فَلِلَّهِ ما أَعلى مَقامُكَ في الثَنا |
وَأَبعَد في العَلياء مَرماكَ وَالنَدى |
مُنِحتَ مِنَ اللّهِ الجَليلِ مَهابَةً |
كَأَنَّكَ في جَمعِ وَإِن كُنتَ مُفرَداً |
وَأَسَّستَ مَجداً يا حَبيبَ مُؤثَلا |
لِآلِ عَمير جاءَ ظِلا مُمَدَّدا |
نَهَضتَ إِلى كَسبِ المَفاخِرَ يافِعاً |
وَأَلهَمتَ رَأياً في الخُطوبِ مُسَدَّدا |
كَأَن سِهام الرَأيِ طَوعك إِذ بِها |
رَميتُ فَما أَخطَأتَ شاكِلَةَ الهُدى |
وَأَبرَمتَ أَمراً في المَغَبَّةِ صالِحاً |
لَهُ كانَ مَولاكَ المُهَيمِنُ مُرشِداً |
وَلَم تَمكِن الباغي المُكابِر غيرَة |
بِحَزمٍ وَإِقدامٍ وَفِكرٍ تَوَقَّدا |
فَصُنتُ بِلاداً أَسلَمتَها حَماتَها |
وَنازَلَها مَن يَبتَغي الشَرَّ مُجهَداً |
أَحاطَت بِها الأَعداءُ مِن كُلِّ جانِبٍ |
وَحامَت عَلى أَكنافِها حوّم الرَدى |
وَضاقَ بأَهلَيها الفَضاءُ وَأَيقَنوا |
بِقَطعِ الرَجا مِمَّن يَكونَ لَهُم يَدا |
وَلَم يَجِدوا إِلّا السُيوفَ مَعاقِلاً |
وَرَأيِكَ فيهِمُ كانَ جُنداً مُجَنَّدا |
ثَبَتَ وَقَد طاشَت حُلومُ ذَوي النُهى |
كَأَنَّكَ لَم تَعلَم بِما أَجلِب العدى |
فَقُمتُ مَقاماً لا يَقومُ بِمِثلِهِ |
سِواكَ وَأَعمَلتُ الحُسامَ المُهَنَّدا |
وَخَيرُ العِنا ما نِلتَ في حَملِهِ المُنى |
وَشَدَّت بِهِ ذِكراً جَميلاً مُخَلَّدا |
لَقَد أَيقَظت مِنكَ التَجارُبُ حازِماً |
يَبيتُ إِذا نامَ الغَفولُ مُسهدا |
سَقيتُ العدى كَأس المَذَلَّةَ مُترعاً |
فَأَصبَحَ كُلٌّ بِالصِغارِ مُعَربِدا |
وَآبوا حَيارى نادِمينَ عَلَيهِم |
مِنَ الخَزيِ سِربالَ الهَوانِ تَجددا |
وَطابَت بِكَ الفَيحا وَعز رِجالها |
وَعادَ بِها طَير السُعودِ مُغَرِّدا |
هَنيئاً لَكَ العِز الَّذي أَنتَ أَهله |
وَكافِلَهُ بِالمشرَفِيِّ وَبِالنَدى |
وَلا زِلتَ فيها نافذ الأَمرَ سَيِّداً |
وَلا زالَ مِنكَ العِزُّ فيها مُشَيَّدا |