أَبى القَلبَ سَلوانَ الأَحِبَّة سَرمَدا |
وَكُلُّ وِداد صَح طَبعاً تَأَبدا |
وَلا خَيرَ في وَدِّ إِذا لَم يَدُم عَلى |
جَفاءٍ وَاِبعادِ فَوَصلُ أَوِ الرَدى |
لي اللّه ما أَشقى فُؤادي في الهَوى |
أَذوبُ بِمَن أَهواهُ صافي أَو اِعتَدى |
أَعُد مِنَ اللَومِ الصَراحِ إِذ النَوى |
أَتاحَ لي السَلوانَ هَيهاتَ اِن بَدا |
وَلَستُ أَثني مَن هَوَيتُ لِأَنَّني |
عَرَفتُ لَدى أَهلِ الغَرامِ مَوحِدا |
ظَمَئتُ وَمالي في الهَوى مِن مُسالِمِ |
وَلَم أَرضَ غَيرَ الحُبِّ في الدَهرِ مَورِدا |
إِذا لاحَ ضوءُ الصُبحِ في فَرقِ عاشِق |
رَضيع هَوى أَنّى يُطاعُ المُفَنَّدا |
خَلَعتُ عَذاري وَاِرتَدَيتُ خِلاعَتي |
فَرِحتُ خَليعاً بِالغَرامِ قَدِ اِرتَدى |
هَلِ العَيش إِلّا أَن تَرى مونِق الهَوى |
أَقامَ بِكَ الشَوقُ المُلِحِّ وَأَقعَدا |
فَرَدَّ منهل الحُبِّ الشَهِيِّ تَصب بِهِ |
بَقِيَّةَ عُمر ضاعَ في غَيرِهِ سُدى |
رَعى وَسَقى الرَحمنَ أَكنافَ يَثرِبٍ |
مُلثاً مِنَ الوَسمي ذي النَفعِ مُزَبَّدا |
مَعاهِدَ سَماري وَمَسرَح عِترَتي |
وَمَطلَعُ أَقماري لِتِلكَ كن الفِدا |
أَحِنُّ إِلى تِلكَ الرُبى ما هَمى الحَيا |
حَنين وَدود مطفل ذات أَوحدا |
فَفي سَفحِ سَلع جيرَة ذِكرُهُم جَلا |
لِقَلب كَئيب قَد أَضَرَّ بِهِ الصَدى |
هُمِ القَومُ خُذ مِن حُبِّهِم لَكَ جنة |
وَإِن تَتَّبِع آثارَهُم فُزتَ بِالهُدى |
كَلفت بِهِم وَالعُمرُ في رَيِّقِ الصِبا |
فَصِرتُ بِهِم في العاشِقينَ مُحَمَّدا |
إِذا كُنتَ تَهوى أَن تَنالَ سَعادَة |
فَوالَ سَعيداً وَاِتبَعهُ لِتَسعَدا |
وَلوعي بِهِم لا يَنقَضي وَتَعَطُّشي |
إِلى وَردِ مَغناهُم تَعدى بي المَدى |
كَفى شَرَفاً عِشقي بَديعِ جَمالِهِم |
وَيا فَوزُ نَفسي أَن رَأَوا لي تَوَدُّدا |
نَأَت دارَهُم عَنّي بِفَجّ مَهامهٍ |
مَتى جبت مِنها فَدَفداً جِئت فَدَفدا |
يَظَلُّ بِها الخَريتُ يَعولُ حَسرَة |
وَجالَت عَلى حاوي مِنا هجها العِدا |
وَلَو ساعَدَ الجَدُّ العُثورُ بِمِنيَتي |
لِما كُنتَ عَن لُقيا الأَحِبَّة مُقعَدا |
فَحَقَّ لِعَيني أَن تَجود بَهائِها |
وَحَقَّ لِجَفني أَن يَبيتَ مَسهَدا |
أَعاني هِياماً كامِناً وَصَبابَة |
وَأَحمِلُ شَوقاً في الفُؤادِ تَوَقُّدا |
وَتَمنَعُ أَفكاري وُرودَ مَطالِبي |
سِوى مَدحِ حُرٍّ بِالسَماحِ تَفَردا |
هُوَ السَيد الراقي عَلى رتبِ العُلا |
هُوَ الماجِدِ المُفضالِ قَطب رحى النَدى |
كَريم السَجايا ذو صِفات حَميدَة |
فَقَرّط بِها سَمعاً إِذا رحت منشدا |
بِهِ نَسَخت آيات كُل معارِض |
لِمُحكَم ما يُلقيهِ قَولاً مُسَدِّدا |
يُعَنعِن أَخبارَ الفَضائِلِ عَن أَب |
فَجِد فَجِد يَرفَع المَجد مُسنِدا |
وَمُنيَتِهِ تَنويرُ أَبصارِ طالِبي ال |
هِدايَة لِلعلم الشَريفِ تَعبدا |
فَطافَ بِهِ مِن كُلِّ فَج رَواتِه |
فَأَورَثَهُم علماً فَرائِد شَردا |
وَاِعرَب عَن تَمييزِهِ رَفع قَدرِه |
عَلى عالَمِ في العِلم وَالأَمرِ مُبتَدا |
غَرائِر ما يُملي بِغَيرِ تَنافُر |
حَقيقَة اِعجازِ بِها الضد غَردا |
أَغَر وَسيمِ مُشرِق نورَ وَجهِهِ |
لَهَ خَلق كَالرَوضِ كَلِلَّهِ النَدى |
وَقورُ وَخُذ ما شِئتَ مِن لينِ جانِب |
بَشاشَتِهِ عِندَ القُرى تَسبِقُ الجدا |
يَفي بِعُهودِ الوُدِّ مُذ كانَ خَلقَة |
وَيَأنَفُ مِن خَفرِ الإِخاءِ تَعَمُّدا |
بِهِ عرف الانصافِ بَينَ ذَوي الصَفا |
فَآخى وَما أَكدى وَعاشَرَ فَاِهتَدى |
تَعودُ تِذكارُ المُحِبّينَ إِذ رَأى |
لِكُلِّ اِمرىءٍ مِن دَهرِهِ ما تَعَوَّدا |
وَأَنضى هَواهُ سارِياً حَيثُما اِصطَفى |
فَلَمّا دَنا مِنّا تَبَوَّأَ مرقَدا |
وَمالَ بِهِ داعي الكَرى عَن تَذَكُّري |
فَأَصبَحَت في ذاكَ الدُنُوِّ مُبعَدا |
فَيا ذا التَسامي يا أَمينُ إِخائِهِ |
وَمَن لاحَ في أُفقِ المُروءَةِ فَرقَدا |
وَمِن هَمِّهِ أَكرومَةِ يَستَزيدُها |
وَمَن طابَ فِرعاً مِثلَ ما طابَ مُحتَدا |
إِلَيكَ رَداحاً غادَة هاشِمِيَّة |
نِمتَها سراة مِن لُؤي فَأَحمدا |
مُحجِبَة غَراء بادٍ سَناؤُها |
تَعيرُ الظِباءَ العَينَ جيداً مُقَلَّدا |
هِيَ الدُرُّ أَنى جَوهَرِيُّ صَحاحِه |
فَإِن شِئتَ نَثراً فَاِلتَقَطَ أَو منضدا |
إِذا أَنشَدَت في مَحفَلَ باتَ أَهلِهِ |
نَشاوى وَفي تِكرارِها الشَيخُ عَربَدا |
لَعَلَّ بِها تَلفى لِصَبِّكَ شاكِراً |
وَتَوَلّيهِ بَعدَ الصَدِّ وُدّاً مُجَدَّداً |
فَقَد طالَ نَبذي بِالعَراءِ كَأَنَّني |
أَطَعت عذولي وَاِدرَعت التَجَلدا |
منايَ بِأَنَّ تكسى بِرودِ قُبولِها |
وَتُصَدِّقُها مِنكَ الجَوابَ المُنقِدا |
وَدَم في سُرورِ وَاِغتِباطٍ وَرِفعَة |
وَلا زِلتُ ياقِس الحجازَ محَمَّدا |