ قَد جاءَنا خَيرُ عالِم |
وَرَد جُموعُ المُشرِكينَ بِغَيظِهِم |
وَما قَط نالوا غَيرَ شَر الهَزائِم |
فَآبوا لِدينِ اللّهِ مِن بَعدِ ما أَبوا |
وَدانوا مِن بَعدِ كُفرٍ مَفاقِم |
وَأَعلَنَ بِالتَوحيدِ كُل مُوَحِّد |
وَطَأطا لَهُ رَأسَ الكَفورِ المراغِم |
بِعَونِ إلهِ العَرشِ جَلَّ ثَناؤُه |
وَتَأييدِه تاجَ المُلوكِ القَماقِم |
سعود أَدامَ اللّه أَيّامَ سَعدِهِ |
وَكانَ لَهُ الإِقبالُ خَيرَ مُلازِم |
إِمامَ الهُدى بَحرُ النَدى مَن سَقى العدا |
كُؤوسَ الرَدى حَتّى اِهتَدى كُل راغِم |
أَخو هِمة يستصغر الخَطبُ عِندَها |
وَتَعلو عَلى هامِ السُهى وَالنَعائِم |
إِذا نَزَلَ الأَمرُ الفَظيعُ رَأَيتَهُ |
نُهوضاً بِأَعباهُ بهمة حازِم |
لَقَد عَلِمَ الاعداءُ شِدَّةَ بَأسِهِ |
وَكَيفَ أَذيقوا مِنهُ طَعمَ العَلاقِم |
فَكَم غادَرَ الأَقرانَ في كُلِّ مُنهَل |
مَعاشَ وُحوشَ أَو خماص الحَوائِم |
وَقَد قَذَفَ الرَحمنُ مِنهُ مَهابَة |
بِكُلِّ فُؤاد مِن عَدو مُخاصِم |
يَبيتُ المَعادي مِنهُ يَحرُسُ نَفسَهُ |
وَلَو لَم يَكُن في قُربِهِ مِن مُراوِم |
لَهُ عَزماتُ تَتَّقي الأُسدَ بَأسَها |
بِها اللّهُ عَنا زاحَ هَولُ العَظائِم |
وَذو خَلقٍ يُستَعبَدُ الحر حَسنَهُ |
لَطافَتَهُ فاقَت لَطيفَ النَسائِم |
إِمامَ حَوى مَجداً وَعَزَّ مناقِب |
فَلَيسَ لَهُ في فَضلِهِ مِن مُزاحِم |
إِذا رَمَت عَلَماً فَهوَ في العِلمِ لجة |
تَدَفَّقَ بِالدُرِّ النَفيسِ لَناظِم |
وَاِن رَمَت جوداً فَهوَ كَالغَيثِ لِلوَرى |
إِذا أَخلَفتَ أَيدي السَحابِ الرَواكم |
وَرَأي سَديد يُستَضاءُ بِنورِهِ |
إِذا عَمَّ أَمرُ المُعضِلاتِ الكَوالِم |
وَحِلم رَزينِ لا يُجارى بِبَعضِهِ |
أَلَيسَ مُحاكي الراسِياتِ بِواهِم |
صُفوحُ عَنِ الزِلاتِ مَع فَرطِ قدرة |
وَخَذ صدق ما قَد قلتَ عَن خَيرِ عالِم |
أَلَستَ تَرى ما كانَ مِن سوءِ فِعلِنا |
مِن الصَدِّ وَالأَغراضِ عَن خَيرِ حاكِم |
وَتَفصيلِ أَمرٍ قَد جَنَيناهُ واضِح |
شَهيرُ فَأَغنى عَن إِعادَة ناظِم |
فَأَرسَلَ جَيشاً سابِقِ الرُعبِ أَهلَهُ |
وَقَدامَه الفَتحُ المُبينِ لِشائِم |
وَقادَتهُ مِن كُلِّ أَروَعِ باسِل |
سَري كَريمِ الأَصلِ ماضي العَزائِم |
فَمُذ نَزَلوا حُلوانَ وَالسَعد أَمهم |
أَقاموا حُدودَ اللّهِ مِن كُلِّ ثالِم |
وَقَد حَكَموا في الناسِ شَرعَ نَبِيِّهِم |
وَقَد طَهَروا البُلدانَ مِن كُلِّ آثِم |
وَاِلقى اِلَيهِم أَمرَهُ اِبنُ خَليفَة |
وَعض لِاِمرِ غره كَف نادِم |
فَأَولاهُ غُفراناً وَصَفحاً إِمامَنا |
وَناصحهُ في أَخذِهِ لِلكَرائِم |
وَعَم عَلى كُلِّ الرَعِيَّةِ أَمنَهُ |
وَعامَلَهُم بِالرُفقِ في كُلِّ لازِم |
فَيا مَلِكاً دانَت لِدَولَتِهِ الوَرى |
وَقَيَّدَت لَهُ غلبَ الأُسودِ الضَراغِم |
وَطاعَ لَهُ عُربَ القَبائِلِ كُلَّها |
وَإِنّا لَنَرجوا اللّهَ طوعَ الأَعاجِم |
هَنيئاً لَكَ المُلكَ الَّذي أَنتَ أَهلِهِ |
وَمانِعَهُ مِن سوءِ باغ وَظالِم |
أَعَزَّ بِكَ اللّهُ الحَنيفي دينَهُ |
فَأَنتَ لَشَملُ الدينِ أَحسَنُ ناظِم |
فَشُكراً لِمَولى قَد حَباكَ بِفَضلِهِ |
وَخَولكَ الحُسنى بِرُغمِ الخَياشِم |
فَأَوَّلُ رَعاياكَ الضِعافُ رِعايَة |
وَكُن مانِعاً عَنهُم مَريدَ المَظالِم |
وَكَفَّ أَكُفَّ الظالِمينَ وَكُن بِنا |
رَفيقاً تَنَل أَجراً بِيَومِ التَخاصُم |
وَهاكَ إِمامُ المُسلِمينَ خَريدَة |
أَتَت مِن مُحِبِّ لِلإِخاءِ مُلازِم |
قَوافِ بَديعاتِ المَعاني يَزينُها |
أَنيقُ بَيانٍ كَالرِياضِ البَواسِم |
عَلى صَفَحاتِ الدَهرِ يَبقى ثَناؤُها |
عَلَيكَ وَأَنتَ الكُفءُ يا اِبنَ الأَكارِم |
دَعاني إِلى ما قُلتُ فيكَ مَوَدَّة |
وَصِدقُ وَلاءٍ جاءَ مِن فِرعِ هاشِم |
وَما أَمَلي إِلّا قَبول فَريدَتي |
وَإِتحافُها بِالسَمعِ عَن قَصدِ رائِم |
فَلَستُ أَخا شِعرٍ أُريدُ تَكَسُّباً |
بِشِعري فَأَحوي فيهِ نَقدُ الدَراهِم |
فَلا زِلتُ يا عَينَ الزَمانِ موفِقا |
لِأَمرك مُنقادُ جَميعِ العَوالِم |
وَعِشتُ طَويلاً في سُرورٍ وَنِعمَةٍ |
وَعِزٍّ وَإِقبالٍ وَنَصرٍ مُداوِم |
وَدُمتُ سَعيداً ما هما وَدق مزنة |
وَاِياكَ وَفقنا لِحُسنِ الخَواتِمِ |