مَنَّت بَزَورَتِها سَعاد لي الهَنا |
فَلَقَد بَلَغتُ بِذاكَ غاياتِ المُنى |
عَفواً اِتَتني كَي تَمِنُّ وَتَجتَني |
ثَمَراتُ سَبقِ الفَضلِ دانِيَةُ الجِنا |
ما كُنتُ أَحسِبُ اِن دَهري ناظِم |
شَملي بِمَن أَهواهُ مُندَفِعُ العَنا |
حَتّى تَبَلَّجَ صَبحَه عَن دمية |
فَضَحت بِضوءِ جَبينِها بادي السنا |
سَلابَةَ أَلبابِ أَربابِ النُهى |
يَذُرُّ الحَليمِ لَها الوِقارُ تفتَنا |
حازَت مِنَ الاِحسانِ وَالحُسنِ الَّذي |
لِكَمالِهِ وَجهُ الغَزالَةِ قَد عَنا |
غَنجاءَ باهِرَةً بِحُسنِ بَيانِها |
وَلِسِحرِها هاروتَ أَصبَحَ مُذعِنا |
فَرَشَفتُ مِن مَعسولِ ذَياكَ اللُمى |
ضَرب الرِضابِ فَكانَ أَهنا مُجتَنى |
وَغَدَوتُ مَيّادَ المَعاطِفِ خِلتَني |
ثَملاً مِنَ الصَهباءِ مِن فَرطِ الهَنا |
وَدَهَشتُ عَن تَقبيلِ أَقدامِ سِعت |
نَحوي فَضيعَت المُحتَم اذ عَنا |
إِنّي أُؤدي كَنه اِجلال الَّتي |
خاضَت لِلقِياي الخضم الأَدكَنا |
لَجج تَراقص مَوجِها إِذ صَفَقَت |
أَيدي الرِياحُ لَها وَما ضَجّوا الغِنا |
قاسَت مِنَ الأَهوالِ كُلَّ عَظيمَةٍ |
عَن وَصفِها تَدَعِ المَفوهِ أَلكَنا |
عَطفاً عَلى صَب أَضرِبُهُ النَوى |
وَلِوَقعِ ما يَلقاهُ أَنهَكَهُ الضَنى |
دَنف يُعاني لِلصَّبابَةِ وَجدَهُ |
لَم يَدرِ ما قالَ العَذولُ وَديدُنا |
قَد هامَ مِن لَذعِ الغَرامِ فُؤادَهُ |
وَالحُبُّ إِن جازَ الشِغافُ تَمَكُّنا |
ما شامَ بِرُقافي الاباطِحِ لائِحاً |
إِلّا وَأَعلَقَهُ الحَنينُ وَأَشجَنا |
يَذُر المَدامِعِ كَالغَوادي وَكَفا |
وَسَميرُهُ الفِكرُ المَشتَت أَوهُنا |
شَوقاً لِأَيّامٍ عَلى الخيفِ اِنقَضَت |
وَسعاد قاطِنَة المُحصَبِ مِن مُنى |
حَيثُ الشَبيبَةِ قَد تَصَبَّب ماؤُها |
وَعَلى أُعيطا في جَرى مُستَحسِنا |
اِذ عيشُنا رَغد بِاِخوان الصَفا |
وَعَلى الصفا قَضَّيتُ قاصِيَة المُنى |
يا حَبَّذا ذاكَ الزَمانُ وَصَفوَهُ |
وَالجَمعُ في جَمعِ غَدا مُستَوطِنا |
هَل لي إِلى تِلكَ المَعاهِدِ عودَة |
أَمحو بِها زَلاتَ دَهري أَن جَنى |
وَلِيَقضِيَ المُشتاقُ كُلَّ لُبانَة |
مِمّا أَكن لَها الفُؤادَ وَأَعلَنا |
فَمَتى أَرى حَولَ الحُجونِ مَلابِسي |
حَبَراتُ أُنسٍ لِلأَحِبَّةِ تقتَنى |
وَاِذود داعِيَة العَنا بِلِقاءِ مَن |
شَمِلَت فَواضِلُهُ القَصِي وَمَن دَنا |
أَعني اِلتَقي الأَلمَعي الجَهبَذا النَ |
دبِ السَري اللَوذَعي المُتقَنا |
اِلقانِتِ الأَواهُ عَبدِ اللّهِ مِن |
بِالجِدِّ قَد أَلف العِبادَةِ ديدُنا |
ضاءَت بِهِ أَرجاءُ مَكَّةَ مُذنَشا |
فيها أَلَيسَ هُوَ السَراجُ أَبا الثَنا |
تملي صنوف الحَمدِ غَرّ صِفاتِهِ |
إِذ لَم يَكُن يَختارُ إِلّا الأَحسَنا |
مِن كُلِّ عِلمٍ مالِكٌ إِقليدُهُ |
أَفَلا تَراهُ لِكُلِّ فَضلٍ مُعدَتا |
ما فاضِلٌ جاراهُ غايَة مَبحَث |
إِلّا كَساهُ العَي ثَوباً أَخشَنا |
لِمَعالم التَنزيلِ كَشافٌ إِذا |
ما الفَخرُ في الدر النَثيرِ تلكنا |
اِظهارُ مَفخَره بِرُغم حَسودِهِ |
رومي أَشَم بِهِ العَبيرُ المُقتَنى |
وَرَدَ الحَجيجُ مُحدَثينَ بِفَضلِهِ |
فَرَووا لَهُ المَجدَ الأَثيلِ مُعَنعَنا |
فَعَلِمتُ مَنهَجَهُ القَويمِ نِهايَة ال |
إِمدادِ اِرشاد بِتَوضيحٍ لَنا |
إِذ راضَ مِنهُ النَفسَ لِلنَّحوِ الَّذي |
تَصحو بِهِ فَتَذوقُ لَذّاتِ الغِنا |
حالَ لِفِعلِ القَلبُ ميزِهِ تُقى |
وَعَلَيهِ قَد عَطَفَ الضَمائِرِ لِلسِّنا |
تَلخيصُهُ لِدَلائِل الاِعجازِ في |
تَدبيجِهِ بَرد البَلاغَةِ بُرهنا |
بِمُقَدِّماتِ كَمالِهِ مُتَصَوِّرِ |
تَصديق مُطرَية بِايجابِ الثَنا |
وَلَهُ شَمائِلَ لا يُحيطَ بِحَصرِها |
نُظُمُ البَليغِ وَلَو أَتى مُتَفَنِّنا |
يا مِن شِفائي مِن كُئوسِ وُدادِهِ |
رَياً مُصفى مِن مَشوباتِ الدَنا |
إِنّي المَشوقِ إِلى لِقائِكَ سَيِّدي |
شَوقُ النَباتِ إِلى السَما أَن تَهتَنا |
قُلِ التَصَبُّرِ وَالعَوادي جَمَّة |
وَعَلى السَبيلِ تَرى العَدُوِّ اِستَوطَنا |
لا أَنسَ لي إِلّا مُنادِمَةُ الَّتي |
بَعَثَ الحَبيبُ بِها إِلَيَّ فَأَحسَنا |
عَذراءَ يَزري بِالغَوالي عُرفُها |
قَد عَطَرت أَردانُها ذي المَوطِنا |
ما الرَوضُ في نُوارِهِ غَب الحَيا |
مِنها بِأَبهَجَ رَونَقا مُستَحسَنا |
فَاِستَوجَبَت شُكري بِها يَدك الَّتي |
شادَت مَباني الفَضلِ مُحكَمَةِ البُنا |
فَلَأُذكين شَذا مَديحَكَ شاكِراً |
ما ماسَ خوط البان رَطباً وَاِنثنى |
وَإِلَيكَ مِن أَبكارِ فِكري حرة |
تَفتر عَن نورِ الأَقاحي المُجتَنى |
بِهنانة هيفا رداحاً بضة |
نَجلا فَماظَبي الصَريمَةِ إِن رَنا |
مِن تَحتِ طرتها صَباح مسفر |
تَسبي بِحُسنِ الدل أَورَعِ دينا |
في حُسنِها قَد هامَ كُلُّ معظم |
تلقى لَها بِذَوي الكَمالِ تَمَكُّنا |
لا عَيبَ فيها غَيرَ أَن فُخارَها |
اِن تَنتَمي لِبَني البتول ذَوي السنا |
ما مهرها إِلّا الدعاء وَإِن تَكُن |
مُتَفَضِلّاً بِجَوابِها فَهوَ المُنى |
جاءَتكَ تَحمِلُ عُذرَ والِدَها الَّذي |
نَهَجَ البَلاغَة ما دَراهُ وَلا اِعتَنى |
حجب الشَواغِل صارِفاتُ فكرَه |
عَن أَن يَرى طرق النِظام وَيَمعَنا |
ما كنت من فرسان حلبَتَك الَّتي |
فيها تَجاوَزَت الفُحولَ فَمَن أَنا |
فَاِستر بِمَنك مِن عوار نَسيجِها |
وَالحر يغضي عَن فَهاهَة من جَنى |
لا زِلتَ مَحفوفاً بِلُطفِ اللّهِ في |
عِزٍّ وَفي يُسرٍ مُعاناً مُحسِنا |