لِذِكرِ الحِمى يَشتَدُّ بِالوامِقِ الوَجد |
فَقَد لي مَتى يَبدو لي العِلم الفَرد |
أَحِنُّ إِلى بانِ اللِوى وَطويلع |
وَمِن بانِ عَن مَغناه حَق لَهُ الوَجد |
مَنازِل كانَ الشَملُ مُجتَمِعاً بِها |
وَلَم تَكُ أَيدي البَينِ لِلحَي تَمتَد |
مَنازِلَ مِن أَهوى عَلى القُربِ وَالنَوى |
وَلا خَيرَ في وَد يَغيرُهُ البُعد |
مَغاني أَحيبابي الَّذينَ تَبَوَّؤوا |
سُوَيداءَ قَلبي قَبلَ أَن يَعرِفَ الوُد |
هَواهُم حَياتي وَهوَ أَقول حُجَّتي |
فَلا مَيلَ عَنهُم وَاِصلَونِيَ أَوصَدوا |
كَفاني هَواهُم مَفخَراً وَذَخيرَة |
وَقَد فازَ مَرضي لَدَيهِم كَمَن وَدوا |
أَهيمُ غَراماً وَاِشتِياقا لِذِكرِهِم |
إِذا لامَني في حُبِّهِم جاهِل وَغَد |
مُوالي أَهلي هُم عَلى السَخطِ وَالرِضى |
وَيَأبى المُوالي أَن يَضيعَ لَهُم عَبدَ |
مَنازِلَهُم لي مُستَجارُ وَوَقفَة |
بِأَطلالِ مَغناهُم هِيَ الغَنَم وَالسَعد |
سَقى اللّهُ هاتيكَ المَنازِلَ وَالرُبى |
عَهاد رَباب الشول جَلجَلَة الرَعد |
بِها نَتَساقى الحُب في حانَة الرِضى |
وَحَبلُ دَواعي العَذل وَالعَتب منقد |
لَيالي إِذ غُصنَ الشَبيبَةِ مَورق |
وَلِلَّهوِ ظَل بِالبَطالَة مُمتَد |
تُناوِلُني كَأسَ التَصابي يَدَ الصِبا |
فَمالَ بِأَعطا في الصَبابَة وَالوَجد |
عَلى أَي حال شِئتَ كُنتَ مِنَ الهَوى |
وَأَعيُنِ صَرف الدَهرِ عَن وُجهَتي رَمَد |
فَأَطلَقتُ نَفسي في مَسارِح غيها |
تُواصِلُني هِند وَتَجذِبُني دَعد |
وَعَهد الصِبا لِلغَيدِ في مَسارِح غيها |
يُنيل الفَتى مِنهُن ما أَضمَر البُعد |
فصوح ذاكَ الرَونَق الغَض وَالنَوى |
مُهَفهَف ذاكَ الغُصن وَاِستَملَح الوَرد |
وَخَلَّت مَساريحي الغَواني وَأَعرَضَت |
إِلى جانِب عَنّي كَأَن لَم يَكُن عَهد |
وَأَبقَت رَسيساً لِلصَّبابَة وَالهَوى |
بِقَلبي وَلَم يَنف الهَوى ذلِكَ الصَد |
فَما لَكَ يا قَلبي المُعَنّى أَما تَرى |
مَلاح عَذارى الحَي لِلبُعدِ تَعتَد |
وَحِتام لا يَجلى الغِشاء وَذو الصَدى |
إِذ اِختَرتَ نَهجَ الغَي فارَقَكَ الرُشد |
أَضَعتَ نَفيسَ العُمرِ في غَيرِ صالِح |
وَمِلتُ إِلى ما لَم يَنَلكَ بِهِ الحَمد |
سَقاهُ لعمر اللّهِ طاعَتِكَ الهَوى |
وَعِصيانِ مَن وافاكَ في نُصحِهِ الجُهد |
تَمادَيتَ في لِبسِ الخَلاعَةِ عاكِفاً |
عَلى شَهوَةٍ مَرَّت وَلَم يَحلها خلد |
عَلِمتُ بِما كَوَّنتَ قَدماً لِأَجلِهِ |
وَفَرَطت فيما لَيسَ مِن فِعلِهِ بَد |
أَمن خَبل بَعت الهُدى بِضَلالَة |
وَصَح عَلى خسران صَفقَتِكَ العِقد |
أَما كُنتَ تَستَحيي مِنَ اللّهِ إِذ تَرى |
عَلى غَيرِ ما يَرضاهُ هَل هكَذا العَبدُ |
أَما تَنثَني عَن وَعرِ مَنهَجِكَ الَّذي |
حَزونَتِهِ تَردي وَراحَتِهِ كَدُّ |
تَدارك بَقايا العُمر لا تَفنها سُدى |
أَما اِبيض مِن فوديكَ بالِغَيِّ مَسود |
وَخَل السَرى في ليل جَهلِكَ قَد بَدا |
صَباحَ مَشيب صادِق النَذر إِذ يَبدو |
وَخُذ حَذَراً فَالغارَةُ الصبح تَنقى |
وَفي الخَوفِ أَهلُ الحَزمِ في حَذَرِهِم جَدوا |
وَدَع عَنكَ تَسويفاً يُفاجي بِكَ العدى |
عَلى غرة في حينِ لا يَنفَعُ الجَد |
لَكَ الخَيرُ هذا حصن أَمنِكَ قَد دَنا |
بِهِ المُلتَجا يَنجو إِذا حسن القَصد |
أَلَستَ تَرى اِعلامَ طيبَة لائِحاً |
سَناها فَشَم بَرقَ المُنى وَالهَنا وَاعد |
أَما الرَوضَةُ الغَنّاءِ فاحَ عَبيرُها |
لَنا شَق رَياها فَما المِسكُ وَالنَد |
فَهَزتَنِيَ البُشرى اِرتِياحاً وَبَهجَة |
كَما اِهتَزَّ مِن ريحِ الصِبا الأَغصُنُ المَلد |
وَمِن عادَة الجَذلان تَهمي جَفونه |
فَمِن در دَمعي في الثَرى اِنتَثَر العِقد |
وَأَعلَنَت في فَرط المَسَرَّة وَالهَنا |
بِحَمدِ الَّذي مِن حَقِّهِ الشُكرُ وَالحَمدُ |
وَنِلتُ الأَماني حَيثُ أَصبَحتَ وافِداً |
عَلى خَيرِ مَن يُرجى بِساحَتِهِ الرَفد |
هُوَ الصَفوَة المُختار مِن عُنصُر الوَرى |
وَمَن هُوَ سِر الكَون وَالجَوهَر الفَرد |
هُوَ العاقِب الماحي الضِلال بِهَديِهِ |
هُوَ الطاهِر الأَتقى هُوَ الطالِعُ السَعد |
هُوَالعُروَةُ الوُثقى لِمُستَمسِك بِها |
هُوَ الكاشِف الغَماءُ وَالكَرب مُشتَد |
مَلاذُ الوَرى مَهما عَرى مَثقَل القُرى |
وَلِلفَقرا داني القُرى سيبَه مد |
بَني سَما عَن أَن يُسامى مَقامَهُ |
وَلَيسَ يُداني مَجدِهِ المُنتَقى مَجد |
لَهُ الشَرَف الذاتِيُّ بِدءاً كَما اِنتَهى |
إِلى غايَةٍ في الفَضلِ مِن دونِها الجَد |
وَعَن دَرك أَوصاف الكَمال الَّذي حَوى |
مَحال يَفي بِالبَعضِ مِن ذلِكَ العَد |
نَبي كَساهُ اللّهِ حِلَّةُ حبه |
فَما اِختارَهُ المَحبوب لَيسَ لَهُ رَد |
وَأَبرَزَهُ في عالَمِ الغَيبِ شاهِداً |
بِكُلِّ مَقاماتِ الشُهودِ هُوَ المبدو |
وَنورُ الهُدى مِن رَشحِ مشكاة عِلمِه |
عَلى صَفحاتِ الكَونِ بِالضوءِ يَمتَد |
وَلَم تَأتِ أَحشاءُ الزَمانِ بِمِثلِهِ |
وَأَنى لَخَيرُ الخَلقِ وَالمُجتَبى نَد |
وَقَد زَيَّنَ اللّهُ الوُجودَ بِأَسرِهِ |
بِطَلعَتِهِ الغَرّاء كانَت هِيَ القَصد |
وَأَلبَسَهُ تاج الرِسالَة مُنذِراً |
بَشيراً وَكُلُّ الرُسُل ما خَلَقوا بَعد |
رِسالَتِهِ لِلنّاسِ نورٌ وَرَحمَة |
وَلَولاهُ عَن طرق الضَلالَةِ ما صَدوا |
لَهُ خَلقُ القُرآن يَرضى بِما اِرتَضى |
وَيُغضِبُهُ ما فيهِ بِالمُحكَم الطَرد |
مَكارِمُ أَخلاقِ الرَسولِ وَحِصنُها |
يَقصُر عَن إِدراكِها ماجِد يَعدو |
عَلا مَجدَهُ مِن قَبلِ إيجادِ آدَمَ |
وَفي المَلَأ الأَعلى بِهِ أَشرَقَ السَعد |
وَآدَمَ قَد نالَ القَبولُ بِيُمنِهِ |
فَأَكرَمَ بِمَولودٍ بِهِ سَعد الجَد |
وَحازَ بِهِ نوح مِنَ الماءِ أَمنَه |
وَمِنهُ لِاِبراهيم حُر اللَظى بَرد |
وَموسى وَعيسى بَشَّرا بِظُهورِهِ |
وَدَعوَة إِبراهيم فيها هُوَ القَصد |
بِمَولِدِه كُلَّ الهَواتِف أَعلَنَت |
وَما كاهِن إِلا بِتَشريفِهِ يَشدو |
وَفي لَيلَةِ الميلاد جاءَت خَوارِق |
بِها حارَت الأَلباب وَاِستَعجَمَ الضَد |
لِفارِس نار أَلف عام وَقودَها |
تَعدُ إِلهاً فَاِنطَفا ذلِكَ الوَقد |
وَإيوان كِسرى اِنشَقَّ وَاِرتَج |
هيبة وَمِنه شَرافات تَعاورها الهد |
وَلاحَت قُصورُ الشامِ فيها لِأُمَّة |
لِنور بَدا مِنها عَلى الأُفقِ يَمتَد |
وَكُلُّ سَماءِ صَح فيها لَهُ مِن |
الزبر جدو الياقوت قَد ضَرَبَت عَمد |
فَأَشرَقَت الدُنيا بِأَنوارِ أَحمَد |
وَكَم آيَة خَصَّتَه إِذ ضَمَّهُ المَهد |
بِهِ حَظَيتَ أَم الرِضاع حَليمَة |
فَأَخصَب مَرعاها خُصوصاً وَلَم يَعُد |
فَدَرَّت مَواشيها وَبانَ نَعيمُها |
وَبايَنَها المَحَل المُبرِح وَالكَد |
وَشَقَّ لَدَيها الصَدرُ مِنهُ تَطهراً |
وَأَخرَجَ مِنهُ مالِإِبليسِ يَعتَد |
وَعَوَّضَ إيماناً وَنوراً وَحِكمَة |
وَلَم يَكُ لِلإِيلامِ في شقه وَجد |
وَفي سَيرِهِ لِلشّامِ صُحبَة عَمِّهِ |
أَشارَ بحيرا لَيسَ في بَعثِهِ جَحد |
وَحَذَرِهِم كَيدَ اليَهودَ لَهَ إِذا |
رَأَوا وَصفِهِ فَاِختيرَ من ذا لَهُ الرَد |
وَكَم آيَةٍ مِن قَبل مَبعَثه بَدَت |
وَلِلعَجزِ عَن إِحصائِها يَقصُرُ الحَد |
وَلما أَرادَ اللّهُ إِظهارِ دينِهِ |
وَإِعزازِ مَن يَهدي وَإِذلالِ مَن صَدوا |
أَسأَل عَلى الآفاقِ وابل فَضله |
بِبعثَة هادينا فَبانَ بِهِ الرُشد |
تَبَيَّنَ حَيثُ الشِرك عب عَبابَه |
وَباب الهُدى بِالكُفرِ وَالبَغي مَنسد |
وَأَظلَمت الدُنيا بِإِعراضِ أَهلِها |
عَنِ اللّهِ إِذ قالوا لِخالِقِنا نَد |
وَلَيسَ يَغوثُ غاثَهُم حينَ عاقَهُم |
يَعوقُ عَنِ الباري وَلا وُدَّهُم وُد |
نَسو اللّهَ جَحداً وَاِستَجاروا بِلانَهُم |
وَبِاللّهِ رُكنُ الشِركِ لاشَكَ مُنهَد |
فَجَردُ مِنهُ ساعَد الجِد وَاِنتَضى |
مِنَ العَزمِ عَضباً لا يَلم بِهِ غَمد |
دَعا الخَلقَ إِذ ضَلّوا إِلى اللّهِ هادِياً |
فَريداً وَلَم يَعبَأُ إِذا وَهنَ العَضَد |
وَلَم يَرفَع الشَكوى إِلى غَير واحِد |
بِهِ تَدفَعُ البَلوى إِذا الخَطبُ مُشتَد |
فَأَيَّدَهُ بِالمُعجِزات الَّتي بَدَت |
كَشَمسِ الضُحى تَشفى بِها الأَعيُن الرَمد |
وَمِنها كِتابُ اللّهِ وَهوَ أَجَلُّها |
مُعارَضَة حَبلُ مِنَ اللّهِ مُمتَد |
هُوَ الحِجَّة البَيضاء وَالشاهِد الَّذي |
مَحال تَأَتّى في شَهادَتِهِ رَد |
لَقَد أَعجَزَ اللسن المقاول لَم يَكُن |
أَتوهُ بِمِثلِ البَعضِ مِنهُ وَهُم لَد |
وَمِنها اِنشِقاقُ البَدرِ إِذ رامَ شَقه |
فَأَبصَرَهُ الداني وَمِن صَدَّهُ البُعد |
لَقَد أَجمَعَت أَعيانُ فَهر لِقَتلِهِ |
وَأَحكَمَ في إِمضائِهِ بَينَهُم عَقد |
فَمَرَّ بِهِم جَمعاً فَغَضوا عُيونِهِم |
وَأَذقانِهِم في كُلِّ صَدر لَهُم شَدوا |
وَتَوَّجَ بِالحَصباءِ أَعلى رُؤوسِهِم |
فَعادَ حَصيبَ القضومِ بَدر لَهُ لَحد |
رَمى حَصياتِ في حَنينِ مَشوهاً |
فَوَلّوا وَعَن حَصبائِهِ يَقصُرُ الجُند |
وَفي قِصَّةِ الإِسرا شِفاءٌ مِنَ العَمى |
وَبُرهانُ صِدقٍ شَمسُهُ لَم تَزَل تَبدو |
وَفي حِفظِهِ مِن كُلِّ سوءٍ دَلالَة |
وَقَد طالَ في إِنكائِهِ مِنهُم القَصد |
وَجاءَ أَبا جَهل إِلى الدارِ وَحدَهُ |
فَأَخزاهُ في إيعادِهِ وَاِنمَحى الوَعدُ |
وَأَدّى لَهُ حَقُّ الأَراشي كارِهاً |
وَفي قَلبِهِ مِن رُعبِ خَيرِ الوَرى كَد |
وَأَخبارُهُ عَن مَحوِ ظُلم صَحيفَة |
أَتَتها قُرَيش فيهِ لِلعاقِل الرُشد |
كَفى الغار نَسجِ العَنكَبوتِ وِقايَة |
مِنَ اللّهِ وَالأَقوامِ في قَبضِهِ جَدوا |
وَكَف عَن التَطلاب مَهر سِراقة |
وَذلِكَ لِما عاقَهُ الحَجَر الصَلد |
وَمَسَّح ضَرعُ الشاةِ مِن أُم مَعبَد |
فَدَرَت وَأَروَت بَعدَما كادَها الجُهد |
لَهُ راحَة بِالجودِ يَهمي غِمامُها |
وَلَم يَكُ لِلملهوفِ عَن وَردِها صَد |
وَفيها لَدى البَأساءِ لِلبائِسِ الغَنى |
وَفيها صُنوفُ اليُمنِ يُغنى بِهِ الوَفدُ |
وَفيها الحَصا وَالزادُ سَبَّحَ جَهرَة |
وَمِنها ثِمارُ الغَرسِ مِن عامِها تَبدو |
بِها اِنقَدت بِالنورِ عَينُ قَتادَة |
وَقَد رَدَّها مِن بَعدِ ما مَسَّها الخد |
وَمَسَّ بِها رَأسَ الأَفيرَع فَاِغتَدى |
عَلى حَسنِهِ يَزهو بِهِ الشِعَر الجَعد |
جَرى الماءَ مِن بَينِ الأَصابِعِ فَاِرتَوى |
مِراراً بِهِ جَيش وَقَد عَذب الوَرد |
وَكَم فازَ راجٍ بِالمُنى مِن دُعائِهِ |
وَأَحيا قُلوباً عَنهُ أَمرَضَها الحِقدُ |
دَعا اللّهُ في إِكثارِ تَمر لِجابِر |
وَكانَ لِبَعضِ الدينِ قَد قيلَ لا يَعدو |
فَكالَ لِأَهلِ الدينِ مِنهُ حُقوقُهُم |
وَزادَ بِأَوساق عَلَيها أَتى العَد |
وَمِن داجِن وَالصاع أَشبَع جَحفَلا |
وَعَدَتهُم أَلفٌ يَزيدونَ قَد عَدوا |
وَما جاعَ غَزوٌ كانَ فيهِم مُحَمَّد |
إِذا قَلَّت الأَزوادُ يَدعو فَتَرتَد |
دَعا لِعَلي لا يهي البَردُ جِسمَه |
فَعاشَ وَلا حَرَّ يَلِمُّ وَلا بَرد |
وَكَم مِن مَريضٍ مُدنِفٍ قَد دَعا لَهُ |
فَعوفِيَ مِمّا كانَ يَضني فَيَشتَد |
لِأُم سَليم في اِبنِها أَنسٍ دَعا |
فَفاضَ عَلَيهِ المالُ وَالعُمرُ وَالوَلَد |
وَمَزَّقَ كِسرى طَرسه فَدَعا فَما |
رَسى مُلكُهُ وَالفرع مَزَّقَ وَالجُند |
وَأَعلَم طه رُسُل باذان قَتلَه |
بِسَيف اِبنِهِ في يَوم خالَطه الحَد |
وَأَخبارُهُ بِالغَيبِ لَم تَحصُ كَثرَة |
بِما فيهِ عَن إِدراكِ أَهلش الحُجى سَد |
فَأَخبَرَ عَن ماضٍ وَآتَ زَمانِهِ |
وَدانٍ وَعَصري يَحجُبُهُ البُعدُ |
وَآيات خَيرُ الخَلقِ دائِمَة البَقا |
وَعَن قَطرَة مِن بَحرِها يَعجَزُ الجُهد |
لَهُ مُعجِزات لَو قَصَدت عَدادها |
لَضاقَت بِها الأَسفارُ ما القَطر منعد |
لَقَد حازَ أَصنافَ الجَمالِ جَميعَها |
بِأَوصافِهِ الغُر الَّتي مالَها ضِد |
بِهِ يتقى في البَأس عِندَ اِصطِدامِهِم |
وَطارَ لِنيران الوَغى بِالقِنا وَقَد |
لَهُ وَثبات في اللِقا تَهزَم العدى |
بِها وَثَبات في الوَغى بِالقَنا وَقَد |
كَريم إِذا ضَنَّ السَحابُ بِمائِهِ |
يَسيلُ عَلى الوَفّادِ مِن جودِهِ الرَفد |
عَطاء الَّذي لَم يَخشَ فَقراً وَلَم يَكُن |
لِنائِلِهِ المَدرارُ وَقت وَلا حَد |
قَد اِحتَقَرَ الدُنيا فَخَلى سَبيلَها |
وَأَعلى مَراقي عِزَّها عِندَهُ الزُهد |
وَما اِختارَ مِنها غَيرُ بلغة أَهلها |
وَشَمَّ الرَواسي لَو يَشاءُ هِيَ النَقدُ |
وَآثَرَ ما عِندَ الكَريمِ فَنالَهُ |
وَقَد خَصَّهُ مِنهُ التَقَرُّبُ وَالوُدُّ |
وَأَعلى لَهُ بَينَ الخَلائِقِ مَنصِباً |
رَفيعَ الذَرى مِن دونِهِ الرُسُل تَمتَد |
أَلَيسَ لَهُ بِدءُ الشَفاعَةِ في غَد |
وَقَد حارَت الأَلبابُ وَالكُربُ مُشتَد |
أَلَيسَ مَلاذُ الخَلقِ في ظِلِّ عِزِّهِ |
أَلَيسَ لِواءَ الحَمدِ يَنثُرُهُ الحَمدُ |
أَلَيسَ جِنانَ الخُلدِ يَفتَحَها لَهُ |
وَلَولاهُ ما كانَت جِنانٌ وَلا خُلدُ |
فَيا خَيرُ خَلقِ اللّهِ مَجداً وَمُحتَداً |
وَنَفساً وَأَخلاقاً بِها عرف المَجد |
وَيا خيرَة الرَحمنِ مِن كُلِّ خَلقِهِ |
وَيا سَبَبَ الايجادِ لِلخَلقِ إِذ أَبدوا |
وَيا مُرتَجى العاني إذا ضاقَ ذَرعُهُ |
وَيا مُلتَجى الجاني إِذا راعَهُ الصَد |
أَتَيتُ إِلَيكَ اليَومَ أَطوى ساسِباً |
قَفارا يُباريني بِها الخَوفُ وَالكَد |
وَفارَقتَ أَخداني وَداري وَجيرَتي |
وَلَم يَغَل عِندي المالُ فيكَ وَلا الوَلَد |
وَمالي بِهذي الدارُ غَيرُكَ مَأرِب |
وَمالي سِوى فَياض إِحسانِكُم قَصد |
وَها أَنا قَد أَنزَلتُ في البابِ حاجَتي |
وَحاشاكَ تَرضى أَن يَكونَ لَها رَدُّ |
تَراني كَشَفتُ الرَأسَ أَنشِدُ واقِفاً |
قَد اِنحَلَّ مِن دَمعي عَلى شيبَتي عَقد |
أَتَيتُكَ أَشكو عِبءَ ظَهري بِما جَنَت |
يَدايَ فَإِنّي بِالمَآثِمِ مُمتَد |
يَدُ الغَفلَةِ اِستَولَت عَلى القَلبِ عُنوَة |
فَما لي إِلى قَلبي صُدورِ وَلا وَرد |
وَلَم تَصحَ نَفسي حَيثُ أَسكِرُها الهَوى |
وَطَرفي إِلى داعي البَطالَةِ يَرتَدُّ |
وَطالَت إِساآتي فَوجه صَحيفَتي |
بِرَسمِ الخَطايا وَالقَبائِحُ مَسود |
وَقَد كَبرت سني وَلَم أَرَ قُوَّتي |
تَطيقُ مِنَ الأَعمالِ ما بِه يَعتَد |
فَجِئتُ بِأَوزاري وَضُعفي وَذِلَّتي |
أَروحُ بِلا حَولَ وَلا حيلَةَ أَغدو |
وَأَنتَ لَكَ الجاهَ العَريضَ لَكَ الثَنا |
لَكَ المَنصِبُ العالي مِنَ اللّهَ وَالمَجد |
فَهَب لِيَ مِن فَيّاضِ نورِكَ نَظرَةً |
لِيَجلى بِها القَلبُ الصَدي فَيَمتَد |
وَأَحيى عَلى الدينِ الَّذي جِئتَنا بِهِ |
وَمَوتي عَلى تَوحيدٍ مِن لا لَهُ نَد |
وَكُن لي شَفيعاً إِذ أُقَدِّم حافِياً |
وَمالي مِنَ الأَعمالِ سَعد وَلا مَعد |
وَقُل ذا عُبَيد آبِق جاءَ تائِباً |
عَسى رَحمَةَ المَولى يَسُرُّ بِها العَبدُ |
أَتَرضى تَمس النارُ جِسمي وَأَنتَ لي |
شَفيعٌ وَذُخرٌ مُستَعاذُ اَب جَد |
فَجِد لي بِبُشرى كَي أُسَرُّ بِها وَقُل |
قَبلناكَ يا عَبدَ الجَليلِ لَكَ السَعد |
وَلا تَنسَ آبائي جَميعاً فَإِنَّهُم |
بَنوكَ وَأَولادي لَهُم يَصلُحُ الوَلَد |
وَأَهلي وَأَشياخي وَكُلُّ أَحِبَّتي |
وَسامِعِ مَدحي في عُلاكَ وَمَن يَشدو |
فَأَوَّلِ جَميعِ القَومِ مِنكَ شَفاعَةً |
وَمنحة إِسعاف بِها يَعظم الرَفد |
عَلَيكَ صَلاةُ اللّهِ يا خَيرُ مَن دَعا |
إِلى اللّهِ حينَ الشِركُ شَدَّ لَهُ عَضَدُ |
عَلَيكَ صَلاةُ اللّهِ يا مَن بِهَ عَلا |
مَنارَ الهُدى إِذ لا مَنارَ وَلا رُشدُ |
عَلَيكَ سَلامُ اللّهِ يَقفو صَلاتِهِ |
بُرباهِما تَذكو العَباهِرَ وَالنَد |
عَلَيكَ صَلاةُ اللّهِ ما حَن شَيِّقِ |
لِذِكر الحِمى وَاِشتَدَّ بِالوالِهِ الوَجدِ |
يَعُمُّ بِذاكَ الآلَ آلُكَ مَعشَراً |
إِذا قيلَ مَن أَهلُ التُقى وَالنَدى عَدوا |
هُمُ الناسُ في كُلِّ الفَضائِلِ وَالسِوى |
لَهُم تَبعُ هذا هُوَ السُؤدُدُ العَد |
أَناجيلهُم لِلادِّكارَ صُدورُهُم |
لِأَنوارِهِم أَعلا مَحاريبِهِم وَقَد |
إِذا اِكتَحَلَ الساهي الكَرى فَجُفونُهُم |
يَنابيعُها يَحلو لَدى فَيضُها الوَردُ |
جَوانِحُهُم مِنها العُلومُ تَفَجَّرَت |
مِنَ الذِكرُ في الأَسجارِ إِثمدِها السَهد |
لِيوثَ إِذا الهَيجاءَ شَبَّ ضَرامَها |
فَإِنَّ كَر أَدناهُم يَفِرُّ بِهِ الجُند |
نَداهُم بِلا مَنَّ يَكدِرُهُ وَلا |
يَخافونَ عَدماً بِالعَطاءِ إِذا مَدّوا |
وَناسِكَهُم في البَذلِ وَالفَتكِ بِالعُدى |
غَمامَ هِمى شَهمِ سَطا دونَهُ الأُسدُ |
وَأَصحابِكَ الصَيدُ الأَشاوِسُ مَن لَهُم |
سَوابِقُ في الإِسلامِ لَيسَ بِها جَحدُ |
لَقَد بَذَلوا في اللّهِ أَرواحُهُم وَلَم |
يُراعوا بِهِ قَوماً وَلَم يُثنِهِم وُدُّ |
شداد عَلى الكُفّار بَغضاً وَإِنَّهُم |
لِكُلِّ ذَوي التَوحيدِ حُبُّهُم الصَرد |
مُهاجِرَهُم قاسى الهَواجِرَ وَالبَلى |
وَهَجرُ المَغاني حينَ أَرحامَهُم صَدوا |
وَأَنصارَهُم قَد آثاروا عَن خَصاصَة |
وَمَدَّت لِنَصرِ الدينِ مِن سُمرِهِم عَمدُ |
وَقَد صَبَروا في اللّهِ كُلٌّ وَصابَروا |
وَما فاتَ مِنهُم في مُجاهَدَةِ جُهد |
لَهُم في الوَفا وَالنُصحِ لِلَّهِ وَالتُقى |
مَقامات صِدقٍ لَيسَ يَبلُغُها العَد |
وَلا سِيِّما أَهلَ الخِلافَةِ إِنَّهُم |
لِخَمسَتِهِم في الفَضلِ لَيسَ لَهُم ضِد |
جَزى اللّهُ عَنّا كُلُّ صَحبكَ بِالرِضى |
وَعَترَتَكَ الأَطهارُ ما سَبِّح الرَعد |
وَهاكَ رَسولُ اللّهِ مِنّي فَريدَة |
بِها زانَ جيدي مِن مَدائِحُكُم عَقد |
إِذا صَحَّ لِلمَملوكِ مِنكَ قُبولُها |
فَمِن فَضلِ ساداتي بِهِ يَسعَدُ الجَد |